6 مارس، 2024 12:54 ص
Search
Close this search box.

كل الاحتمالات واردة .. إسرائيل تضع سيناريوهات نتيجة الإنتخابات الإيرانية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

مع بدء التصويت للانتخابات الرئاسية الإيرانية لا بد وأن القلق ينتاب الرئيس الحالي “حسن روحاني”. فبعد أن كانت المعركة الانتخابية تبعث على الملل ولم تكن تحمل عنصر المفاجاة حتى فترة قريبة, إذ بها الآن تأخذ منحى مفاجئاً, حيث بات في مقدور المرشح المحافظ “إبراهيم رئيسي” أن يفوز في الانتخابات. وفي هذا السياق نشر موقع “منتدى التفكير الإقليمي” مقالاً تحليلياً للكاتب الإسرائيلي “راز تسيمت” تطرق فيه إلى السيناريوهات المحتملة لسير العملية الانتخابية وما ستسفر عنه من نتائج.

الانتخابات الإيرانية: من الملل إلى الإثارة..

يقول الكاتب الإسرائيلي: “قبل بضعة أشهر كان يبدو أن الانتخابات الرئاسية في إيران ستكون رتيبة وشبه محسومة, لأن المعسكر المحافظ قد فشل في كل مساعيه لطرح مرشح كاريزاماتي, يمكنه حرمان الرئيس الحالي من الاستمرار في منصبة لأربع سنوات أُخرى, لا سيما وأن جميع الأسماء التي تم طرحها كانت لشخصيات سياسية سبق لها أن ترشحت للمنافسة ومُنيت بالفشل مثل: “سعيد جليلي وقاليباف ومحسن رضائي”, وهم سياسيون من الدرجة الثانية أو الثالثة في المعسكر اليميني المحافظ, أو من أؤلئك الذين كان واضحاً أنهم سيرفضون الترشح للمنافسة، مثل “قاسم سليماني”، أو ممن لم يحظوا بموافقة مجلس صيانة الدستور، مثل “أحمدي نجاد”.

ولكن السياسة الإيرانية  أثبتت من جديد أنها تتسم بالإثارة. فحينما طُرح فجأة اسم “إبراهيم رئيسي” – رجل الدين المغمور الذي كان من بين المرشحين لخلافة المرشد الأعلى خامنئي – اختلطت جميع أوراق اللعبة الانتخابية. وعدم معرفة من سيفوز بالانتخابات الرئاسية قبيل إنطلاقها بساعات قليلة لهو خير دليل على أن هذه الانتخابات مختلفة عما كان متوقعاً لها”.

انتخابات تنافسية..

يرى “راز تسيمت” أن الانتخابات الحالية هي أكثر الانتخابات التي شهدت تنافساً بين قطبين في إيران منذ عام 1997، حينما كان التنافس على أشده بين المرشح الإصلاحي “محمد خاتمي” والمرشح المحافظ “ناطق نوري”. صحيح أن “أحمدي نجاد” قد خاض انتخابات تنافسية عام 2005 ضد “رفسنجاني” وفي عام 2009، ضد كل من “موسوي” و”كروبي”، لكنه كان شعبوياً أكثر من كونه محافظاً. فهو لم يخض المنافسة باسم المعسكر المحافظ أو المؤسسة الدينية، وإنما خاضها كمرشح مستقل, حظي فيها بدعم المحافظون من باب الاضطرار لا أكثر،  لأنه على ما يبدو كان الوحيد الذي بمقدوره هزيمة السياسي المخضرم رفسنجاني. كما أن انتخابات 2013 لم تكن تنافسية إلى حد كبير، لأنها كانت بين عدة مرشحين محافظين ومرشح براجماتي واحد.

يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أن المعركة الانتخابية الحالية مختلفة. فجميع المرشحين قد انسحبوا باستثناء مرشح المعسكر البراجماتي، “حسن روحاني”، ومرشح المعسكر المحافظ، “إبراهيم رئيسي”. وكل منهما ممثل حقيقي للمعسكر الذي ينتمي إليه, ومن المعروف أن روحاني لم يكن إصلاحياً منذ البداية، ولكنه في عام 2013 تبنى خطاب المعسكر الإصلاحي وبرنامجه، حتى لو كان يعطي الأولوية لتحسين الأوضاع الاقتصادية على حساب ضمان الحريات الشخصية. وعلى الجانب الآخر نجد  المرشح المحافظ بامتياز إبراهيم رئيسي, وهو رجل الدين الذي ترعرع بين أروقة المؤسسة القضائية، وهو ربيب المرشد الأعلى، ويحظى بدعم المؤسسة الدينية والقيادة العليا للحرس الثوري الإيراني والباسيج.

الشعب الإيراني: هل يدعم التغيير أم يتمسك بقيم الثورة..

يضيف “راز تسيمت” أن المشهد بات واضحاً اليوم أمام الناخب الإيراني أكثر من ذي قبل. فإما أن يختار روحاني، الذي يؤمن بالانفتاح على الخارج ويحاول أن يوائم بين قيم الثورة والواقع الداخلي المتقلب، أو يختار رجل الدين المحافظ الذي يعد الجماهير بأن يكون “رئيساً ثورياً”. فعلى الناخب الإيراني أن يختار بين اقتصاد حر أو “اقتصاد مقاوم” وعدالة اجتماعية, وبين انفتاح أكبر على الثقافة الغربية أو انغلاق أمام الغرب, وبين السعي لتخفيف وطأة القيود الدينية أو مزيد من أسلمة مناهج التعليم والثقافة في إيران.

يشير الكاتب الإسرائيلي إلى أن روحاني ورئيسي ليسا مجرد مرشحين عن معسكرين متباينين، بل يحظى كل منهما أيضاً بتأييد قطاعات مجتمعية مختلفة. حيث يأتي أكثر الدعم للرئيس روحاني من قبل الطبقة المتوسطة الحضرية المثقفة والشباب والنساء والأقليات. حيث تطالبه تلك الفئات بالمضي قدماً في مسيرة التغيير، وهي لن ترضى بالاكتفاء بشعارات شعبوية من قبيل “مساعدة الفقراء” أو”اقتصاد المقاومة”، وهي تنادي أيضاً بمزيد من الانفتاح السياسي تجاه الداخل الإيراني وكذا تجاه الغرب، والابتعاد عن قيم الثورة الشيعية، حتى وإن لّم تتطلع الآن إلى تغيير النظام القمعي.

في المقابل، يعتبر إبراهيم رئيسي ممثلاً لمؤسسات النظام، وفي مقدمتها قطاعات واسعة من المؤسسة الدينية وقيادة الحرس الثوري. أضف إلى ذلك أنه يحظى بدعم الطبقات الفقيرة التي تتوق شوقاً إلى السياسات الاقتصادية للرئيس السابق أحمدي نجاد، والتي ربما شكلت كارثة للاقتصاد الإيراني، ولكنها حسَّنت قليلاً من أوضاع الفقراء بفضل الإعانات السخية التي قدمها للشعب.

نتيجة الانتخابات غير محسومة..

من الناحية النظرية، يبدو فوز روحاني أمراً مرجحاً، فالشعب الإيراني في مجمله أكثر اعتدالاً من قادته. وكانت انتخابات الرئاسة في عام 2013 وانتخابات البرلمان في عام 2015 بمثابة دليل آخر على أن الشعب الإيراني عندما يجد نفسه مضطراً للاختيار بين مرشح إصلاحي سئ وآخر راديكالي أسوأ فإن الغالبية تختار أخف الضررين وتفضل المرشح الأول. إن كثيراً من الشباب والنساء والمثقفين والأقليات يعتقدون أن روحاني رغم ما يعاني من قيود، ملتزم بإحداث قدر من التغيير، بينما الإلتزام الأكبر لرئيسي فهو تجاه المرشد الأعلى والأيديولوجية الثورية.

ولكن هذا الأمر وحده لا يضمن فوز روحاني، وإنما تتوقف حظوظه إلى حد كبير على ارتفاع نسبة مشاركة القطاعات التي تدعمه. ولكن بعد أربع سنوات من الوعود الكثيرة التي أطلقها ولم تتحقق، فمن الصعب التكهن بحجم من سيحتشدون من أنصاره كي يدعموه لمجرد أن إبراهيم رئيسي هو الذي ينافسه.

وفي المقابل فإن إبراهيم رئيسي يستطيع الاعتماد على الدعم المطلق من قبل مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية وفي مقدمتها الحرس الثوري والباسيج، بل يبدو أن المرشد الأعلى نفسه يدعمه. والنظام ليس بالضرورة مضطراً للتتدخل في سير العملية الانتخابية من خلال التزوير، وإنما يكفيه أن يضمن قيام الحافلات بنقل جماهير الناخبين الذين ينتمون إلى الكتلة الصلبة من مؤيديه إلى مراكز الاقتراع. إن فوز رئيسي بالانتخابات ليس مهماً في حد ذاته للنظام، بل هو مهم أيضاً وفي المقام الأول لتأهيل رئيسي لأن يكون المرشح الأبرز لخلافة خامنئي في السنوات القادمة.

سيناريوهات متوقعة..

يقول الكاتب “راز تسيمت” إن تلك الأمور لم تغب عن روحاني الذي وجه منذ ايام قليلة – أثناء آخر مؤتمر انتخابي له في مدينة مشهد – انتقاداً شديد اللهجة للحرس الثوري ومنافسه رئيسي ومعارضي الاتفاق النووي بل وحتى هيئة الاذاعة الحكومية. وخلاصة القول في كلمتين “أنه خائف”. كما أن استقالة ناطق نوري، قبلها بيوم واحد، من منصب رئيس هيئة الرقابة في ديوان المرشد الأعلى, هي مدعاة لانزعاج روحاني. فقد كان نوري يدعمه علانية في انتخابات عام 1996, ولعل استقالته الآن تعد دليلاً على  شعوره بأن دعمه لروحاني قد يعرضه للمشاكل من جانب خامنئي.

واذا تم انتخاب روحاني مرة أخرى لمنصب الرئيس، فهذا يعنى ثقة الشعب الإيراني في نهجه وسياساته. غير أن  قدرته على المضي قدماً في تلك السياسات لن تكون بنفس الزخم الذي كانت عليه من قبل. وعلى العكس من ذلك، ففي حال انتخابه، لا سيما إذا كان الفوز بأغلبية كبيرة، فإن المعسكر المحافظ سيكون أكثر إصراراً من ذي قبل على أن يثبت للرئيس محدودية سلطته. فتقليم الأظافر الذي حدث لكل من “محمد خاتمي” و”أحمدي نجاد” خلال ولايتيهما الثانية  سيحدث أيضاً لحسن روحاني.

وفي المقابل، فإن انتخاب رئيسي سيكون بمثابة زلزال سياسي بكل المقاييس. فحتى إذا لم يؤدِّ انتخابه إلى إحداث تغيير جذري في سياسة إيران الداخلية والخارجية، فإنه سيكون وبحق بمثابة  انعدام الثقة في سياسات روحاني وإبداء الرغبة في استعادة “المجد التليد”. صحيح أن رئيسي يفتقر إلى أدنى درجات الخبرة في إدارة شؤون الدولة، ولكنه سيلقى دعماً من المرشد الأعلى والحرس الثوري اللذين سيعتبران فترة رئاسته تأهيلاً له لتولي المنصب الأهم الذي حتماً سيخلو في السنوات المقبلة. ولكن يجب الأخذ في الحسبان أنه إذا لم يطعن روحاني في نتائج الانتخابات فإن بعضاً من أنصاره قد يتخذون موقفاً مغايراً.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب