20 أبريل، 2024 4:40 ص
Search
Close this search box.

كلما أقرب الشتاء .. “أوروبا” يتصاعد رعبها من شبح قطع الغاز الروسي عنها !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

قد يؤدي قطع “الغاز الروسي”؛ عن “أوروبا”، إلى أزمة كبيرة ليس فقط في القارة العجوز، ولكن لبقية العالم خاصة الدول النامية؛ بحسب الآلة الدعائية الأميركية والغربية.

فعلى الرغم من أن “أوروبا” لا تزال في ذروة صيفٍ شديد الحرارة، فإن المخاوف من قسوة الشتاء القادم بدأت تُهيمن بالفعل على الأجواء، والداعي إلى ذلك هو الخشية من أن يأمر الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، شركةَ الطاقة الروسية (غازبروم)؛ بقطع إمدادات “الغاز الطبيعي” عن “أوروبا” للرد على العقوبات التي فُرضت على “موسكو” بسبب الحرب في “أوكرانيا”، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (إندبندنت) البريطانية.

يُمثل “الغاز الطبيعي” قُرابة: 25% من الطاقة المستهلكة في “أوروبا”. وقبل العملية الروسية العسكرية في “أوكرانيا”، كانت “موسكو” تزوِّد “أوروبا” بنحو: 40% من احتياجاتها من “الغاز الطبيعي”. وكانت معظم هذه الإمدادات تصل إلى “أوروبا” عبر خط أنابيب (نورد ستريم-1)، الذي يمر تحت “بحر البلطيق” إلى “ألمانيا”، ومن ثم توزيع ما يصل إلى: 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى “الاتحاد الأوروبي” سنويًا.

أتمَّت “ألمانيا” و”روسيا” بناء خط أنابيب (نورد ستريم-2)؛ قبيل نهاية العام الماضي، لكن الغرب أوقف إجراءات الموافقة التنظيمية على استخدامه، ضمن العقوبات التي أقرها على “روسيا” بسبب الحرب على “أوكرانيا”.

وانصاعت العديد من الدول الأوروبية لرغبة “موسكو” في دفع ثمن واردات الغاز بـ”الروبل الروسي”، في مؤشر على ضعف “أوروبا” الشديد في هذا الملف تحديدًا.

“روسيا” قللت إمدادات الغاز لمنع “أوروبا” من تخزين احتياجات الشتاء..

لا تزال “روسيا” تحتفظ بنفوذ كبير على إمدادات الغاز إلى “أوروبا”، وعندما قررت “موسكو”؛ في منتصف حزيران/يونيو، تقليص كميات الغاز المنقولة عبر شبكاتها إلى نحو: 40% من الكمية المعتادة، كانت قلة من الناس من صدقت المتحدث باسم (الكرملين)؛ “ديمتري بسكوف”، عندما زعم أن السبب الوحيد للأمر هو: “صيانة” لخطوط الإمداد؛ بحسب وصف الصحيفة البريطانية.

الواقع أن معظم المراقبين الغربيين رأوا في قرار “روسيا” بتقليص إمدادات الغاز تهديدًا ضمنيًا، وتذكيرًا من “موسكو” بأن لها اليد العليا في هذا الأمر؛ وأنها قادرة على حرمان “أوروبا” من ملء مرافق تخزينها، ومن ثم زيادة تكلفة الغاز ورفع أسعاره على المستهلكين.

في هذا السياق، فإن “فاتح بيرول”، رئيس “وكالة الطاقة الدولية”، حذَّر صراحةً في لقاء أجراه مع صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية؛ في حزيران/يونيو، من اعتماد “أوروبا” الكبير على “الغاز الروسي”، وحثَّ الدول الأوروبية على تقليل اعتمادها على الإمدادات الروسية في أقرب وقت ممكن، والتأهب للاعتماد على مصادر أخرى للطاقة.

وقال “بيرول”: “يجب على الاتحاد الأوروبي أن تكون مستعدًا لسيناريو قطع الغاز الروسي عن أوروبا تمامًا. كلما اقتربنا من فصل الشتاء، زاد إدراكنا لما تعزم عليه موسكو. الراجح أنها قررت خفض الإمدادات لمنع أوروبا من تخزين احتياجاتها من الغاز، ومن ثم زيادة نفوذها على القارة في أشهر الشتاء”.

أبلغت “روسيا”؛ شركات الطاقة في “ألمانيا والنمسا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبولندا وجمهورية التشيك وبلغاريا”؛ بأنها ستتلقى كميات غاز أقل من المتفق عليه هذا العام. وقالت شركة (جي. آر. تي غاز-GRTgaz) الفرنسية؛ إنها لم تتلق أي غاز من خط (نورد ستريم-1)؛ منذ آيار/مايو، أما شركة (إيني) الإيطالية؛ فلم تأخذ إلا نصف حصتها المتفق عليها من الغاز.

أسعار الطاقة المنزلية سترتفع بنسبة 65%..

إذا وقع المحظور وقرر “بوتين” قطع “الغاز الروسي” عن “أوروبا” بالكامل، فإن أسعار الطاقة المنزلية في دول القارة سترتفع بنحو: 65%، وفقًا لتحليل أجرته مؤسسة (غولدمان ساكس).

وقد حذرت المؤسسة المصرفية من أن صناعات عديدة، مثل صناعة الإسمنت وإنتاج الكيماويات في “ألمانيا وإيطاليا”، سيتعيَّن عليها خفض استخدام الغاز بنسبة تصل إلى: 80%، ومن ثم سيتقلص الناتج المحلي لـ”ألمانيا” بنحو: 3%؛ ولـ”إيطاليا” بنحو: 4%.

والواقع أن مجرد استمرار “روسيا” في تقليص إمدادات الغاز دون قطعها بالكامل، كما فعلت في حزيران/يونيو، كافٍ وحده ليمنع عن “أوروبا” تخزين الحصة المرجوة من احتياجات الغاز، أي تخزين: 80% من احتياجاتها بحلول تشرين ثان/نوفمبر، وهو ما يفتح الباب أمام تفاقم العجز.

الدول الفقيرة هي التي ستدفع الثمن !

قال “ناثان بايبر”، محلل شؤون الطاقة في شركة (إنفستِك) للخدمات المالية، إن: “الطريقة الوحيدة لرأب النقص هي الحصول على الغاز بأسعار مرتفعة جدًا. وتُفضل الولايات المتحدة إرسال الغاز الطبيعي المُسّال إلى أوروبا أكثر من آسيا لأن أوروبا تدفع أثمانًا أكبر”.

وبما أن “روسيا” لم تُعد موردًا مرغوبًا ولا يمكن الاعتماد عليها، فإن الدول الأوروبية باتت مضطرة إلى الحصول على الغاز من مصدر آخر، إما عن طريق شحن واردات الغاز الطبيعي المُسّال من “الولايات المتحدة” بأسعار عالية، أو نقل الإمدادات مباشرة من منتجين آخرين مثل: “النرويج وأذربيجان”.

لكن اعتماد “أوروبا” على واردات الغاز القادمة من “آسيا” قد يؤدي إلى تقليص الحصة المخصصة للأسواق الآسيوية، وهو ما يُزيد مخاطر نقص الطاقة في القارة ويُحرم البلدان الأقل ثراءً، مثل “باكستان”، من احتياجاتها، ومن ثم لا يعود لها من حلٍّ لتوليد الطاقة سوى العودة إلى مصادر أخرى للوقود الأحفوري مثل “الفحم”.

قد يُمثل ذلك انتكاسة أخرى للطموحات العالمية في التصدي لأزمة المناخ، لا سيما مع ضيق الوقت وزيادة الحاجة إلى إمدادات الغاز وتعذر البدائل الأخرى، فالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، أو إعادة فتح محطات الطاقة القديمة أو بناء محطات جديدة، كل ذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت، و”أوروبا” لا تملك هذا الخيار بطبيعة الحال.

القارة الأوروبية مهددة بانتفاضات شعبية..

علاوة على ذلك؛ فإن ارتفاع أسعار الطاقة يُزيد ضرورة تقديم المساعدة المالية للأسر المتضررة، خاصة أنها تُعاني بالفعل تحت وطأة التضخم وأزمة ارتفاع أسعار السلع.

يجب على “أوروبا” أن تتخذ إجراءات كبيرة لاستباق الأزمة القادمة، وإلا سيتعين عليها أن تحدَّ من استخدامها للطاقة هذا الشتاء، والبدء بفرض قيود صارمة على استخدام الطاقة في قطاع الصناعة، لكن ذلك سرعان ما سيؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع الأسعار.

من الناحية النظرية، تتضمن قائمة الحلول في حال قطع “الغاز الروسي” عن “أوروبا”، قطع الكهرباء عن أضواء الشوارع، أو حتى الاستعانة بما يُشبه “حظر الاستهلاك الكثيف للطاقة”، ويتضمن ذلك إغلاق المرافق الترفيهية في وقت مبكر من المساء لتوفير الطاقة.

غير أن هذه الخطوات قد يراها بعض الناس جذرية، وقد حذرت وزيرة خارجية ألمانيا؛ “آنالينا بِربوك”، من أن اللجوء إلى إجراءات مماثلة: “قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضات شعبية”، وقد يعقب ذلك الإمتناع عن دفع فواتير الطاقة؛ احتجاجًا على تصاعد فاتورة التكلفة على المستهلكين.

مع ذلك؛ وقبل أن يستحوذ علينا التشاؤم، يُجدر بنا أن نتذكر أن “روسيا” ستكون أقرب إلى التردد في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، لأنها إجراءات تُزيد الأضرار الواقعة على اقتصادها، والبلاد تُعاني بالفعل تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الغربية، ومن ثم فإن المخاطرة بخسارة مكاسب الغاز قد تُزيد الأزمات السياسية للبلاد تعقيدًا وتنقل الاضطرابات إلى شوارع “روسيا” نفسها؛ كما أرادت الصحيفة البريطانية اختتام تقريرها بترديد نفس الإدعاءات الغربية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب