29 مارس، 2024 3:09 م
Search
Close this search box.

كعادتها “إيران” لم تقل نعم أو لا .. أوروبا تتذلل في “الاتفاق النووي” من أجل عيون “النفط” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

“قرار إيراني منتظر قد يوفر عليك كثيرًا من الأموال”، فقد تحوَّل: “المقترح الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني” ليس فقط إلى محور جهود الدبلوماسية الغربية، بل يُلقي عليه الكثير من الاقتصاديين آمالهم في تخفيف وطأة الأزمات الاقتصادية التي تضرب العالم، فما هو تفاصيل هذا المقترح، وكيف يُعالج معضلات “الاتفاق النووي” الإيراني عليه، وكيف ردت عليه “إيران” ؟

المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني تمت صياغته من قِبَل منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي؛ “غوزيب بوريل”، بالتنسيق الوثيق مع المسؤولين الأميركيين، وتم تقديمه لـ”إيران”؛ الأسبوع الماضي.

وسلمت “إيران”؛ الإثنين 15 آب/أغسطس 2022، ردها على المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني؛ الذي صاغه الأوروبيون بتنسيق كامل مع “الولايات المتحدة الأميركية”، وسط ضبابية حول طبيعة الرد الإيراني، هل هو بالسلب أم الإيجاب ؟.. فيما تترقب أسواق المال العالمية رد “إيران” الذي سيؤثر بشكلٍ كبير على التوجه العام لأسعار “النفط”، الأمر الذي سيكون من شأنه تحديد مسار الاقتصاد العالمي؛ لا سيما التضخم.

وقال “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة”؛ الثلاثاء، إنهما يدرسان رد “إيران” على ما وصفه “الاتحاد الأوروبي” باقتراحه: “النهائي” لإنقاذ “الاتفاق النووي” المُبّرم عام 2015.

وركز الرد الإيراني على الأسئلة المتبقية المتعلقة بالعقوبات و”الضمانات المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية”، وفقًا لما نقلته صحيفة (بوليتيكو) الأميركية، عن مسؤول غربي كبير.

ويُشير رد “إيران” إلى أنها تتطلع إلى مواصلة المفاوضات بشأن بعض القضايا، ولكنها لا تُقدم ردًا نهائيًا برفض الاقتراح.

ولم تُقدم وكالة أنباء (إيرنا) الإيرانية؛ التي تُديرها الدولة، أي تفاصيل عن مضمون رد البلاد، لكنها أشارت إلى أن “طهران” ما زالت لم تقبل المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني الذي قدمه “الاتحاد الأوروبي”، على الرغم من التحذيرات بأنه لن يكون هناك المزيد من المفاوضات.

وفي وقتٍ سابق، قال وزير الخارجية الإيراني؛ “حسين أمير عبداللهيان”، إن “الولايات المتحدة” قبلت شفهيًا مطلبين من “إيران”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، دون أن يُحدد ماهية هذين المطلبين.

المقترح الأوروبي.. لماذا يلقى كل هذا الاهتمام ؟

أبرم “الاتفاق النووي” الإيراني؛ المعروف: بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة” عام 2015؛ في عهد الرئيس الأميركي السابق؛ “باراك أوباما”، ثم خرجت منه “الولايات المتحدة”؛ عام 2018، بقرار من الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، تبعه فرض عقوبات قاسية على “طهران”، أدت إلى حظر شبه كامل لـ”النفط الإيراني”، فردَّت “طهران” بالخروج عن بعض إلتزاماتها من الاتفاق والتوسع في تخصيب (اليورانيوم) ونزع بعض كاميرات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

ثم خاضت “إيران” و”الولايات المتحدة”؛ منذ تولِّي الرئيس؛ “جو بايدن”، الرئاسة أشهرًا من المفاوضات المتقلبة، وغير المباشرة بوساطة أوروبية، حيث بدا في كثير من الأوقات أن الأطراف قاب قوسين أو أدنى للوصول للاتفاق، في ضوء حل معظم المشكلات الفنية في عملية إحياء “الاتفاق النووي” الإيراني.

حتى إن أحد المفاوضين الغربيين سبق أن قال لوسائل إعلام؛ إنه كان قد ترك ملابسه في “فيينا”؛ لأنه توقع قرب العودة لتوقيع الاتفاق، ولكن عددًا من القضايا عرقل الاتفاق، خاصة في ضوء إصرار “إيران” على بعض مطالبها ومساعي “الكونغرس” الأميركي لعرقلة إحياء الاتفاق.

كانت أبرز النقاط التي تُعرقل إحياء الاتفاق، طلب “إيران” رفع “العقوبات الأميركية” عن (الحرس الثوري) الإيراني؛ الذي تُصّنفه “واشنطن” كمنظمة إرهابية، إضافة إلى الخلاف حول تحقيق “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بشأن عثورها على مخلفات (يورانيوم) في مواقع نووية إيرانية قديمة تؤشر إلى نشاط ذي طابع عسكري.

وقدَّم  وزير خارجية الاتحاد الأوروبي؛ “غوزيف بوريل”، ما قال إنه: “النص النهائي بشأن المقترح الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني”؛ يوم 08 آب/أغسطس 2022، وكتب على (تويتر): “ما يمكن التفاوض عليه تم التفاوض عليه. لكنْ وراء كل موضوع تقني وكل فقرة قرار سياسي يجب اتخاذه في العواصم. إذا كانت هذه الإجابات إيجابية، فيمكننا توقيع هذه الصفقة”.

المقترح الأوروبي يُحاول معالجة أكبر مشكلتين تُعرقلان إحياء “الاتفاق النووي”؛ الأولى: مسألة “العقوبات الأميركية” على (الحرس الثوري) الإيراني، والثانية: معالجة تحقيق “الوكالة الدولية” بشأن مخلفات (اليورانيوم) المُثيرة للجدل التي عُثر عليها في مواقع إيرانية.

كيف ستتم مسألة معالجة العقوبات الأميركية على “الحرس الثوري” ؟

سيتم السماح للمواطنين غير الأميركيين بالتعامل مع الشركات الإيرانية التي لديها “معاملات” مع (الحرس الثوري) وفقًا لما عُرف عن المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني.

ويُعتقد أن هذا سيُضعف “العقوبات الأميركية” ضد (الحرس الثوري) الإيراني، وفقًا لمقتطفات من مسودة نص المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني؛ راجعتها صحيفة (بوليتيكو) الأميركية.

وتم الإنتهاء من تفاصيل المسودة في “فيينا”؛ الأسبوع الماضي، بعد 16 شهرًا من المحادثات. وعمل “الاتحاد الأوروبي” على المسودة بالتنسيق الوثيق مع “واشنطن”.

تُشير الشروط إلى أن إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، مستعدة لتقديم تنازلات أكبر مما كان متوقعًا لتأمين صفقة – خاصة عن طريق تخفيف الضغط على (الحرس الثوري) الإيراني، وهو قوة عسكرية مختلفة عن الجيش الإيراني ويوصف بأنه جيش قوي وغير تقليدي ومنظمة ذات نفوذ سياسي واقتصادي واسعة في “إيران” صنَّفتها “الولايات المتحدة” على أنها منظمة إرهابية.

قال “بهنام بن تاليبلو”، المحلل في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”؛ ومقرها “واشنطن”: “الذي كُتّب بإسهاب عن الاتفاق النووي الإيراني أن هذا الترتيب من شأنه أن يُضعف العقوبات الثانوية ضد أولئك الذين يتعاملون مع (الحرس الثوري) الإيراني. وسيُفيد (الحرس الثوري) الإيراني والشركات التابعة له بشكلٍ كبير”.

ومع ذلك؛ نفى المبعوث الأميركي الخاص للمحادثات الإيرانية؛ “روب مالي”، في تصريح لـ (بوليتيكو)، بعد نشر هذه التفاصيل لأول مرة، أن “الولايات المتحدة” كانت تُغّير معاييرها أو قواعدها عندما يتعلق الأمر بفرض العقوبات على (الحرس الثوري) الإيراني.

وقال “مالي”: “لنكُن واضحين: لم تنخرط الولايات المتحدة في أي مفاوضات حول معايير الإمتثال للعقوبات الأميركية التي ستظل خاضعة لشروط العودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي، وأضاف إن أي تقرير يُخالف ذلك خطأ واضح”.

جعل “بايدن” محاولة إحياء “الاتفاق النووي” لعام 2015؛ أولوية في السياسة الخارجية، لأنه رأى أنها أفضل طريقة لمنع “إيران” من بناء قنبلة نووية. بموجب الاتفاق الأصلي، الذي انسحب منه الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”؛ في 2018، من الاتفاق الذي خفف من العقوبات الدولية مقابل موافقتها على قيود صارمة على أنشطتها النووية.

منذ الانسحاب الأميركي، تسارعت الأنشطة النووية الإيرانية وتفاخر أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى؛ آية الله “علي خامنئي”، بأن البلاد لديها الآن القدرة التقنية على صنع قنبلة، حتى لو لم يكن هذا هو الهدف الإستراتيجي لـ”طهران”.

“إيران” تُريد حذف “الحرس الثوري” من قائمة الإرهاب.. و”الكونغرس” يرفض..

في نيسان/إبريل الماضي، رفض “بايدن” مطلبًا إيرانيًا بإلغاء قرار عام 2019؛ الصادر عن إدارة “ترامب”، بوضع (الحرس الثوري) الإيراني على قائمة “الولايات المتحدة”: لـ”المنظمات الإرهابية الأجنبية”.

تبع ذلك قيام مجموعة من أعضاء “مجلس الشيوخ”؛ من الحزبين الأميركيين، في أوائل آيار/مايو، بالدفع بإصدار قرار من “الكونغرس” ينص أنه لا ينبغي لـ”الولايات المتحدة” الموافقة على أي صفقة لرفع العقوبات.

في حين أن المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني لن يرفع عقوبات (الحرس الثوري) الإيراني في حد ذاته، إلا أنه من المُرجح أنه سيحِد بشدة من فاعليتها.

بموجب النص المقترح، يمكن للأوروبيين وغيرهم من غير الأميركيين إجراء أعمال تجارية مع كيانات إيرانية منخرطة في: “معاملات” مع (الحرس الثوري) الإيراني دون خوف من فرض “عقوبات أميركية”، كما هو الحال حاليًا، بشرط ألا يكون شريكهم التجاري الأساس مسجلاً في سجل “العقوبات الأميركية”.

يقول النص: “الأشخاص غير الأميركيين الذين يتعاملون مع أشخاص إيرانيين غير موجودين في قائمة العقوبات الأميركية لن يتعرضوا للعقوبات لمجرد أن هؤلاء الأشخاص الإيرانيين ينخرطون في معاملات منفصلة تشمل أشخاصًا إيرانيين مُدّرجين على قائمة العقوبات الأميركية بما في ذلك فيلق (الحرس الثوري) الإسلامي الإيراني أو مسؤولوه، أو الشركات التابعة له”، كما ورد في الاقتراح.

ستسمح هذه الصياغة للأوروبيين بممارسة الأعمال التجارية على نطاقٍ واسع في جميع أنحاء “إيران”، نظرًا لأن العلاقات بين (الحرس الثوري) وبقية قطاعات الاقتصاد الإيراني وثيقة ومتشبعة للغاية، لا سيما فيما يتعلق بالتجارة.

وعلق أحد الدبلوماسيين المتابعين للملف؛ بأن الصياغة تُشير أيضًا إلى أن كيانات (الحرس الثوري) الإيراني يمكن أن تسعى إلى التهرب من “العقوبات الأميركية” ببساطة عن طريق إدارة أعمالها من خلال بدائل وشركات وهمية تخلق درجة من الانفصال، مما يجعل القيود الأميركية بلا أسنان على الشركات والأفراد غير الأميركيين.

ورفض متحدث باسم “الاتحاد الأوروبي” التعليق على فحوى الاقتراح؛ لكن “مالي” ومسؤولين أميركيين آخرين، وكذلك بعض خبراء العقوبات، شككوا في أن المقترح سيؤدي إلى إضعاف معايير “العقوبات الأميركية” على (الحرس الثوري) الإيراني.

أخبر مسؤول إداري كبير في إدارة “بايدن”؛ صحيفة (بوليتيكو)، بحرص الإدارة على ما يُسمى بالعناية الواجبة أو: “أعرف عميلك”، أو معايير الإمتثال الأخرى ذات الصلة، وهي معايير تؤكد ضرورة إلتزام الشركات بالتأكد من أنها لا تتعامل مع أطراف ينطبق عليها العقوبات.

وقال: “هذه المعايير متسقة وغير قابلة للتفاوض. وستظل دون تغيير في أي عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي”.

وقال مسؤول كبير في إدارة “بايدن”: “نحن لا نتفاوض علنًا، ولن نُعلق على التسريبات المزعومة من الصحافة، لقد رأيت كيف وصف الاتحاد الأوروبي هذا النص بأنه جهدهم الأخير للتوصل إلى حلٍ وسط – لا ينبغي لأحد أن يُفاجأ بأنه يتطلب قرارات صعبة لجميع المشاركين”.

عندما تتعامل مع “إيران” فإنك تتعامل مع “الحرس الثوري” !

على مدى العقود القليلة الماضية، برز (الحرس الثوري) الإيراني، وهو جيش موازٍ يختلف عن القوات المسلحة النظامية في “إيران” ويخضع مباشرة لمرشد الثورة الإيرانية؛ “علي خامنئي”، كقوة اقتصادية طاغية مع شركات ممتدة تشمل التمويل والبناء والطاقة.

وتحت رئاسة الرئيس؛ “محمود أحمدي نجاد”، الذي تولى منصبه في عام 2005، أصبحت مخالب (الحرس الثوري) الإيراني في الاقتصاد الإيراني واسعة جدًا لدرجة أن وزير الخزانة الأميركي السابق؛ “هنري بولسون”، أعلن في ذلك الوقت: “أنه من المُرجح بشكلٍ متزايد إذا كنت تتعامل مع إيران، أنت تتعامل مع (الحرس الثوري) الإيراني”.

إن الوجود القوي لـ (الحرس الثوري) في أمن الحدود يمنحهم أيضًا تأثيرًا عميقًا على مجموعة من شركات الاستيراد والتصدير – وهو عامل في طليعة التفكير في العديد من دول “الاتحاد الأوروبي” التي ترغب في إعادة بناء العلاقات التجارية مع “إيران”؛ التي لديها بعض من أكبر احتياطيات “النفط والغاز” في العالم.

نهج “أوروبا” أكثر مرونة مقارنة بـ”الولايات المتحدة” !

لطالما استهدفت “الولايات المتحدة”؛ (الحرس الثوري) الإيراني؛ و(فيلق القدس) التابع له، وهو ذراع شبه عسكري يقوم بتدريب وتمويل جماعات مثل (حزب الله)، المُصّنفين كإرهابيين من قِبل كل من “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة”، واتهمت “واشنطن”؛ (الحرس الثوري) الإيراني، بقتل مئات الجنود الأميركيين في “العراق” و”أفغانستان” من خلال وكلاء مع قنابل على جانب الطريق.

في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، اتهم المدعون العامون الأميركيون عضوًا في (الحرس الثوري) الإيراني بالتآمر لقتل مستشار الأمن القومي الأميركي السابق؛ “جون بولتون”. كما استهدف الإيرانيون وزير الخارجية السابق؛ “مايك بومبيو”، ووزير الدفاع السابق؛ “مارك إسبر”.

بالنظر إلى هذا التاريخ، من المُرجح أن تواجه إدارة “بايدن” مقاومة شرسة في “الكونغرس” وخارجه إذا قبلت الاقتراح الأوروبي. يخشى الكثيرون في “الكونغرس” تقديم أي تنازلات لـ”إيران” في ضوء تهديداتها المستمرة بتدمير “إسرائيل” والدور الذي لعبته في زعزعة استقرار “العراق” و”الشرق الأوسط الكبير”. كما تشعر “واشنطن” بالقلق من التعاون المتزايد بين “إيران” و”روسيا”، بما في ذلك احتمال بيع مئات الطائرات الإيرانية المسلحة بدون طيار إلى “موسكو”.

كانت “أوروبا”، التي تعتبر “إيران” سوقًا جذابة ومصدرًا للطاقة، أكثر مرونة في نهجها تجاه “طهران”. لقد دعم “الاتحاد الأوروبي” و”المملكة المتحدة” بقوة؛ “الاتفاق النووي”، رغم المزاعم بالأنشطة الإرهابية المدعومة من “إيران” على الأراضي الأوروبية.

في تموز/يوليو، على سبيل المثال، وافق “البرلمان البلجيكي” على معاهدة لتبادل الأسرى مع “إيران” يُتوقع أن تسمح بالإفراج عن دبلوماسي إيراني أدين بمحاولة تفجير تجمع للمعارضة في “باريس”؛ عام 2018.

ولاء “أوروبا”؛ للصفقة تجاري وشخصي، حسب وصف الصحيفة الأميركية، فلقد أمضى كبار الدبلوماسيين الأوروبيين سنوات في صياغة الاتفاق الأصلي مع “إيران”، ولا يزال المسؤولون في جميع أنحاء القارة يعتبرونه إنجازًا مميزًا للدبلوماسية الأوروبية في العقود الأخيرة.

المعضلة الثانية التي قد يحلها المقترح الأوروبي..

بالإضافة إلى رفع الضغط عن (الحرس الثوري) الإيراني، فإن الاقتراح الأوروبي سيفتح أيضًا الباب أمام “طهران” لحل أزمة منفصلة بسرعة مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة”، والتي راقبت البرنامج النووي الإيراني، بشأن مواقع نووية لم يكشف عنها في عام 2019.

بعد الكشف عن جزيئات (اليورانيوم)؛ في ثلاثة مواقع غير مُعلنة من قبل في “طهران”، طالبت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ “إيران”، بتقديم تفسير، لكنها حتى الآن أحبطت تحقيق هيئة الرقابة التابعة لـ”الأمم المتحدة”؛ ومقرها “فيينا”، برفضها التعاون.

في حزيران/يونيو 2022، وجه “مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية” اللوم إلى “إيران”؛ بسبب رفضها التعاون في هذا الملف، مُعّربًا عن: “قلقه العميق”.

المناطق قيد التحقيق من المحتمل أن تكون مواقع قديمة تم استخدامها في المراحل السابقة من البرنامج النووي الإيراني؛ وليست مؤشرات على نشاط جديد، إلا أن اكتشافها يُشير مع ذلك إلى أن “طهران” كانت في مرحلة ما غير صادقة في قولها إن برنامجها النووي سلمي بحت.

وطالبت “طهران” بإنهاء تحقيقات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ كشرط لإعادة تفعيل “الاتفاق النووي”. رفضت كل من “الولايات المتحدة” والأوروبيين ذلك بدعوى أن تحقيق “الوكالة الدولية” كان مسألة منفصلة خارج نطاق “الاتفاق النووي”.

لكن الآن؛ اقترحت الدول الأوروبية نفسها؛ التي وجهت انتقادات لـ”إيران”، في حزيران/يونيو الماضي، تنازلاً آخر يتضمن ربط القرار بشأن تحقيقات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” باستئناف “الاتفاق النووي”.

يقول النص المقترح إن؛ “الولايات المتحدة” والأوروبيين: “يأخذون في الاعتبار نية إيران” لمعالجة القضايا المُعّلقة بحلول: “يوم إعادة التنفيذ”، وهو التاريخ الذي سيعود فيه الاتفاق حيز التنفيذ، والمتوقع أن يكون بعد بضعة أشهر من التوقيع الرسمي.

يقول منتقدو هذا النهج؛ الذي كشفت عنه صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية في وقتٍ سابق، إنه يمكن أن يسمح لـ”إيران” بجعل الاتفاقية بأكملها رهينة إذا لم توافق “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” على إسقاط التحقيقات.

وإذا قررت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، على سبيل المثال، أن “إيران” فشلت في الكشف عن الغرض من استخدام المواقع، فيمكن لـ”طهران” ببساطة أن تُهدد بتفجير الصفقة، مما يؤدي إلى مزيد من الضغط الدولي على الوكالة للتراجع، ويكسب تقاريرها طابعًا سياسيًا ويُقلل من طبيعته الموضوعية والفنية المفترضة.

يكمن الاختبار في ما إذا كان بإمكان الوكالة تحمُّل مثل هذا الضغط من أكبر أعضائها الذين يُريدون إتمام صفقة إحياء “الاتفاق النووي” الإيراني، وهو أمر مشكوكٍ فيه.

من خلال وضع تحقيق “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” على الطاولة في اقتراح “الاتحاد الأوروبي”، أعرب أحد الدبلوماسيين عن خوفه من أن تُخاطر “الولايات المتحدة” والأوروبيون؛ ليس فقط بالإشارة إلى استعدادهم لترك القضية تحت السجادة سعيًا للتوصل إلى اتفاق، ولكنهم كذلك على استعداد للتضحية بمصداقية “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ كوكالة مستقلة، من خلال تسييس مهمتها في “إيران”.

وتراجع مسؤول كبير في الإدارة الأميركية عن هذه الرواية، مشيرًا إلى أن: “الضمانات على المواد النووية تدخل في صميم تفويض الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

لكن أي استعداد لقبول أقل من ضمانات كاملة هو أمر غير عادي بالنظر إلى الاعترافات الأخيرة من قبل المسؤولين الإيرانيين بأنهم قادرون على بناء سلاح نووي، حسب الصحيفة الأميركية.

وقال “كمال خرازي”، مستشار المرشد الأعلى لـ”إيران”، الشهر الماضي: “إيران لديها الوسائل التقنية لإنتاج قنبلة نووية؛ لكن لم تتخذ قرارًا ببناء قنبلة”. لسنوات، أنكرت “إيران” بثبات أنها كانت تسعى وراء مثل هذه القدرة.

تشمل الأطراف الأخرى في الاتفاقية الأصلية، المعروفة باسم: “خطة العمل الشاملة المشتركة”، الأعضاء الخمسة الدائمين في “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، بالإضافة إلى “ألمانيا” و”الاتحاد الأوروبي”. ومع ذلك، فقد جرت المفاوضات الحقيقية بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، حيث عمل الأوروبيون كوسيط بعد أن رفضت “طهران” إجراء محادثات مباشرة.

كعادتها.. إيران لم تقُل “لا” أو “نعم” !

كعادة المفاوضين الإيرانيين المتمرسين، لم يقولوا: “لا” صريحة؛ أو “نعم” واضحة.

وذكر تقرير وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ أن: “الخلافات حول ثلاث قضايا أعربت فيها الولايات المتحدة عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص”. المسألة الثالثة تتعلق بضمان استمرار (الصفقة)، التي تعتمد على واقعية “الولايات المتحدة”.

في وقتٍ سابق من يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الإيراني؛ “حسين أمير عبداللهيان”، إن هناك: “ثلاث قضايا إذا تم حلها، يُمكننا التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة”، دون الخوض في التفاصيل.

وأضاف: “قلنا لهم إنه يجب احترام خطوطنا الحمراء… لقد أظهرنا مرونة كافية… لا نُريد التوصل إلى اتفاق يفشل على أرض الواقع بعد 40 يومًا أو شهرين أو ثلاثة أشهر”.

وقبل إرسال الرد الإيراني، قال “عبداللهيان”: “سنُرسل مقترحاتنا النهائية كتابة، إذا تم قبول رأينا، فنحن مستعدون لإبرام الاتفاق والإعلان عنه في اجتماع لوزراء الخارجية”.

وقال دبلوماسي إيراني لم يُفصح عن هويته لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية؛ يوم الجمعة الماضي، إن المقترح الأوروبي لإحياء “الاتفاق النووي” الإيراني: “مقبول بشرط أن يُقدموا تأكيدات لإيران في نقاط مختلفة تتعلق بالعقوبات والضمانات”.

وعبر دبلوماسيون أوروبيون عن تفاؤلهم في الأيام التالية بقبول الصفقة، في حين قلل المسؤولون الإسرائيليون من هذه الآمال، زاعمين أن الإيرانيين لن يوقعوا على صفقة لا تُمثل: “تحسنًا كبيرًا” بالنسبة لهم عن اتفاقية 2015.

ويبدو أن الإيرانيين قبلوا بهذه المقترحات مبدئيًا، ولكنهم يُريدون كعادتهم تحقيق مكاسب اللحظات الأخيرة، ولكن قد تؤدي مساومات اللحظات الأخيرة هذه والمعارضة الأميركية الداخلية لعرقلة إحياء الاتفاق، خاصة أن ارتفاع أسعار “النفط” الحالي يُمثل مكاسب للإيرانيين، كما أن تجربة “طهران” مع التأثيرات السلبية التي تكبدها اقتصادها جراء عودة “العقوبات الأميركية”، تجعلها أقل حماسًا لتكرار التجربة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب