22 ديسمبر، 2024 6:01 م

 كتل عراقية تلوّح بمغادرة حكومة العبادي:هل تولد وزارة جديدة؟ 

 كتل عراقية تلوّح بمغادرة حكومة العبادي:هل تولد وزارة جديدة؟ 

كتب اكثم سيف الدين : يبدو أنّ حكومة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وصلت إلى مرحلة التفكك بعد اتباعها سياسات أثارت امتعاض الشركاء السياسيين، الذين شعروا بالتهميش والإقصاء، ورأوا أنّهم مشاركون في حكومة لا تختلف عن سابقتها (حكومة نوري المالكي)، مما جعل “ائتلاف الوطنية” يلوّح بالانسحاب بعدما سبقته إلى ذلك، كتل أخرى.
ويُنذر تفكُّك الحكومة بخطر انهيار العملية السياسية، أو قد تبقى عرجاء بحيث لا تستطيع مواصلة طريقها في ظلّ ظروف أمنيّة وسياسيّة تحتاج إلى حكومة صلبة، تستطيع اتخاذ القرارات المناسبة من دون خلل أو تردّد، بحسب بعض المراقبين الذين يحذّرون من استغلال خصوم العبادي هذه الفرصة للإطاحة بحكومته، وإعادة ترتيب أوراقهم من جديد. في جميع الأحوال، فإنّ العراق مقبل على مرحلة صعبة من عمر الحكومة، سيكون لها أثر بالغ على الواقعَين الأمني والسياسي الحرجَين، فضلاً عن تأثيراتها السلبية على الواقع الاقتصادي الآيل إلى الانهيار، الأمر الذي يحتّم على العبادي اتخاذ إجراءات وخطوات تُجبّر كسر حكومته، وتنقلها من مرحلة الانهيار إلى البناء. – See 
وفي هذا السياق، ذكر “ائتلاف الوطنية” بزعامة إياد علاوي، في بيان صحافي، أنّ “الأخير ترأس اجتماعاً هامّاً للائتلاف، حضره معظم القادة، ناقشوا خلاله الوضع الداخلي الذي يمرّ به البلد، والوضعَين الإقليمي والدولي وتأثيراته على البلاد”. وأضاف أنّ “المجتمعين بحثوا الاتفاقات السابقة التي أُبرمت مع حكومة العبادي، والتي لم تطبق ولم يُنفّذ منها شيء، وفي مقدّمتها وثيقة الاتفاق السياسي، والمصالحة الوطنية، والخروج من الطائفية السياسية، والذهاب إلى نظام المؤسسات، وحلّ أزمة النازحين، ومحاربة الفاسدين، والاستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين، والمشاركة في القرار السياسي، وتشريع قانون العفو العام، وإصلاح الأوضاع المتردية”.
ولوّح ائتلاف علاوي بـ”الانسحاب من الحكومة”، مؤكّداً أنّ “مشاركته فيها مرتبطة بتنفيذ مطالبه المشروعة، ومنح الائتلاف استحقاقه الانتخابي ليستطيع أخذ دوره في تحقيق مطالب الجماهير وتنفيذ الإصلاحات”، مشدّداً على أنّ “تلك الملاحظات تقود الائتلاف إلى اتخاذ قراره في جميع المواقف التي يتعيّن عليه تبنّيها”.
وتملك كتلة علاوي، وفقاً لاتفاق تشكيل حكومة العبادي الذي تمّ برعاية أميركية، حقيبتَين وزاريتَين، وثلاث مناصب وكيل وزير، فضلاً عن منصبَين لهيئات مستقلة مرتبطة بالبرلمان، هي هيئة النزاهة، وهيئة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى منصب نائب الرئيس الذي تسلّمه علاوي نفسه، إلّا أنّه، وفقاً للتغيرات الجديدة، فقدت الكتلة معظم تلك المناصب الممنوحة لها بحسب الاستحقاق الانتخابي.
ويعيد “التحالف العراقي” تلويح “الوطنية” بالانسحاب من الحكومة إلى “خسارة علاوي منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وإفلاس الوطنية في تحقيق مكاسبها”.
 ويقول عضو “التحالف”، حسن الأسدي، إنّ “ائتلاف علاوي أفلس من كل ما كان يصبو إلى تحقيقه، من خلال قيامه بدور كبير في العملية السياسية واتخاذ القرارات، فضلاً عن الحصول على بعض المناصب التي كان يطمح إلى الحصول عليها”. ويضيف الأسدي أنّ “علاوي فجأة وجد نفسه خارج العملية السياسية، ولا منصب ولا دور له فيها، وأراد أن يثأر لنفسه من خلال التلويح بالانسحاب، ومحاولة لَيّ ذراع الحكومة للحصول على بعض المكاسب”، مؤكّداً أنّ “الحكومة ستواصل طريقها في جميع الأحوال، وانسحاب الائتلاف لن يؤثّر عليها”.
بدوره، يرى الخبير السياسي، فراس العيثاوي، أنّ “حكومة العبادي بدأت اليوم بمواجهة أصعب المراحل من عمرها، بعدما وصلت إلى التفكك”. ويقول العيثاوي، خلال حيث صحفي إنّ “بناء حكومة العبادي لم يتجاوز أخطاء حكومة المالكي، إذ إنّ الأول وبعد مَنْح الثقة لحكومته في البرلمان، بدأ مرحلة التمرّد على الاتفاقات السياسية من خلال تمرّده على وثيقة الاتفاق السياسي التي أُبرمت مع قادة المكّون السنّي، ولم يحقق منها أيّ شيء، الأمر الذي تسبب له بخسارة كبيرة لهذا الجانب، ومن ثم صادر حقوق تلك الكتل بأخذ دورها في العمل السياسي في المناصب الرئيسية ومن ثم الثانوية”. ويلفت الخبير السياسي إلى أنّ “تلك الكتل (تحالف القوى العراقية وائتلاف الوطنية) تحمّلت طوال تلك الفترة تجاوزات الحكومة خوفاً من عودة المالكي إلى سدّة الحكم من جديد، ورغبة منها في نجاح حكومة العبادي على الرغم من كل تحفّظاتها عليها”، مشيراً إلى أنّ “الفترة الأخيرة التي سيطر فيها التحالف الوطني على زمام السلطة وعلى القرار السياسي في البلاد، بعدما قيّد العبادي، جعل القرار بيد التحالف لا بيد الأخير، الأمر الذي أثار حفيظة تلك الكتل ودفع الوطنية إلى التفكير في الانسحاب”.
ويشدّد العيثاوي على أنّ “الانسحاب واقع لا محالة، لأنّ العبادي عاجز عن ترميم وتطبيق أي اتفاق، وانسحاب الوطنية هو بداية لانسحابات أخرى ستعقبه، وهي بداية مرحلة انهيار الحكومة”، مشيراً إلى أنّ “الانهيار في كل الأحوال، لا يصبّ في مصلحة البلاد، باعتبار أنّ حكومة عرجاء ومشوّهة أفضل من لا حكومة، ومن صراع بين الكتل لتشكيل حكومة جديدة”، لافتاً إلى أنّ “خصوم العبادي، ومنهم سلفه المالكي، سيعملون على انهيار الحكومة عاجلاً أم آجلاً، وسيستغلون كل الظروف للإطاحة بالعبادي، الأمر الذي ينذر بصراع داخلي بين الكتل السياسية على السلطة، قد يجرّ البلاد إلى مصير مجهول”. ودعا العبادي، أخيراً، إلى “اتخاذ خطوات فعّالة وعاجلة لترميم علاقته مع ائتلاف الوطنية وتحالف القوى، وتدارك الموقف الصعب الذي تتّجه نحوه الحكومة”.
يشار إلى أنّ العبادي بعد تمرّده على الاتفاقات السياسية مع الكتل المشاركة في الحكومة، تجاوز البرلمان والكتل، أخيراً، وانفرد هو وتحالفه الوطني باتخاذ القرارات المهمة، الأمر الذي أفقده ثقة الكتل السياسية الأخرى، وتسبّب في تراكم كبير بالأخطاء والقرارات غير المدروسة، مما فتح الباب لجدل وخلاف سياسي جديد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة