قال ساسة ومصادر قريبة على مفوضية الانتخابات إن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بات يسيطر عشية الاقتراع المحلي، على اخطر دائرتين في المفوضية، كما يحتفظ بمفرده على كلمة السر الالكترونية التي تخول حاملها إدخال البيانات والمعلومات الخاصة بنتائج التصويت.
الى ذلك نفت المفوضية العليا للانتخابات صحة أن يكون كيان سياسي بعينه يمتلك كلمة مرور مركز العدّ والفرز، عادّة ذلك “مجرد إشاعة وأقاويل لا أساس لها من الصحة”، مؤكدة أن “اغلب المفوضين الحاليين يعملون منذ تأسيس المفوضية عام 2004”. وفيما يستعد العراق، السبت المقبل، لإجراء أول انتخابات محلية بعد خروج القوات الأمريكية من البلاد، إلا أن كتلاً سياسية تبدي خشيتها من تزوير نتائج الانتخابات لصالح كيانات سياسية مقربة من الحكومة أو متحالفة مع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي. وكانت كتل سياسية تحدثت عن خروق شابت عملية الاقتراع الخاص بمنتسبي القوات المسلحة الذي أجري السبت الماضي الذي شارك فيه نحو 700 ألف عنصر. وفي مقابلة مع “المدى” أمس، ذكر مصدر مقرب من المفوضية العليا للانتخابات أن “الدائرة الانتخابية ودائرة إدخال البيانات أصبحتا من حصة ائتلاف دولة القانون اللتين تعدّان من أهم الدوائر في المفوضية العليا للانتخابات”.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بالقول أن “أي دور للكتل السياسية أو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في قضية إدخال البيانات وجمع الأصوات، ستكون محصورة بيد ائتلاف دولة القانون”. وحذّر المصدر من أن “هذه الإجراءات، وتوزيع دوائر المفوضية بين أشخاص موالين لكتل سياسية، ستجعل الانتخابات المحلية عرضة للتزوير وبشكل مفرط، فضلا عن أن التزوير سيكون بشكل كبير في المناطق النائية البعيدة عن الأضواء والمحطات البعيدة عن المركز”. وفيما أكد ”صعوبة العبث أو التزوير لنتائج الانتخابات داخل المفوضية بسبب وجود ممثلي الكيانات السياسية ووجود المراقبين والإعلام وغيرهم”، قال إن “وجود الرقم السري لدى مدير دائرة إدخال البيانات سيهيء لوجود التزوير في الانتخابات المقبلة بإضافة أصفار وحذف أصفار من بعض الكيانات”.
الى ذلك يؤكد المفوض صفاء الموسوي، في تصريح لـ”المدى” أمس، أن “طريقة إدخال البيانات تمر بعدة مراحل وتحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمراقبين والإعلاميين وبالتالي لا يمكن لجهة سياسية أو شخص التلاعب بنتائج الانتخابات”. وأضاف الموسوي بالقول “المفوضية العليا ستعلن في اقرب وقت ممكن الطريقة والآلية التي سيتم فيها إدخال البيانات والمعلومات من مراحلها الأولى إلى آخر لحظة ستجري، بشكل شفاف وستكون أمام ممثلي الكيانات السياسية والمراقبين والإعلام”.
ورفض الموسوي الإجابة بشكل واضح عن سؤال “المدى” بشأن “كلمة المرور”، قائلا “سنعرض هذه التفاصيل عن برنامج إدخال البيانات في برامج متلفزة محلية”.
في هذا السياق، يرى التحالف الكردستاني أن “ائتلاف دولة القانون عمل على السيطرة وضم جميع الهيئات المستقلة بما فيها المفوضية العليا للانتخابات من اجل حصوله على أغلبية الأصوات”.
وأوضح النائب شوان محمد طه، في اتصال هاتفي مع “المدى” أمس، أن “رئيس الوزراء وائتلافه مصممون على الهيمنة على المفوضية العليا للانتخابات وسوف لن يتركوها تعمل بشكل مهني”، مشيرا الى ان “الاقتراع الخاص الذي جرى قبل أيام قليلة اثبت نوايا دولة القانون بعد أن تم تسجيل خروقات كثيرة وعديدة”.
ولفت النائب الكردي البارز الى أن “نوايا دولة القانون تتكرس في بناء دولة مركزية حديدية وعسكرية يقودها شخص واحد وحزب واحد وتأسيسها يكون من خلال السيطرة على الهيئات المستقلة ومفوضية الانتخابات”، ورأى أن “الانتخابات المحلية ستكون بمثابة البروفة أو التمهيد للانتخابات البرلمانية”.
في هذه الأثناء، أكد نائب بارز عن التحالف الوطني أن “وجود تخوف لدى مكونات التحالف الوطني من مسألة تزوير الانتخابات المحلية من قبل جهة سياسية معينة بعد استيلائها على الدائرة الانتخابية بعد أن أخذتها بالتعنت والإصرار من حصة الكتل السياسية الأخرى”. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ”المدى” امس، ان “التحالف الوطني لديه تصور واضح عن التوجهات داخل المفوضية العليا للانتخابات وعلى كافة المستويات”، مشيرا الى أن “مديرا الدائرة الانتخابية وإدخال البيانات أقسما أن لا يكون ولاؤهما لأية جهة سياسية”.
ولفت المصدر الى أن “إحدى كتل التحالف الوطني حذرت من ان أي تلاعب سيعني تقديم طعن بالنتائج لدى الجهات المختصة”، مرجحا “حصول إضافة أصفار أو حذفها من قبل جهة نافذة ومسيطرة على المفوضية العليا في إدارتها للانتخابات المحلية”. وتساءل المصدر “لماذا تنادي الحكومة بين فترة وأخرى باستطاعتها تشكيل حكومة أغلبية في الانتخابات المحلية والنيابية القادمتين؟”، مؤكدا ”وجود نوايا مبيتة وعلى الجميع أن يأخذ الحيطة والحذر منها”.
وفي السياق ذاته، ذكر المدير السابق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات كريم التميمي “الرقم السري المعني لإدخال البيانات كان موزع لثلاثة موظفين ومفوضين يمثلون مختلف مكونات الشعب”. وأوضح التميمي، في حديث مع “المدى” أمس، بالقول إن “مركز إدخال البيانات هو عبارة عن عملية إدخال لنتائج وبيانات الانتخابات واحتسابه ونقلها أمام وكلاء الكيانات السياسية وكل هذا يجري في المركز الرئيس ببغداد”. وأشار الى ان “الاحتساب يمربـA لإدخال البيانات ثم بـB والتي تعني التأكد من صحة البيانات والمعلومات وC التي تعني المطابقة من نتائج A وB وD ومن ثم يكون الإشراف على إدخال المعلومات بشكل نهائي من خلال الأرشفة الالكترونية”. مؤكدا ان “كل الكيانات السياسية تشهد هذه العمليات ومن ثم توزع عليها اقراص ليزرية”.
فيما يتعلق بالرقم السري لادخال البيانات، يؤكد التميمي ان “الرقم السري للسيرفرات موزع على ثلاثة موظفين يتم اختيارهم من قبل أعضاء المفوضية، وثلاثة مفوضين يمثلون كل مكونات حيث يتم توزيع هذا الرقم السري على هؤلاء الستة ويحتفظ كل منهما برمز أو رمزين أو حرف أو حرفين كي لا يتعرف عليها شخص أو كيان لوحده”. ويتابع بالقول إن “إدخال البيانات يتم باجتماع هؤلاء الأعضاء الستة وبحضور الأمم المتحدة والمراقبين والاعلام وممثلي الكيانات السياسية، من دون ذلك لايمكن حذف أصفار أو إضافة أصفار إذ لايمكن إدخال البيانات إلا بوجود الجميع”.
وفيما يخص النظام الذي اعتمدته المفوضية لعد وفرز النتائج، يوضح المدير السابق للدائرة الانتخابية ان ” نظام البرمجة يدار من قبل الموظفين العراقيين لكن صيانته وحمايته تتم مع شركات تتعامل مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى”.
ويلفت التميمي الى أن “دور الأمم المتحدة كان يقتصر على الاستشارة وفحص البرامج الالكترونية وحمايتها، وكل هذا يجري أمام مرأى وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين”.