كاشفًا هشاشة الانتخابات الرئاسية الإيرانية .. “علي ربيعي” يناقش شعارات وبرامج المرشحين !

كاشفًا هشاشة الانتخابات الرئاسية الإيرانية .. “علي ربيعي” يناقش شعارات وبرامج المرشحين !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

أنا مضطر بحكم طبيعة مهمتي الإدارية لقراءة الكثير من المحتويات يوميًا.. وتحتل عمليًا مع اقتراب موعد الانتخابات؛ حملات المرشحين وشعاراتهم، صدارة الأخبار، وكذلك تستحيل قضية تأييد الصلاحية محل نقاش وانتقادات.

وأعتزم في هذه المقالة، بغض النظر عن الآثار السياسية-الاجتماعية لآلية تأييد الصلاحية، الحديث عن البرامج والشعارات التي نسمع حاليًا من أطراف فاعلة في الانتخابات، بخصوص المرشحين الذين حصلوا على تأييد “مجلس صيانة الدستور” المحترم. بحسب “علي ربيعي”، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية، في مقالة له بصحيفة (إيران) الرسمية.

خلل في برامج المرشحين..

1 – التركيز على مواقف بعض الشخصيات، (بل والمرشحين)، التي أبدت تعليقات، (نابعة عن التشاؤم وإنكار الماضي)، على هذه القضية، حيث خلت تصريحاتهم من البرامج الإيجابية، وتكرار، (وذلك من سخرية القدر)، انتقادات المعارضة على مدى السنوات الثمانية الماضية، من مختلف المنابر، بل ووسائل الإعلام الأجنبية.

وإنطلاقًا من عدم استناد انتخابات الرئاسة الإيرانية إلى الخبرات والتجارب ورؤى الأحزاب، وانعدام قدرة المجتمع على تقييم أهداف المرشحين، وبالتالي مصير المستقبل، فقد وجب أن تعوض التصريحات الانتخابية مثل هذا الخلل السياسي، وأن توضح للمجتمع أهم البرامج وكيفية تنفيذها.

و”إيران”، التي تتحمل حربًا اقتصادية كبيرة وبلا نظير تاريخيًا وضغوطًا لم تتعرض لها أي من الأمم، تحتاج إلى فهم كيفية التخلص من العقوبات وإدارك السياسات الاجتماعية، والثقافية، والمالية، والإنتاجية، والتجارية، والتي يجب أن تراعي، (وفق تعبير المرشد)، وقائع وإمكانيات الدولة، لكني للأسف لم أشاهد مثل هذا البيان، حتى اللحظة، وأعتبر أن محتوى معظم البيانات سلبي وإنكاري.

حلول للمشكلات الخارجية..

2 – لو لم يتطرق أحدهم إلى البرامج الصعبة لإجراء إصلاحات هيكلية لأمراض الاقتصاد الإيراني المزمنة، ولم يقدم حلول للتخلص من المشكلات المترتبة على العقوبات، فما من داعي للكلام.

وقد أنبرى حاليًا؛ المتحدثون باسم الأحزاب ومختلف الخبراء، للدفاع عن المرشحين، لكن الأهم يجب على المرشح نفسه أن يقول ماذا سيفعل مع العقوبات وتداعياتها والاقتصاد النفطي المقيد بسبب تراجع المبيعات.

وكنت قد تابعت أحد النواب من أصحاب المنابر؛ يتحدث بفهم ضعيف للعلاقات الدولية عن الإنتاج والتصدير لدول الجوار، وكأنما لا يعرف أن هذه الدول ليست جزء من “إيران”؛ وتعمل وفق هيكل الاقتصاد الدولي.

بل إن المساومات مع أفضل أصدقائنا من دول الجوار، بخصوص دفع ثمن البضائع المباعة بالفعل وشراء لقاح (كورونا) لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن.

ومن يقدمون الوعود الجميلة عن القروض، والسكن، والدعم وحتى الوعود بحل مشكلة التضخم بغضون أربعة أشهر، (وكنت قد رأيت أحد الخبراء من أنصار أحد المرشحين، يقلل ويهون من حلول المشكلات الاقتصادية والمالية، وبخاصة توفير فرص عمل، وينعى المشروع الأول للثورة المعروف باسم تنظيم وتوفيق أوضاع أصحاب الدبلومات العاطلين عن العمل)، دون الحديث عن قرارات صعبة لاستمرار الإصلاح الاقتصادي في ظل أزمات العقوبات و(كورونا).

رؤى سياسات الرفاهية..

3 – تحليل محتوى الشعارات والبرامج المقدمة حتى الآن؛ يُثبت أن نسبة 80% من التصريحات؛ يدور حول المعيشة والبدلات المعيشية وسياسات الرفاهية.

وعليه؛ فأنا أعتزم استكشاف سياسات الرفاهية الحالية وتوضيح نسبتها مع هذه الوعود.

إن نظرة على مسار التطور النظري في سياسات الرفاهية بداية الثورة، ثبت التركيز على المثالية القائمة على شعار حقوق المستضعفين، دون أي برامج واضحة في تلكم الفترة، أي أن التطلعات بخصوص رفاهية المجتمع كانت بلا برامج تنفيذية.

لذلك أعتقد بالنظر إلى عدم تحقيق النتائج المرجوة، بسبب انعدام المعالجة النظرية؛ وعدم إدراج هذا الهدف ضمن النماذج التنموية.

ثم فرضت الحرب مع “العراق” نفسها على كل شيء، بحيث لم يفكر المجتمع الإيراني في سياسات الرفاهية، وإنما تحول تلقائيًا إلى مجتمع فدائي ولم يتورع عن تقديم مدخراته للفوز في الحرب.

ثم أضحى المجتمع بعد الحرب مطالبًا وتحول سياسات الرفاهية نوعًا ما إلى خطاب حكومي. وقد اقترضت هذا التعبير من رئيس منظمة الخطط آنذاك، بمعنى أنه حين بدا أن الطبقات سوف تسقط سريعًا تحت عجلات التنمية، أو ستقفز من سفينة التنمية، أتضح أننا سوف نتخذ سياسات رفاهية واسعة.

ثم أنقضى هذا العهد وأُنشئت “وزارة الرفاهية”. وبعدها وصلنا إلى مرحلة سياسات الرفاهية المعروفة باسم: “إعانة”.

ولم يكن الهدف، آنذاك، الإرتقاء بالمكانة الاجتماعية، وإنما غلبت نظرية تقوية موائد المواطنيين، والتي ما تزال سارية إلى الآن للأسف وتظهر في تصريحات بعض المرشحين في حين أن ساسيات الرفاهية القوية تحتاج إلى علم عميق وانتظار النتائج على المدى الطويل..

والتوجه الحالي للعديد من المنابر والمرشحين، هو الصراخ القوي بسياسات الرفاهية القائمة على توزيع الثروات الوهمية دون تكوين ثروات قوية. والكثير منهم يتحدث، منذ فترة، عن الحكومة الشعبية.

وأنا أوافق على هذه الكلمة، لكن يجب أن نعرف المغزى من الحكومة الشعبية، لأن الاهتمام بسياسات التوزيع يقوم على عجز الميزانية؛ دون العمل على خلق ثروة، لن يؤدي إلا إلى العداء مع الشعب.

والدولة لا تحتمل رفاهية مثل هذه الإجراءات. ولو لم تراعى هذه النقطة، فأنا أتوقع العودة في غضون السنوات الأربع المقبلة؛ إلى سياسات رفاهية “الإعانة” بشكل مغلظ.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة