خاص: كتبت- نشوى الحفني:
على وقع تهديدات الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، تتكثف التحركات المصرية ضد مخطط تهجير الفلسطينيين من “غزة”؛ لحشد دعمٍ عربي وإقليمي واسع للتصدي للمشروع الترامبي.
والآن؛ تُجرى ترتيبات لعقد قمة خُماسية تضم: “مصر والسعودية والإمارات والأردن وقطر”، في “الرياض”، لمناقشة كيفية التعامل مع “خطة ترمب” بشأن “قطاع غزة”، وفق مصادر مصرية لـ (بي. بي. سي).
ورجّحت المصادر انعقاد القمة في 20 شباط/فبراير الحالي؛ في العاصمة السعودية، قبل انعقاد القمة العربية الطارئة في 27 شباط/فبراير في “القاهرة”.
والثلاثاء؛ سُئل العاهل الأردني؛ “عبدالله الثاني”، من قبل الصحافيين في “البيت الأبيض”، عمّا إذا كان يؤيد “خطة ترمب”، فأجاب بأنّ “مصر” ستقدّم ردًا، مشيرًا إلى أنّ الدول العربية ستنَّاقشه بعد ذلك في محادثات “الرياض”.
وقال العاهل الأردني؛ إن “ترمب”: “يتطلع إلى مجيء مصر لتقديم هذه الخطة. كما قلت، سنكون في السعودية لمناقشة كيفية عملنا مع الرئيس ومع الولايات المتحدة”، مضيفًا: “فلننتظر حتى يأتي المصريون ويقدموا الخطة للرئيس”.
تصور مصري متكامل..
من جانبها أكدت “وزارة الخارجية” المصرية في بيان؛ اعتزامها طرح تصور متكامل لإعادة إعمار “قطاع غزة”، وبصورة تضّمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وبما يتسّق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب.
وأضافت “الخارجية” في بيانها: “تُعرّب جمهورية مصر العربية عن تطلعها للتعاون مع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس؛ ترمب، من أجل التوصل لسلامٍ شامل وعادل في المنطقة، وذلك من خلال التوصل لتسّوية عادلة للقضية الفلسطينية تُراعي حقوق شعوب المنطقة”.
وشدّد البيان على أن أي رؤية لحل “القضية الفلسطينية” ينبغي أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض مكتسّبات السلام في المنطقة للخطر، بالتوازي مع السعي لاحتواء والتعامل مع مسبَّبات وجذور الصراع من خلال: “إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأرضِ الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة”.
قمة طارئة لـ”منظمة التعاون الإسلامي”..
كما أعلنت “مصر”، أمس الأول الثلاثاء، عقد قمة طارئة لـ”منظمة التعاون الإسلامي”؛ بشأن “القضية الفلسطينية”، بعد القمة العربية الطارئة المَّقررة في “القاهرة”؛ في 27 شباط/فبراير الحالي.
وأعلنت “وزارة الخارجية” المصرية في بيانٍ لها؛ أن: “هناك توافقًا مبدئيًا على عقد اجتماع وزاري طاريء لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة العربية الطارئة المَّقرر عقدها في القاهرة؛ يوم 27 شباط/فبراير الجاري، وذلك للتأكيد على ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية”.
موقف عربي موحد..
تعليقًا على تلك التحركات الدبلوماسية؛ قال وزير الخارجية المصري الأسبق؛ “محمد العرابي”، رئيس “المجلس المصري للشؤون الخارجية”، إن: “القمة العربية والأخرى الخاصة بمنظمة التعاون الإسلامي؛ فرصة كبيرة للتعبير عن موقف وصوت موحد إزاء تهديدات الرئيس الأميركي”.
مضيفًا لموقع (العين الإخبارية)؛ أن: “المطلوب على وجه السرعة في هذه المرحلة؛ العمل على حشد رأي عام ضد خطط ترمب الخطيرة”.
وأعرب عن اعتقاده ضرورة صياغة موقف عربي موحد لا توجد به تباينَّات أو اختلافات، في ظل ما يطرحه “ترمب”، وتحركاته التي تأتي خارج كل الأعراف الدولية والقانون الدولي و”ميثاق الأمم المتحدة”، داعيًا إلى عدم الاستخفاف بخطوات الرئيس الأميركي وتصريحاته.
واستبعد “العرابي” إمكانية تراجع “ترمب” عن أفكاره بشأن تهجيّر الفلسطينيين في الوقت الحالي، قائلًا: “سيظل ترمب يُكرّر أفكاره، ولا يجب الركون إلى فكرة تنازله عن أفكاره”.
وشدّد “العرابي” على أن محاولة تهجيّر أو تشجيّع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً بشكلٍ مؤقت أو طويل الأجل، لن تجلب الأمن لـ”إسرائيل”، وسيؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وزعزعة استقرار المنطقة، كما سيقّوض فرص السلام.
غير مدروسة وغير قانونية..
بدوره؛ وصف السفير “رخا أحمد حسن”، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو “المجلس المصري للشؤون الخارجية”، أفكار “ترمب” بأنها: “غير مدروسة وغير قانونية، وبمثابة جريمة حرب في ظل تداعياتها الخطيرة على القضية الفلسطينية”.
وأكد أن وحدة الصف العربي والإسلامي قوة لا يستَّهان بها في مواجهة كل التحديات والمخاطر، قائلًا إن: “القمة العربية، ويليها الإسلامية، ستكونان متطابقتين في النتائج بالتأكيد على رفض تهجيّر الفلسطينيين، والتحرك سريعًا لإعادة إعمار غزة، والالتزام بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات وفتح المجال أمام إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.
وتوقع أن “القمة العربية” وقمة “منظمة التعاون الإسلامي”؛ ستتخذان مواقف موحدة برفض مقترح “ترمب” الذي يحمل نتائج خطيرة بتصفية “القضية الفلسطينية”.
وقال إن الدول العربية والإسلامية ستؤكد ضرورة “حل الدولتين” وإقامة “الدولة الفلسطينية”، لأنها الحل الوحيد لاستقرار الأوضاع في المنطقة، وضمان أمن وسلامة الفلسطينيين والإسرائيليين.
وشدّد على أن: “الموقف المصري ثابت بأن يتم الإعمار وأهالي غزة على أرضهم، وهو ما ترفضه إسرائيل؛ التي منعت دخول الخيام للقطاع، حيث لم يدخل سوى (20) ألف خيمة من: (200) ألف تم الاتفاق عليها ضمن بنود اتفاق وقف النار”.
ضغط للمسَّاومة في مرحلة لاحقة..
ورأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق؛ أن “ترمب” يضغط في المرحلة الحالية بقوة حتى يسَّاوم في مرحلة لاحقة إما الموافقة على خطة التهجيّر؛ وإما القبول بضم المستَّوطنات في “الضفة الغربية”؛ لـ”إسرائيل”، والتي تُمثّل (60%) من “الضفة”، وهو مطلب للحكومة اليمينية الإسرائيلية.
لن يستطيع استخدام القوة العسكرية..
وأكد الدكتور “أحمد يوسف أحمد”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة (القاهرة)، أن: “الرؤية المصرية شديدة الوضوح، والتحركات الدبلوماسية شاملة، وستتمكن مصر والأطراف العربية من التصدي لتهديد ترمب الخطير”، قائلًا إن “ترمب” لن يتمكن من فرض رؤيته بالقوة العسكرية، لأن “إسرائيل” بآلتها العسكرية الضخمة لم تستّطع على مدار (15) شهرًا إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم وتهجيّرهم قسّرًا، ولم تنكسّر إرادة الشعب الفلسطيني.
وأشار “يوسف” إلى التبَّاين النسّبي في الموقف العربي من “القضية الفلسطينية”، مثل الاختلاف حول جدوى الأسلوب العسكري في المقاومة، إلا أنه أعرب عن تفاؤله بإمكانية التوصل لموقفٍ عربي موحد.
وقال: “نحن اليوم في وقتٍ لا يحتمل أي خلاف، فنحن أمام رئيس يطرح أفكارًا غير مسّبوقة لا سند قانونيًا لها، ولا يبدو أنه يُدرك أي اعتبارات”، مضيفًا أن: “ترمب؛ تجاوز كل الاعتبارات، ومن المؤكد أن القمة العربية ستطرح موقفًا موحدًا لرفض مقترحات الرئيس الأميركي”.
ونوه إلى أن هناك تحركًا عربيًا تقوده “مصر” يتعلق بوجود خطة شاملة لإعادة إعمار “غزة” دون تهجيّر أهلها، مشيرًا أيضًا إلى أنه قد يتم التلويح بإجراءات يمكن اتخاذها بخصوص العلاقات العربية مع “الولايات المتحدة” في حال إصرار “ترمب” على موقفه.
وشدّد على أن “مصر” لديها مبدأ لا يمكن التنازل عنه، وقال: “إزاء طرح ترمب بالتهجيّر، تحركت القاهرة فورًا وأصدرت عددًا من البيانات الواضحة، بالتزامن مع الدعوة لقمتين عربية وأخرى إسلامية، لذا فإن هناك رؤية واضحة ومحددة وتحركات واضحة جدًا لتنفيذ هذه الرؤية”.
لا بديل عن الموقف الصارم..
ومن جهته؛ أعرب الدكتور “بشير عبدالفتاح”، الخبير بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أمله أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي صارم وحاسم وموحد ضد مخطط التهجيّر، مؤكدًا إنه لا بديل عن هذا الموقف أمام تصريحات “ترمب” وتجاوزاته الخطيرة.
وأكد أن الإعلان عن “القمة العربية” وقمة “منظمة التعاون الإسلامي”؛ قبل زيارة الرئيس “السيسي”؛ لـ”أميركا” ولقاء “ترمب”، يُعطي للرئيس المصري قوة وزخمًا في موقفه التفاوضي ضد مخطط الرئيس الأميركي.
واعتبر أن القمتين العربية والإسلامية ستعمّلان على توفير ظهير عربي وإسلامي قوي للموقف المصري والأردني والسعودي ضد أي محاولات ابتزاز أميركية، مشدَّدًا على أن: “سيناريو التهجيّر قطعًا لن يمرَّ في وجود موقف عربي وإسلامي قوي وموحد”.
وأشار “عبدالفتاح” إلى أن التحركات المصرية أثبتت لـ”ترمب” صلابة الموقف العربي والإسلامي، مُضيفًا أن: “العرب متمسَّكون بالشرعية الدولية، وهو ما يقّوي من موقفهم المدعوم دوليًا”.
عدم تصفية القضية..
ومن جانبها؛ قالت “هاجر الإسلامبولي”، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أبرز الملفات التي سيتم طرحها في “القمة العربية”؛ التي من المَّقرر عقدها في 27 شباط/فبراير الجاري؛ إعادة إعمار “غزة” دون تهجيّر الفلسطينيين، وكيفية وضع خطط تكون مقابلة لمخططات التهجير المقترحة من الجانبين الإسرائيلي والأميركي لضمان حق الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم، وعدم تصفية “القضية الفلسطينية” كما يُريد الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت “الإسلامبولي”؛ في تصريح لصحيفة (الوطن) المصرية، أن القمة تسَّاهم في عكس صورة موحدة للموقف العربي الرافض لمخططات التهجيّر بحزم، ومناقشة الخطوات العملية للوصول إلى حل عادل لـ”القضية الفلسطينية” وفقًا للقانون الدولي، ووضع خطة معينة من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأضافت مساعد وزير الخارجية الأسبق؛ أن الجانب المصري متمسَّك بموقفه الواضح من التهجيّر، مشيرة إلى أن “مصر” دائمًا تسّعى لتحقيق السلام، وأن الدبلوماسية “المصرية-الأردنية” تستطيع تعطيل مشروع التهجيّر في ظل الضغوط الممَّارسة عليها، مؤكدة ضرورة وجود موقف عربي صلب يسُاندها بقوة؛ وهو ما نأمله في الاجتماع المقبل لـ”القمة العربية”.
وضع حلول مستَّدامة..
ومن جانبه؛ يرى السفير “حسين هريدي”، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن “القمة العربية” الطارئة؛ المَّقررة في 27 شباط/فبراير الجاري، تتجه نحو تبّني رؤية عربية مشتركة بشأن مستقبل “قطاع غزة” و”القضية الفلسطينية”؛ بهدف صياغة موقف موحد يتم طرحه خلال المناقشات مع الإدارة الأميركية، ولا يقتصر الأمر على رفض التهجيّر القسّري أو المؤقت للفلسطينيين؛ بل يشمل وضع حلول مستَّدامة تضمن الحفاظ على الحقوق الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وتوقع “هريدي”؛ أن تصُدر “القمة العربية” رسالة قوية تعكس الرفض القاطع لأي محاولات تهجيّر، والتأكيد على أن الحل الحقيقي يكَّمن في إعادة الإعمار، وضمان حقوق الفلسطينيين، والضغط على “إسرائيل” للالتزام بقرارات المجتمع الدولي، كما من التوقع أن تشدَّد القمة على ضرورة التنسيق مع الأطراف الدولية؛ بما في ذلك “الولايات المتحدة” لضمان تنفيذ حلول عادلة وشاملة لـ”القضية الفلسطينية”.