خاص : كتبت – نشوى الحفني :
استعدادًا للقمة التاريخية المرتقبة، وصل الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، والزعيم الكوري، “كيم جونغ-أون”، إلى “سنغافورة”، الأحد 10 حزيران/يونيو 2018.
ووصل “ترامب” إلى “سنغافورة” على متن الطائرة الرئاسية، “إيرفورس وان”، بعد بضع ساعات من وصول “كيم جونغ-أون” ومرافقيه.
وسيعقد الاجتماع، وهو الأول من نوعه بين زعيم كوري شمالي ورئيس أميركي ما زال في منصبه، اليوم الثلاثاء، في منتجع وجزيرة “سينتوسا”.
فرصة لن تتكرر..
وقبل سفره وصف “ترامب” اللقاء بأنه “فرصة لن تتكرر” لإحلال السلام، قائلاً إن الإثنين في “منطقة مجهولة” بالنسبة لهما.
وتأمل الولايات المتحدة أن يبدأ اللقاء عملية تؤدي في نهاية المطاف إلى تخلي “كيم” عن أسلحة بلاده النووية.
في الثمانية عشرة شهرًا الماضية تعرضت علاقة الزعيمين إلى الكثير من التقلبات، حيث تبادلا الإهانات والاتهامات والتهديدات بالحرب قبل تغير المسار وتوجه الإثنين صوب اللقاء وجهًا لوجه.
وتميز عام “ترامب” الأول في البيت الأبيض بخلاف مرير مع “كيم”، حيث أجرت كوريا الشمالية عددًا من تجارب الصواريخ (الباليستية)، متحدية التحذيرات الدولية.
وتوعد “ترامب”، بـ”النار والغضب”، إذا واصلت بيونغ يانغ تهديداتها للولايات المتحدة. كما وصف “كيم” بأنه “الرجل الصغير صاحب الصاروخ”، وفي المقابل، وصف “كيم”، “ترامب”، بأنه “مختل عقليًا”.
وعلى الرغم من حملة البيت الأبيض لممارسة “ضغوط قصوى”، ظل الشمال متحديًا وأجرى سادس اختباراته النووية في أيلول/سبتمبر 2017.
بعد ذلك؛ أعلن “كيم” إن بلاده نفذت مهمتها وأصبحت دولة نووية، ولديها أسلحة تصل إلى الولايات المتحدة.
بوادر تنازلات..
لكن في أوائل 2018، بدأت كوريا الشمالية محاولاتها لتحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية، وأرسلت وفدًا وفريقًا إلى الألعاب الأولمبية الشتوية، التي أقيمت في “بيونغ تشانغ” في كوريا الجنوبية.
وفي آذار/مارس الماضي؛ فاجأ “ترامب” العالم بقبول دعوة من “كيم”، تسلمها عبر “سول”، للقاء وجهًا لوجه.
ومنذ ذلك الحين؛ كان المسار إلى القمة محفوفًا بالصعاب، وكاد “ترامب” أن يلغيها كلية. ولكن الآن بعد بعض المشاورات الدبلوماسية سيلتقي الزعيمان.
وتعتبر “سنغافورة” ثالث دولة يزورها “كيم”، بعد أن أصبح زعيمًا لكوريا الشمالية عام 2011.
وكانت أولى زياراته إلى الخارج إلى “الصين”، في آذار/مارس، وفي نيسان/أبريل، أصبح أول زعيم كوري شمالي يزور “كوريا الجنوبية”؛ عندما التقى الرئيس الكوري الجنوبي، “جاي إن” في “بانمونغوم” على الحدود بين البلدين.
التخلي عن النووي مقابل تخفيف العقوبات..
وتهدف الولايات المتحدة إلى أن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية بصورة قطعية؛ يمكن التأكد منها عبر تفتيش دولي. وعندما يتم ذلك، سيبدأ تخفيف عقوبات الأمم المتحدة، حسبما قال وزير الدفاع الأميركي، “جيم ماتيس”.
ولا يعني هذا أن الولايات المتحدة تتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي في “سنغافورة”، فيما وصف “ترامب”، “قمة سنغافورة”، بأنها “موقف تعارف”. وقال: “الأمر سيكون عملية ذات خطوات”.
محللون يقولون إن “كيم” حقق إنتصارًا بالفعل، لأنه نال مكانة أقوى زعيم في العالم. ويتساءل المحللون أيضًا عما قد يدعو “كيم” للتخلي عن ترسانته النووية بعد أن سعى سعيًا حثيثًا للحصول عليها.
ولكن “كيم” قال إنه الآن يريد التركيز على اقتصاد بلاده، ولهذا يريد تخفيف العقوبات وجذب استثمارات دولية.
أهداف متبادلة..
صحيفة (الأوبزرفر) نشرت مقالاً تحليليًا كتبه، “سيمون تيزدل”، يقول فيه إن الرئيس الأميركي يعتقد أنه سيكون نجم القمة التي ستجمعه مع الزعيم الكوري الشمالي، ولكن “كيم جونغ-أون” له حساباته أيضًا.
ويرى الكاتب أن “ترامب” ربما يكون محظوظًا في هذه القمة.
لكن “كيم”، بحسب الكاتب، ينظر إلى القمة مع “ترامب” أنها فرصة يأخذ منها مقابلاً لحملته من بينها؛ الاستثمار في بلاده ورفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ويرى الكاتب أن زعيم كوريا الشمالية سيطالب بداية برفع العقوبات، ثم الاستثمارات والمساعدات الإنسانية، وربما اتفاقية سلام، مقابل تخليه عن البرنامج النووي.
ونقلت شبكة (سي. إن. بي. سي) الأميركية تحذيرات خبراء إستراتيجيين من أنه حال عدم التوصل إلى اتفاق بين الرئيس الأميركي وزعيم كوريا الشمالية، “كيم جونج-أون”، بشأن برنامج الأسلحة النووية، يمكن أن يعزز هذا من احتمال لجوء واشنطن لعمل عسكري.
أخطار الحرب ستزداد..
وقالت “أليسون إيفانز”، المتخصصة في شؤون شرق آسيا والمحيط الهاديء بمؤسسة (آي. إتش. إس. ماركت)، إنه حال فشل “قمة كوريا الشمالية-الولايات المتحدة” للتوصل إلى اتفاق، فإن أخطار الحرب ستزداد متخطية المستويات السابقة، بسبب فشل آخر للدبلوماسية.
متوقعة أن تكون المحادثات الثنائية معقدة، نظرًا لحقيقة أن كلاً من “البيت الأبيض” و”بيونغ يانغ” لديهما مفاهيم مختلفة لما يعنيه نزع السلاح النووي.
إختبار للدبلوماسية..
فيما يرى “بروس غونز”، نائب رئيس ومدير معهد “بروكنغز” في واشنطن، أنه ينظر لعملية السلام بصورة عامة على أنها إختبار للدبلوماسية، لذا فشلها لا يعني فشل عملية السلام تحديدًا بل فشل الدبلوماسية كإستراتيجية.
وقال “غونز” أنه ما أن يعتقد صناع القرار أن التسويات السياسية أمر يصعب تحقيقه، حينها سيبرز منطق الحلول العسكرية، مشيرًا إلى أنه يمكن أن يكون هذا هو الوضع في كوريا الشمالية؛ “ففشل القمة يمكن أن ينال من خيار الدبلوماسية في شبه الجزيرة الكورية، ويضعنا مباشرة على المسار إلى صراع عسكري”.
وأشار “غوليان زيليزير”، أستاذ التاريخ بجامعة “برينستون”، إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية والحوار والنقاش فهي دائمًا شيء جيد، لكن لا يزال من الصعب توقع كيف ستسير أي قمة، فحتى عند التوصل لاتفاقات أحيانًا تنهار.
ولفت “زيليزير”، خلال مقال له بشبكة (سي. إن. إن) الأميركية، إلى أن كثيرًا من المراقبين ربما يتفقون على أن كيفية إنعقاد “قمة سنغافورة” أفضل من الوضع الذي واجهته البلاد العام الماضي؛ عندما هدد الرئيس بإشعال حرب.
عرض “دونالد ترامب”..
كما ترى صحيفة (ذا غارديان) البريطانية، أن “قمة كيم-ترامب” تعد واحدة من أكثر القمم الإستثنائية وغير المتوقعة، في تاريخ العالم الحديث.
وبحسب الصحيفة، تأتي “قمة ترامب-كيم” بعد أسابيع من المناقشات المثيرة للجدل، وذلك بعد تهديدات “ترامب” بإلغاء القمة مؤخرًا، بعد غضب كوريا الشمالية بسبب تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين.
وترى الصحيفة البريطانية أنه عندما سيحيي “كيم” نظيره “ترامب” – بغض النظر عما سيقوله الطرفان – فإنها لحظة تاريخية تستحق نيل “جائزة نوبل للسلام”.
وتزعم الصحيفة أن اللقاء يمكن أن يطلق عليه، “عرض دونالد ترامب”، والذي سيقام على جزيرة “سنتوسا” بسنغافورة، مشيرة إلى أن تلك الجزيرة ستكون جزيرة الحب الخاصة بالرئيس الأميركي، حتى إذا فشل في الحصول على ما يريد.
واختتمت الصحيفة البريطانية أن غرور “ترامب” الإستثنائي ليس العامل الوحيد في القمة، ولكن الأغرب أن يضع “ترامب” رهانًا على زعيم كوريا الشمالية الذي يعد أغرب منه.