“قمة برلين” .. بداية جديدة لضخ أسلحة تركيا والإمارات إلى ليبيا !

“قمة برلين” .. بداية جديدة لضخ أسلحة تركيا والإمارات إلى ليبيا !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

بعد مرور ثلاثة أسابيع على إنعقاد “قمة برلين”، بهدف حث الدول على الوعد بإنهاء إمداداتها من الأسلحة وتدفق المرتزقة إلى “ليبيا”، بما في ذلك “الإمارات العربية المتحدة وتركيا وروسيا”، ولكن لا تزال الحرب تسير قُدمًا بلا أمل في التهدئة بين أطراف النزاع، وهم حكومة “طرابلس” بقيادة، “فايز السراج”، وقوات “الجيش الوطني الليبي”، بقيادة الجنرال، “خليفة حفتر”.

وفقًا لمحللون تحدثوا لصحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، إن أحد الأسباب الرئيسة لذلك هو أن الزعماء الأوروبيين والأميركيين الحاضرين لم يمارسوا ضغطًا حاسمًا على القوى الخارجية الأساسية التي أشعلت حرب “ليبيا”، إضافة إلى أنه لم تُكن هناك عقوبات لفرض احترام “الأمم المتحدة” لحظر الأسلحة؛ ولم يتعرض المخالفون للعقوبة على دورهم في الصراع.

وقال “جليل حرشاوي”، الخبير الليبي في معهد “كليندينديل” في لاهاي: “إن نعومة (قمة برلين) أفهْمت كل من، تركيا والإمارات العربية المتحدة، أن المجتمع الدولي لم يُكن على استعداد لإنشاء آلية قادرة على جعل إنتهاكات حظر الأسلحة أقل تكلفة بالنسبة للجناة.. وهذا يُساعد على فهم سبب انفجار حجم الأسلحة التي ضختها، أبوظبي وأنقرة، في ليبيا بشكل تصاعدي مباشرة بعد برلين، التي كان يُنظر إليها على أنها مجرد مقدمة لذلك”.

بعد أيام من القمة، زادت شحنات الأسلحة إلى كلا الجانبين. أرسلت “تركيا” أنظمة دفاع جوي وأسلحة ثقيلة ورادارات مضادة لـ (الهاون)، إلى جانب 3500 من المقاتلين السوريين المؤيدين لـ”تركيا” والمستشارين العسكريين والمدربين، لدعم الحكومة التي تدعمها “الأمم المتحدة”، ومقرها “طرابلس”، وفقًا لمسؤولي “الأمم المتحدة” والمسؤولين الغربيين والجيش.

أيضًا في غضون ذلك، أقلعت عشرات الطائرات من دولة “الإمارات العربية المتحدة” حاملين أسلحة لقوات “خليفة حفتر”، القائد الشرقي الذي تسبب هجومه، في نيسان/أبريل الماضي، في اضطراب الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، وفقًا لمسؤولي “الأمم المتحدة” والباحثين الذين يتتبعون الرحلات الجوية من “الإمارات العربية المتحدة” إلى شرق “ليبيا”.

لم يستجب المسؤولون في “الإمارات العربية المتحدة” لطلبات التعليق. ونفت “روسيا” أي صلات بالمرتزقة الروس الذين يعملون لصالح مجموعة “فاغنر”، وهي شركة مرتبطة بـ”الكرملين”، تقاتل إلى جانب “حفتر”.

قال “هامي أكسي”، المتحدث باسم “وزارة الخارجية” التركية، إن “أنقرة” تتدخل في “ليبيا” بناءً على طلب الحكومة، التي تُقرّها “الأمم المتحدة”. وأضاف إن الدعم لا يُمثل إنتهاكًا للحظر المفروض من قِبل “الأمم المتحدة”، وأنه يتكون أساسًا من الخبرة والتدريب العسكريين.

محادثات الأمم المتحدة..

تُجري “الأمم المتحدة” محادثات مع الأطراف المتحاربة لنزع سلاح الميليشيات، وتقوم بإطلاق تدابير اقتصادية جديدة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. يقول مسؤولون ومحللون في “الأمم المتحدة”؛ إن أي تقدم في الحل بالنسبة لأزمة “ليبيا” يتوقف على وقف تدفق الأسلحة.

اليوم؛ يظل مصير “ليبيا” تحت سيطرة ست قوى أجنبية وهم: “تركيا وروسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن”، حيث يسعون كلهم إلى ضمان أن يُصبح مستقبل البلاد متماشيًا مع مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية.

قامت القوى الخارجية بنقل الأسلحة والمرتزقة والمدربين العسكريين؛ وغير ذلك من الدعم إلى “ليبيا”، منذ أوائل عام 2011، عندما أطاحت ثورة شعبية، بدعم من القوة الجوية لـ (الناتو)، بالديكتاتور “معمر القذافي”. ومع ذلك، فإن “الأمم المتحدة” والدول الغربية، حتى الآن، لم تستطع تطبيق عقوبات ضد إرتكاب التدخل المسلح في الشؤون الداخلية لـ”ليبيا”.

أشار الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريس”، للصحافيين الأسبوع الماضي، في “نيويورك”: “إنني أشعر بخيبة أمل شديدة إزاء ما يحدث في ليبيا”، ووصف الوعود المنهكة من جانب القوى الأجنبية بأنها “فضيحة”.

أما المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، “غسان سلامة”، قال الأسبوع الماضي؛ إن القرارات المتفق عليها في “برلين” لم يتم احترامها، وأن: “مرتزقة جدد، معدات جديدة، يصلون للطرفين في ليبيا جوًا وبحرًا”.

إنعدام الإرادة السياسية..

في “ليبيا”، تسعى كل من “روسيا” و”تركيا” إلى الحصول على مليارات الدولارات من عقود “النفط” والبناء وتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط و”البحر الأبيض المتوسط”. من ناحية أخرى، تشُعر “الإمارات العربية المتحدة” و”مصر” والقوى الإقليمية الأخرى؛ بالقلق من النفوذ المتزايد لـ”تركيا”، التي تدعم الإسلاميين الذين وصفتهم بـ”الإرهابيين”.

توقفت حملة “حفتر” للإستيلاء على “طرابلس” مع صعود الميليشيات الموالية للحكومة، المُعترف بها من “الأمم المتحدة”، لمحاربة قواته. في أيلول/سبتمبر 2019، وصل مرتزقة روس على صلة بـ”الكرملين” إلى الخطوط الأمامية لمساعدة “حفتر”، مستخدمين أسلحة وتكتيكات متطورة.

ثم لجأت الحكومة، المدعومة من “الأمم المتحدة”، إلى “تركيا” للحصول على مزيد من المساعدة العسكرية، مع إغراء “أنقرة” باتفاقيات اقتصادية وأمنية. بحلول الشهر الماضي، كانت “تركيا” و”روسيا” أكثر الوسطاء نفوذاً في “ليبيا”. وأحضر الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، طرفي النزاع إلى “موسكو” لإبرام وقف لإطلاق النار، لكن “حفتر” غادر فجأة دون توقيع الاتفاق.

في نفس السياق؛ سعت القوى الأوروبية لتُصبح أكثر أهمية في “ليبيا” مع “قمة برلين”.

علّق “عماد الدين بادي”، المحلل الليبي بمعهد “الشرق الأوسط”، قائلًا عن “مؤتمر برلين”؛ أنه: “لم يجعل أي شيء مُلزمًا حقًا.. وأصبحت المبادرة مُضللة بسبب الإفتقار إلى الإرادة السياسية”.

في حين أن القتال لم يُكن مكثفًا كما كان قبل “قمة برلين”، استمرت الاشتباكات على عدة جبهات، كما قصف عشوائي، وضربت مناطق مدنية بشكل متكرر. منذ نيسان/أبريل 2019، قُتل وجُرح عدة آلاف من الأشخاص في النزاع، وفر أكثر من 150.000 شخص من منازلهم.

في مدينة “سرت” الساحلية، التي احتلتها قوات “حفتر”، الشهر الماضي، تم تدمير مزار صوفي، الأسبوع الماضي، على أيدي الميليشيات السلفية المتطرفة، وبذلك كانت علامة على أن الحرب أصبحت، على الأقل بالنسبة لبعض العناصر، ذات طبيعة دينية وطائفية.

في عشية “قمة برلين”، حاصرت القبائل الموالية لـ”حفتر”، موانيء “النفط” الرئيسة. وقال “سلامة” إن إنتاج “النفط” تضرر بشدة. في دولة تُمثل صادرات “النفط” و”الغاز” فيها أكثر من 90 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة، لا تُنتج “ليبيا” سوى 72000 برميل يوميًا، مقارنة بـ 1.3 مليون برميل قبل إغلاق الموانيء.

خطاب فارغ..

في الشهر الماضي، أصدرت “الأمم المتحدة” تقريرًا صارخًا عن غارة جوية، في حزيران/يونيو الماضي، أسفرت عن مقتل 53 شخصًا على الأقل، معظمهم من المهاجرين الأفارقة، في مركز إحتجاز في “طرابلس”. وخلصت إلى أن الغارات الجوية: “من المُرجح أنها نُفذت بواسطة طائرة تابعة لدولة أجنبية” – دون تسمية البلاد. في العام الماضي، قال خمسة مسؤولين من “الأمم المتحدة” ووكالات الإغاثة الغربية إن الطائرات الحربية الإماراتية كانت وراء الهجمات.

إمتنعت “الولايات المتحدة” والقوى الأوروبية و”الأمم المتحدة” باستمرار عن اعتبار “الإمارات” محركًا رئيسًا للنزاع.

وقال المحلل “حرشاوي”، من معهد “كليندينديل”؛ إنهم: “لا يرغبون في عزل دولة عربية سُنية يرون أنها حازمة وديناميكية وترغب في إنفاقها على تشكيل المشهد السياسي والأمني في النصف الشمالي من إفريقيا”. “طالما كان هذا هو الحال، فمن المُرجح أن يظل حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة بلاغًا فارغًا”.

وفي الوقت نفسه، انتقدت “فرنسا” والدول الأخرى، التي تدعم “حفتر”، “تركيا”، بشدة لتدخلها.

وأضاف “بادي”: “المشكلة هي أنه لا يمكنك معالجة الأزمة الليبية حقًا بنهج أحادي الجانب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة