خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم ما أظهره اللقاء الرباعي الذي عقد في “إسطنبول”، السبت 27 تشرين أول/أكتوبر 2018، بين رؤساء “فرنسا وتركيا وروسيا” والمستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، من توافق على مسألة الحل السياسي في “سوريا”، ووحدة الأراضي السورية، ظهر تباين في الأولويات خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد إنتهاء القمة بمشاركة الزعماء الأربعة.
فشدد الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، على مسألة محاربة الإرهاب والمنطقة منزوعة السلاح في “إدلب”، بينما أكد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، على قتال من وصفهم بـ”الإرهابيين” شمال “سوريا”، في إشارة إلى “الأكراد”، في حين أعلنت المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، أن “الشعب السوري في الداخل والخارج” هو الذي سيحدد مصير الرئيس، “بشار الأسد”، عبر الانتخابات.
مصير “الأسد” يرجع للشعب السوري..
“ميركل” قالت: أنه “لا حل عسكري للأزمة السورية، وفي نهاية هذه العملية السياسية يجب أن تكون هناك انتخابات حرة يشارك فيها جميع السوريين، بمن في ذلك من يقيمون في الخارج”.
فيما أكد الرئيس الفرنسي على الحل السياسي واللجنة الدستورية، مشيرًا في نفس الوقت، عبر تغريدة على حسابه على (تويتر) السبت: “إن في سوريا حربين، حربًا ضد الإرهاب وحربًا من قِبل النظام السوري ضد شعبه”، في إشارة أيضًا إلى عدم تقبل “فرنسا” لبقاء “الأسد”.
واتفقت القمة على تأسيس لجنة في “جنيف” لصياغة دستور “سوريا” بهدف تحقيق الإصلاح الدستوري وتهيئة الأرضية لانتخابات نزيهة تحت إشراف “الأمم المتحدة”، على أن تلتئم اللجنة خلال وقت قريب قبل نهاية العام، كما شددت على وحدة الأراضي السورية، وعلى أهمية الحل السياسي.
وفيما يتعلق بمصير “الأسد” فقد أكد المجتمعون أنه يعود للشعب السوري، قائلاً “أردوغان”: “يعود إلى الشعب السوري في الداخل والخارج تقرير مصير الرئيس بشار الأسد”.
وأضاف، في تصريح أدلى به في ختام القمة الرباعية في “إسطنبول”: “إن الإرادة التي ستحدد مصير الأسد هي إرادة الشعب السوري. وإن مجمل الشعب السوري في الداخل والخارج هو الذي سيتخذ القرار”.
وإنعقدت القمة بمشاركة رؤساء كل من تركيا، “رجب طيب إردوغان”، وروسيا؛ “فلاديمير بوتين”، وفرنسا؛ “إيمانويل ماكرون”، والمستشارة الألمانية؛ “أنغيلا ميركل”، في قصر “وحد الدين” بالشطر الآسيوي من “إسطنبول”. واستمرت ساعتين و45 دقيقة.
اتصالات قبل القمة..
وكان “إردوغان” قد قال، في وقت سابق خلال الجزء المفتوح للإعلام من افتتاح “القمة الرباعية”: “أنظار العالم كله، وفي مقدمته أشقاؤنا السوريون، متوجهة الآن إلى هذا الاجتماع، وواثق بأننا لن نخيب الآمال بهذا الخصوص من خلال التحرك عبر مفهوم بناء، لأن سوريا تأتي في أولوية مواضيعنا خلال استشاراتنا مع بوتين”.
مضيفًا: “لقد أبدينا اهتمامنا دومًا بالتواصل الوثيق مع السيد ماكرون والسيدة ميركل، وإعلامهما بتفاصيل العملية، (التطورات في سوريا والقمة الرباعية بشأنها)”.
وقبل وصوله لـ”إسطنبول”، أجرى “بوتين” مكالمة هاتفية مع “ماكرون”، حسب ما نقلته وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء، عن “ديمتري بيسكوف”، المتحدث باسم الكرملين.
وقبيل القمة؛ عقد لقاء ثنائي بين “بوتين” و”إردوغان”، ولقاء آخر بين “ميركل” والرئيس التركي، كما اجتمع بـ”ماكرون” في قصر “وحد الدين” التاريخي بالشطر الآسيوي من “إسطنبول”.
إلى ذلك؛ حضر القمة ممثلون عن “المجموعة المصغرة” و”مسار آستانا”. و”المجموعة المصغرة” شكلها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، “ستيفان دي ميستورا”، في آب/أغسطس الماضي، وتضم “السعودية والأردن ومصر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا”.
لم تحقق إنفراجة..
حول نتائج القمة؛ قال معارض سوري إن “القمة الرباعية”، بشأن الصراع السوري، لم تحقق “إنفراجة” في السلام في البلاد التي مزقتها الحرب.
وترفض حكومة الرئيس السوري، “بشار الأسد”، المتحالفة مع الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، حتى الآن، أي جهود لإعادة كتابة الدستور، قائلة إنه شأن داخلي.
وقال “أحمد رمضان”، المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): “لا أعتقد أن القمة تمثل إنفراجة لعملية السلام، لأن الرئيس الروسي لم يعط الضوء الأخضر بعد لبشار الأسد كي ينخرط في العملية السياسية”.
مضيفًا: أنه “لم يتخذ النظام السوري حتى الآن أي خطوة لتسهيل عمل اللجنة المعنية بصياغة الدستور أو العملية السياسية”.
وتصر المعارضة على وضع دستور جديد يُنظر إليه باعتباره مفتاح للانتخابات في “سوريا”.
وتعتبر “روسيا” حليفًا عسكريًا أساسيًا لـ”الأسد”، الذي حققت قواته في الأشهر الأخيرة مكاسب إقليمية ضد المعارضة والمتشددين الإسلاميين في مناطق مختلفة من “سوريا”.
وفي الشهر الماضي؛ وافقت “روسيا وتركيا” على إقامة منطقة عازلة بين الجيش السوري ومناطق المعارضة والمتشددين الإسلاميين في منطقة “إدلب” على الحدود التركية، وهي الخطوة التي منعت الحكومة السورية من شن هجوم كبير.
ضمان مشترك لاستمرار تطبيق اتفاقية “إدلب”..
يذكر أن “إدلب”، الواقعة شمال غربي “سوريا”، هي المعقل الرئيس الآخير للمعارضة والتنظيمات المتشددة في البلاد.
وأوضح “رمضان”: “القمة قدمت نوعًا من الضمان المشترك بين تركيا وروسيا من جهة، وبين الألمان وفرنسا من جهة أخرى من أجل استمرار تطبيق اتفاقية إدلب”.
لم تقدم جديد..
حول القمة؛ قال الخبير السياسي والإستراتيجي السوري، “علاء الأصفري”: “إن القمة الرباعية التي عقدت بإسطنبول لا تقدم جديدًا، وهي كانت مجرد تأكيد من الأطراف المشاركة على مواقفها المعروفة والثابتة، فروسيا تُصر أن تكون هناك وحدة للأراضي السورية وتحرير إدلب بالكامل من الإرهاب؛ والبدء في عملية سياسية تشمل كل سوريا بالكامل، وهذا بمثابة سحب للبساط من الأتراك الذين يودون تأسيس كونفيدرالية أو جزء منفصل عن سوريا في الجزء الشمالي من سوريا، فتركيا تعتمد على دعم الإرهابيين في إدلب والشمال الغربي في سوريا”.
مسمار في نعش “آستانا”..
ورأى، الباحث في القضايا الجيوسياسية والإستراتيجية، الدكتور “سومر صالح”، أنه من خلال التصريحات التركية الفرنسية الألمانية أن “قمة إسطنبول” مثلّت مسمار في (نعش آستانا) في النوايا التركية، والسيد “بوتين” لم يتأخر في إلتقاط الفكرة، والتحذير بجدية وحزم بنية “روسيا” دعم حق “سوريا” في محاربة الإرهابيين.
اختلاف النص عن التصريحات تسبب في وجود نقاط سلبية..
وأشا إلى أنه “من خلال الإطلاع على البيان الختامي والتصريحات الرئاسية بعده من القادة الأربع؛ يتضح وجود اختلاف بين النص والتصريحات، إضافة إلى وجود العديد من النقاط السلبية التي وردت نجمل أبرزها في الآتي:
أولاً: رئيس النظام التركي أراد القفز فوق صيغة “آستانا”؛ وتوسيعها للتخلص من التعهدات التركية لكل من “إيران” و”روسيا”، (“إردوغان”: نرى إمكانية لتوسيع التعاون في إطار عملية “آستانا”)، وهذا الأمر سيحمل تداعيات سلبية على هدنة “إدلب” المؤقتة، (المنطقة العازلة)، ومستقبل الصراع شمال مدينة “حلب”.
ثانيًا: نص البيان والفقرة الخاصة باللجنة الدستورية، (دعت “القمة الرباعية” الأطراف السورية إلى المشاركة بنشاط في هذه العملية، وأن إنشاء اللجنة الدستورية في “جنيف” والإعتماد المبكر للجنة الدستورية في “سوريا” تتم برعاية الأمم المتحدة)، تحمل في صياغتها بعدًا تدويليًا للمسألة، وهي بخلاف مقررات مؤتمر “الحوار الوطني السوري في سوتشي”، كانون ثان/يناير 2018، وهنا نتذكر أن الخارجية السورية منذ بضعة أيام قد أعلنت صراحة لـ”ديمستورا” أن مسألة مناقشة الدستور الحالي هي مسألة سورية خالصة بقيادة وملكية سورية.
ثالثًا: يتحدث البيان عن هدنة مستدامة في “إدلب”، (“ميركل”: إتفقنا على جعل الهدنة في إدلب مستقرة ومستدامة)، وهذا الأمر خطير فهو بدايةً خروجٌ عن اتفاق 17 أيلول/سبتمبر الثنائي بين “روسيا” و”تركيا” بإعتباره إجراءًا مؤقتًا، والنقطة الثانية هدنة دائمة مع الإرهاب أمر غير مقبول ولا بأي ذريعة، لذلك نظامي “ماكرون” و”ميركل” أرادا حماية الإرهاب كـ (النصرة) وبقايا تنظيم (داعش) الإرهابي تحت ستار الأبعاد الإنسانية.
رابعًا: الرئيس الفرنسي “ماكرون” بقوله: (عودة اللاجئين السوريين مستحيلة في غياب حل سياسي)، مارس “الأسر السياسي” لعودة النازحين المهجرين من جراء الممارسات الإرهابية للتنظيمات الإرهابية؛ وأراد استثمارهم بأجندات فرنسية خاصة في “سوريا”، مع الإشارة هنا إلى أن كل “التصريحات الماكرونية” كانت سلبية وتقوض الجهود الدولية لإحياء المسار السياسي، إن صحت تسميته هكذا، وقوله، (“ماكرون”: مكافحة الإرهاب في سوريا أولوية مشتركة؛ وهي ستستمر وفقًا للقانون الدولي)، هو تزييف للواقع، عن أي قانون دولي يتحدث “ماكرون” ؟، الوجود الفرنسي في “سوريا” عدواني لا شرعي؛ وليس بطلب من الدولة السورية، فأراد هنا “ماكرون” إيهام العالم بشرعيته، وهذا أمر غير صحيح وغير أخلاقي.
وأضاف “صالح”: “بالنهاية لم تخرج القمة الرباعية بأي جديد يذكر؛ وحملت من السلبيات أكثر من الإيجابيات ومثلت حلقة نقاشية لا أكثر بما يخص الأزمة السورية، أريد منها مد جسور بين مجموعة آستانا ومجموعة (5+2) المصغرة حول سوريا، ولا أعتقد أنها نجحت في ذلك”.