وكالات- كتابات:
لم تُسفر القمة المَّرتقبة بين الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، ونظيره الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، التي عُقدت، أمس الجمعة، في ولاية “آلاسكا”، عن أي اتفاق للتوصل إلى حل أو لوقف الحرب في “أوكرانيا”، على الرغم من أن الزعيمين وصفا المحادثات بأنها: “مثَّمرة”.
وخلال ظهور مقتضَّب أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع؛ الذي استمر نحو ثلاث ساعات، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدمًا في: “قضايا غير محدَّدة”، لكنهما لم يقدما أي تفاصيل، ولم يتلقيا أسئلة من الصحافيين.
واكتفى “ترمب”؛ الذي عادة ما يُطيّل في تصريحاته، بالتأكيد: “لقد أحرزنا بعض التقدم… لا يوجد اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق”.
مكسبًا سياسيًا لـ”بوتين”..
ولم ينَّتج عن المحادثات أي خطوات ملموسة لوقف إطلاق النار في الصراع، الذي وصفه “ترمب”، قبل القمة، بأنه الهدف الرئيس من لقائه مع “بوتين”، مشيرًا إلى أنه أكثر الحروب دموية تشهدها “أوروبا” منذ (80) عامًا.
ورغم غياب النتائج العملية؛ شكّل اللقاء؛ وجهًا لوجه، مع الرئيس الأميركي مكسبًا سياسيًا لـ”بوتين”، الذي واجه عُزلة من قادة الغرب منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”، في عام 2022.
وفي تصريحات لاحقة لقناة (فوكس نيوز)؛ أعلن “ترمب” أنه سيؤجل فرض رسوم جمركية على “الصين”، بسبب شرائها “النفط الروسي”، بعد إحراز: “تقدم” في محادثاته مع “بوتين”، مضيفًا: “قد أضطر للتفكير في ذلك بعد أسبوعين أو ثلاثة، لكن ليس الآن”.
كما لوّح بفرض عقوبات على “موسكو”، إلا أنه لم ينُفذّها حتى الآن، رغم تجاهل “بوتين” لمهلة سابقة حددها “ترمب” لوقف إطلاق النار.
اقتراح بلقاء ثنائي غامض التفاصيل !
واقترح “ترمب” عقد لقاء بين “بوتين”، والرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، وربما يحضَّره بنفسه، لكنه لم يوضح الجهة التي ستُنظم الاجتماع أو موعده.
“بوتين”؛ بدوره لم يُشّر إلى هذا المقترح، مؤكدًا أنه يتوقّع من “أوكرانيا” وحلفائها الأوروبيين التعامل بشكلٍ: “بنّاء” مع نتائج المفاوضات، وعدم محاولة: “عرقلة التقدم”.
وجدّد “بوتين” تمسَّك “موسكو” بموقفها القائل بضرورة معالجة ما تعتبره: “الأسباب الجذرية” للنزاع، قبل التوصل إلى سلام دائم، ما يُشيّر إلى استمرار رفضه وقف إطلاق النار في المرحلة الراهنة.
ولم يصدَّر أي رد من “كييف”، حتى الآن، على القمة، التي تُعدّ أول لقاء يجمع بين “بوتين” ورئيس أميركي منذ اندلاع الحرب.
نصيحة لـ”زيلينسكي”..
وعند سؤاله عن نصيحته لـ”زيلينسكي”؛ قال “ترمب”: “يجب أن نبَّرم اتفاقًا… روسيا قوة كبيرة جدًا، وهم ليسوا كذلك”، في إشارة إلى عدم تكافؤ ميزان القوى.
ووفق محللين؛ تسببّت الحرب في مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من الجانبين، بينهم آلاف المدنيين الأوكرانيين.
واستبعد “زيلينسكي” تقديم أي تنازلات إقليمية لـ”موسكو”، مؤكدًا أنه يسّعى للحصول على ضمانة أمنية مدعومة من “الولايات المتحدة”. وأوضح “ترمب” أنه سيتصل بالرئيس الأوكراني وقادة “حلف شمال الأطلسي” لإطلاعهم على نتائج محادثاته مع “بوتين”.
وبينما كان الزعيمان يتحدثان؛ استمرت المعارك الميدانية، مع إطلاق إنذارات غارات جوية في معظم المناطق الشرقية الأوكرانية، فيما أعلن حاكما منطقتي “روستوف وبريانسك” الروسيتين عن تُعّرض أراضٍ لهما لهجمات بطائرات مُسيّرة أوكرانية.
وقال النائب الأوكراني المعارض؛ “أوليكسي هونتشارينكو”، على (تلغرام): “يبدو أن بوتين اشترى لنفسه المزيد من الوقت. لم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار أو خفض التصعيد”.
وجاء ختام القمة المخيّب للتوقَّعات على النقيض من الأجواء الاحتفالية التي رافقت بدايتها، إذ كان في استقبال “بوتين” بسَّاطٍ أحمر في قاعدة جوية بـ”آلاسكا”، حيث رحب به “ترمب” بحرارة، فيما حلّقت مقاتلات أميركية في أجواء المنطقة.
ويظل “بوتين”؛ مطلوبًا لـ”المحكمة الجنائية الدولية” بتهمة ارتكاب جرائم حرب، على خلفية ترحيل مئات الأطفال من “أوكرانيا”، وهي مزاعم تنفيها “موسكو”، التي تعتبر مذكرة التوقيف: “باطلة”، علمًا أن “روسيا” و”الولايات المتحدة” ليستا عضوين في المحكمة.
وفي اليوم السابق للقمة؛ لوّح “بوتين” باحتمال التوصل إلى اتفاق جديد للحد من الأسلحة النووية، ليحل محل آخر اتفاق قائم ينتهي في شباط/فبراير المقبل، لكن لم يتضح ما إذا تمت مناقشة هذه المسألة خلال محادثات أمس.
“نعتمد على أميركا”..
ظل “زيلينسكي”؛ الذي لم يُدعَ إلى القمة، يخشى أن يتخلى “ترمب” عن “أوكرانيا” من خلال تجميّد النزاع فعليًا، والاعتراف – ولو بشكلٍ غير رسمي – بسيّطرة “روسيا” على نحو خُمس أراضي بلاده.
لكن “ترمب” أكد؛ قبل الاجتماع، أنه سيترك لـ”أوكرانيا” القرار بشأن أي تنازلات، قائلًا: “أنا لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، أنا هنا لأجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات”.
وعندما سُئل عن معايير نجاح القمة، قال: “أريد وقف إطلاق نار سريع… لن أكون سعيدًا إذا لم يتم ذلك اليوم… أريد أن يتوقف القتل”.
وشارك في المحادثات وزير الخارجية الأميركي؛ “ماركو روبيو”، والمبعوث الخاص إلى روسيا؛ “ستيف ويتكوف”، ومستشار السياسة الخارجية الروسي؛ “يوري أوشاكوف”، ووزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي لافروف”.
واعترف “ترمب”، الذي قال خلال حملته إنه سيُنهي الحرب الأوكرانية خلال (24) ساعة، بأن المهمة أصعب مما توقع.
وأكد أن نجاح محادثات “آلاسكا” سيجعل ترتيب قمة ثلاثية ثانية مع “زيلينسكي” أكثر أهمية من لقائه مع “بوتين”.
وفي ختام القمة، قال “ترمب”؛ لـ”بوتين”: “أود أن أشكرك جزيل الشكر، وسنتحدث إليك قريًبا جدًا، وربما نلتقي مرة أخرى قريبًا جدًا”، ليرد “بوتين” قائلًا: “المرة القادمة في موسكو”.
أما “زيلينسكي”؛ فصرّح قبل القمة أن الاجتماع يجب أن يُمهّد الطريق نحو: “سلام عادل” ومحادثات ثلاثية، لكنه شدّد على أن “روسيا” ما تزال تواصل عملياتها العسكرية.
وكتب على (تلغرام): “حان الوقت لإنهاء الحرب، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة من قبل روسيا. نحن نعتمد على أميركا”.