تعرض حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون اللذان يقودهما نائب رئيس الجمهورية المقال نوري المالكي إلى صدمة سياسية بالغة الوطأة عندما اكتشفا ان اثنين من قادتهما كانا في زيارة الى قطر مطلع الشهر الحالي موفدين من رئيس الحكومة حيدر العبادي، وانهما اجتمعا مع مسؤولين قطريين وبحثا معهم في قضايا سياسية ذات اهتمام مشترك من ضمنها اجتماع القوى السنية العربية الذي عقد في الدوحة الخميس الماضي.
ويعتقد معلقون عراقيون بان حزب الدعوة الاسلامية لم يعد حزباً موحدا في الوقت الراهن وانه معرض للانقسام الى جناحين في أي لحظة حيث سيقود الجناح الاقوى في المرحلة المقبلة حيدر العبادي عضو المكتب السياسي فيما يقود الجناح الثاني الذي سيضعف كثيرا في المستقبل القريب نوري المالكي.
وقالت مصادر نيابية مطلعة في بغداد لموقع العباسية نيوز ان “أكثر المصدومين واشدهم فجيعة هو ‘دولة ابو اسراء'”، حسب وصف النائب محمد الصيهود الذي نشط في جمع تواقيع لنواب في حزب الدعوة ومنظمة بدر لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي اتهمه ائتلاف دولة القانون بزيارة قطر والاجتماع مع عضو القيادة القطرية لحزب البعث عبدالصمد الغريري والقيادي في هيئة علماء المسلمين الشيخ جمال الضاري والامين العام للمشروع العربي السني الشيخ خميس الخنجر والفريق صباح العجيلي رئيس المجلس العسكري العراقي والشيخ زيدان خلف الجابري رئيس المجلس السياسي للحراك الشعبي ورافع العيساوي وزير المالية الاسبق وجميعهم مطلوبون لحكومة المالكي السابقة التي اصدرت مذكرات قبض عليهم في اوقات سابقة.
وأوضحت المصادر النيابية ان حملة جمع تواقيع النواب لإقالة الجبوري قد توقفت بايعاز من المالكي الذي اكتشف ان عضوي المكتب السياسي لحزب الدعوة صادق الركابي وطارق نجم اللذين يعملان حاليا مستشارين سياسيين لرئيس الحكومة حيدر العبادي كانا في زيارة لقطر مطلع الشهر الحالي وعقدا سلسلة اجتماعات مع مسؤولين قطريين تناولت قضايا سياسية ثنائية ومشتركة من ضمنها استعدادات الدوحة لاحتضان مؤتمر القوى السنية وتحديد موعد لزيارة وفد نيابي عراقي برئاسة رئيس البرلمان سليم الجبوري وعضوية النواب احمد المساري ومحمد الكربولي من اتحاد القوى ومحمود المشهداني من ائتلاف العراقية وعزالدين الدولة من كتلة “متحدون”.
ونقل عن رئيس كتلة حزب الدعوة البرلمانية خلف عبدالصمد الذي صعق هو الاخر عندما سمع بزيارة الركابي ونجم الى العاصمة القطرية، ان الحزب الذي يتولى امانته العامة نوري المالكي قد فوجئ بزيارة القياديين اللذين عملا لسنوات في مكتب المالكي عندما كان رئيسا للوزراء بدون علم قيادة الحزب رغم ان الاثنين تحججا بانهما كانا في مهمة رسمية كلفهما بها رئيس الحكومة العبادي، وقال عبدالصمد ان ذلك لا يعفيهما من المحاسبة الحزبية.
وقالت “العباسية نيوز” ان عددا من النواب الشيعة المستقلين الذين تضامنوا مع نواب حزب الدعوة ووقعوا على طلب اقالة الجبوري من رئاسة البرلمان اعلنوا عن سحب تواقيعهم حيث احاط عدد منهم بالنائب محمد الصيهود في كافتيريا البرلمان وابلغوه انهم في حِل من تواقيعهم السابقة واكدوا له انهم اخبروا هيئة رئاسة مجلس النواب بذلك.
وقال الباحث في الشؤون الدينية الدكتور حسان الحيدري استاذ الفقه الشيعي في جامعة الكوفة سابقا، انه لا يستبعد انشقاق العبادي عن حزب الدعوة قريبا وقال في مقر اقامته الحالية بالعاصمة اللبنانية، ان متابعاته لاوضاع حزب الدعوة في المرحلة الراهنة تؤكد ان العبادي في طريقه للخروج من الحزب او الانشقاق عنه خاصة وان فئات واسعة من المحتجين طالبوه بمغادرته خلال تظاهراتهم الشعبية.
واضاف الحيدري ان العبادي تمكن من محاصرة المالكي في الحزب ونجح في استقطاب عدد من قيادييه البارزين وفي مقدمتهم الشيخ عبدالحليم الزهيري الذي يعد “فقيه الدعوة” والشيخ علي العلاق والنائب السابق وليد الحلي وطارق نجم المدير العام السابق لمكتب المالكي وصادق الركابي السفير السابق في قطر.
ويعتقد الحيدري ان المالكي تحول الى شخصية “طاردة” في حزب الدعوة منذ اجباره على التخلي عن الولاية الثالثة في العام الماضي وقال ان الحزب بات يواجه تحديات داخلية وتنظيمية وفكرية وسياسية ومن الصعب التكهن بمستقبله.