24 يونيو، 2025 10:18 م

قرار “الفيدرالي الأميركي” برفع الفائدة .. يُفيد “واشنطن” ويؤذي الدول النامية والأسواق الناشئة !

قرار “الفيدرالي الأميركي” برفع الفائدة .. يُفيد “واشنطن” ويؤذي الدول النامية والأسواق الناشئة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في قرار له تأثير سلبي وتداعيات خطيرة خاصة على الدول النامية والناشئة، رفع “مجلس الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي؛ “البنك المركزي”، سعر الفائدة الرئيس بمقدار نصف: 0.5% في أكبر زيادة خلال 22 عامًا.

ويأتي هذا بعد أن سجل التضخم في “الولايات المتحدة” أعلى ارتفاع له في 40 عامًا، ومن المتوقع أن يواصل التضخم الارتفاع مستقبلاً.

تُمثل زيادة الفائدة أحدث الجهود الأميركية لاحتواء ارتفاع تكاليف المعيشة؛ التي باتت تؤرق العائلات في جميع أنحاء العالم.

ويترتب على ذلك القرار أن يُصبح سعر الأموال غاليًا، فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم، حيث أنه كلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه “البنك المركزي”، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة.

وكان متوقعًا إعلان “الفيدرالي الأميركي” رفع أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية، في اجتماع كان مرتقبًا من شرق الكرة الأرضية حتى غربها.

وكما توقعت وكالة (آسوشيتد برس)؛ فإن “بنك الاحتياطي الفيدرالي” أعلن في اجتماع؛ يوم الأربعاء، رفع سعر الفائدة القياسي قصير الأجل بمقدار نصف نقطة مئوية – وهي أكبر زيادة في سعر الفائدة منذ عام 2000.

كما أنه من المُرجح أن يرفع “بنك الاحتياطي الفيدرالي” سعر الفائدة نصف نقطة أخرى في اجتماعه المقبل؛ في حزيران/يونيو، وربما يتكرر ذلك في الاجتماع الذي يليه؛ في تموز/يوليو، حيث يتوقع الاقتصاديون استمرار ارتفاع أسعار الفائدة خلال الأشهر التالية.

وتوقعت الوكالة أيضًا أن يُعلن “بنك الاحتياطي الفيدرالي” أنه سيبدأ سريعًا في تقليص مخزونه الضخم من سندات الخزانة والرهن العقاري بدءًا من حزيران/يونيو، وهي الخطوة التي سيكون لها تأثير على المزيد من إجراءات تشديد الائتمان.

تداعياته تتجاوز حدود “أميركا”..

وقالت وكالة (آسوشيتد برس) إن قيام “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي برفع معدل الفائدة، مثلما فعل مساء الأربعاء، لا يتوقف تأثيره على دفع مشتري المنازل الأميركيين مزيدًا من الأموال، أو مواجهة أصحاب الأعمال قروض بنكية أكثر تكلفة، بل إن تداعياته تتجاوز حدود “أميركا” وتؤثر على المتسوقين في “سيرلانكا” والمزارعين في “موزمبيق” والعائلات في الدول الأكثر فقرًا حول العالم، ويتراوح التأثير في الخارج ما بين تكاليف إقراض أعلى إلى خفض قيمة عُملات.

تفرض ضغوطًا على كل الدول النامية..

وقال “إريك لوكومب”، المدير التنفيذي لشبكة (غوبيل يو. إس. إيه)، وهو تحالف من المنظمات الساعية للحد من الفقر العالمي، إن هذه الخطوة ستفرض ضغوطًا على كل أنواع الدول النامية.

وكانت المدير العام لصندوق النقد الدولي؛ “كريستالينا جورجيفا”، قلقة الشهر الماضي لتحذر “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي والبنوك المركزية الأخرى ذات معدل الفائدة المرتفعة؛ بضرورة إدراك المخاطر التي ستتعرض لها الاقتصاديات النامية والناشئة.

واستنادًا إلى الأوضاع المالية الأكثر قسوة، قام “صندوق النقد” مؤخرًا بخفض توقعاته النمو الاقتصادي هذا العام في الدول النامية والأسواق الناشئة إلى: 3.8%، أي خفض نقطة مئوية كاملة عن توقعاته؛ في كانون ثان/يناير.

السندات الأميركية أصبحت أكثر جذبًا للمستثمرين..

وقد يؤدي قرار “الاحتياطي الفيدرالي” الأخير إلى مزيد من النظرة التشاؤمية بين الأميركيين. حيث قالت (آسوشيتد برس) إنه يمكن أن يؤدي رفع الفائدة في “الولايات المتحدة” إلى أضرار بعيدة المدى بعدة طرق، حيث يُمكنها إبطاء الاقتصاد الأميركي وتقليل شهية المستهلكين الأميركيين للسلع الأجنبية. كما أنها تؤثر على الاستثمار العالمي. فمع رفع سعر الفائدة الأميركية أصبحت السندات الأميركية أكثر جذبًا للمستثمرين العالميين، فيمكنهم سحب أموالهم من الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل والاستثمار في “الولايات المتحدة”، مما يؤدي إلى رفع قيمة الدول وخفض قيمة العُملات في العالم النامي.

ويمكن أن يُسبب هبوط العُملات مشاكل، حيث يجعل التكاليف أكبر للأغذية والمنتجات المستوردة، ويزداد القلق في ظل ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم بسبب اختناقات سلاسل التوريد وتداعيات الحرب في “أوكرانيا”؛ وما أسفرت عنه من تعطيل شحنات الحبوب والأسمدة.

رفع سعر الفائدة في 04 دول عربية..

وتبع قرار “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي خطوات مماثلة في عدد من الدول وسط توقعات بالمزيد في الفترة القادمة.

وقرر “بنك الإمارات المركزي” رفع “سعر الأساس” على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة: بـ 50 نقطة أساس، وذلك اعتبارًا من يوم الخميس 05 آيار/مايو. وقال محافظ “بنك الكويت المركزي”؛ “باسل أحمد الهارون”، أن مجلس إدارة “بنك الكويت المركزي” قد قرر رفع سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية من: 1.75% إلى: 2.00%؛ وذلك ابتداءً من 05 آيار/مايو الجاري.

كما أعلن “البنك المركزي السعودي” رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء؛ “الريبو”، بمقدار: 0.5%، من: 1.25 إلى: 1.75%، وكذلك رفع “المركزي السعودي” معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس: “الريبو العكسي”، بمقدار: 0.5%، من: 0.75 إلى: 1.25%..

وقال “مصرف البحرين المركزي”؛ يوم الأربعاء، إنه رفع سعر الفائدة الأساس للودائع لمدة أسبوع بمقدار: 50 نقطة أساس إلى: 1.75%، فى أعقاب قرار “مجلس الاحتياطي الاتحادي” الأميركي زيادة أسعار الفائدة.

وزاد “المركزي البحريني” أيضًا سعر الفائدة للودائع والإقراض لليلة واحدة: 50 نقطة أساس؛ إلى: 1.5% و3.0% على الترتيب، ورفع سعر فائدة الودائع لمدة أربعة أسابيع بمقدار: 25 نقطة أساس إلى: 2.5%.

وقرر “مصرف قطر المركزي” رفع سعر فائدة الإيداع: 50 نقطة أساس؛ إلى: 1.5%، وفائدة الإقراض: 25 نقطة أساس إلى: 2.75%، وسعر إعادة الشراء: بـ 50 نقطة أساس؛ ليُصبح: 1.75%..

كما اتخذت “الهند” إجراءًا مماثلاً، حيث أعلن “البنك المركزي الهندي”؛ يوم الأربعاء، عن زيادة مفاجئة في سعر الفائدة، بينما قام “البنك المركزي الأسترالي” مؤخرًا برفع سعر الفائدة لأول مرة منذ أكثر من عقد.

ومن المتوقع أيضًا أن يرفع “بنك إنكلترا” أسعار الفائدة، والتي ستكون رابع زيادة منذ كانون أول/ديسمبر.

خطوة متأخرة عن المنحنى..

العديد من الاقتصاديين يرون أن “الاحتياطي الفيدرالي” كان بطيئًا في الاستجابة لهذه المشكلة، والتي تتأثر بعدة عوامل منها نقص الإمدادات المرتبط بتفشي فيروس (كوفيد-19)، وصدمة أسواق الطاقة بسبب الحرب في “أوكرانيا”، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي الهائل في “الولايات المتحدة” لدعم الاقتصاد بعد انتشار الوباء، وإجراء فحوصات طبية مباشرة للأسر.

“توماس هونيغ”؛ زميل مركز (ميركاتوس) التابع لجامعة “جورج ميسون”، والذي قضى قرابة 40 عامًا في “الاحتياطي الفيدرالي”، قال: “إنهم متأخرون كثيرًا عن المنحنى. أعتقد أن معظم البنوك المركزية متأخرة”.

وأضاف: “لكن إذا حاولوا تصحيح هذا الخطأ بخطأ آخر، أي إحداث صدمة في الاقتصادات بزيادات كبيرة جدًا في أسعار الفائدة، أعتقد أنهم سيدفعون ثمنًا باهظًا من حيث الركود المحتمل جراء ذلك”.

نزوح الأموال الساخنة..

من جهته؛ قال الدكتور “محمد باغة”، أستاذ التمويل والاستثمار المصري، إن رفع “البنك المركزي الأميركي” لسعر الفائدة سيؤثر على الأسواق الناشئة، موضحًا أن “مصر” ستكون مطالبة بأن تحتاط لمواجهة تداعيات ذلك والآثار السلبية على معدلات الديون.

مضيفًا أن: “ارتفاع سعر الفائدة؛ خاصة من الفيدرالي الأميركي، يؤدي إلى نزوح الأموال الساخنة، وهي الأموال التي تُضارب في الأسواق العربية أو الأسواق الناشئة، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة في منطقة ما، تجد تلك الأموال تهرب إلى من يُحقق لها معدلات فائدة أعلى، وبالتالي فإن البنك المركزي المصري، سيُحرك الأمور وفقًا لرؤيته”.

وقال: “هناك ضرر سيلحق بالأسواق الناشئة؛ ومن بينها مصر، فيما يتعلق برفع سعر الفائدة من جانب البنك المركزي الأميركي، وسيكون هناك زيادة متعلقة بخدمة الدين المطالبين بتسديده، وهذا الارتفاع غير المسبوق في سعر الفائدة، يُشير لمعدلات التضخم غير المسبوقة في الولايات المتحدة الأميركية”.

وتابع: “نحن كدول عربية مطالبين بالتحرك لمواجهة تداعيات هذا القرار، واتخاذ إجراءات، وخلال الساعات القليلة القادمة سنجد قرارات من البنك المركزي المصري يمكن من خلالها أن نحتاط لمواجهة هذا القرار”.

سينخفض حجم السيولة الدولارية لفترة طويلة..

وقالت “منى بدير”؛ المحللة الاقتصادية، إن “الفيدرالي” أعلن أيضًا عن خطته للتشديد النقدي بدءًا من شهر حزيران/يونيو المقبل، تزامنًا مع رفع الفائدة، يعتبر مستوى غير مسبوق من التشديد من المتوقع أن يؤثر على تقييم الأصول في الأسواق الناشئة، والتي تُعتبر الفترة الحالية بيئة غير مثالية لهذه الأصول وعُملات هذه الأسواق.

وذكرت أن ذلك سيجعل عُملات الأسواق الناشئة والعُملات عامة مقابل “الدولار” تحت ضغط، وذلك مع ارتفاع “الدولار” لأعلى مستويات له بعد رفع الفائدة، إلى جانب ارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وهو ما يضغط على تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة.

وأوضحت أن في ظل هذه الظروف من غير المتوقع أن تستعيد الأسواق الناشئة جزءًا من قوتها أو زخمها قبل فترة التشديد النقدي، ومن المتوقع لفترة طويلة أن يكون حجم السيولة الدولارية منخفض؛ وبالتالي حجم التدفقات الأجنبية لأصول الأسواق الناشئة منخفض، وهو ما يضع الأصول المقومة بالعُملات المحلية في الأسواق الناشئة تحت ضغط.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة