خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة تفتح “السودان” على محافل التطبيع الدولي، أعلنت الحكومة السودانية، الجمعة، أنها قامت بتسوية متأخراتها لـ”البنك الدولي”، مما يتيح للبلد المثقل بالديون الوصول إلى أنواع جديدة من التمويل الدولي لأول مرة منذ عقود.
ويسمح هذا التطور، لـ”السودان”، باستئناف العلاقات الطبيعية مع “البنك الدولي”؛ بعد ما يقرب من 30 عامًا من التعليق، وفقًا لبيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني.
وقال “البنك الدولي” إنه من خلال تسديد ديونه، سيتمكن “السودان” من الحصول على ما يقرب من ملياري دولار، في شكل منح، للحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
وتراكم على “السودان” أكثر من 60 مليار دولار من الديون الخارجية، في ظل حكم الرئيس السابق، “عمر البشير”، الذي حكم البلاد حتى الإطاحة به، في عام 2019. وتم وصف “السودان”: “بالدولة المنبوذة”.
انتصار للشعب السوداني..
وقال مجلس الوزراء، في بيان؛ إن هذا: “الانتصار”؛ يعود للشعب السوداني الذي تحمل عبء الإصلاحات الاقتصادية التي زادتها جائحة (كوفيد-19) صعوبة، وهو أيضًا إنجاز مهم للحكومة الانتقالية السودانية باعتبارها تنفذ برنامجها الاقتصادي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو العادل والفرص والوظائف لجميع السودانيين.
ومنذ الإطاحة بـ”البشير”، يسعى “السودان” إلى تحسين العلاقات مع الغرب، لكنه يعاني من عجز كبير في الموازنة ونقص كبير في السلع الأساسية – بما في ذلك الوقود والخبز والأدوية.
والعام الماضي، شرع “السودان” في برنامج إعادة الهيكلة الاقتصادية، الذي وافق عليه “صندوق النقد الدولي”، وهو ما اعتُبر ضروريًا في ذلك الوقت لتخفيف عبء الديون في نهاية المطاف من قِبل الدائنين الرسميين.
تضع السودان على طريق تحديد أهداف جوهرية..
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي، “ديفيد مالباس”، في إشارة إلى تسوية متأخرات “السودان”: “هذا إنجاز كبير في وقت يحتاج فيه السودان إلى مساعدة العالم لدعم تقدمه التنموي”، مشيرًا إلى تسوية متأخرات “السودان”.
وذكر أن هذه الخطوة ستضع “السودان”: “على طريق تحقيق أهداف جوهرية: تخفيف عبء الديون والإنعاش الاقتصادي والتنمية الشاملة”.
1.15 مليار دولار تمويل أميركي..
وقالت “وزارة الخزانة” الأميركية، الجمعة، إنها قدمت تمويلًا مرحليًا في نفس اليوم بنحو 1.15 مليار دولار لمساعدة “السودان” في سداد متأخراته، دون أي تكلفة على دافعي الضرائب الأميركيين.
وقالت وزيرة الخزانة، “غانيي يلين”: “إنه إجراء من شأنه أن يدفع السودان خطوة أقرب إلى تأمين تخفيف عبء الديون؛ الذي تشتد الحاجة إليه ومساعدته على إعادة الإندماج في المجتمع المالي الدولي”.
وأضافت أن الحكومة السودانية الانتقالية: “تستحق التنويه لإجرائها إصلاحات قاسية، وإنما ضرورية لاستعادة العقد الاجتماعي مع الشعب السوداني”.
تخصيص ملياري دولار من البنك الدولي..
إلى ذلك، قال مسؤول بـ”البنك الدولي”؛ إن البنك سيبدأ قريبًا في عملية تخصيص منح بملياري دولار لـ”السودان”، إيذانًا بعودة البلد للنظام المالي العالمي بعد عزلة دامت عقودًا.
وقال “عثمان ديون”، مدير البنك الدولي للسودان، إن مجالات التمويل ذات الأولوية ستتحدد عقب اجتماعات، مطلع الشهر المقبل، وسيوضع اتفاق السلام الموقع، العام الماضي، في الاعتبار عند تحديد المخصصات.
وذكرت الحكومة السودانية أنها ستناقش مع “البنك الدولي” قريبًا؛ الجدول الزمني لصرف إجمالي المنح البالغة 2 مليار دولار على مدى العامين المقبلين.
وقال مجلس الوزراء؛ إن هذه المنح ستخصص لتمويل قطاعات البنية التحتية والصحة والتعليم والزراعة.
وفي الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، شطبت “واشنطن”، “السودان”، من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، محققة بذلك هدفًا طال أمده لـ”الخرطوم”، التي تخلّصت بذلك من تصنيف كان يُعيق بشكل كبير الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
خطوة في اتجاه معالجة ديون السودان السيادية..
حول ما يمكن أن تقدمه تلك الخطوة لـ”السودان”، يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، “محمد شيخون”، أن أهمية الخطوة تكمن في 3 محاور، يتمثل الأول في رمزيتها؛ كونها أسست لعودة “السودان” لمجتمع المانحين الدولي، إضافة إلى أنها تفتح باب التعامل المباشر مع “البنك الدولي”، كما تعطي إنطباعًا قويًا بجدية “السودان” وقدرته على معالجة أزمة الديون.
موضحًا إن معالجة أزمة متأخرات “السودان”، لـ”البنك الدولي”: “خطوة في الاتجاه الصحيح، نحو معالجة ديون السودان السيادية، التي لا تدخل ضمن مبادرة إعفاء إلتزامات الدول الفقيرة المثقلة بالديون”.
مؤهل للتفاوض مع “نادي باريس”..
ووفقًا للباحث الاقتصادي، “أحمد إلياس”، فإن “السودان”، بهذه الخطوة: “يكون قد استوفى شرطين مهمين من الشروط اللازمة للاستفادة من مبادرة إعفاء ديون البلدان الفقيرة المثقلة، وهما الخروج النهائي من قائمة الدول الراعية للإرهاب واستعادة التعامل مع البنك الدولي”.
واستفادت من هذه المبادرة إلى الآن، 37 دولة، معظمها في “إفريقيا”، وأبرزها: “إثيوبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى والصومال”، حيث تم تخفيض ديونها في المتوسط، بنسبة 75 بالمئة.
ويقول “إلياس”، لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ عبر الهاتف من “شيكاغو”، إن: “السودان أصبح، بعد هذه المرحلة، مؤهلاً أيضًا للتفاوض مع نادي باريس، الذي تتطلب قواعده تطبيق برنامج التكييف الهيكلي الذي تتبناه مؤسسات التمويل الدولية”.