خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تعيش “تركيا” أزمات متتالية بسبب نهجها السياسي الباعث للتوتر في الدول التي تدخل في شؤونها، فلم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيه سفنها للاحتجاز، وهو الأمر الذي أكد فيه الجيش الليبي على أنه: “لم ولن يتراجع قيد أنملة”؛ عن حماية السيادة الليبية ومياهها الإقليمية.
وأضاف أن حماية المياه الإقليمية تأتي وفقًا للمباديء والمعاهدات والقوانين الدولية وميثاق “الأمم المتحدة” وما أقره “مؤتمر برلين” و”جنيف”؛ برحيل كافة القوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي الليبية.
موضحًا الجيش الليبي: “أن تركيا مستمرة في زعزعة أمن المنطقة، وليبيا على وجه الخصوص، بنقلها وتمويلها للمرتزقة والإرهابيين والمعدات العسكرية إلى الأراضي الليبية أمام مرأى ومسمع من العالم”.
وقالت القيادة العامة للجيش الليبي؛ إنها تراقب عن كثب تصريحات وزير خارجية تركيا التي وصفتها، بـ”الهوجاء”، بعد احتجاز السفينة التركية بالمياه الإقليمية الليبية، مشيرة إلى أنها دليل على: “التخبط الذي يعيشه، إردوغان، وحكومته المهووسة، والتي تجاوزت كل الخطوط”.
وأكد البيان إلتزام الجيش الليبي بدعم المسار السياسي ولجنة (5+5)؛ ومخرجات “برلين” و”جنيف”، وما نتج عنها.
احتجاز سفينة ترفع علم “غمايكا“..
ومساء الإثنين، أعلن المتحدث باسم قوات حفتر، “أحمد المسماري”، احتجاز سفينة ترفع علم “غامايكا”؛ وكشف أن 7 من طاقمها من الجنسية التركية، و7 من الجنسية الهندية، وواحد من أذربيجان، كانت متجهة صوب “ميناء مصراتة”، غربي ليبيا.
وقالت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الليبي، إن السرية البحرية، (سوسة)، التابعة للبحرية الليبية، اعترضت باخرة شحن تجارية تحمل علم “غمايكا”، وتسمى “مبروكه”، لدخولها للمياه الإقليمية الليبية قبالة سواحل منطقة “رأس الهلال”، بـ”الجبل الأخضر”، شرق ليبيا.
كما أظهر رصد حركة الطيران هبوط طائرة شحن عسكرية تركية في “قاعدة الوطية”، غربي ليبيا، ليرتفع بذلك عدد الطائرات العسكرية التركية التي وصلت ليبيا، منذ 23 تشرين أول/أكتوبر الماضي، إلى 25.
ورفعت قوات الجيش الليبي درجة الاستعداد والجاهزية القصوى، للتصدي لأي هجوم قد تُشنه الميليشيات غربي “سرت”، بعد أن رصدت السفن الحربية التركية قرابة السواحل الليبية.
ومنذ إنعقاد “مؤتمر برلين” الخاص بليبيا، في كانون ثان/يناير 2020، وتصديق “مجلس الأمن” على مخرجاته بقراره 2510، لم تنقطع الرحلات التركية المحملة بالسلاح والمرتزقة جوًا وبحرًا إلى غرب ليبيا، رغم مشاركة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، في المؤتمر.
والسبت، كشف “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، في بيان عن عزم تركيا إرسال دفعة جديدة من مرتزقة الفصائل السورية نحو ليبيا خلال الأيام المقبلة.
استهداف المصالح التركية سيواجه بعواقب وخيمة..
وكانت “الخارجية التركية” قد أدانت احتجاز قوات الجنرال “خليفة حفتر”، سفينة تديرها شركة تركية وطاقمها التركي، مطالبة بالإفراج الفوري عنها.
وقالت “الخارجية التركية”، تعقيبًا على الحادثة، إنها تُدين: “بشدة احتجاز ميليشيات حفتر؛ سفينة تديرها شركة تركية بطاقم تركي قبالة مدينة مرسى سوسة في ليبيا، وتطالب بالإفراج الفوري عنها لاستئناف رحلتها”، حسب تعبيرها.
وأضافت الوزارة قائلة: “نؤكّد مرة أخرى أنه في حال استهداف المصالح التركية في ليبيا؛ فسيكون لذلك عواقب وخيمة، وسنعتبر من فعل ذلك هدفًا مشروعًا”، على حد قولها.
تنتهج سياسة الضغط..
حول احتجاز السفينة، يقول المحلل السياسي الليبي، “أحمد الفيتوري”، إن: “أحداث كثيرة مشابهة لحادث احتجاز السفينة مرت دون الكثير من الإشكالات أو التصعيد، والملاحظ عادة من مواقف تركيا أنها تنتهج الضغط أكثر منها ممارسة وإعلاء فعل الحرب”.
مضيفًا أن: “الأوضاع في ليبيا تزداد سوءًا توازيًا مع الأوضاع في العالم بأسره، خاصة بعد أزمة (كورونا)، وانعكاساتها، لكن المعطيات الموجودة على الصعيد الليبي بين لقاء ومفاوضات سياسية واجتماع آخر يليه، هي كلها جدالات سلمية ولا بالسلاح، وبالتالي فهذه إشارات يمكن أن تبنى عليها الآمال لا التوقعات بأن ليبيا ستخرج من هذا المُخْتَنَق الذي يعيشه العالم أجمع والإقليم وبتأثيراته المتبادلة”.
ضربة قاصمة لتركيا ووجودها العسكري في ليبيا..
فيما أكد الخبير المصري، اللواء “سمير راغب”، على أن احتجاز الباخرة التركية في المياه الإقليمية الليبية، شكل ضربة قاصمة لـ”تركيا” ووجودها العسكري في الأراضي الليبية.
وأوضح أن: “تركيا تعتمد بشكل كبير على وجود جسر بحري يربط الموانيء التركية، ما حدث من قيام عناصر السرية البحرية المقاتلة بضبط باخرة تحمل العلم الغمايكي قادمة من تركيا باتجاه مصراته، وسحبها إلى ميناء سوسة البحري، بعد دخلوها للمنطقة المحظورة شرق ليبيا وعدم استجابتها للنداءات الموجهة إليها من قبل القوات البحرية وتفتيشها والتحقيق مع طاقمها المكون من 17 بحار، منهم 9 يحملون الجنسية التركية، واستمرار القوات البحرية للجيش الوطني الليبي في عمليات مراقبة وتأمين الساحل الليبي يقطع الجسر البحري التركي”.
وأضاف: “ما حدث من الممكن أن يتكرر مرات أخرى مع سفن أخرى، فربما تحمل معدات عسكرية ومرتزقة، والذي يعتبر ضربة حاسمة لتركيا والوجود العسكري التركي في ليبيا، والذي قد يدفع الجانب التركي لتوفير حماية من فرقاطات عسكرية لسفن نقل مدنية تعمل على الجسر البحري”.
وتابع: “قد يؤدي هذا إلى صدام عسكري بين عناصر القوات البحرية للجيش الليبي وعناصر بحرية تركية، خاصة وأن الجانب التركي غير قادر على القيام بعملية عسكرية بحرية بمهاجمة الساحل الليبي في مناطق غرب مصراتة، نظرًا لوجود الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، (سرت-الجفرة)، والمدعوم من قوى إقليمية ودولية، ومتطابق مع القرار الأممي بتثبيت وقف إطلاق النار، والذي يشمل المياه الإقليمية الليبية”.
تباطأ في الرد حتى لا يتسبب بإحراج نفسه..
من جانبه؛ قال الباحث الليبي ورئيس مؤسسة “سلفيوم” للدراسات والبحوث، “جمال علي شلوف”، إن: “الغريب في الأمر؛ أنه وبالرغم من أن عملية احتجاز سفينة الشحن التركية، (مبروكة)، وطاقمها تمت السبت، (وفقًا لصور نشرها الموقع الاستقصائي، AMBREY)، والتي اظهرت وجود سفينة الشحن التركية داخل المياه الإقليمية الليبية بالقرب من راس الهلال، وأيضًا صور بتقنية الرنين الحراري لملاحقة قارب النقطة البحرية سوسة للسفينة داخل المياه الإقليمية الليبية، لم تدلي الخارجية التركية بأي تصريح، إلا بعد النشر الإعلامي بعد يومين من الواقعة، أي أنها انتظرت 72 ساعة لتصدر بيان تنديد ووعيد أجوف”.
مشيرًا إلى أنه: “يدفعنا هذا للظن؛ بأن النظام التركي إما بأنه عرف بالواقعة من الإعلام، أو أنه كان يعلم وتغاضى عن الأمر حتى لا يتسبب بحرج لنفسه، كونه لا يمكنه حتى التفاوض بشأن إطلاق السفينة وطاقمها”.
وجه أوروبي بفرض عقوبات اليوم..
على جانب آخر، يتجه قادة دول “الاتحاد الأوروبي” في قمتهم المقررة، (اليوم) الخميس، لفرض عقوبات على “تركيا” تطال أفرادًا وشركات مسؤولة عن أعمال التنقيب في المياه المتنازع عليها في “البحر المتوسط”.
وذكرت وكالة (رويترز)؛ أنها أطلعت على مسوّدة قرار للعقوبات المرجّحة تشير إلى أن الاتحاد: “سيُعد قوائم إضافية” لقائمة العقوبات المعدة بالفعل، منذ 2019، وأنه سيعمل على: “توسيع نطاقها إذا تطلب الأمر”.
فيما قلل الرئيس التركي من العقوبات التي قد يفرضها “الاتحاد الأوروبي” على “أنقرة”، بسبب نشاطاتها المثيرة للجدل في “شرق البحر المتوسط”، قائلاً: أنها ليست “مصدر قلق كبير” لبلاده.
واتهم “إردوغان”، الاتحاد؛ بأنه لم يتعامل قط بشكل نزيه مع بلاده، وقال في مؤتمر صحافي في “أنقرة”، قبل توجهه إلى “أذربيجان” للقيام بزيارة رسمية، إن أي قرار بشأن عقوبات “الاتحاد الأوروبي” لا يُشكل مصدر قلق كبير لـ”تركيا”.