25 أبريل، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

قد تكون فاتحة للمتاعب .. احتجاجات “أميني” الإيرانية وخطورة لعب “رئيسي” مع النساء !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

أدى صدور قانون “الحجاب والعفة”؛ بعد تولي حكومة “إبراهيم رئيسي”، بفترة ليست بالطويلة، إلى تزايد حدة القمع في “إيران”، ولا سيما أن هذا القانون يقضي باستخدام تقنية التعرف على الوجوه لتحديد غير الملتزمات بما يُعرف: بـ”الحجاب الجيد”؛ ما أدى إلى التضييق على حركة المرأة الإيرانية في الشوارع.

وقد فاقمت حادثة مقتل الفتاة الإيرانية؛ “مهسا أميني” – التي أوقفتها “شرطة الأخلاق” الإيرانية واحتجزتها في “طهران”، قبل أن تدخل في غيبوبة وتلقى حتفها في ظروف غامضة – حالة الغضب الموجودة بين النساء في “إيران”؛ حيث شنت بعض الإيرانيات حملة ضد “الحجاب القسري” على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت فيها بعضهن يقصُصْن شعرهن، ويُحرقن غطاء الرأس؛ كما تستهل “ميرفت زكريا”؛ الباحث المشارك بمركز (إنترريغونال) للتحليلات الإستراتيجية؛ مقالها التحليلي المنشور على موقع المركز.

وقد أدى ذلك إلى مطالبة بعض النواب داخل “مجلس الشورى الإسلامي”؛ (البرلمان) – على غرار ممثل محافظة تشابهار؛ “معين الدين سعيدي” – بوقف هذا النوع من الدوريات؛ لأن سياستها العنيفة أدت إلى إبتعاد المرأة عن الحجاب، بل كرهه له، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي سند ديني أو قانوني يُشرِّع مثل هذا النوع من الرقابة.

وتهدف القبضة الحديدية التي تفرضها حكومة “رئيسي” على المجتمع الإيراني إلى إيصال بعض الرسائل إلى الداخل والخارج؛ حيث يرغب النظام في فرض المزيد من القوانين القمعية التي تعمل على تقييد حركة المعارضين، وتمنع استمرار الاحتجاجات.

أما فيما يتعلق بالخارج، فيسعى النظام إلى تأكيد أنه رغم الضغوط الخارجية التي يتعرض لها، فإنه لا يزال قادرًا على إحكام سيطرته على الداخل أيضًا.

ولكن أدى ذلك، في مجمله، إلى فرض المزيد من الضغوط على المجتمع الإيراني، ولا سيما فيما يتعلق بالمرأة التي ينتابها النصيب الأكبر من هذا التشدد؛ لذا تهدف الاحتجاجات النسائية الموسعة التي أعقبت مقتل “مهسا أميني”؛ إلى تأكيد أن هذه السياسات لن تأتي إلا بنتيجة عكسية، وأن التشدد الديني لن يجلب إلا التمرد، بل الرغبة في فعل المحظور.

تداعيات محتملة..

من المتوقع أن تؤدي حادثة مقتل الفتاة الإيرانية؛ “مهسا أميني”، وما تبعها من احتجاجات نسائية على ممارسات النظام الإيراني بحق المرأة، إلى بعض النتائج السلبية على “إيران”، وتتضح فيما يلي:

01 – اتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع..

ربما يؤدي تصاعد حدة الاحتجاجات في “إيران”؛ إلى اتساع الفجوة المتزايدة بالفعل بين الدولة والمجتمع، وهو الأمر الذي اتضح في ترديد بعض الشعارات المنددة بالقيادة العُليا في النظام الإيراني، من قبيل: “الموت للدكتاتور” و”الموت لخامنئي”، بل تحولت هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف؛ ما اضطر القوات الأمنية التابعة لـ (الحرس الثوري) إلى إلقاء الغاز المسيل للدموع على المواطنين، واستخدام عربات رش المياه لتفريق المتظاهرين، بل اللجوء إلى إطلاق الرصاص الحي، بالتوازي مع قطع خدمة “الإنترنت” لتقليص فرص تنظيم احتجاجات في مدن مختلفة، وهو ما لم ينجح في النهاية في تحقيق هدفه.

ومن ثم؛ من المؤكد أن تؤدي مثل هذه الحوادث إلى التأثير بالسلب على أنشطة منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة في “إيران”، وأن تزيد مستوى الرفض لدى النساء تجاه سياسات حكومة “رئيسي”؛ ما قد يُنتج نوعًا من الإضعاف لأسس الروابط الاجتماعية التي تُعزز العلاقة بين ركائز المجتمع المختلفة معًا.

02 – تصاعُد حدة المعارضة ضد الحكومة..

رغم حالة الاستياء المتصاعدة في “إيران”؛ بسبب مقتل “مهسا أميني” على يد دورية إرشاد، فإن وزير الداخلية الإيراني؛ “أحمد وحيدي”، دافع عن عمل مثل هذه الدوريات، مشيرًا إلى أنه: “إجراء قانوني”، بل طالبت صحيفة (كيهان) الأصولية المحسوبة على المرشد الأعلى؛ بمواجهة التظاهرات والداعين لها حتى على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لمنع انتشارها.

ومن هنا؛ لاقت ردود الفعل السلبية من قبل الحكومة معارضة شعبية كبيرة داخل المجتمع الإيراني؛ حيث أشارت بعض الاتجاهات إلى ضرورة التركيز على القضايا الأهم، ولا سيما الاقتصادية، بما يتضمن تقليص معدلات البطالة والتضخم المرتفعة، كما أن من الأفضل للشرطة – وفقًا لرؤية بعض المحتجين – أن تُركز على منع ومتابعة الاعتداءات والسرقات وتصاعد معدلات الجريمة في “إيران”، بدلاً من ظاهرة: “الحجاب السييء”؛ التي لا تحظى حتى الآن بتعريف محدد.

وقد أشارت اتجاهات عديدة إلى أنه من غير المتوقع أن تؤدي معالجة كهذه إلى تأثير بالإيجاب في مثل هذه القضايا، بل ستؤدي إلى نتيجة عكسية تمامًا في غالبية الحالات إن لم يكن فيها كلها.

03 – فقدان تعاطف الرأي العام العالمي..

رغم الجهود التي بذلتها “إيران” لاستقطاب دعم قسم من الرأي العام العالمي لصالحها، وخاصةً بعد فرض العقوبات الاقتصادية من قبل الإدارة الأميركية السابقة برئاسة؛ “دونالد ترامب”، وتصاعد الدعوات لمساعدة “إيران” على مواجهة تداعيات انتشار فيروس (كورونا)؛ فإن مثل هذه القضايا الاجتماعية قد تؤدي إلى تصاعد مؤشرها فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، والمطالبة بفرض المزيد من الضغوط الدولية عليها.

وظهرت أبرز ملامح ذلك في تنظيم مجموعة من الناشطين الإيرانيين المقيمين في “واشنطن” تظاهرة أمام المكتب المنظم لمصالح “إيران”، كما دعا عدد من النشطاء الحقوقيين في “فانكوفر”؛ بـ”كندا”، إلى تنظيم مسيرة أمام معرض الفنون في هذه المدينة، فضلاً عن أنه تم تنظيم مسيرة مماثلة في العاصمة الألمانية؛ “برلين”.

وقد يواجه الرئيس؛ “إبراهيم رئيسي”، تظاهرات ضده خلال زيارته إلى “نيويورك” للمشاركة في اجتماعات “الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وتوازى ذلك كله مع مطالبة بعض المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة (العفو الدولية)، بمحاسبة النظام في “إيران” على هذه الجرائم المرتكبة ضد شعبه.

04 – تآكل شعبية النظام الحاكم بـ”إيران”..

أثارت حادثة مقتل الفتاة الإيرانية؛ “الكُردية”، “مهسا أميني”، حفيظة الأحزاب الكُردية في “إيران”؛ حيث دعت أحزاب ونشطاء مدنيون وسياسيون في “كُردستان إيران” إلى الدخول في إضراب عام اعتراضًا على السياسات التعسفية لنظام “ولاية الفقيه”.

ومن ثم، يمكن أن يؤدي ذلك؛ على المدى الطويل، إلى تجدد النزعات الانفصالية للأكراد مرة أخرى.

ومن ناحية أخرى، يُظهر رد فعل النخب في “إيران” على هذه الحادثة، إتباع السياسات السابقة من حيث التعامل مع الأزمات، التي تقوم على عدم البحث في الجذور الرئيسة، بل تقديم تفسيرات سطحية تساهم في تفاقمها على المدى الطويل.

وظهرت ملامح ذلك في تعليق صحيفة (كيهان) الأصولية على الحادثة، التي أشارت خلال تقريرٍ لها إلى أن هذه الحادثة نتيجة طبيعية لسياسات الإصلاحيين العلمانية، فضلاً عن أن القيادات الإصلاحية، مثل الرئيس الأسبق؛ “محمد خاتمي”، والنائب الأول في حكومة؛ “حسن روحاني”، “إسحاق جهانجيري”، “سعداء”، لمثل هذه الحوادث؛ لإثبات فشل الأصوليين، وإبراز عدم قدرتهم على إدارة دفة الحكم في “إيران”.

ومن ثم، يمكن لهذا النوع من التفسيرات التي تُصر على الإبتعاد قدر الإمكان عن الحقيقة وعدم التطرق إلى الأسباب الرئيسة للأزمة، أن تُنذر بتصاعد معدلات الاستياء داخل المجتمع الإيراني، وما يترتب عليه من نتائج سلبية بالنسبة إلى الحكومة والنظام.

تحديات قائمة..

ختامًا؛ من المتوقع أن تتزايد الأزمات داخل “إيران” على كافة الأصعدة خلال الفترة القادمة، ولا سيما أن ذلك يتزامن مع تعثر “محادثات فيينا” والتداعيات السلبية لذلك على الاقتصاد الإيراني، بالتوازي مع تشديد القبضة القمعية على المجتمع، وخاصةً النساء؛ ما يُساهم في استمرار حالة الإحتقان الشعبي التي قد تؤدي إلى تفاقم التحديات في مواجهة النظام الحالي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب