خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تتخذ “الولايات المتحدة الأميركية” خطوات فعلية لمحاربة الوجود الإيراني في “العراق”، ففي الوقت الذي مررت لجنة الشؤون الخارجية، في “مجلس النواب الأميركي”، مشروع قانون يهدف للتصدي لمحاولات “إيران” زعزعة الاستقرار في “العراق”، قال مسؤولان أميركيان، إن “الولايات المتحدة” قد قررت إغلاق قنصليتها في “مدينة البصرة” العراقية بسبب مخاوف أمنية، وهو ما قد يزيد من التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.
وقال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، في بيان؛ إنه أمر بمغادرة جميع الموظفين للقنصلية، محذرًا، “طهران”، من أن بلاده سترد “فورًا، وبشكل مناسب على أي هجوم يستهدف منشآت أميركية”.
إغلاق “قنصلية البصرة” بسبب تهديدات إيرانية..
وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “هيذر ناورت”، الجمعة، إغلاق القنصلية الأميركية في “البصرة”، بسبب “تهديدات” نسَبتها إلى “إيران”، بعد احتجاجات دمويّة شهدتها هذه المدينة الواقعة في جنوب العراق.
وأشارت “ناورت” إلى أنّ وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، أمر بـ”المغادرة المنظّمة” لجميع الموظفين الأميركيين من “البصرة”، موضحة أن الخدمات القنصلية ستؤمنها السفارة الأميركية في “بغداد”.
وقال “بومبيو”، في بيان: “منذ بضعة أسابيع، إزدادت التهديدات لموظفينا ومرافقنا في العراق”.
وأضاف أن هذه التهديدات مصدرها “الحكومة الإيرانيّة وقوّة القدس، التابعة للحرس الثوري، وميليشيات يُساعدها ويُسيطر عليها ويُديرها قائد قوّة القدس، قاسم سليماني”.
تحميل إيران المسؤولية المباشرة..
وجدد وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، تحذيرًا بأن “الولايات المتحدة” ستحمل “إيران” مسؤولية مباشرة عن أي هجمات على الأميركيين والمنشآت الدبلوماسية الأميركية.
وقال: “لقد أبلغت حكومة إيران بأن الولايات المتحدة ستحمل إيران مسؤولية مباشرة عن أي ضرر يلحق بالأميركيين أو بمنشآتنا الدبلوماسية في العراق أو في أي مكان آخر، سواء أكان ذلك، (الضرر)، مرتكبًا من جانب قوات إيرانية بشكل مباشر أو من جانب ميليشيات مرتبطة بها”.
جاء ذلك في أعقاب هجمات صاروخية، قال “بومبيو” إنها كانت موجهة إلى القنصلية في “البصرة”.
وقال مسؤولون أميركيون إن الصواريخ لم تؤثر على القنصلية الموجودة في “مجمع مطار البصرة”.
وأوضح وزير الخارجيّة الأميركي: “لقد حصلت حوادث متكرّرة لإطلاق نار غير مباشر بإتجاه قنصليتنا العامة في البصرة، وبخاصّة في الساعات الأربع والعشرين الماضية”.
وتابع: “لقد أوضحت لإيران أن الولايات المتحدة سترد فورًا وبشكل مناسب على أي هجوم” يستهدف منشآت أميركية.
تحذير من السفر للعراق..
ليس هذا فقط؛ وإنما حذرت “الخارجية الأميركية” مواطنيها من السفر إلى “العراق”، في خطوة تأتي بعد ساعات فقط من إغلاقها القنصلية الأميركية في “البصرة” على خلفية تهديدات إيرانية.
وقال بيان لـ”الخارجية الأميركية”، إن المواطنين الأميركيين في “العراق” معرضون بشكل كبير للعنف والاختطاف، محذرة من أن قدرتها على توفير خدمات روتينية وطواريء لمواطني “الولايات المتحدة” في “العراق” محدودة للغاية.
العراق ملتزم بحماية البعثات..
وفي رد فعل على القرار، أعربت “وزارة الخارجية العراقية”، السبت 29 أيلول/سبتمبر 2018، عن “أسفها للقرار الأميركي بسحب موظفيها من البصرة”، مؤكدة على أن “العراق ملتزم بحماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية المقيمة على أراضيه”.
وأشارت الوزارة العراقية إلى أنها “تهيب بالبعثات الدبلوماسية أن لا تلتفت لما يتم ترويجه لتعكير جو الأمن والاستقرار والإساءة إلى علاقات العراق مع دول العالم”.
دعاية واتهامات كاذبة..
من جانبها؛ رفضت “إيران” ما وصفته “بالدعاية والاتهامات الزائفة” الأميركية، وأصرت على أنها تدين أي هجمات على مواقع دبلوماسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، إن “الجمهورية الإسلامية تدين أي إعتداء على الدبلوماسيين والمواقع الدبلوماسية”، متهمًا الولايات المتحدة بأنها تشجع “زعزعة الأمن في العراق” وتسعى الى “الضغط على حكومة البلاد”.
استهداف الكيانات والأشخاص الإيرانية في العراق..
وحول مشروع القانون، الذي يستهدف التصدي لمحاولات “إيران” زعزعة الاستقرار في “العراق”، فهو يحتاج إلى تصويت من مجلسي “النواب” و”الشيوخ” لإقراره بشكل نهائي، لاستهداف الكيانات والأفراد الإيرانيين الذين يهددون السلام والاستقرار في “العراق”.
ومن بين العقوبات المقترحة؛ تجميد أموال عدد من الشخصيات الإيرانية المتورطة في زعزعة الاستقرار في “العراق” وعدم منحهم تأشيرات لدخول “الولايات المتحدة”.
ولدى “إيران” عشرات الميليشيات المسلحة في “العراق”، منعت البلد الغارق في العنف من الاستقرار الأمني، بينما تهيمن “طهران” على العديد من الأحزاب السياسية.
فرض عقوبات سابقة..
وسبق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لـ”وزارة الخزانة الأميركية” أن فرض، في مطلع العام، عقوبات على 14 فردًا وكيانًا لعلاقتهم بإنتهاكات خطيرة في مجال حقوق الإنسان والرقابة في “إيران”، ودعم “برامج الأسلحة الإيرانية”.
وفي آيار/مايو الماضي، فرضت “واشنطن” عقوبات على 5 إيرانيين لإرتباطهم بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وتمكينهم “الحوثيين” في “اليمن” من إطلاق صواريخ على مواقع في “السعودية”.
وكان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قد كشف، في آذار/مارس الماضي، أن “الحرس الثوري” صرف مبلغ 16 مليار دولار، منذ عام 2012، من ثروات الشعب الإيراني لدعم نظام “بشار الأسد” والميليشيات الإرهابية في “سوريا والعراق واليمن”.
ترحيب سُني بمشروع القرار..
وأبدت جهات سياسية عراقية، ترحيبها بمشروع القرار الأميركي، فيما شددت على ضرورة القضاء على الميليشيات في “العراق”.
وأكد “المجلس الموحد للعشائر العراقية” بالمحافظات الست، (المحافظات السُنية)، أنه داعم لقرار الكونغرس الأميركي، بهدف استقرار البلاد والقضاء على الميليشيات.
وقال المتحدث باسم المجلس، “رعد السليمان”: إننا “كعشائر عراقية مع قرار الكونغرس الأميركي، من أجل حصر السلاح بين وزارة الداخلية والدفاع فقط، فنحن ضد إبقاء السلاح منفلت بيد الميليشيات المدعومة من قبل النظام الإيراني”.
وبيّن “السليمان”: أن “إيران لها نفوذ في العراق من أجنحة مسلحة، وهي تسعى الآن إلى توسيع هذا النفود وتصدير ثورتها إلى العراق، وهذه أحلام وردية، فهم لا يستطيعون تغيير شيء من قناعات العراقيين”.
الموقف ذاته عبر عنه أمين عام حزب الأمة العراقي، “مثال الألوسي”، قائلاً: “نحن مع هذا القرار، وكل عراقي يحترم السيادة العراقية ويحترم الأمن والسلم الاجتماعي وتحجيم الميليشيات يرحب بهذا القرار”، مؤكدًا: “ندعم ونرحب بأي خطوة عراقية إقليمية دولية تسعى إلى تحجيم الدور الإيراني في العراق والميليشيات المدعومة من قبلها”.
وأكد أمين عام حزب الأمة العراقي على أن “الميليشيات التابعة لإيران في العراق متورطة بالكثير من عمليات الجرائم والفساد، ويجب تحجيم دورها، حتى نحافظ على أمن واستقرار البلاد”.
التدخلات الإيرانية كبيرة..
أما رئيس “كتلة بيارق الخير” في مجلس النواب العراقي، “محمد الخالدي”، فقد أكد على أن “التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي الداخلي كبيرة وكثيرة”.
وبيّن: أن “هناك تدخلات إيرانية كثيرة في الشأن العراقي، وأي قرار دولي يمنع التدخلات الإيرانية في العراق مرحب به وهو من مصلحة العراق والعراقيين”.
وختم رئيس “كتلة بيارق الخير” بالقول: إن “العراق بحاجة إلى سيادة، وإلى أن يتخذ القرارات المهمة والمصيرية بنفسه”.
توتر وعقوبات..
يذكر أن العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”إيران” تشهد توترًا متصاعدًا إثر إعلان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، انسحاب بلاده من “الاتفاق النووي”، في آيار/مايو الماضي.
وتبادل “ترامب” ونظيره الإيراني، “حسن روحاني”، الانتقادات في “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، الثلاثاء الماضي، إذ تعهد “ترامب” بمزيد من العقوبات، واتهم زعماء “إيران” ببث “الفوضى والقتل والدمار”.
ولا تزال “الولايات المتحدة” حليفًا قويًا لـ”العراق”، خصوصًا بعد دعمها له في دحر “تنظيم الدولة الإسلامية” من البلاد. لكن هذه العلاقة وإن بقيت مستقرة نوعًا ما، شهدت تقلبات في السياسة منذ العام 2003، حين إجتاحت القوات الأميركية البلاد لإسقاط نظام “صدام حسين”.
كما أن لـ”الولايات المتحدة” مئات الجنود والمستشارين المنتشرين في مناطق عدة من البلاد.
وعلى الجانب الآخر؛ فإن “العراق” حليف لـ”إيران”، ويجد نفسه في خضم العلاقة المتوترة بين “واشنطن” و”طهران”.
ولـ”إيران” نفوذ كبير في “العراق”، وخصوصًا في الجنوب ذي الغالبية الشيعية.