قد تؤدي إلى تصعيد على أرض العراق .. شروط “الصدر” للميليشيات المسلحة تعجيزية تمنع دخولهم في تشكيل الحكومة المقبلة !

قد تؤدي إلى تصعيد على أرض العراق .. شروط “الصدر” للميليشيات المسلحة تعجيزية تمنع دخولهم في تشكيل الحكومة المقبلة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في ضربة جديدة لكل مخططاتها، دعا رجل الدين العراقي، “مقتدى الصدر”، الذي كان أهم الفائزين في الانتخابات التشريعية؛ التي جرت الشهر الماضي، فصائل مسلحة موالية لـ”إيران” في البلاد؛ إلى حل نفسها وتسليم أسلحتها لقوات (الحشد الشعبي)؛ المخولة من الحكومة إن أرادت الإنضمام لحكومته المقبلة.

وفي المقابل؛ طلب من قوات (الحشد الشعبي): “تطهير” صفوفها من: “العناصر غير المنضبطة”؛ وتسليم: “الأفراد الفاسدين” إلى القضاء، وفقًا لوكالة (آسوشيتيد برس).

غير أن تلك الدعوة لن تلقى قبولاً من الميليشيا، ما قد يُعقد بدوره من جهود “الصدر” لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات، وقد يُزيد أيضًا من التوترات بين من يدعمون الفصائل الموالية لـ”إيران” وبين أنصار “الصدر” أنفسهم.

وكانت الفصائل الموالية لـ”إيران” قد خسرت عددًا كبيرًا من مقاعد البرلمان، في الانتخابات العامة؛ التي أجريت في 10 تشرين أول/أكتوبر الماضي، ووصفت التصويت بأنه: “مزور”، كما رفضت النتائج.

وخرج أنصارها في احتجاجات أمام “المنطقة الخضراء”، شديدة التحصين في “بغداد”، وتحولت تلك الاحتجاجات إلى الدموية مطلع الشهر الجاري، عندما حاول متظاهرون اقتحام “المنطقة الخضراء” مطالبين بإعادة فرز الأصوات. وقُتل محتج على صلة بالميليشيات في تبادل إطلاق نار، وألقت فيه الميليشيات باللوم على رئيس الوزراء المنتهية ولايته، “مصطفى الكاظمي”.

وتصاعدت التوترات بعد محاولة اغتيال فاشلة، لـ”الكاظمي”؛ استهدفت منزله في اليوم التالي.

وأصيب رئيس الوزراء بجرح بسيط؛ وأصيب عدد من حراسه في هجوم، 07 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، الذي شنته طائرات مُسيرة على مقره في “المنطقة الخضراء”.

ولم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، بالرغم من وقوع الشك مباشرة على الفصائل المسلحة.

الخسارة لن تكون ذريعة لتدمير العملية الديمقراطية..

وأضاف “الصدر”؛ في مؤتمر صحافي نادر، الخميس، أن خسارة الفصائل لا يمكن أن تكون ذريعة لتدمير العملية الديمقراطية.

وتسعى كتلة “الصدر” إلى ضم شركاء آخرين في ائتلاف حاكم وتسمية رئيس الوزراء المقبل.

وبدا واضحًا أن الاحتجاجات التي خرجت من أنصار الميليشيات المتشددة، الموالية لـ”إيران”؛ هدفها الضغط على “الصدر” لضمان حجز مقعد لها في الحكومة المقبلة، لكن دعوة “الصدر” معناها عمليًا استبعاد ذلك.

كما ظهرت بوادر انقسام داخل بعض الميليشيات الموالية لـ”إيران”؛ في ظل وجود قوات (الحشد الشعبي)، وانشقت لتكون جماعات مجهولة جديدة، ما سمح لها بإعلان مسؤوليتها عن هجمات استهدفت مصالح أميركية.

تصحيح أخطاء إدارة “بايدن”..

وفي سياق متوافق مع تصريحات “الصدر”؛ قال زعيم الجمهوريين في “مجلس الشيوخ” الأميركي، “ميتش ماكونيل”، أمس الخميس، إن: “الإرهابيين المدعومين من إيران ينتشرون باليمن والعراق وسوريا”، معتبرًا أن: “على مجلس الشيوخ تصحيح أخطاء إدارة (جو) بايدن”.

وأضاف “ماكونيل”؛ في بيان: “في الشرق الأوسط، ينتشر الإرهابيون المدعومون من إيران؛ من اليمن إلى العراق إلى سوريا. لقد تشجعوا لأن قوة الردع لدينا تآكلت. نظرًا للهجمات المتعددة على القوات والمنشآت الأميركية، نحن محظوظون لأن المزيد من الأميركيين لم يُقتلوا. قد تكون مسألة وقت فقط؛ قبل أن نرى خسائر أميركية على أيدي الإرهابيين المدعومين من إيران”.

في سياق متصل؛ علّق السيناتور الجمهوري البارز وعضو “لجنة العلاقات الخارجية” في “مجلس الشيوخ” الأميركي، “جيم ريش”؛ على الاجتماع “الأميركي-الخليجي” الأخير، الذي تناول الملف الإيراني، ودعا إدارة “جو بايدن” إلى التعامل مع النفوذ الإيراني الخبيث؛ الذي يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال “ريش” في تغريدة: “‏لقد ضغطت طويلاً على إدارة بايدن؛ بشأن الحاجة إلى معالجة التأثير الإقليمي الخبيث لإيران والممتد من سوريا إلى اليمن، حيث ما زال وكلاء إيران يزعزعون الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.

وأضاف: “هناك المزيد الذي يتعيّن القيام به، ويجب أن يكون الأشخاص الموجودون في الخطوط الأمامية، (بهذه المواجهة مع إيران)، جزءًا من المحادثات”.

ضربة للمحاصصة والتوافق..

تعليقًا على تصريحات “الصدر”، يقول الباحث في الشأن السياسي، “هاشم الشماع”؛ أن خطاب السيد، “مقتدى الصدر”؛ يوم الخميس، لم يأتِ بجديد فما جاء في كلمته مضامين كان يطرحها في مناسبات متعدد، لاسيما حل المجاميع المسلحة وتسليم أسلحتها إلى الدولة، لكن الجديد في الخطاب هو إصرار “الصدر” على تشكيل حكومة أغلبية؛ وإذا لم تتحقق سيذهب إلى المعارضة، وهذا مطلب عراقي قديم، لكن الظروف الذاتية والموضوعية لم تسمح في تلك المراحل بطرح مثل هذه المطالب؛ كما أن العراقيين بعد 2003 لم يكونوا يدركوا ما معنى الحكومة التوافقية أو الحكومة الأغلبية أو النظام البرلماني وغيره من أشكال الحكم؛ كون أن الفترة التي عاشها “العراق”، تحت الحكم الدكتاتورية؛ غيب عنهم هذه المفاهيم، فلما تشكل النظام البرلماني والحكومة التوافقية والمحاصصاتية لم يكونوا يعرفون أبعادها حتى ذاقوا الأمرين ولمسوا مأساة تلك التشكيلات.

موضحًا أن ما يطرحه السيد “مقتدى الصدر”، اليوم؛ من مفهوم حكومة الأغلبية، وهذا يعني ضرب المحاصصة والتوافق وبكل تأكيد هذا ما لا يُرضى المعسكر الآخر الذي تربى على التوافق والمحاصصة؛ وأعتقد سيُصر على ذلك؛ وبهذا الإصرار ستتأخر كثيرًا تشكيل الحكومة التي أعتقد أنها ستكون توافقية وليس كما يُريدها زعيم (التيار الصدري) أغلبية؛ لأن الكُرد والسُنة أيضًا لا يرغبون بالأغلبية؛ بل يُريدون التوافق، لافتًا إلى أن مفهوم الأغلبية في هذه المرحلة لم يُطرح إلا من قبل الصدريين وحدهم؛ وهذا ما سيُصعب عليهم مهمة تشكيل الأغلبية.

إعادة تحريك الأجواء..

من جهته؛ قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، الدكتور “سعدون التكريتي”، إن: “المتابع للأحداث يُدرك حتمًا أن هدوء الأوضاع لن يكون مستمرًا إلى ما لا نهاية، والإشكالية أن البديل هو الصدام والإقتتال (الشيعي-الشيعي)”.

وأوضح “التكريتي”؛ أن: “ملف الانتخابات وصل إلى عقدة مُحكمة ليس من السهولة حلها، لأن أي حل يقتضي تنازل من أحد الطرفين، وهو أمر صعب”، لافتًا إلى أنه: “في كل مرة الإرادة الخارجية كانت هي التي تحل الأزمات، واليوم يبدو أن بعض التفلت سيحصل، وهنا الخشية”.

ورأى الباحث أن: “كلمة زعيم (التيار الصدري)، مقتدى الصدر، أعادت تحريك الأجواء، وهي خطوة استباقية فعلاً، وأنه أكد عدم تنازله، وأن رؤيته هي تشكيل حكومة فائزين لا غير”.

مشيرًا إلى أن: “الصدر؛ بهذا الخطاب إما أن يحصل على حكومة أغلبية وطنية كاملة الصلاحيات، أو يذهب إلى المعارضة، وسيعمل على إسقاط أي حكومة يُشكلها الآخر بعد أشهر، لما يمتلكه من مقاعد بالبرلمان، وقدرته على تحريك الشارع الصدري”.

وأضاف “التكريتي”: “ناهيك عن خيار تحريك فصائله المسلحة، (سرايا السلام)، لفرض الأمر الواقع في البلد. أما قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي، فالساعات المُقبلة هي التي ستُبين موقفهم الأخير”.

ونوه “التكريتي” إلى أن: “المعلومات قبل خطاب، الصدر؛ كانت تُشير إلى وجود مساع للتسوية، وتنازلات ومفاوضات، وأن قوى (الإطار التنسيقي) ذاهبة إلى التصعيد، الجمعة، وستكون فيها رسالة واضحة في حال حدوث اضطرابات، أو لا ويمكن فهم أين تسير الأمور في الاتجاهين”.

وبحسب معلومات الباحث، فإن: “طهران؛ أوصلت رسالة إلى القوى السياسية العراقية قبل أيام، مفادها أن رئيس الوزراء العراقي المقبل لن يكون صدريًا، وإنما ضمن محور (الفتح)؛ بزعامة هادي العامري، ومن لف لفهم؛ (القوى الموالية لإيران)”.

شروط تعجيزية تضعها في زاوية حرجة..

وفي السياق ذاته؛ قال الباحث والأكاديمي العراقي، “وحيد عباس”؛ إن: “الصدر بالفعل وضع القوى الشيعية الخاسرة في زاوية حرجة، لأن الشروط التي طرحها تعجيزية، ولا يمكن للميليشيات أن تحلّ نفسها، لأنها ستكون نهايتها، أي بمثابة إطلاق رصاصة الموت على نفسها”.

وأضاف “عباس” أن: “هذه القوى والميليشيات الموالية لإيران تُسيطر على منافذ حدودية، ولها مكاتب اقتصادية في عموم البلاد، باستثناء إقليم كُردستان، تُدر لها مليارات الدولارات، فضلاً عن سطوتها السياسية والعسكرية على مؤسسات الدولة المختلفة”.

تقطع الطريق على دخولهم في تشكيل الحكومة المقبلة..

ولفت الأكاديمي إلى أن: “شروط الصدر تُعتبر أيضًا قطعًا للطريق أمام دخول هذه القوى في أي حكومة مقبلة يُشكلها، وبذلك يدفعهم إلى أن يكونوا في جانب المعارضة، ويفسحوا المجال أمامه لتشكيل الحكومة المقبلة بأغلبية الفائزين، لكن الأمر لا يمكن أن يمر بسهولة”.

توقعات بالتصعيد في الفترة القادمة..

“عباس” نبّه إلى أن: “الصدر؛ بطرح شروطه على هذه القوى، أظهرهم أمام العراقيين على أنهم مجموعة من الفاسدين والخارجين عن القانون والعملاء للخارج، ويسعون إلى تخريب البلد والعملية الديمقراطية فيه”.

ورأى الباحث أن: “الأمور ربما تذهب إلى التصعيد في العراق، لأن القوى الخاسرة لن ترضخ بهذه السهولة وتُسلم رقبتها للصدر، الذي -على ما يبدو – سينقض عليهم، ويقصقص أجنحتهم ويحجمهم في حال تولى تياره تشكيل الحكومة المقبلة”.

ولم يستبعد “عباس” أن تذهب بعض الأطراف من: “الإطار التنسيقي” للتحالف مع (التيار الصدري)، لا سيما تحالف (قوى الدولة)، الذي يضم تيار (الحكمة)؛ بقيادة “عمار الحكيم”، وائتلاف (النصر)؛ بزعامة “حيدر العبادي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة