خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
أخيرًا وبعد أشهر من توتر العلاقات الإيرانية مع “الوكالة الدولية”، وانقضاء نحو نصف مهلة الثلاثين يومًا قبل تفعيل (الترويكا) الأوروبية “آلية الكماشة”، احتضنت “مصر” توقّيع “إيران” و”الوكالة الدولية” على إطار جديد للتعاون، قال عنه “عباس عراقجي”؛ وزير الخارجية: “آلية عملية للتعاون، تعكس الظروف الأمنية الاستثنائية التي تعيشها إيران، والمتطلبات الفنية للوكالة”. بحسّب تقرير “علي عمادي”؛ المنشور بصحيفة (قدس) الإيرانية.
ولا تزال ردود الأفعال في الأوساط الداخلية مستمرة، ورأى البعض أن الاتفاق يُمثّل وقوعًا في الفخ، بالنظر إلى الهجمات الأميركية والصهيونية الأخيرة على “إيران” وتقاعس “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” عن إدانة الهجوم، وفسّروه بأنه يُضّر بـ”الجمهورية الإسلامية”.
على سبيل المثال؛ علق “حميد رسائي”، النائب البرلماني، على الغموض المحيط ببنود الاتفاق، وكتب: “غروسي؛ يتحدث عن تفتيش جميع المراكز الإيرانية، بينما يتحدث عراقجي عن (بوشهر) فقط. ونشر نص الاتفاق هو السبيل لإسكات غروسي”.
بدوره؛ وجه “كامران غضنفري”؛ النائب البرلماني عن دائرة “طهران”، تهديدات لوزير الخارجية على الفضاء المجازي، وكتب: “إما أن ترفض بشكلٍ علني تصريحات (غروسي) وتضع نص الاتفاق أمام البرلمان، أو تستعد للاستجواب، والسلام”.
العقلانية الجمعية.. الاستراتيجية الإيرانية الأقل تكلفة..
أكد وزير الخارجية في إطار الحديث عن شفافية الاتفاق الجديد مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”: “لن نتهاون في الدفاع عن مصالح الشعب الإيراني، وقد جرت المباحثات الأخيرة تحت إشراف المجلس الأعلى للأمن القومي. وقد روعي قرار البرلمان الأخير، واعترفت الوكالة رسميًا بضرورة الوصول إلى شكل جديد من التعاون. ولم نمنح الإذن بالوصول في الوقت الحالي فحسّب، بل لم يتم تحديد موعد لذلك أيضًا، وفي النهاية فإن صلاحية هذا الاتفاق قائمة ما لم تُتخذ إجراءات تدميرية مثل تفعيل آلية الزناد”.
في المقابل؛ تطرق الدكتور “سيد حسن رسولي”، الخبير السياسي وعضو (جبهة الإصلاح)، للحديث عن استمرار المباحثات مع الوكالة، وانتقد الغموض بخصوص “اتفاق القاهرة”، وقال: “لطالما حظي الملف النووي بالحساسية والأهمية، والقرار بشأن البرنامج النووي يتجاوز التيارات السياسية والأذواق الإدارية الشائعة”.
ورغم الانتقادات تُجدر الإشارة إلى أنه ليس بمقدور رؤساء السلطات التنفيذية والأجهزة الإدارية، الانفراد باتخاذ قرار يُخص أهداف، واستراتيجيات، وتكتيكات المفاوضات النووية، ولكن القرارات في هذا الشأن تتبع أُطر جماعية لـ”المجلس الأعلى للأمن القومي”، وأعلى مستوى استراتيجي للسلطة السياسية، وهو ما أكده “عراقجي” نفسه.. ورغم استمرار ظلال الحرب؛ لكن لا يجب نسيان زيارة مفتشي الوكالة إلى محطة (بوشهر) والإشراف الكامل على عملية استبدال الوقود في المحطة قبل المباحثات الأخيرة في “القاهرة”.
وقرار السماح بدخول المفتشين من عدمه، يتجاوز المواقف الحزبية، ولا تؤثر وجهات النظر الفردية أو الحزبية التي تُراعي فقط المعادلات السياسية الداخلية،على أهمية هذا الملف الوطنية.. بعض الأفراد والتيارات السياسية بلغت مستوى استجواب وزير الخارجية، لكن العقل الجمعي للمسؤولين اتخذ قرار التعاون المشروط مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، ومراعات الاستقلال والكرامة الوطنية، باعتبارها الاستراتيحية الأقل تكلفة في ظل الظروف الراهنة.
التفكيك بين الوكالة والدول الغربية خطأ..
بدوره؛ يعتقد الدكتور “فؤاد ايزدي”، الأستاذ بـ”مركز الدراسات العالمية” جامعة (طهران)، وخبير الشأن الدولي، عدم امتلاك الغرب معلومات دقيقة وكاملة عن حالة المواقف النووية الإيرانية، وحجم (اليورانيوم) المخصَّب، وهذه المسألة قد تُمهدّ للمزيد من الضغوط الجديدة بل وهجمات محتملة، وقال: “لو يراعي المسؤولين الإيرانيين الدقة، ونقلوا المعلومات المنقوصة للأطراف المقابلة، فلن يكون الوضع جيدًا بالنسبة للجمهورية الإيرانية، وسيعثر الأوروبيين على ذريعة لتفعيل آلية الزناد. علمًا أن هدف الغرب الرئيس ليس تفعيل آلية الزناد، ولكن الضغط للحصول على المزيد من الامتيازات، والوصول إلى اتفاقيات تخدم أهدافهم. آمل ان تكون تصريحات المسؤولين بوزارة الخارجية صحيحة، لكن تجربة الاتفاق النووي أثبتت اختلاف تصريحات المسؤولين أحيانًا عن الواقع، وتبّين أن التحليلات كانت خاطئة”.
وفي تحليله للمسّار الدبلوماسي بين “طهران” والوكالة، أضاف: “في مراحل مختلفة، تم الإعلان عن مواقف متباينة من المسؤولين تجاه الوكالة. في البداية، قيل إن المشكلة ليست مع هيكلية الوكالة، بل مع مديرها الحالي. لكن هذا الفصل بين الوكالة والدول الغربية، التي تقع تحت نفوذها، خطأ؛ إذ إن الإدارة الحالية للوكالة غربية بالكامل، ولا ينبغي تصوّر وجود فرق بينها وبين تلك الدول. والتفاؤل غير المبرر تجاه الطرف المقابل، وفصل الوكالة عن الدول الغربية، يمكن أن يضع إيران في موقف خطير، ومن الضروري أن يولي المسؤولون في البلاد اهتمامًا بالغًا، وأن يضعوا المصلحة الوطنية في المقام الأول”.