يوجد في بغداد حاليا للاعتراض على قرار اقالته محافظ الانبار احمد خلف الذيابي بعد ايام من توجيه كلمته المتلفزة التي بعثها من مشفاه الالماني في برلين التي لمح فيها الى شفائه من الجروح التي اصيب بها في معركة بروانة قبل ثلاثة شهور وقرب عودته لمباشرة اعماله لكن هذا لم يوقف التنافس الشديد الذي تشهده قيادات المحافظة للفوز بمنصبه بعد ان اثبتت التقارير الصحية انه لم يعد صالحا للعمل بسبب معاناته من رجة في دماغه بعد فشل الاطباء الالمان في علاجها وابلغوا مرافقيه بانها ستقوده الى الشلل او الموت قريبا.
ورغم الرعاية الحكومية والاهتمام الشخصي الذي ابداه احمد ابو ريشة وسعدون الدليمي لعلاج المحافظ ونقله الى الاردن ومن ثم الى المانيا، الا ان المعلومات المتسربة من مرافقيه الذين لازموه في عمان وبرلين تؤكد ان احمد خلف لم يعد قادراً على أداء مهامه وليس امامه غير الاعتزال والاحالة على التقاعد ، وهو ما اشار اليه عضو مجلس المحافظة اركان الطرموز وأعلن ايضاً عن فتح باب الترشيح لاختيار محافظ جديد بدلا منه.
ووفق معلومات خاصة حصلت عليها (العباسية نيوز) من اعضاء في مجلس المحافظة وفعاليات سياسية وقيادات عشائرية يقيمون جميعهم خارج المحافظة ويتنقلون بين اربيل وبغداد ودبي وعمان، خوفا من تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على 85 بالمائة من المحافظة حسب اعتراف المسؤولين الحكوميين، فان ثلاثة تكتلات برزت في الايام القليلة الماضية تتنافس بشدة للحصول على منصب المحافظ، تتمثل في وزير المالية الاسبق رافع العيساوي ورئيس كتلة (الحل) جمال الكربولي وعضو قيادة الحزب الاسلامي صهيب الراوي، وكل تكتل يبذل جهودا حثيثة ويبذخ الاموال الطائلة لحيازة هذا المنصب الذي يدر ذهباً على من يتولاه خصوصا وان محافظة الانبار تعيش منذ نهاية عام 2012 اوضاعا مرتبكة مكنت المحافظ احمد خلف من الاستيلاء على مليارات الدنانير عبر التخصيصات المالية التي منحها له رئيس الحكومة السابق نوري المالكي او الاموال التي نقلها اليه وكيلا وزارة الدفاع والداخلية سعدون الدليمي وعدنان الاسدي بدعوى مكافحة داعش وذهبت الى جيبه وجيوب شيوخ الحكومة كما يصطلح على تسميتهم امثال احمد ابو ريشة وحميد الهايس ووسام الحردان ورئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت وعدد من اعضاء مجلس المحافظة.
واستنادا الى تلك المعلومات فان رافع العيساوي كان الى ايام مضت يسعى لتولي منصب محافظ الانبار يدعمه في مسعاه حليفه في ائتلاف (متحدون) نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، ولكن تأخر رئيس الحكومة حيدر العبادي في انهاء التعقيبات القانونية ضده، جعله يميل الى ترشيح عضو مجلس المحافظة الحالي جاسم الحلبوصي وهو شخصية اكاديمية سبق له العمل في جامعة الانبار ورئاسة مجلس المحافظة ، ولكن يؤخذ عليه ضعفه وافتقاره الى الحسم اضافة الى رضوخه الكامل لمزاج رافع واجندته في المحافظة، والمعلومات تشير ايضا الى سلسلة اجتماعات عقدت بين العيساوي ورئيس كتلة الحل جمال الكربولي في العاصمة الاردنية حيث يقيم الاثنان بهذا الصدد لم تسفر عن نتائج مرضية للطرفين، بعد ان اتضح ان الاخير عقب خسارتيه المزدوجتين في ذهاب وزارتي الصناعة والكهرباء اللتين كانتا من حصته في الحكومة السابقة الى التيار الصدري وقاسم الفهداوي في الحكومة الجديدة، فانه يبذل جهودا مضنية ووعودا وردية للحصول على المنصب خصوصا وانه يملك في مجلس المحافظة الحالي تسعة اعضاء من بينهم رئيس المجلس صباح كرحوت الحلبوصي من اصل 29 عضوا، ويحاول الكربولي تقديم شقيقه احمد وزير الصناعة السابق كمرشح بديل للذيابي ولكنه يحتاج الى اصطفاف ستة من اعضاء مجلس المحافظة معه للفوز به، وهو أمر غير قادر عليه بعد معلومات تناقلتها مصادر نيابية سنية اطلعت عليها (العباسية نيوز) تفيد ان جمال ليس في وضع مالي رصين ويفتقد الى السيولة النقدية في اعقاب استنزاف قناته الفضائية (دجلة) لملايينه الدولارية اضافة لشرائه عشرات المواقع الالكترونية والشبكات الاخبارية التي اثقلت كاهله، في حين تواترت انباء عن قيام الحزب الاسلامي بتخصيص ميزانية تبلغ خمسة مليون دولار لانجاح مرشحه صهيب الراوي في الفوز بالمنصب.
اما فيما يتعلق بنائب رئيس الحكومة صالح المطلك الذي ينتمي ثلاثة من اعضاء مجلس المحافظة الى ائتلافه (العربية) فان المعطيات السياسية تشير الى الى انه اكتفى بالمراقبة وانتظار ما يتمخض عنه تنافس العيساوي والكربولي والحزب الاسلامي رغم ان احد حلفائه السياسيين الجدد وهو وزير الكهرباء قاسم الفهداوي يسعى هو الاخر الى جس نبض بعض الاعضاء وعدد منهم زامله عندما شغل منصب محافظ الانبار قبل اربعة اعوام في تسويق ابن عمه عضو مجلس المحافظة الحالي فارس الفارس الفهداوي وترشيحه كمرشح عن قائمة الوفاء للانبار وائتلاف العربية.
ودخل سباق الترشيحات لتولي منصب الانبار عضو مجلس المحافظة الحالي اركان الطرموز الذي يحظى بدعم نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي، الا ان المعلومات عنه تفيد بان حظوظه بالفوز ضيئلة جدا أمام وعود الكربولي وبذخ الحزب الاسلامي.
في المقابل تبقى صورة النائب السابق المعتقل احمد العلواني الذي يحظى بتعاطف شعبي وتأييد عشائري كبيرين في صدارة المرشحين بعد ان تزايدت الدعوات السياسية والجماهيرية لاطلاق سراحه وغلق ملفه القضائي الذي افتعله نوري المالكي واوكل الى رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود تنفيذه ، وتؤكد الانباء بان رئيس الحكومة حيدر العبادي بصدد اقالة المحمود من منصبه عقب ضلوعه في مؤامرة اكتشف ان المالكي يحركها من خلف الستار لتأزيم الاوضاع الامنية وتفجير مزيد من الازمات امام حكومة المالكي بقصد افشالها ابرز صورها اصدار حكم الاعدام على العلواني بينما كانت المعطيات لدى العبادي قبل الجلسة الاخيرة للمحكمة تفيد بان التهم الموجهة للعلواني مفتعلة والحكم سيصدر لصالحه وفجأة تغير الموقف وجاء ضده.
وواضح ان العلواني في حال اطلاق سراحه بعفو خاص يعكف العبادي بالتعاون مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم على صياغته واصداره قريبا حسب ما افاد به عدد من النواب سيعتذر عن قبول منصب محافظ الانبار، ليس ترفعاً عن المنصب وانما ابتعادا عن الملابسات التي تعيشها المحافظة في هذه المرحلة ولا يريد العلواني ان يكون جزء منها خاصة وان التوقعات الحكومية تشير الى ان الدولة الاسلامية على وشك الاستيلاء عليها بالكامل خلال ايام قليلة.
وينقل عن نواب من كتل سنية وشيعية وكردية ان العلواني الذي اقتحم منزله في الرمادي وقتل شقيقه الشيخ علي والقي القبض عليه في انتهاك سافر لحصانته النيابية ومحاكمته خلافا للقانون والحكم عليه بالاعدام بتهم باطلة، استقطب تأييدا شعبيا واسعا وحظي بتعاطف سياسي كبير، هو قادر على ضبط المحافظة معتمدا على ذلك التأييد والتعاطف، ويقال ان العبادي متفق مع هذا الرأي وكان يعد العدة للافراج عنه واقناعه بقبول منصب المحافظ ولكن الاعيب المالكي واجراءات مدحت المحمود قلبتا عليه الامر.
واستناداً الى مصادر في تحالف (كرامة) الذي يقوده الشيخ خميس الخنجر والعلواني ابرز رموزه في الانبار، ان التحالف معني في هذه المرحلة بالافراج عن العلواني بعد ان ثبتت براءته من التهم التي ساقها نوري المالكي ضده لاغراض سياسية ، وبالتالي فان قبوله بمنصب محافظ الانبار بعد اطلاق سراحه يعتمد بالدرجة الاولى على رغبة آهالي المحافظة والفعاليات الشعبية والعشائرية التي لا يقدر العلواني على رفضها، ولكن مصادر (كرامة) تؤكد ان رافع العيساوي وجمال الكربولي والحزب الاسلامي يبذلون جهودا محمومة لحسم منصب المحافظ بسرعة قبل الافراج عن العلواني ودخوله على خط الترشيحات التي ستكون لصالحه نظراً لشعبيته الكاسحة وحب وتقدير الانباريين له، ولا يستبعد المراقبون السياسيون ان تعقد صفقة بين الاطراف الثلاثة لانهاء هذه القضية والاتفاق على مرشح واحد خلال الايام القليلة المقبلة.
وعلى العموم فان منصب محافظ الانبار رغم اهميته السياسية والمناطقية والاقليمية يبقى فارغا من هذه المضامين اذا لم يتسلمه شخص كفوء ونزيه له علاقات شعبية وعشائرية طيبة في المحافظة التي لم تشهد استقرارا منذ احتلال العراق في عام 2003 الى اليوم، وهي مرشحة لتداعيات اخطر من السابق بعد ان فرض تنظيم الدولة الاسلامية نفسه عليها كقوة ضاربة بعد ان تهاوت القوات الحكومية امام هجماته وهرب جميع المسؤولين فيها بما فيهم نوابها ورئيس واعضاء مجلسها وقادة الوحدات العسكرية والامنية رعباً منه.