خاص : ترجمة – آية حسين علي :
قُتل زعيم تنظيم (داعش) الجهادي، الأحد، في غارة أميركية سرية بالقرب من قرية “باريشا”، بمحافظة “إدلب” السورية، ليُنهي بذلك مسيرة حيرت كثير من المحللين عن كيف يمكن أن يتحول شاب مهووس بكرة القدم إلى زعيم لأكبر تنظيم جهادي في العالم؛ ذلك الرجل العراقي الذي استطاع الإختباء لسنوات؛ ظهر خلالها في تسجيلات صوتية قليلة للغاية ومقاطع مصورة مقتضبة بعث فيها برسائل إلى العناصر الموالية له وهدد وتوعد، بات اليوم أمام الله فليحاكمه كيف يشاء.
وذكرت مصادر أمنية عراقية أن المخابرات الوطنية ساعدت في تحديد موقع “البغدادي”، شمال غربي “سوريا”، وأن العملية شملت مقتل المسؤول الأمني الخاص بـ”البغدادي”، “غزوان الراوي”، وبث التليفزيون الرسمي لقطات مصورة للغارة.
كما أشارت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية إلى تعاون المخابرات العراقية والكُردية مع القوات الأميركية في تحديد مكان وجود “البغدادي”، وأضافت أن استجواب إحدى زوجات “البغدادي” منح القوات الأميركية معلومات حول موقعه، وأشارت إلى أن قرار الرئيس الأميركي بسحب القوات من شمال شرقي “سوريا” جعل مهمة القوات أصعب.
وكان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، هو أول من أعلن عن العملية في تغريدة غامضة كتب فيها: “حدثًا كبيرًا حصل للتو”؛ ثم عرف العالم كله بتفاصيل الحدث.
حملة لكشف حقيقة “البغدادي” قبل مقتله..
ظهرت قبيل مقتل “البغدادي” حملة على مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت نشر العديد من الأسرار التي تكشف أن (داعش) بُني على كذب وباطل، يقود هذه المنشورات مجموعة من القادة السابقين في التنظيم، اتهموا فيها “البغدادي” بأنه كاذب يستخدم الدين من أجل تبرير إرتكاب الجرائم التي تُعتبر ذنوبًا أمام الله، وبحسب صحيفة (لا راثون) الإسبانية؛ فإن هؤلاء القادة هم من الفارين من “العراق” و”سوريا” ولم يشاركوا في عمليات التطهير التي أمر بها “البغدادي” عناصره.
ووضع القادة السابقون مجموعة من الأفكار الأساسية التي توضح إيديولوجية “البغدادي” وطريقة فهمه للدين، وكلها أمور لا تجعله مبعوث الله في الأرض؛ إذ أشاروا إلى أنه يخالف القيم التي وردت في القرآن والسُنة، مع ذلك يستخدمهما لتبرير جرائمه وأن أفضل شيء عليه فعله هو أن يتوب عن ذنوبه.
من بين الانتقادات التي وجهت له أيضًا أنه أعلن خلافة كاذبة باسم “النبي محمد”، (ص)، وهو إفتراء بشكل كامل، كذلك تمت الإشارة إلى النصر الذي وعد به عناصره في كل مكان، لكنه على الواقع لم يستطع تحقيق أي شيء سوى الإختباء كي لا يعثروا عليه، كما أنه ترك الأسرى، (أغلبهم من النساء والأطفال)، معلقين ولم يستطع مواجهة القوات في أصعب لحظات الحرب في “سوريا” و”العراق”.
“البغدادي” يُصدر كلماته الأخيرة..
جاءت آخر رسائل وجهها “البغدادي”، قبل مقتله، ردًا على الاتهامات التي وجهت له خلال الحملة؛ إذ نشر على صحيفة (النبأ) الإلكترونية مجموعة من المقالات المطولة أكد فيها أن الحرب التي يقودها غير منتهية، وأنها سوف تصل إلى سيطرته على العالم كله، معترفًا بأنه لم يعد هناك حيلة سوى الصبر حتى تحقيق النصر.
كان “البغدادي”، في العدد (205) والأخير من الصحيفة؛ قد أكد أن المجاهدين سوف يواصلون الحرب الخالدة وأن أعداءهم، بغض النظر عن عددهم وقوتهم، يفرون خوفًا من أن يطالهم الهلاك، وأشار إلى أن العناصر التابعة له ينفذون كل يوم إعتداءات أكثر في “العراق” و”سوريا”، وأن التنظيم ينمو ويغزو، وأضاف أن لا أحد يستطيع تحمل حرب تمتد إلى هذه المدة، ولن يتمكن الجميع من البقاء على قيد الحياة لأنها حرب غير منتهية.
وخلال رسائله أيضًا أشار إلى أن أعماله الإجرامية ليست سوى نفق مرعب، ومتاهة طويلة الأجل، ولا توجد حدود لها؛ إذ سوف تصل إلى كل مكان على الأرض، كما تضمنت آخر كلماته الهجوم على تنظيم (القاعدة)، الذي يرغب في سحقه، كما هاجم الخلفاء الذين وصفهم بـ”المنافقين المرتدين عن دين الإسلام”، وأكد أنه سوف يستمر لواء الإسلام وسوف يواصل المجاهدون حربهم الخالدة لمواجهتهم.
وهنا يُطرح سؤال: هل يعني مقتل “البغدادي” نهاية الفصل الأخير من تنظيم (داعش) الإرهابي، أم أن عناصره قادرة على جمع شتاته وقد يظهر متشدد آخر يعلن أنه الخليفة الجديد ؟