وكالات – كتابات :
أكدت “محكمة التمييز”، في “إقليم كُردستان العراق”، أحكامًا بالسجن، ست سنوات، بحق خمسة صحافيين وناشطين، كانوا قد اعتقلوا، قبل أشهر وحوكموا بتهم عدة.
والمدانون؛ هم الصحافيون: “أياز كرم بروشكي” و”كوهدار محمد زيباري” و”شيروان شيرواني”، والناشطان: “شفان سعيد” و”هاريوان عيسى”.
وقال “آسو هاشم”، محامي المدانين الخمسة، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية؛ إن: “ثلاثة من خمسة قضاة، في محكمة التمييز، أكدوا الحكم الصادر، في 16 شباط/فبراير الماضي، من محكمة في أربيل، عاصمة الإقليم”.
ومن بين التهم الموجهة إلى الصحافيين والناشطين: “التحريض على التظاهر ضد الحكومة، وزعزعة الاستقرار في الإقليم”.
محاكمات غير عادلة !
وسلط تقرير صحافي، السبت، الضوء على محاكمة صحافيين وناشطين، في “إقليم كُردستان العراق”، من دون حضور محاميهم أو السماح لهم بمقابلتهم، وتحدث عن: “محاكمات جنائية غير عادلة”، لمجرد انتقاد السياسات الحكومية، التي يعترضون عليها، أو التعبير عن مخاوفهم من النخب السياسية.
ونقل التقرير؛ عن باحثة في منظمة (هيومن رايتس ووتش)؛ قولها إن: “محاكمات معيبة تجري في الإقليم وهي ليست بالأمر الجيد”.
ساردًا التقرير ملابسات القضية التي أخذ عليها المتهمون؛ أنه في إحدى ليالي تشرين أول/أكتوبر 2020، دخلت الشرطة إلى منزل، “شفان سعيد”، وسحبته من سريره وضربته أمام أفراد عائلته، وفق ما يروي شقيقه، في “إقليم كُردستان”، حيث تحصل اعتقالات ومحاكمات يصفها مدافعون عن حقوق الإنسان بأنها: “جائرة”.
على مدى شهرين، يقول “إيهان سعيد”، البالغ من العمر (27 عامًا)، إنه لم يتلق أي أخبار عن شقيقه، (36 عامًا)، الناشط في حزب معارض في “شيلادزي”، مسقط رأسه بالقرب من الحدود التركية.
وقالت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، في بيان صدر مؤخرًا: “بعد مرور شهرين سُمح له بالاتصال بزوجته وإخبارها أنه لدى (الأسايش)، قوات أمن إقليم كُردستان، في أربيل”.
ومثل “سعيد” أمام قاضٍ، في 16 شباط/فبراير 2021، وحكم عليه بالسجن ست سنوات بتهمة: “زعزعة استقرار إقليم كُردستان”. كما اُدين في القضية نفسها الناشط، “هاريوان عيسى”، والصحافيون: “أياز كرم بروشكي” و”كوهدار محمد زيباري” و”شيروان شيرواني”، رئيس تحرير مجلة (بشور) الشهرية، وحكم عليهم بالعقوبة نفسها.
وقالت (هيومن رايتس ووتش)؛ إن محاكمتهم حصلت: “من دون السماح لهم بمقابلة محاميهم، خلال التحقيقات وجلسات الاستجواب”.
لا تدخل في الإجراءات القضائية..
لكن مستشار الشؤون الدولية في حكومة إقليم كُردستان، “ديندار زيباري”، ذكر في رسالة إلى “لجنة حماية الصحافيين”؛ أن المعتقلين: “تمكنوا من الاتصال بمحامين”، وأن: “الاستئناف جارٍ”.
وأضاف أن: “حكومة إقليم كُردستان لا تتدخل في الإجراءات القضائية”.
وكان قد ألقي القبض على المُدانين الخمسة، بعد اندلاع احتجاجات ضد حكومة “إقليم كُردستان” والأحزاب السياسية الرئيسة في المنطقة، في مدن مختلفة، أواخر العام الماضي، بسبب أزمة مالية كبيرة تسببت في تأخير رواتب القطاع العام وخفض الرواتب.
إلا “بارزاني” !
و”شرواني”؛ معروف بتحقيقاته في الفساد، وقد انتقد رئيس وزراء إقليم كُردستان، “مسرور بارزاني”، على صفحته على (فيس بوك)؛ قبل أن يُعتقل في منزله، في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ “دون سبب قانوني أو أمر قضائي”، بحسب ناشطين أكراد.
لكن رئيس “هيئة حقوق الإنسان”، التابعة لحكومة “إقليم كُردستان”، “ضياء بطرس”؛ يؤكد أن: “الأجهزة الأمنية لا تستطيع أن تعتقل شخصًا من دون أمر صادر عن المحكمة المختصة”.
وأقرّ بوجود: “حالات تعامل غير سليمة، بعد إلقاء القبض”، على أشخاص، مشيرًا إلى أن: “بعض أفراد القوات الأمنية يتعاملون بخشونة قد تصل بعض الأحيان إلى الضرب أو الإهانة”.
وقال محامي “شرواني”؛ إن هذا الأخير لم يكن قادرًا على الوقوف أثناء المحاكمة بسبب إصابة.
تهديدات “الأسايش”..
ونقلت (هيومن رايتس ووتش)، عن المحامي؛ قوله إن موكله اتهم (الأسايش) بتهديده باغتصاب زوجته ووالدته، إن لم يُوقّع على الاعتراف، مضيفًا أن: “القاضي لم يتأثر بهذه الإدعاءات”.
ولا يزال ناشطان آخران، هما: المدرس “بدل برواري”، المعتقل، منذ آب/أغسطس 2020، لإنضمامه إلى الاحتجاجات في “دهوك”، والصحافي “أوميد حاجي”، رهن الاعتقال رغم إعادة قضيتهما إلى قاضي التحقيق لعدم كفاية الأدلة، فيما تجمع النيابة المزيد من الأدلة.
وتقول الباحثة، في (هيومن رايتس ووتش)، “بلقيس والي”: “المحاكمات المعيبة، في إقليم كُردستان، ليست بالأمر الجديد”.
وتُشير إلى أن: “هذه الإدانات الأخيرة؛ لا تُؤدي إلا إلى تفاقم تدهور سمعة إقليم كُردستان العراق، كمكان يواجه فيه الناس محاكمات جنائية غير عادلة لمجرد انتقاد السياسات الحكومية التي يعترضون عليها، أو التعبير عن مخاوفهم من النخب السياسية”.
أدلة لا تُعرض على الدفاع !
وبحسب رئيس مركز (إنماء الديموقراطية) وحقوق الإنسان، في السليمانية، “كارزان فاضل”: “هناك (74) معتقلاً سياسيًا في سجون مديرية الأمن، في أربيل ودهوك”، جميعهم: “معارضون أو متظاهرون؛ اعتقلوا عشوائيًا بتهم تمس الأمن أو إرهاب”.
في “السليمانية”، أدت تظاهرات، العام الماضي؛ إلى مقتل ثمانية متظاهرين، بعضهم مراهقون، وما زالت عائلاتهم تنتظر تحقيق العدالة في قضيتهم.
كما ألقي القبض، على هامش التظاهرات؛ على عدد كبير من الأشخاص أُفرج عن معظمهم في ما بعد، لكن لا يزال العشرات منهم في “دهوك وأربيل” موقوفين.
ويقول “فاضل”: “عندما يعتقلون شخصًا ويفتحون ملف التحقيق؛ يوجهون له تهمًا ثم يُرسل إلى المحكمة مع ملفات التحقيق الذي أجراه جهاز الأمن ومكافحة الإرهاب”.
وقال محامو المدانين، في 16 شباط/فبراير الماضي، لـ (هيومن رايتس ووتش)؛ إنه لم يُسمح لهم بالإطلاع على ملفات القضية قبل المحاكمة.
ونقلت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان، عن مصادر مطلعة على المحاكمة؛ أن: “ضابطًا من (الأسايش)، لم يكن عضوًا في فريق الإدعاء، كان يقف ويرفع يده من حين لآخر خلال المحاكمة، فيسمح له القاضي بتقديم أدلة جديدة لم يطلع عليها الدفاع من قبل”. ولم يسمح للدفاع باستجواب الضابط.
وأكدت (هيومن رايتس ووتش)؛ أن عنصرًا من (الأسايش)، قدّم صورة؛ كان “شيرواني” نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ معلقًا عليها: إن الرحلات الجوية بين “تركيا” و”كُردستان”، التي عُلّقت لبعض الوقت، قد استؤنِفت، واعتبر ذلك دليلاً على أن “شيرواني”، جاسوس.
وأشار تقرير صادر عن “وزارة الخارجية” الأميركية، حول حقوق الإنسان، في “كُردستان”؛ إلى أن: “كبار قادة حكومة إقليم كُردستان استخدموا نفوذهم في قضايا حساسة سياسيًا”.