18 أبريل، 2024 4:03 ص
Search
Close this search box.

قانون المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة .. يشعل تونس !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ظهرت في “تونس” انقسامات بين أنصار الدولة المدنية والداعمين للتوجه الإسلامي؛ بعد التوصيات التي طرحتها مؤخرًا “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، ومن بينها ما يتعلق بتساوي الإرث، والجنسية المثلية، والتكفير.

وشهدت البلاد تظاهرتين إحداهما مؤيدة وأخرى رافضة للمقترحات، وينصب الجدل حول الهوية ومرجعية الدولة في إصدار مثل هذه القوانين التي يرى البعض أنها تتعارض مع قيم الإسلام.

مشروع قانون يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة..

فبالتزامن مع الاحتفالات بـ”العيد الوطني للمرأة”؛ أعلن الرئيس التونسي، “الباجي قائد السبسي”، عن دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، بجانب حزمة أخرى من القوانين.

وما إن أعلن “السبسي” اعتزامه إحالة مشروع القانون إلى البرلمان، في تشرين أول/أكتوبر المقبل، حتى احتشد في وسط العاصمة مئات المتظاهرين للتعبير عن دعمهم لهذه الخطوة. كما شارك في الوقفة جماعات تدافع عن الأقليات الجنسية.

وسيلة للتمويه..

فيما يرى معارضو التعديلات القانونية الجديدة بأن طرح مثل هذه القضايا الخلافية هي وسيلة للتمويه من جانب الرئاسة وحزب “نداء تونس” والنخبة السياسية برمتها على القضايا الرئيسة التي تواجهها تونس.

ويقول هؤلاء أن الثورة اندلعت في بلادهم من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والتهميش والبطالة؛ وأن ما يحدث هو ضرب للهوية التونسية ولقيم الإسلام ويتجاوز احتياجات الناس اليومية.

وتظاهر الآلاف، السبت الماضي، أمام البرلمان التونسي بالتزامن مع تحركات شعبية أخرى في عدد من المدن والبلدات، احتجاجًا على توصيات اللجنة. وخرجت التعليقات من مجرد التعبير عن معارضة التقرير لتبلغ حدّ تكفير أعضائها وتهديدهم بالقتل.

وكان “السبسي” قد أكد، في كلمته بمناسبة الاحتفال بـ”العيد الوطني للمرأة” في تونس، أن سن هذا القانون يأتي مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث.

لا علاقة للدين..

وقال الرئيس التونسي: “ليس لنا علاقة بالدين أو القرآن أو الأيات القرآنية، ولكننا نتعامل مع دستور الدولة، ونحن فى دولة مدنية، والقول بأن مرجعية الدولة التونسية مرجعية دينية خطأ فاحش”.

وأضاف: “إذا كان صاحب التركة يريد بحياته تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية فى توزيع الإرث بين بناته وأبنائه فله ذلك، ومن يريد تطبيق الدستور بحذافيره فله ذلك أيضًا”، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يندرج في إطار دوره كرئيس دولة في تجميع التونسيين لا تفرقتهم.

وأوضح “السبسي”، في كلمته، أنه بما أن رئيس الدولة التونسية هو رئيس الجميع؛ فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك، وسيتم إدخال قانون المساواة في الميراث، المقترح، إلى دستور البلاد الذي سن عام 2014، والذي اعتبر إنجازًا رئيسًا.

وكانت اللجنة، التي أطلقها الرئيس التونسي، “الباجي قايد السبسي”، قد أوصت في 13 آب/أغسطس 2017، بإقرار المساواة في الإرث وإلغاء عقوبة الإعدام وإلغاء “تجريم المثلية الجنسية”.

واصطدمت توصيات اللجنة برفض شديد من قطاع واسع من التونسيين، واعتبر وزير الشؤون الدينية السابق، “نورالدين الخادمي”، أن التقرير يمسّ هوية الشعب التونسي.

أسانيد قوية تؤكد عدم التمييز..

وتعليقًا على قرار “السبسي”، قال أستاذ القانون التونسي، “وحيد الفرشيشي”: “إن مبدأ المساواة التامة بين الرجال والنساء دون أي تمييز هو مبدأ دستوري حسب المادة الحادية والعشرين من الدستور”، مضيفًا أنه “منذ عام تمت المصادقة على قانون مناهضة العنف ضد المرأة، بما فيها العنف الاقتصادي وهذا يشمل الانتقاص من نصيبها في الميراث، فضلاً عن مصادقة تونس على البروتوكول المرفق بالاتفاقية الإفريقية لحقوق الإنسان والمتعلق أساسًا بحقوق المرأة، وبالتالي فإن كل ذلك هي أسانيد قوية تجعل من غير المقبول في القانون التونسي أن يتم التمييز بين المواطنين والمواطنات في الميراث”.

وحول ترك مشروع القانون، الذي طرحه الرئيس، “الباجي قايد السبسي”، مسألة الميراث اختيارية للمورث بين القانون والدستور، أوضح “الفرشيشي”؛ أن الأصل في القانون الذي تم طرحه هو المساواة التامة والفعلية بين الرجال والنساء والاستثناء هو الإحتكام إلى وصية المورث شرط أن تكون في وثيقة رسمية.

وحول تمرير القانون من عدمه، قال “الفرشيشي”، إنها ليست المرة الأولى التي يجابه قانون بهذه الموجة من الانتقادات، حيث حدث ذلك مع “قانون العنف ضد المرأة”؛ وفي النهاية تم النظر فيه وتعديل بعض بنوده ومن ثم تمريره، وعلى هذا الأساس سوف يتم النظر في محتوى مبادرة الرئيس التشريعية والاقتراح القانوني المباشر، ثم يتم مناقشته وعلى الأغلب تمريره.

سيأخذ وقتًا طويلاً للمناقشة في البرلمان..

من جانبها؛ قالت النائبة الأولى لرئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان سابقًا، “بلقيس مشري”: “إن مطلب المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة في تونس هو مطلب قديم من جمعيات حقوق المرأة، وصارت حملة مضادة  لتوصيات لجنة الحريات بحجة أنها تتنافى مع مباديء الإسلام من قبل أئمة المساجد، حيث قاموا بتجييش المواطن البسيط حول هذا الموضوع وزيفوا المطالب، حيث كانت المطالب فقط عدم تجريم المثليين  وليس سن قانون للسماح لهم بالزواج”.

وتوقعت “مشري” أن تأخذ مناقشة مشروع القانون وقتًا طويلاً في البرلمان، نظرًا لأن الإسلاميين في مجلس النواب هم أغلبية، إلا أن باقي الأحزاب التي أجلت موقفها لأسباب انتخابية، ساندوا هذا التقرير في النهاية.

مشيرة إلى أن هناك بنودًا في دستور 2014؛ وقوانين ومطالب واتفاقيات دولية وقعت عليها تونس، تقضي بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء.

خطوة نوعية للأمام..

أما الكاتب الصحافي التونسي، “الجمعي القاسمي”، فيرى أن ما ورد في حزمة الإصلاحات التي تضمنها تقرير اللجنة، “المثير للجدل”، يعد خطوة نوعية إلى الأمام نحو ترسيخ المجتمع المدني في سياق مدنية الدولة بمفهومها الحداثي.

وقال إن هناك جملة من القضايا ما زالت تعتبر مسائل ذات طابع أو إرتباط ديني تقابل من شريحة هامة في المجتمع التونسي بنوع من التحفظ الشديد، وأن هذا ما عبرت عنه المظاهرة التي تمت أمام مجلس النواب، لكن على الجانب الآخر “فالمجتمع التونسي تطور بشكل لافت وبات يتقبل مثل هذه القوانين رغم أن موجة المد الديني التي ضربت المنطقة العربية والإسلامية خلال السنوات الماضية كان لها صدى في تونس أيضًا، وبالتالي هناك من يريد العودة للوراء والتمسك برفض الإجتهاد في بعض القضايا”.

وعن التوقيت قال “القاسمي”؛ إن التقرير بما تضمنه من مقترحات تحول إلى ما يشبه الوقود لمعركة انتخابية سابقة لأوانها استعدادًا لاستحقاق 2019، وأن كل طرف يحاول استغلال وتوظيف هذا التقرير وهو يعمل الآن على تحفيز مخزونه الانتخابي وتحريكه استعدادًا للمعركة القادمة.

الإسلام حفظ لكل إنسان حقه.. والأزهر دوره توجيهي..

وحول الرأي الديني في هذه المسألة؛ قال الدكتور “إسلام النواوي”، العالم الأزهري: “إن الشريعة الإسلامية حين وضعت قواعد المواريث حفظت لكل إنسان حقه وإن المرأة تأخذ أقل من الرجل في مسائل قليلة جدًا، {وللذكر مثل حظ الانثيين}، ليست في مطلق الأحكام وإنما بين الولد وإخوته الإناث، وهناك مسائل ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل وأخرى ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، إذًا فحصر فكرة أن ميراث المرأة نصف الرجل هذا ظلم للشريعة، فما فيه وجه في الشرع نقره وما ليس فيه لا نستطيع إقراره”.

وحول دور الأزهر في هذا الإطار أوضح “النواوي” أن دور الأزهر توجيهي، وليس للأزهر نوع من أنواع الولاية على أحد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب