كتب يوسف سلمان : مايزال مجلس النواب يناقش مشروع قانون العفو العام ، احد اكثر القوانين المهمة المثيرة للجدل بسبب اعتراضات نيابية واسعة بشأن تحديد هوية الفئات المشمولة بأحكامه.
وتؤكد اللجنة القانونية النيابية ان الخلافات الرئيسة تتركز حول 3 نقاط خلافية في مشروع قانون العفو العام ،هي الفقرة المتعلقة بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب ومزوري الشهادات والوثائق والمتهمين بالفساد المالي والإداري.
ففي الوقت الذي ترفض فيه مكونات التحالف الوطني التوجه الى مراجعة قضايا المتهمين وفق المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب، يعد اخرون ذلك التوجه تدخلا بعمل السلطة القضائية.
ويقول نواب تحالف القوى العراقية ان بعض الأحكام الصادرة بحق المتهمين وفق المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب ،جاءت اثر اعترافات انتزعت بالقوة من قبل المحققين وهو مالم تؤكده السلطة القضائية.
بالمقابل يطالب بعض اعضاء اللجنة القانونية النيابية بتشكيل لجنة قضائية خاصة تتولى مراجعة الأحكام الصادرة بحق المتهمين وفق المادة 4 ارهاب للتأكد من أن الأحكام قد صدرت من دون انتزاع الاعترافات بالقوة، لكن أعضاء اخرين في اللجنة نفسها رفضوا ذلك المقترح لصعوبة تطبيقه.
ويستمر الخلاف بشأن امكانية شمول مزوري الشهادات والوثائق بمشروع قانون العفو العام ، إذ ان مشروع القانون استثنى مزوري الوثائق من العفو العام، فضلا عن خلاف اخر بشأن متهمي قضايا الفساد المالي .
وازاء ذلك توقع نائب رئيس اللجنة القانونية النيابية محسن السعدون ان مجلس النواب ، سيصوت على مشروع قانون العفو العام قبل نهاية العام الحالي.
وقال للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ ان “هناك ارادة سياسية لتمرير القانون وفقا لوثيقة الاتفاق السياسي ، بعد ان تسلمت اللجنة النيابية جميع المقترحات من اجل الوصول الى صيغة نهائية لمشروع القانون من اجل التصويت عليه”.
ودعا وزارة العدل الى ارسال الاحصائية النهائية للمسجونين من اجل العمل على التسريع باقرار قانون العفو العام قبل نهاية العام الحالي .واوضح ان “اللجنة طلبت من وزارة العدل تزويدها بالاحصائية النهائية لعدد المحكومين والموقوفين في السجون العراقية لان وفق هذه الاحصائية نستطيع تقييم الاستثناءات”.
واضاف ان”عدد الاستثناءات اكثر من 14 استثناء”، مبينا ان “الاستثناء الكبير هو عدم شمول كل جرائم الارهاب في قانون 2005 بالعفو”.ولفت الى ان “اللجنة النيابية تسعى لادراج تعريف محدد للارهاب والمشمولين بالعفو ضمن قانون مكافحة الارهاب”.وتابع ان “اللجنة القانونية قررت ان لا تشمل قضايا غسيل الاموال بالعفو العام”.
لكن العضو الاخر في اللجنة النائب علي المرشدي يقول ان اللجنة القانونية النيابية توصلت الى فصل واعادة توصيف بعض الاستثناءات التي ورد ذكرها في مسودة مشروع قانون العفو العام.
وقال انه”تم الاتفاق مع هيئة رئاسة مجلس النواب على عقد اجتماع مشترك مع قادة الكتل واللجان النيابية للاتفاق على الصيغة النهائية لمشروع القانون بعد استئناف اعمال البرلمان”.ورأى ان” تمرير مشروع القانون الذي ورد ضمن وثيقة الاتفاق السياسي يبقى رهنا بتوافقات قادة الكتل النيابية “.
وافاد ان” اللجنة النيابية تطمح للوصول الى صيغة قانون يكفل اطلاق جميع المعتقلين عدا من تلطخت ايديهم بدماء الابرياء والمدانين بقضايا الفساد في المال العام “.واكد ان” عدد الاستثناءات التي وردت في مسودة الحكومة هي الاكثر من البنود التي يسري عليها احكام مشروع قانون العفو”.
وتابع انه “تم فصل الاستثناءات المتعلقة بجرائم المخدرات والفساد بالمال العام “.واوضح ان”قانون العفو سيشمل المتعاطين فقط عدا المتاجرين بالمخدرات”.
وبين ان” هناك مقترحات ماتزال قيد الدراسة وستعرض على قادة الكتل النيابية تتعلق باعادة المحاكمة والتحقيق للمتعلقين بقضايا 4 ارهاب”. واشار الى ان”هناك مقترحا جديدا يتعلق بمناقلة قضايا المتعلقين الى مواد اخرى غير 4 ارهاب ليمكن شمولهم بقانون العفو العام”.
بدوره اكد العضو الاخر في اللجنة النائب حسن توران سعي اعضاء اللجنة القانونية النيابية لان تكون الاجراءات قانونية من اجل عدم شمول المجرم الحقيقي بالعفو “.
وشدد على “ضرورة تشريع قانون العفو باسرع وقت مع ضمان حقوق المظلومين والمظلوم الاول هم ذوو المجني عليهم والمظلوم الثاني من قبع في السجون بتهم كيدية او المخبر السري”.
فيما عد العضو الاخر في اللجنة القانونية النيابية سليم شوقي مسودة مشروع قانون العفو العام التي صادق عليها مجلس الوزراء،بانها فارغة من المحتوى ولم تعالج جميع الخلافات.
وقال ان “الحاجة لاجراء تعديلات واعادة صياغة بعض الفقرات التي وردت في مسودة مشروع القانون ماتزال قائمة لنكفل تمريره وبما يضمن شمول اعداد اخرى من المعتقلين”.
واشار الى ان “بعض الجرائم الاصلاحية قد يكون العفو فيها امرا واردا للدولة العراقية لاسيما القضايا المتعلقة بالجرائم التي ترتكب نتيجة الاهمال او التقصير او التضمين المالي”. واضاف ان “القضايا والجرائم التي تتعلق بالارهاب وامن الدولة والتأمر لايمكن قطعا شمولها بالعفو “.
ولفت الى ان “هناك جرائم متعلقة بالحقوق المدنية وهذه يمكن شمولها بقانون العفو بعد تنازل الطرف الاخر ، او ان يكون الشخص المحكوم امضى اكثر من نصف المدة في السجن”.
وبشأن ابرز التعديلات القابلة لاعادة الصياغة في المسودة المطروحة للنقاش ، اوضح ان “تحالف القوى مايزال يصر على اعادة المحاكمة للمتهمين بقضايا الارهاب التي وردت عبر المخبر السري او الدعاوى الكيدية “.
وتابع ” لايجوز منح استثناءات اخرى بغير ماتقرره المحاكم القضائية بحسب الدستور”. وبين ان”هناك استثناءات تقررها السلطة القضائية لاعادة المحاكمة تلقائيا تتعلق بتقديم ادلة جديدة تثبت براءة الشخص او تغيير مصير الضحية “.
وتذهب لجنة حقوق الانسان النيابية الى ابعد من ذلك ، بالحديث عن توجه لاعادة مشروع قانون العفو العام الى الحكومة في حال عدم تمريره داخل البرلمان في غضون الجلسات المقبلة من الفصل التشريعي الحالي.
وقال عضو اللجنة النائب عبد الرحيم الشمري ان “كتلا سياسية نافذة اعترضت على تعديلات قدمتها لجنة حقوق الانسان النيابية لاعادة صياغة الفقرات الخلافية في مشروع قانون العفو العام”.
واضاف ان”اغلب الملاحظات التي قدمها النواب ممثلي الكتل تركزت حول شمول المعتقلين المقاومين للقوات الامريكية ودعاوى المخبر السري بقانون العفو”. ورأى ان”مسودة القانون التي وردت من الحكومة زجت الحق بالباطل وساوت بين الدعاوى الصغيرة والجرائم الكبرى”.
واوضح ان “الاستثناءات التي وردت في مسودة القانون طالت صغار المدانين اسوة بسراق المال العام “. وبين ان” مسودة القانون المطروحة للنقاش لم تتطرق في اي من بنودها الى مايجعل من قانون العفو مكملا لمشروع المصالحة الوطنية”. واكد ان” تمرير مشروع القانون سيخضع لتوافقات قادة الكتل وفي حال لم يتحقق ذلك فان اغلب النواب مجمعون على رده الى الحكومة لصياغته مجددا”.
بالمقابل اكد رئيس كتلة الاتحاد الاسلامي الكردستاني النائب مثنى امين ان الكتل السياسية لاتعترض على تشريع قانون العفو العام بل تسعى لتقنين سريان اجراءات القانون على اكبر شريحة ممكنة من المعتقلين.
وقال لاتوجد جهة سياسية معينة او كتلة نيابية محددة تعترض على عرض مشروع قانون العفو العام للتصويت داخل البرلمان”. واضاف ان “جميع الاعتراضات التي قدمتها الكتل النيابية على مسودة مشروع القانون ، فنية لا سياسية ،تتركز حول المادة 4 ارهاب”.
وبين ان”الاستثناءات التي وردت في مسودة القانون تصل الى 18 مادة وهي مبالغ فيها ستجعل من العفو خاصا لا عاما “.وتابع ان” كتلة الاحرار وتحالف القوى متفقان على تعديل النص المتعلق بالمادة 4 ارهاب واعادة المحاكمة للمعتقلين”.
ورأى ان”هناك ضرورة ملحة لتخفيف بعض الاحكام التي صدرت ضد المعتقلين بسبب دعاوى المخبر السري وتعويضهم”. واوضح ان”القضاء ادان اكثر من الف مخبر سري لتقديمهم وشايات ومعلومات كاذبة وهناك معتقلين اطلق سراحهم بعد نحو 10 سنوات لبراءتهم من تهم الارهاب “.
وذكر ان “تمرير التصويت على مسودة القانون يعتمد على اجماع قادة الكتل بعد تضمين الملاحظات والمقترحات التي قدمها النواب”.
في حين قال النائب عن تحالف ديالى هويتنا رعد الدهلكي ان تشريع القوانين الرئيسة المهمة ومنها مشروع قانون العفو العام يكاد ان يكون امرا مستحيلا في المرحلة الحالية.
واوضح ان”الحكومة صاغت مشروع قانون العفو العام لارضاء الجهات الدولية والمنظمات الاممية، لا لانصاف مكونات المجتمع العراقي حسب تعبيره”.
وتابع بالقول ان”مشروع قانون العفو العام هو لذر الرماد في العيون “،مبينا ان “المحتوى الذي جاء به اقل من ان يكون عفوا خاصا”. واوضح ان “النقاط الخلافية تتعلق بكثرة الاستثناءات التي وردت في مشروع القانون”.
واضاف ان “الاستثناءات الكثيرة التي وردت في مشروع القانون الذي اعده مجلس الوزراء ، تعني ان عدد المشمولين لن يتجاوز نسبة 1% من المعتقلين المحتجزين في السجون”مؤكدا ضرورة ان يشمل العفو العام جميع الفئات والمكونات العراقية بدون استثناء”.
وبين ان “لا احد يعترض على تشريع قوانين المحكمة الاتحادية ومجلس الخدمة الاتحادي والعفو العام والنفط والغاز التي من شأنها ان تكون حلولا ناجعة لمعاناة العراقيين”.
واشار الى ان “انعدام الثقة واستمرار الخلافات السياسية وغياب التقارب في وجهات النظر ،ادى الى عرقلة تشريع تلك القوانين المهمة”.
وكان مجلس النواب ارجأ عرض مشروع قانون العفو العام الى اشعار اخر بعد انهاء قراءته الاولى في شهر ايار الماضي وذلك لاستمرار الخلافات السياسية قبل ان تعود رئاسة البرلمان وتنهي القراءة الثانية لمشروع القانون المثير للجدل وفتح باب النقاش بشأنه منتصف الشهر الماضي.