خاص : ترجمة – محمد بناية :
لم يكد يمر نصف عام على تأسيس (قاعدة رمضان)، في العام 1983، حتى انقلبت شاحنة تحمل ألف كيلو غرام من المتفجرات في مقر مشاة البحرية الأميركية بمدينة “بيروت”؛ وهز دوي انفجارها العاصمة اللبنانية.
وقد قضى 241 جندي أميركي حتفهم في التفجير، بالإضافة إلى 58 جندي فرنسي وعدد آخر من المدنيين. وأعلنت حركة “الجهاد الإسلامي” اللبنانية، حديثة النشأة، مسؤوليتها عن الهجوم. تلك الحركة التي شكلها، “عماد مغنية”، والتي كانت تنشط حتى قبيل الهجوم الإسرائيلي على “لبنان”، صيف العام 1983، ضمن الجناح العسكري بـ”جبهة التحرير الوطني” الفلسطينية، (فتح)، حيث تسبب هذا الهجوم في عودة “مغنية” إلى “لبنان”.
لكن ما هي علاقة تأسيس (قاعدة رمضان)، في “إيران”، بالأحداث اللبنانية ؟.. وهل تقتصر هذه العلاقة على “لبنان” فقط ؟.. بحسب ما نشرته صحيفة (إیندیپندنت) فارسي.
الاسم الحركي: علي خامنئي..
كانت الفترة، (1982 – 1983م)؛ مرحلة مهمة في تطورات الشرق الأوسط. في هذه الفترة أغارت “إسرائيل” على “لبنان”، وتشكلت (قاعدة رمضان) الإيرانية خلف خطوط العدو، وولد (حزب الله) اللبناني، وخرج “الجهاد الإسلامي” اللبناني من رحم الجناح العسكري في (فتح)، وإتخذت عمليات اغتيال المعارضة، خارج الحدود الإيرانية، شكل تنظيمي معين.
ففي شتاء العام 1982؛ وبعد أشهر من الهجوم الإسرائيلي على “لبنان”، طلب “علي خامنئي” إلى “محسن رضائي”، القائد بـ”الحرس الثوري”، آنذاك، إعداد مشروع “التشكيلات الرسمية لهيئة الحروب غير النظامية بالحرس الثوري لتنفيذ عمليات خارج الحدود”؛ وإرساله إلى “مجلس الدفاع الأعلى”.
وكان المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، آنذاك، يشغل منصب رئيس الجمهورية ومجلس الدفاع الأعلى، لكن مساعيه فشلت في تشكيل وحدات مستقلة ومنظمة لتنفيذ عمليات خارج الحدود. مع هذا، ففي ربيع العام 1982؛ سافرت مجموعة من 9 أفراد بـ (حزب الله) اللبناني، وقد كان آنذاك جزءًا من حركة “أمل” اللبنانية، إلى “طهران” للقاء آية الله “الخميني”.
ويتكون (حزب الله) من شباب شيعي من مناطق “جنوب لبنان”؛ وكان ينشط، كما أسلفنا، ضمن الجناح العسكري لحركة “أمل”، التي كانت شيعية بالأساس وأسسها الإمام، “موسى الصدر”، عام 1973.
ورغم الأغلبية الشيعية بالحركة، لكن كان للفصائل الماركسية والعلمانية اللبنانية حضور طاغي كذلك. ثم إنتهى الاختلاف الشديد بين الشباب ورجال الدين المتعصبين مع الأجنحة السياسية، غير الدينية، في “أمل” إلى تشكيل (حزب الله).
على العموم حضر لقاء “الخميني” مع اللبنانيين الـ 9، كلاً من: “صبحي طفیلي” و”عباس موسوي”، وقد شغلا فيما بعد منصب أول وثاني سكرتير عام بـ (حزب الله) اللبناني. وقد طلبا إلى آية الله “الخميني” الاستفادة من نفوذ الثوريين الإيرانية بحركة “أمل” لصالح تقوية جناحهم. وتعيين مندوب للتنسيق بين جناح (حزب الله) ومرشد “الجمهورية الإيرانية”. وقد وافق “الخميني” بدوره على هذه المطالب. فقد كان متشائمًا من الأجنحة الماركسية والعلمانية، منذ تشكيل حركة “أمل”، وقد رأى أن من الضروري تقوية الجناح الشيعي والتعصب المذهبي. وطلب إلى “علي خامنئي”؛ تقديم نفسه كمندوب لجناح (حزب الله)، وفوضه بتنسيق العلاقات بين الفصائل الإسلامية وملفات “أفغانستان، ولبنان، وسورية، وتركيا، وأوروبا الغربية”، وهي ملفات لم تكن تحظى آنذاك بأهمية كبيرة.
ملف “خامنئي” الشخصي..
كان الفصل في وضع الفصائل الإقليمية وتنسيق العمليات خارج الحدود، مهمة “خامنئي” الحقيقية الوحيدة، في حياة “الخميني”.
فلم يكن ذا دور عملي في السياسة الداخلية والحرب والعلاقات الدبلوماسية كرئيس شرفي للجمهورية. وقد إهتزت مكانته بشدة بسبب الخلافات الكبيرة مع، “ميرحسين موسوي”، بعد فشله في إقالته من منصبه كرئيس للوزراء.
آنذاك؛ كان الشيء الوحيد الذي يشغل “خامنئي”، بالثمانينيات، مشروع تأسيس (قاعدة رمضان)، وتنظيم العمليات خلف خطوط العدو، وتنسيق المعارضة العراقية، وتنظيم علاقة آية الله “الخميني” مع الميليشيات اللبنانية.
وقد تسبب صغر نطاق ملعب “خامنئي”، في عهد آية الله “الخميني”، في أن يتعامل مع هذه الملفات الصغيرة، المشار إليها سابقًا، باعتباره مشروع شخصي. وأن تطوير هذه الملفات قد يساعد على تعظيم دوره الضعيف على صعيد السياسة الداخلية.
وبعد أن وصل بشكل غير مصدق إلى منصب الإرشاد، عام 1989، تبنى نفس السياسة. وبالتالي كانت منطقة الشرق الأوسط، في ربيع العام 1982، مشروع منشأ هوية “علي خامنئي” وخوله استبدال صورته كسياسي ضعيف وهامشي إلى “مرشد مقتدر وقوي”.