8 مارس، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

قادرة على تقليص “الهندي” و”الهاديء” إلى حجم “كاليفورنيا” .. هل تغير “إس. آر-72” مستقبل حرب الغد ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

ستطير المُسيرة (لوكهيد مارتن إس. آر-72) بسرعة تساوي ضعف سرعة طائرة الاستطلاع، (لوكهيد إس. آر-71 بلاك بيرد)، وهي سرعة كبيرة للغاية لدرجة أن الهواء الداخل إلى محركاتها سيتحرك بسرعة: (إس. آر-71).

كتب “ستيف وينتز”، كاتب ومخرج أفلام وفنان ورسام رسوم متحركة وعالم آثار، مقالًا نشرته مجلة (ناشيونال إنترست) الأميركية؛ حول المُسيرة (لوكهيد مارتن إس. آر-72) وتكنولوجيا الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي تعود بفكرتها الأولى إلى الألمان؛ أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفي مطلع مقاله، يُشير “وينتز” إلى أن هذه السرعة الفائقة للغاية؛ هي التي تجعل (إس. آر-72) مذهلة حقًّا. وإذا نجحت شركة “لوكهيد مارتن” وشركاؤها في تصنيعها، فلن يكون الطيران في المستقبل كما هو عليه الآن. وتتمتع شركة “إيروغيكت-روكيتداين” (Aerojet-Rocketdyne)، لتصنيع الصواريخ وقذائف الدفع بسجل مميز وحافل في مجال أنظمة الدفع، بدءًا من المعززات أو المحركات الصاروخية التي تعمل بالوقود الصلب، والتي يبلغ عرضها: 6.4 أمتار؛ ومرورًا بالصواريخ النووية، ووصولًا إلى المحركات الرئيسة في الصاروخ (ساتورن 5)، (أو زحل 5)، والمكاكيك الفضائية.

طائرة أسطورية..

ولفت الكاتب إلى أنه من دون سابق إنذار، كشفت شركة “لوكهيد مارتن”، علنًا؛ عن خطط لطائرة تُخلف (إس. آر-71)، وهي طائرة الاستطلاع الأسطورية التي تُبلغ سرعتها: “3 ماخ”؛ والمصممة بقواعد الإنزلاق التي تقاعدت عندما ظهر جيل الألفية. وهذه الطائرة البالغة من العمر (59 عامًا)، والتي طوِّرت في الأصل لتكون طائرة اعتراضية من أفضل الأنواع، لا تزال تحمل الرقم القياسي لأسرع رحلة تخطَّت سرعتها سرعة الصوت بمعدل: 3379.62 كيلومتر في الساعة – أسرع بكثير من رصاصة عيار 50.

لكن الطائرة الجديدة التي أُعلِن عنها للتو، (إس. آر-72)، ستطير بضعف سرعة، (إس. آر-71)؛ أي بسرعة كبيرة لدرجة أن الهواء الداخل إلى محركاتها سيتحرك بسرعة (إس. آر-71) نفسها. وتُعد القدرة المخططة لطائرة (إس. آر-72) على الانتقال من بداية الإنطلاق إلى “6 ماخ” والعودة مرةً أخرى؛ إنجازًا لم يتمكن أحد من تحقيقه. ومع ذلك، ورد أن نموذجًا من طراز (إس. آر-72) ظهر لأول مرة على مرأى ومسمع من الجميع في “كاليفورنيا”، في تموز/يوليو 2017.

ووفقًا لمجلة (أفييشن ويك-Aviation Week)، طوَّرت شركة “سكانك ووركس”، (الاسم المستعار الرسمي لشركة لوكهيد مارتن)؛ طريقة لتشغيل محركات نفاثة في درجات حرارة عالية ومستويات طاقة عالية بما يكفي لدفع (إس. آر-72)؛ إلى سرعة: “2.5 ماخ”. وتتطلب المرحلة الثانية لمحرك نفاث فوق صوتي، محرك نفاث تضاغطيًّا، (محرك نفاث مستنشق للهواء)، سرعات أعلى من: “3” أو “3.5 ماخ” لتشغيله، وهي: “فجوة دفع”؛ تقول شركة “لوكهيد مارتن” إنه جرى حلَّها.. على الرغم من أنها لم توضح كيف جرى ذلك.

المجال فوق الصوتي سَحَر العقول..

وتساءل “وينتز” قائلًا: هل هو محرك نفاث “توربو” (Turbojet) ؟.. أم محرك نفاث “تضاغطي” (Ramjet) ؟.. أم محرك نفاث أسرع من الصوت (Scramjet) ؟.. يُدير المحرك التوربيني النفاث عديدًا من التوربينات لضغط الهواء الداخل وتسخينه قبل إشعاله وركوب عمود الغاز الساخن الناتج من التمدد. ويتحرك النفاث التضاغطي بسرعة كبيرة؛ بحيث يكون الهواء الداخل إلى المحرك ساخنًا ومضغوطًا بدرجة كافية لإشعال الوقود. أما المحرك النفاث فوق الصوتي – وهو اختصار لـ”نفاث الإحتراق الأسرع من الصوت” – هو مجرد محرك نفاث؛ حيث يتحرك الهواء الداخل بسرعات تفوق سرعة الصوت.

وفي السرعات الفائقة للصوت، لا يوجد دوي صوتي إضافي، ولكن الهواء يتراكم بسرعة كبيرة على طول الحواف الأمامية للطائرة، بحيث تصل إلى درجات حرارة فرن الانفجار. وارتفعت سخونة (إس. آر-71) كثيرًا بسبب الاحتكاك أثناء الطيران لدرجة أن ألواح جسمها تتلاءم معًا بشكل غير محكم على الأرض وتتسع على نحو مريح أثناء الطيران.

لكن الإمكانات المذهلة للطيران، الذي يفوق سرعة الصوت بسرعة: “5 ماخ” وما فوقها؛ دفَعت الأبحاث قدمًا لأكثر من 70 عامًا، في الظروف الجوية الجيدة والسيئة على السواء. وحتى قبل أن تصل أي آلة من صنع الإنسان إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، سَحَر المجال فوق الصوتي بعض العقول الرائعة.

طائرة “سيلفربيرد”..

وألمح الكاتب إلى أن، “يوجين ساينغر”، (مهندس فضاء نمساوي كان عضوًا في الحزب النازي)، تناول لأول مرة مفهوم طائرة تقطع آلاف الأميال في الساعة، في أطروحة للدكتوراة، عام 1933. وأدَّى العمل الخارق في تبريد محركات الصواريخ عن طريق إعادة تدوير الوقود العالي التبريد عبر جدرانها؛ إلى لفت إنتباه نظام “هتلر” إليه. وعلى غرار “فيرنر فون براون”، (مهندس صواريخ ألماني)، جرى تشجيع “ساينغر” على تطبيق أفكاره المتطرفة لبناء قوة الرايخ.

وضرب صاروخ (ڤي-2) الباليستي، من تصميم “فون براون”؛ مثالًا حيًّا على السرعة والقوة المرعبة للأسلحة التي تفوق سرعة الصوت. ولم يتلقَّ مواطنو “لندن” و”أنتويرب”، (أثناء الحرب العالمية الثانية)، أي تحذير من سقوط الصواريخ العملاقة التي كانت أسرع بثلاثة أضعاف من الصوت الذي أحدثته. وربما كان صاروخ (سيلفرفوغل) أو (سيلفربيرد)، بالإنكليزية، أي “الطائر الفضي”، من تصميم “ساينغر” وزميلته، “إيرين بريدت”، سيأتي بالموت الخفي إلى “نيويورك” و”شيكاغو”، من النصف الآخر من العالم، (في الحرب العالمية الثانية وافق أدولف هتلر على فكرة استهداف مدن أميركية مثل: نيويورك وواشنطن؛ بقذائف وصواريخ شبيهة بتلك التي كانت تُطلق على لندن بهدف تحطيم الروح المعنوية للأميركيين، ولكن ذلك لم يحدث).

وجمعت طائرة (سيلفربيرد)، المعروفة أيضًا باسم: “القاذفة المعاكسة”، عديدًا من الأفكار المجنونة في حزمة واحدة بسيطة؛ ما سهل فهم سيطرتها على العقول الحربية بعد سنوات عديدة؛ ولماذا أجازت “وزارة طيران الرايخ” بناء نموذج أولي منها. وكان التصميم النهائي للطائرة الفضائية النازية عبارة عن جسم رفيع ذي بطن بطول: 27.74 متر؛ بأجنحة قصيرة، ومحرك صاروخي هائل بقوة دفع: 100 ألف كيلوغرام، وخزانات للوقود والأكسجين السائل لتغذيتها.

والطائرة المثبتة على زلاجة صاروخية عملاقة تسير على خط أحادي بطول ميلين؛ وتمكِّن طيارًا بمفرده وقنبلة واحدة (كبيرة) من الإنطلاق إلى السماء؛ بسرعة: “2 ماخ” تقريبًا، قبل أن يأخذ صاروخ (سيلفربيرد) الطائرة إلى ارتفاع: 112.654 كيلومتر؛ بسرعة: “19 ماخ”.

كما لو أن مرحلة الإطلاق والتعزيز لم تكن كافية، فقد أصبحت مرحلة طيران هذه الطائرة الفضائية التي تعمل بـ”الديزل”؛ وتُشبه نتاج الخيال العلمي، وهي تقنية: “الوثب الإنزلاقي”، حلم المقاتل الإستراتيجي. أحصل على مركبة فضائية تتحرك عاليًا وبسرعةٍ كافية، ثم أسقطها مرةً أخرى في الغلاف الجوي، وسوف تتجاوز الهواء الأكثر كثافة مثل حجر مقذوف يقفز في بحيرة هادئة.

تُعيد “القفزة المَركَبة” إلى الفضاء ثانية، ويؤدي الاحتكاك إلى إبطاء المركبة مع كل قفزة. وبحسب “ساينغر” و”بريدت”، يمكن أن تحقق (سيلفربيرد) مدى طيران يزيد على: 22530.76 كيلومتر، تقريبًا في منتصف الطريق بين نقطتين متعارضتين قُطريًّا، عن طريق القفز الإنزلاقي حول العالم إنطلاقًا من الدفعة الأولية في “ألمانيا”.

وللأسف، كشفت الحسابات اللاحقة عن أن طائرة: “الطائر الفضي”، (سيلفربيرد)، كانت ستُعاني على الأرجح مصير مكوك الفضاء “كولومبيا”، (اختفى من على شاشات الرادار؛ وفُقِد الاتصال به وتحطَّم في الفضاء)، في وقت ما أثناء الرحلة.

وعلى الرغم من عذوبتها الفنية الرائعة، كانت مهمة (سيلفربيرد) مزيجًا من القصف الإستراتيجي والإرهاب الخالص. ويمكن للقنبلة التي تزن أربعة أطنان أن تُسبب كثيرًا من الضرر، وسيكون التأثير النفسي لمدينة أميركية قارية تتعرض للقصف من دون سابق إنذار هائلًا. وشملت الأهداف الإستراتيجية المخطط لها مصاهر الألمنيوم ومصانع الطائرات.

ورفضت “وزارة الطيران”، التي كان يقودها، “هيرمان جورينغ”؛ مفهوم “ساينغر-بريدت”؛ وأتَّبعت أساليب أخرى لمهاجمة “الولايات المتحدة”. غير أن “جوزيف ستالين”، أخذ المفهوم على محمل الجد لدرجة أنه بعد الحرب أمر “المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية”، المعروفة باسم: (NKVD)، باختطاف “ساينغر” و”بريدت”، من “فرنسا”، ولكن المهمة لم تُكلل بالنجاح.

وعلى غرار عديد من المنافسات الفضائية الأخرى، إنطلقت الأبحاث حول المركبات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في كل من القوتين العظميين، في عهد الحرب الباردة، منذ بدايتها تحت حكم “هتلر”.

الرجال الحقيقيون..

ولفت “وينتز”؛ إلى أنه في “الولايات المتحدة”، دُمِجت مركبات الطيران التي تزيد سرعتها على “خمسة ماخ”؛ في الجهد الوطني المستمر الذي جعل الرائد “تشاك ييغر”، (كان طيارًا في الحرب العالمية الثانية؛ وهو أول طيار يطير بسرعة أعلى من سرعة الصوت)، يتخطى حاجز الصوت.

وبحلول منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ركِّز برنامج (X-15)؛ على التصميمات والمواد والبروتوكولات الخاصة بالطيران الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، وبحلول أوائل الستينيات من القرن الماضي، كان طيارو (X-15)؛ الذين يرتدون أجنحة رواد الفضاء يطيرون على نحو روتيني إلى الفضاء بسرعة: “6 ماخ”، من قاعدة (إدواردز) الجوية في “كاليفورنيا”. كما روى “توم وولف”، بصورة شاعرية في عمله الكلاسيكي، (الرجال الحقيقيون)، سرعان ما أفسح نهج (X-15) المجنح؛ والموجه من قبل الطيار المجال للكبسولات الدائرية: “مركيوري وغيميني وأبولو”.

وكاد سلاح الجو أن يحقق الطيران الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، منذ نصف قرن؛ باستخدام مركبة (إكس-20 داينا-سور-X-20 DynaSoar)، وهو الرابط العظيم ربما بين: (سيلفربيرد) ومكوك الفضاء و(إس. آر-72). وصُممت الطائرة (X-20) لتُحلق في الفضاء فوق صاروخ (تيتان)، وتدور مثل كبسولة فضائية وتهبط مثل طائرة مقاتلة، وحققت حلم (سيلفربيرد)، ولكن وزير الدفاع الأميركي، “روبرت ماكنمارا”، (من 1961 إلى 1968)، قتل المشروع.

واعتمد مهندسو المكوك الفضائي، في السبعينيات؛ على أبحاث (X-20) في تصميم سفينة الفضاء. واليوم، ربما يكون مكوك الفضاء الذي خرج من الخدمة حديثًا؛ أكثر المركبات التي تفوق سرعة الصوت شيوعًا في العالم. وحلقت مكاكيك الفضاء في الفضاء بسرعة: “23 ماخ”؛ قبل أن تُغادر الغلاف الجوي – وحلقت “مثل قطع طوب مجنحة”؛ بسرعات تفوق سرعة الصوت أثناء نزولها الناري.

وتعطينا الحرارة الهائلة التي يتعرض لها المكوك؛ أثناء إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي؛ لمحة عن التحديات التي تواجه (إس. آر-72) – حيث يمكن لأقل صدع في السطح أن يسمح بدخول حرارة حارقة للغاية ورياح. ويمكن أن تدمر المركبة وطاقمها.

ويجرى دفع جميع المركبات الناجحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، حتى الآن، بقوة الصاروخ، من صاروخ: (دبليو. إيه. سي كوربورال-WAC Corporal)، في عام 1949، إلى طائرة (إكس-51 ويفرايدر-X-51 Waverider) هذا الربيع. وركَّزت معظم الأبحاث الأميركية على المركبات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت مؤخرًا على تطوير أسلحة هجومية بعيدة المدى في شكل حمولات تطلق من الجو والبحر والغواصات معززة بسرعة عالية بقوة الصاروخ.

وفي الواقع، جرى تمويل صاروخ (فالكون-1)، من قِبل شركة “سبيس إكس”، جزئيًّا لإنشاء معزز للحمولات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

وهذا ما يجعل (إس. آر-72) مذهلة حقًّا. وإذا نجحت شركة “لوكهيد مارتن” وشركاؤها في تصنيعها، فلن يكون الطيران في المستقبل كما هو عليه الآن. وتتمتع شركة “إيروغيكت-روكيتداين”، (Aerojet-Rocketdyne)، لتصنيع الصواريخ وقذائف الدفع بسجل مميز وحافل في مجال أنظمة الدفع، بدءًا من المعززات أو المحركات الصاروخية التي تعمل بالوقود الصلب، والتي يبلغ عرضها: 21 قدمًا، ومرورًا بالصواريخ النووية، ووصولًا إلى المحركات الرئيسة في الصاروخ (ساتورن 5)، (أو زحل 5)، والمكاكيك الفضائية.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: والطائرة التي يمكنها الإقلاع والهبوط على مدارج قياسية، والطيران أسرع من رصاصة مسرعة – والقيام بذلك بتكلفة معقولة – ستجد تقنيتها منتشرة بسرعة في جميع أنحاء صناعة الطيران. وقلصت طائرة (ڤي-22 أوسبري-V-22 Osprey) من “بوينغ”، حجم “العراق” إلى حجم جزيرة “رود آيلاند”. ويمكن للطائرة (إس. آر-72) وأضرابها تقليص المحيطين: “الهندي” و”الهاديء”؛ إلى حجم ولاية “كاليفورنيا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب