18 أبريل، 2024 7:19 م
Search
Close this search box.

في وقت تغرق فيه أميركا وأوروبا .. “الصين” تشهد معدلات تضخم منخفضة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشر موقع (ساوث تشاينا مورنينغ بوست) تقريرًا؛ لـ”فرانك تانغ”، المهتم بتغطية الشؤون الاقتصادية الصينية، ناقش فيه أسباب انخفاض مُعدَّل التضخُّم في “الصين” مقارنة بارتفاعه في “الولايات المتحدة” و”أوروبا”.

وأبرز التقرير في مستهلِّه نقطتين:

يشهد التضخُّم العالمي ارتفاعًا، وآية ذلك أنه وصل إلى أعلى مستوى له منذ 40 عامًا؛ في “الولايات المتحدة”، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة التي تفاقمت بسبب الحرب الدائرة في “أوكرانيا”.

ولكن، ينخفض التضخُّم في “الصين” نسبيًّا، بسبب التدابير التحفيزية المحدودة التي اتخذتها “بكين” أثناء تفشِّي جائحة (كوفيد-19)؛ وأوزان السلع والخدمات في سَلَّة مؤشر أسعار المستهلكين.

تخفيف القيود النقدية..

ويُشير الكاتب إلى أن قراءات التضخُّم المعتدل في “الصين” تختلف اختلافًا شديدًا عن كثير من الاقتصادات المتقدمة، وهو ما يُفسح المجال أمام “بكين” حتى تُزيد من تخفيف القيود النقدية في الوقت الذي ترفع فيه “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” و”بريطانيا” أسعار الفائدة.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بواقع: 2.1%؛ في آيار/مايو 2022، مقارنة بالعام السابق، وثبُتت الأسعار في نيسان/إبريل، على الرغم من أنها لا تزال مرتفعة طوال ستة أشهر، وهو ما يعكس ارتفاع أسعار “النفط الخام” والمنتجات الزراعية والواردات من المواد. وبالمقارنة، وصل مُعدَّل التضخُّم إلى أعلى مستوياته منذ أربعة عقود؛ بواقع: 8.6%، في “الولايات المتحدة”، و8.1% في “منطقة اليورو”؛ في الشهر الماضي. وارتفع التضخُّم في “بريطانيا” إلى: 9%؛ في نيسان/إبريل.

ويرى الكاتب أن الحرب الدائرة في “أوكرانيا” أسفرت عن تعطيل الأسواق العالمية للسلع الأساسية والطاقة والأسمدة والحبوب، وحذَّر “البنك الدولي” من أن هذا الصراع قد يؤدي إلى أكبر موجة في تقلُّبات أسعار السلع الأساسية منذ خمسة عقود. وتتمتَّع “الصين” بالإكتفاء الذاتي من الغذاء إلى حدٍ كبير، ولكنَّها تتأهَّب إلى حدوث تضخُّم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام على صعيد عالمي.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساس في “الصين”، باستثناء الأسعار المتقلَّبة للمواد الغذائية والطاقة، بواقع: 0.9% على أساس سنوي؛ في الشهر الماضي، من دون أن يتغيَّر في شهر نيسان/إبريل. كما ارتفع مُعدَّل التضخم المُعلَن خلال الأشهر الخمسة الأولى؛ بواقع: 1.5%، وهي نسبة تقل عن مُعدَّل الحد الأقصى للتضخُّم الذي أعلنته الحكومة على مدار عام بأكمله والبالغ: 3%.

وارتفع مؤشر أسعار المنتجين، الذي يقيس أسعار المنتجات بمجرد خروجها من المصانع، بنسبة: 6.4% في آيار/مايو، بعد أن بلغ ذروته التي تُقدَّر: بـ 13.5%؛ في تشرين أول/أكتوبر 2021.

لماذا ينخفض مُعدَّل التضخُّم في “الصين” عن البلدان الغربية ؟

ووفقًا للتقرير، يرى مسؤولون وأكاديميون صينيون أن هذا التباين يرجع إلى التدابير التحفيزية التي تتخذها الدول الغربية، لا سيما الطباعة غير المسبوقة للأموال التي تُستخدَم لإنقاذ الاقتصادات التي تضرَّرت بسبب تفشِّي جائحة فيروس (كورونا).

وارتفع بيان الميزانية العمومية لنظام “الاحتياطي الفيدرالي الأميركي”؛ إلى أكثر من الضعف في العامين الماضيين ليصل إلى: 8.9 تريليونات دولار، مع أن “بكين”، التي توخَّت الحذر إزاء اتخاذ إجراءات تحفيزية شاملة، أمتنعت عن التخفيف المفرط. ولكن يتمثَّل جزء من هذا السبب في أوزان البضائع والخدمات التي تُشكِّل سَلَّة مؤشر أسعار المستهلكين في الصين.

ومع أن “الصين” تعطي أوزانًا أكبر للملابس والمواد الغذائية، وهو ما يتناسب مع وضعها بصفتها متربعة على قائمة البلدان ذات الدخل المتوسط، فإن “الولايات المتحدة” تُركز تركيزًا شديدًا على توفير المسكن ووسائل النقل، ويتأثر كلاهما بسهولة بأسعار الطاقة العالمية والأوضاع النقدية المحلية.

ويستدرك كاتب التقرير قائلًا: ولكن لم تكشف السلطات عن وزن سلة مؤشر أسعار المستهلكين في “الصين”، والذي تغيَّر عام 2021. ومع ذلك، تُشير تقديرات “هوانغ وينتاو”، المحلل في شركة (تشاينا سيكيوريتيز-China Securities Co)، إلى ارتفاع أوزان الغذاء بواقع: 18.4% مقارنة بقيمة الغذاء في “الولايات المتحدة”؛ الذي يبلغ: 7.8.

ووفقًا لـ”هوانغ”، تبلغ أوزان الملابس في “الصين”: 6.2%؛ مقارنة: بـ 2.8% في “الولايات المتحدة”. وأشار “هوانغ” إلى أن أوزان المنازل تُمثِّل: 16.2%، أي نحو نصف قيمة إيجار المنازل في “الولايات المتحدة” البالغ: 32%، وبلغت قيمة النقل: 10.1% في “الصين”، أي أقل من قيمة النقل في “الولايات المتحدة” البالغ: 15.1%.

وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد الاقتصاد الأميركي على واردات المنتجات الاستهلاكية اعتمادًا كبيرًا، مع أن قدرة “الصين” الصناعية الكبيرة تعني أن لديها مُتَّسَعًا حتى تتصدى لارتفاع أسعار السلع العالمية.

لماذا لم يتأثر ارتفاع أسعار الإنتاج في “الصين” بمؤشر أسعار المستهلك ؟

ويؤكد التقرير أن ثمَّة علاقة قوية بين مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار المستهلك، وآية ذلك أن أسعار المستهلك ترتفع أو تنخفض وفقًا لأسعار المواد الإنتاجية. ولكن في حالة “الصين”، ضَعُف الارتباط بين هذين المؤشرين في السنوات الأخيرة. وانخفض مؤشر أسعار المنتجين في “الصين” بنسبة: 3.7% في آيار/مايو 2020، ولكنَّه ارتفع إلى: 13.6% في تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، فيما ظلَّت أسعار السلع الاستهلاكية المحلية مستقرَّة نسبيًّا.

ويُبرز التقرير رأي بعض الخبراء الذين أوضحوا أن انخفاض مُعدَّل التضخم في “الصين” يرجع جزئيًّا إلى انخفاض الطلب المحلي الناتج من السياسة التي وضعتها “بكين”؛ وتهدف إلى الحدِّ من تفشِّي فيروس (كوفيد-19)، إذ استُخدمت هذه السياسة في احتواء متحوِّر (أوميكرون) الشديد العدوى؛ منذ آذار/مارس. واستمرت مبيعات التجزئة في الانخفاض بواقع: 6.7% في آيار/مايو، ولكن بخطوات أبطأ من انخفاضها الحاد الذي بلغ: 11.1% في نيسان/إبريل.

وأدَّت أسعار لحم الخنزير دورًا كبيرًا في دورات التضخُّم الاستهلاكي، إذ يُقدَّر وزنها: بـ 2.4% في سلة مؤشر أسعار المستهلكين. وانخفضت أسعار لحم الخنزير، وهو اللحم الأساس على الموائد الصينية، بواقع: 37% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022؛ مقارنة بالعام الذي سبقه. وفي الوقت نفسه، ونظرًا إلى أن “الصين” تحتل مكانة رئيسة في التصنيع العالمي، لا سيما بعد أن تضررت القدرات الخارجية بسبب تفشِي الجائحة عام 2020، استوعب المشترون أو المنتجون في الخارج ارتفاع تكاليف الإنتاج.

هل تتمكَّن “الصين” من إدارة تضخم الأسعار الاستهلاكية ؟

ووفق التقرير؛ لا تزال “بكين” تتأهَّب تأهُّبًا شديدًا للتضخم، لأنه يُمثِّل عاملًا من عوامل عدم استقرارها الاجتماعي في الماضي. وأوضح “يي جانغ”، محافظ البنك المركزي الصيني، في نيسان/إبريل؛ أن الهدف الأساس للسياسة النقدية التي تتبعها “الصين” يتمثَّل في استقرار الأسعار والعمالة.

كما يؤثر التضخُّم في مُعدَّل ديون الأسر الصينية إلى الناتج المحلي الإجمالي، الذي قفز إلى: 61.6% في العام الماضي موازنة: بـ 17.9% عام 2008، ذلك الوضع الذي تفاقم بسبب تفشِّي الجائحة.

وواقعيًّا، يُعد تصوُّر الأشخاص العاديين لتضخُّم الأسعار الاستهلاكية أكبر بكثير مما ينعكس في الإحصاءات الرسمية. على سبيل المثال، يُجبر ارتفاع أسعار “البنزين” في “الصين”، التي تأثَّرت بارتفاع أسعار “النفط الخام” الدولية على صعيد سنوي بواقع: 68%، كثيرًا من العائلات على استخدام وسائل النقل العام أو المركبات الكهربائية.

وينوِّه التقرير إلى أن سعر الحبوب ارتفع في المدة التي تتراوح بين: كانون ثان/يناير وآيار/مايو، بنسبة: 2.2% موازنة بالعام السابق، في حين ارتفعت أسعار البيض بواقع: 6.8%. وأظهرت بيانات حكومية ارتفاع زيت الطعام بواقع: 3.7%، فضلًا عن ارتفاع أسعار الخضراوات بنسبة: 8.7%. ويُعد ضمان الإمداد المحلي بالحبوب والطاقة إحدى المهام الرئيسة التي تضعها الحكومة الصينية نُصب عينيها.

ويشعر بعض المُحلِّلين بالقلق من أن مؤشر أسعار المستهلكين في “الصين” قد يرتفع، نظرًا إلى ارتفاع أسعار “النفط الخام” والحبوب. وتُشير تقديرات “البنك الدولي” إلى أن أسعار “خام برنت” و”القمح” سترتفع بواقع نحو: 40% هذا العام موازنة بعام 2021.

وأوضحت شركة (تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن)؛ في بيانٍ نشرته؛ يوم الثلاثاء، أن التضخُّم الصيني سيتأثر بصورة أساسية بارتفاع الأسعار الناجم عن اندلاع حرب “أوكرانيا” وانخفاض الطلب الخارجي والطفرة التي يشهدها “اليوان”.

ويختم الكاتب تقريره مستشهدًا بما ذكره “البنك الاستثماري”: “سيؤدي ارتفاع أسعار لحم الخنزير والانتعاش الاقتصادي على الصعيد المحلي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، ولكنَّ المستوى المتوسط قد يظل معتدلًا”، وتوقَّع البنك ارتفاع الأسعار على مدار عام كامل بنحو: 2.1، وهو ما لا يزال في نطاق إمكانات الحكومة الصينية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب