وكالات – كتابات :
نشر موقع (ذا دبلومات)، تقريرًا بعنوان: “التحالف (الفلبيني-الأميركي) لديه نقطة عمياء كبيرة: الأمن السيبراني”، للكاتبَين: “غريغوري وينغر”، و”ميغيل ألبرتو غوميز”، يتناول أوجه القصور في التعاون الأمني القائم بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”الفلبين”، وخصوصًا في مجال الأمن السيبراني، موضحًا أن “معاهدة الدفاع المتبادل”؛ التي تنُص على التعاون المشترك في حال وقوع “هجوم مسلح” على أي من الطرفين، لم تتطرق إلى خطر الهجمات الإلكترونية المتنامية على الصعيد الدولي، وهو ما يجب العمل على معالجته.
مُحفِّزات التعاون..
بحسب التقرير الأميركي؛ فإن هناك العديد من مُحفِّزات التعاون على الصعيد الأمني السيبراني بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”الفلبين”، وهو ما يمكن تناوله في النقاط الآتية:
01 – تأخُّر التعاون في الفضاء الإلكتروني بين البلدَين..
بحسب التقرير؛ فإنه من التعاون لمواجهة الإمبراطورية اليابانية إلى المتمردين الشيوعيين والإرهابيين الإسلاميين، تطورت العلاقة الدفاعية “الفلبينية-الأميركية” بفاعلية على مدى 70 عامًا من عمرها لمواجهة بيئة التهديد الإقليمية والعالمية المتغيرة.
ومع ذلك، تعثَّر هذا التكيُّف على مدى السنوات العشرين الماضية؛ حيث أصبحت العمليات الإلكترونية خلال تلك الفترة أداة بارزة بدرجة متزايدة في الصراع الدولي، وفي حين أن الشراكات الأمنية الأخرى لـ”واشنطن”، مثل حلف الـ (ناتو) و”التحالف الياباني-الأميركي”، قد اتخذت تدابير مهمة لتعزيز الدفاع الجماعي في الفضاء الإلكتروني، تأخَّر التعاون السيبراني داخل التحالف “الفلبيني-الأميركي”.
02 – تنامي الحاجة لتعزيز الأمن السيبراني الضعيف بـ”الفلبين”..
أشار التقرير الأميركي إلى أن أهمية وضع الأسس والآليات الملائمة لتكثيف التعاون السيبراني بين “الولايات المتحدة” و”الفلبين” لا تنبع من مجرد مواكبة تطور التعاون مع غيرها من الحلفاء في مجال الأمن الجماعي؛ حيث أدى عدم القدرة على مواجهة التهديدات الإلكترونية بفاعلية إلى ظهور نقاط ضعف جديدة يمكن أن تقوض التحالف مع “الفلبين” وتُعرقل عملياته.
وفي هذا الصدد؛ لفت التقرير إلى إمكانية استخدام الهجمات السيبرانية لتخريب البنية التحتية الحيوية، وتقويض القدرات العسكرية، وإلحاق الضرر بالاقتصادات، وزرع المعارضة بشكل مُصطَنع، وهو ما يزداد خطرُه مع تصنيف “الفلبين” من بين أكثر الدول من حيث انعدام الأمن السيبراني على مستوى العالم؛ حيث تم تحديد بنيتها التحتية الحيوية على أنها مُعرَّضة على نحوٍ خاص لهجمات إلكترونية أجنبية.
03 – التأثير السلبي لضعف الأمن السيبراني بـ”الفلبين” على “واشنطن”..
ذهب التقرير إلى أنه ضمن عمليات التحالف، تكون نقاط ضعف الشريك نقاط ضعف للشريك الآخر، وعليه قد تؤدي الهجمات الإلكترونية الناجحة على “الفلبين” إلى إعاقة قدرة “الولايات المتحدة” على استخدام المواقع بالدولة في سياق الاستجابة للأزمات الإقليمية.
وهنا، فإن البنية التحتية الحيوية ليست هي نقطة الضعف الوحيدة؛ إذ يُشير الاستخدام البارز لحملات التضليل؛ خلال الانتخابات الوطنية لهذا العام، إلى قابلية سكان “الفلبين” لمثل هذه العمليات، وهو أمر مهم؛ لأن “الصين”؛ على وجه الخصوص، حاولت سابقًا استخدام حملات التضليل ضد حملات دعم التحالف “الفلبيني-الأميركي”، ومن ثم تبرُز أهمية أن يكون التحالف قادرًا، ليس على استباق الهجمات التخريبية الواسعة النطاق فقط، بل أيضًا ضد الحملات الإلكترونية المستمرة؛ بحسب مزاعم التقرير الأميركي.
04 – حاجة “واشنطن” و”مانيلا” إلى تطوير “معاهدة الدفاع المتبادل”..
في سبيل الإرتقاء بالتعاون السيبراني بين “الولايات المتحدة” و”الفلبين” إلى المستوى المطلوب، يمكن البناء على “معاهدة الدفاع المتبادل”؛ (MDT)، المُوقَّعة بين البلدين، وتُلزم المادة الرابعة فيها بأن تُساعد كل منهما الأخرى في حالة وقوع “هجوم مسلح” على أي من الطرفين، ولكن عندما تم التوقيع على المعاهدة، في خضم الحرب الكورية وبعد أقل من عقد من الحرب العالمية الثانية، كان تعريف “الهجوم المسلح” واضحًا ولا لبس فيه، ولكن مع ذلك شهدت الشؤون العالمية في العقود الأخيرة؛ مظاهر أخرى للتهديدات الأمنية، مثل الحرب المختلطة والقرصنة البحرية، وكذلك الهجمات الإلكترونية التي أضحت تُمثل تهديدًا إستراتيجيًا للمصالح الحيوية للدول، ومع ذلك لم يتم تضمينها بعدُ في مجالات التعاون الإستراتيجي بين “واشنطن” و”مانيلا”.
05 – ضرورة مُعالجة تباين الرؤى بشأن ضمان الأمن السيبراني..
جعلت كلتا الحكومتين؛ الأميركية والفلبينية، الأمن السيبراني؛ أولوية وطنية منذ عام 2016؛ حيث تعرضت “الفلبين” لسلسلة من الهجمات الإلكترونية، ولكن في الوقت الذي تُركز فيه “الولايات المتحدة” على الحكومات الأجنبية باعتبارها التهديد الأساس، تُشدد سياسات الأمن القومي الفلبيني وسياساتها الإلكترونية على الخطر الذي تُمثله جرائم الإنترنت والجهات الفاعلة غير الحكومية.
ولم يؤد هذا التصور المتباين للتهديد إلى اختلاف الإستراتيجيات السيبرانية فحسب، بل أدى أيضًا إلى تفضيلات مؤسسية مختلفة قد تكون همَّشت، عن غير قصد، مجالات التعاون الموجودة مسبقًا، وهو الأمر الذي يجب العمل على معالجته.
معالجة الخلل..
وختامًا.. أشار التقرير إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، إلى “الفلبين”؛ ستُتيح له فرصة لتصحيح الخلل القائم في مجالات التعاون الأمني القائم مع “الفلبين”، وتوسيع التحالف “الفلبيني-الأميركي” رسميًا في المجال الرقمي؛ حيث من الأهمية بمكان أن تكون الشؤون الرقمية على جدول الأعمال، مع اتخاذ خطوات رئيسة لتعزيز الأمن السيبراني على نحو جوهري داخل التحالف “الفلبيني-الأميركي”.
ذلك أن “واشنطن” تعمل مع “مانيلا” لتطوير مباديء توجيهية دفاعية ثنائية جديدة، ومن المهم أن تعترف هذه المباديء التوجيهية رسميًا بالعمليات الإلكترونية كنوع من “الهجوم المسلح”؛ الذي يؤدي إلى الاحتجاج بـ”معاهدة الدفاع المشترك”، وهو ما من شأنه أن يوسع التحالف “الفلبيني-الأميركي” ليشمل الفضاء الإلكتروني ويجعل الشراكة متماشية مع التحالفات الأميركية الأخرى.