في اول كلمة بعد تنصيبه بطرياركا للعراق والعالم دعا البطريارك مارلويس رافائيل الاول ساكو بطرياك بابل مسيحيي العراق الى تحدي محاولات تهجيرهم من العراق والتمسك ببيلدهم محذرا من ان هذه الهجرة ستجعل مسيحيي الشرق مجرد ذاكرة واكد انه سيعمل على تجديد الكنيسة والتعاون مع علماء الدين الشيعة والسنة لنشر ثقافة الاعتدال ونبذ العنف .. فيما دعا المالكي والنجيفي المسيحيين الى تحدي محاولات ترويعهم واجبارهم على مغادرة العراق مؤكدين انهم اصل البلاد.
جاء ذلك خلال تنصيب البطريارك ساكو بطرياركا للكلدان في العراق والعالم في حفل ببغداد اليوم الاربعاء بحضور رئيسي الوزراء نوري المالكي ومجلس النواب اسامة النجيفي وسفير الفاتيكان في العراق وعدد من الوزراء والنواب ورجال الدين المسلمين والمسيحيين وجمع غفير من مواطني العاصمة وذلك وسط اجراءات امنية مشددة قطعت فيها القوات الامنية الشوارع المحيطة بكنيسة مار يوسف وسط العاصمة التي جرت فيها مراسم التنصيب.
ساكو يرفض هجرة مسيحيي العراق
وقال البطريارك ساكو في كلمة له بعد انتهاء مراسم تنصيبه انه ترعرع في الموصل وكركوك ثم غادر العراق وها هو اليوم يعود اليه فاتحا قلبه وعقله وفكره للجميع ولخدمة كل العراقيين وشعاره ”الاصالة والوحدة والتجدد” لان العالم يتغير وعلى الكنيسة ان تتجدد ايضا وتعهد قائلا “ساقوم بتجديد وتوحيد طقوسنا ليفهمها المؤمنون وينشدون للمسيح وللكنيسة وللوطن”.
واكد انه يشعر بالمخاطر والتحديات والمسؤوليات الجسيمة والثقيلة التي تواجهه في مهمته لكنه شدد بالقول ” اني ساواجه الوضع بجرأة ووضوح واسعى الى توحيد الكنيسة الشرقية”.
واكد البطريارك ساكو انه سيعمل مع “أخوتي” المسلمين والصابئة اجل العيش الكريم والعدالة والحرية والمساواه والالتزام بالحوار مع علماء المسلمين شيعة وسنة وقال انه على صلة مستمرة بهم لنشر تقافة السلام والاحترام المتبادل. ودعا السياسيين العراقيين الى الحوار والاعتدال ونبذ التعصب والكراهية والعنف وحيث لايزال شبح الخوف والموت يسيطر على العراقيين الامر الذي يجب مواهته لوقف نزيف الدم والدمار. وعبر عن الامل في عودة السلام والامن الى العراق لينهض في مختلف المجالات.
وخاطب البطريارك ساكو مسيحيي العراق قائلا “افهم مخاوفكم ولكن عليكم ترك الخوف لانكم لستم اقلية على العراق فأنتم هنا منذ الف عام وانتم اصل البلاد وساهمتم في بناء الحضارة العربية .. فوحدوا صفوفكم لتكونوا جماعة حية فاعلة ولاتهاجروا البلاد تحت اي ظرف كان فهذه بلدكم وموطنكم لان الهجرة اذا استمرت فسيكون مسيحيو الشرق مجرد ذاكرة وهذ مسؤولية العرب والمسلمين”.
المالكي والنجيفي يدعوان المسيحيين لموجهة محاولات تهجيرهم
وفي كلمة له قال المالكي ان حديث البطريارك ساكو يشكل برنامج عمل لعيش العراقيين بكل انتماءاتهم الدينية والطائفية والقومية بحب وسلام. واضاف ان العراق يبحث عن هويته الوطنية وليس عن الاحتراب لان العراقيين يلتقون على وطنيتهم برغم اختلاف انتماءاتهم. واشار الى ان العنف والارهاب مشكلة غزت العراق وتقتل على الهوية وعلى المسيحيين ان لايخافوا لانهم ليسوا طارئين على البلد فهم اصله وساهموا ببنائه واذا كانت شرذمة من الارهابيين والمتطرفين من القاعدة والطائفيين تتبنى العنف فهم لايمثلون العراقيين وانما طارئين عليهم الامر الذي يدعو المسلمين والمسيحيين الى مواجهتهم.
وشدد المالكي على ضرورة عدم هجرة المسحيين من العراق وانما التمسك بالعيش فيه احرارا وقال ”انها لوحشة ان يغار المسيحيون العراق نتيجة التهديدات التي يتعرضون لها”. واشار الى ان المنطقة تغلي الان على مرجل من النار بسبب الارهاب والتطرف لكناه ستتمكن من تجاوز ذلك كما استطاع العراق طي صفحة العنف وتحقيق الامن والاستقرار.
اما رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي فقد اشار الى ان استهداف المسيحيين في العراق مؤامرة ممنهجة تهدف الى ترحيلهم عن بلدهم ارض اجدادهم. وشدد على ضرورة مواجهة هذه المؤامرة والدفاع عن وحدة الشعب والحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي العراقي.
اختيار البطرياك ساكو
وكان البابا بنديكتس السادس عشر قد اصدر في الاول من شهر شباط (فبراير) الماضي مرسوما اعلن فيه المطران لويس ساكو بطريركا للكنيسة الكلدانية وقد اطلق البابا اسم (مار لويس روفائيل الاول ساكو) بطريرك بابل على الكلدان وقد قرعت اجراس الكنائس للابرشيات الكلدانية إبان اعلان البابا هذا المرسوم احتفاءً بالبطريرك الجديد.
وجاء هذا الاختيار اثر انتخاب اساقفة الكنيسة الكلدانية المطران لويس ساكو بطريركا جديدا للكنيسة في 28 من كانون الثاني (يناير) الماضي خلفا للبطريرك السابق مار عمانوئيل الثالث دلي الذي كان قد استقال من منصبه.
والبطريرك المستقيل عمانوئيل الثالث دلي من مواليد قضاء تلكيف في محافظة نينوى عام 1927 ويتقن اللغات السريانية والعربية والفرنسية والإيطالية واللاتينية والإنكليزية ويلّم بالألمانية واليونانية وأعلن بطريركاً عام 2003 في سينودس أساقفة الكلدان في روما خلفاً لمار روفائيل الأول بيداويد.
الارهاب يرغم مسيحيي العراق على الهجرة
وقد بدأت اعداد المسيحيين في العراق بالتناقص بعد عام 2003 بسبب الهجرة التي يلجأ اليها اعداد كبيرة منهم نتيجة الوضع الامني، واستهدافهم المباشر من قبل جماعات مسلحة.
ويقول ديوان الوقف المسيحي ان اكثر من نصف مليون مسيحي ترك العراق منذ عام 2003 وهذا الرقم يقترب من نصف عدد المسيحيين الذين كانوا يعيشون في العراق قبل ذلك العام . واشار الى ان عدد المسيحيين في العراق حاليا يتراوح ما بين 400 ألف و500الف في حين كان عددهم قبل سقوط نظام صدام بحدود مليون و200 الف حيث ان الاوضاع الامنية واستهدافهم المباشر من قبل الميليشيات والجماعات المتطرفة دفعهم الى الهجرة بهذا العدد سواء الى دول الجوار او الولايات المتحدة واوربا.
واكد يونادم كنا النائب المسيحي العراقي ان الارهاب وسياسة التهميش وقلة فرص العمل للمسيحيين لعدم انتمائهم الى ما وصفها بالاحزاب الحاكمة دفع باعداد كبيرة منهم الى مغادرة البلاد بحثا عن فرص أفضل للحياة والعمل ودعا الكتل السياسية الى الايفاء بوعودها تجاه الاقليات والعمل بمبدأ العدالة.
البطرياك الجديد .. سيرة حافلة في خدمة الكنيسة
ولد البطرياك ساكو عام 1948 في بلدة زاخو العراقية الشمالية من روفائيل موشي ومريم توما واكمل دراسته الابتدائية في الموصل (375 كم شمال بغداد). ودخل معهد مار يوحنا الحبيب في 1963 ورسم كاهنا في 1 ايار (مايو) عام 1974 في الموصل. حاصل على شهادة الدكتوراة في علم اباء الكنيسة من روما عام 1983 وعلى الماجستير في الفقه الاسلامي من روما عام 1984 وعلى الدكتوراه في تاريخ العراق القديم من باريس عام 1986 .
خدم في كنيسة ام المعونة في الموصل مدة 11عاما وعين مديرا للمعهد البطريركي واستاذا في كلية بابل الحبرية في بغداد بين عامي1997 و2001 . ثم رسم اسقفا على ابرشية كركوك في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2003 .. وهو مستشار المجلس البابوي للحوار بين الاديان .
وللبطرياك ساكو اصدارات ومقالات وبحوث كثيرة في مجالات محلية وعالمية فضلا عن المحاضرات العديدة التي القاها في مختلف الاندية الدينية والثقافية وفي الدورات اللاهوتية في الموصل التي ادارها لزمن . واشترك في عدة محافلا ومؤتمرات دولية وكان عضوا في الهيئة السريانية في المجمع العلمي العراقي وعضوا في هيئة تحرير مجلة بين النهرين ومجلة نجم المشرق . كما عمل في كلية اللاهوت بالمعادي في القاهرة عام 1988 وهو ايضا عضو في مؤسسة برواورينتي من اجل الشرق ومقرها النمسا.