في مواجهة الصين وكوريا الشمالية .. قمة “كامب ديفيد” الجديدة والرسائل الخاطئة لتسخين المشهد العالمي !

في مواجهة الصين وكوريا الشمالية .. قمة “كامب ديفيد” الجديدة والرسائل الخاطئة لتسخين المشهد العالمي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في قمة أجراها زعماء “الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية”، في “كامب ديفيد”، أعلن الزعماء الثلاثة؛ الجمعة، عن معارضة أي تغييّر للوضع القائم في مياه منطقة المحيطين: “الهندي” و”الهاديء”، مشيرين إلى إدانتهم للسلوك: “العدواني” للصين.

وصف الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، اللقاء مع نظيره الكوري الجنوبي؛ “يون سوك يول”، ورئيس الوزراء الياباني؛ “فوميو كيشيدا”، بالكبير والمهم.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “بايدن”؛ بعد استقباله نظيره الكوري الجنوبي ورئيس الوزراء الياباني في “كامب ديفيد”؛ قرب “واشنطن”، في إطار قمة “تاريخية” توقع لها أن تُفضي إلى تعزيز التعاون العسكري في مواجهة “كوريا الشمالية” و”الصين”.

بدء حقبة جديدة من الشراكة..

وقال الرئيس الأميركي في مؤتمر مشترك للزعماء الثلاثة؛ إن هذه القمة: “هي بداية حقبة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية”، مشددًا على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في “مضيق تايوان”.

وأضاف أن: “الدول الثلاث ستُنشّيء خط اتصالات ساخنًا لمناقشة الرد على التهديدات”.

كذلك؛ شكر رئيس الوزراء الياباني؛ “فوميو كيشيدا”، والرئيس الكوري الجنوبي؛ “يون سوك يو”، على: “الشجاعة السياسية” التي أظهراها عبر العمل على هذا التقارب، رغم الماضي المؤلم الذي تمثل في استعمار “اليابان”؛ لـ”كوريا الجنوبية”.

وحرص “بايدن”؛ في مبادرة رمزية، على تنظيم هذه القمة في “كامب ديفيد”، المقر الرئاسي الأميركي المرتبط بتاريخ من مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.

وتبادل الزعماء الثلاثة الذين لم يرتد أي منهم ربطة عنق تعبيرًا عن الأجواء الودية بينهم، المصافحات قبل أن يجلسوا مع وفودهم حول طاولة كبيرة؛ ويبدوا ملاحظات سريعة أمام الصحافيين.

وقال الرئيس الكوري الجنوبي: “سنسّتذكر هذا اليوم بوصفه يومًا تاريخيًا، نضع فيه قاعدة مؤسساتية صلبة ونُعلن تعهدات من أجل شراكتنا الثلاثية”.

وأكد على تشكيل لجنة تنسّيق وتعاون في مختلف المجالات، وعلى تحسّين قدرات الرد على التهديدات النووية من قبل “كوريا الشمالية”.

من جهته؛ صرح رئيس الوزراء الياباني: “أنا مسّرور بإجراء محادثات صريحة للبدء بحقبة جديدة من الشراكة”، مشددًا خصوصًا على ضرورة مواجهة “كوريا الشمالية”.

ليست موجهة ضد أي طرف..

قبل انعقاد القمة؛ قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض؛ “جيك ساليفان”، إن “بايدن” سيتفق و”يون” و”فوميو كيشيدا”، على خطة لسنوات عدة لإجراء تدريبات عسكرية منتظمة في جميع المجالات، تمضي أبعد من تدريبات لمرة واحدة ردًا على “كوريا الشمالية”، وسيُعلنون عن: “التزام للتشاور” في حال نشّوب أزمات.

لكن “ساليفان” حرص على القول إن هذا التعاون الثلاثي المُعّزز ليس بمثابة: “حلف أطلسي في المحيط الهاديء”، وأكد أن إقامة تحالف دفاعي متبادل مماثل لـ”حلف شمال الأطلسي” ليس: “هدفًا معلنًا”، مشّددًا على أن قمة الجمعة؛ ليست موجهة: “ضد أي طرف”، وذلك بعدما انتقدت “بكين” المبادرة بشدة.

العمل معًا لإنعاش “شرق آسيا”..

ولم تُخف “الصين” موقفها المعادي لهذا الحوار الثلاثي، وحض وزير الخارجية الصيني؛ “وانغ يي”، “طوكيو” و”سيؤول” على العمل مع “بكين”: “لإنعاش شرق آسيا”، وقال في فيديو نشرته وسائل إعلام رسّمية: “مهما صبغتم شعركم بالأشقر أو جعلتم شكل الأنف رفيعًا لن تُصبحوا أوروبيين أو أميركيين، لا يمكنكم أن تُصبحوا غربيين أبدًا”، وأضاف: “ينبغي أن نعرف أين هي جذورنا”.

كما دعت “بكين” في تعليقها على القمة، التي تُعتبر الأولى من نوعها ويعتقد أنها ذات صلة بسياسة “الصين” و”كوريا الشمالية”، إلى عدم تحويل منطقة “آسيا” و”المحيط الهاديء” إلى ساحة منافسة جيوسياسية.

وتُراهن “واشنطن” على استعداد “اليابان وكوريا الجنوبية” للالتفات صوب الغرب وللتعاون معًا؛ رُغم الماضي الأليم المتمثل في الاستعمار الياباني العنيف لـ”شبه الجزيرة الكورية” بين: 1910 و1945.

لكن “البيت الأبيض” يُدرك أن هذا التقارب لا يحظى بإجماع الرأي العام، سواء في “كوريا الجنوبية” أو “اليابان”.

ويبقى التحدي بالنسّبة إلى “واشنطن” أن يستمر هذا التعاون الثلاثي بمعزل عن تبدّل القادة، فالرئيس الكوري الجنوبي مثلاً تنتهي ولايته في 2027؛ ولا يمكنه الترشح لولاية جديدة.

تدشّين لتحالف دفاعي ونواة لـ”ناتو آسيوي” جديد..

تعليقًا على تلك القمة؛ قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية؛ الدكتور “خليل العناني”، إن القمة الثلاثية المنعقدة في منتجع “كامب ديفيد”؛ بمثابة تدشّين لتحالف دفاعي ونواة لـ”ناتو آسيوي” جديد، يمكن أن تنضم له دول أخرى في مراحل مقبلة.

وأوضح أن هذا التحالف هو تحول نوعي في التوازنات الاستراتيجية بتلك المنطقة من شرقي “آسيا”، ويمكن في ظل التوترات والتشاحنات الحاصلة بين “الصين” و”الولايات المتحدة” أن يؤدي إلى تصعيد جديد في تلك التوترات، ربما يؤدي إلى اندلاع مواجهة عالمية ثالثة.

لاحتواء الصعود الصيني..

وعن الرسائل التي تُريد قمة “كامب ديفيد” توجيهها؛ ومدى دقة حديث “واشنطن” عن أنها لا تستهدف دولة محددة، ومغزى الانزعاج الصيني من هذه القمة، ومدى نجاح “الولايات المتحدة” في تحييّد “الصين” من حرب “روسيا” على “أوكرانيا”، يرى “العناني” أنه رُغم تأكيد “واشنطن” أن القمة ليست ضد أي دولة، فإن التحالف المرتقب سيستهدف احتواء “الصين” في ظل صعودها الاقتصادي والأمني، ثم ردع “كوريا الشمالية” وأنشطتها المهددة لـ”اليابان” و”كوريا الجنوبية”.

وذهب كذلك إلى أنه تحالف ثلاثي ضد ما قد يظهر كتحالف مقابل يجمع “الصين وروسيا وكوريا الشمالية”، لافتًا إلى أنه من الممكن أن تنضم دول أخرى لهذا التحالف كـ”تايوان وماليزيا” وربما “أستراليا” كذلك.

واعتبر “العناني”؛ حديث “بايدن”، عن استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي عرضًا غير جاد ومجرد خطاب سّبقه إليه رؤساء سابقون، مشيرًا إلى أن لقاء الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، مع الزعيم الكوري لم يُسّفر عن شيء، حيث استمرت “كوريا الشمالية” فيما تقوم به.

يعكس الثقة في “واشنطن” وفقدانها في “بكين”..

بدوره؛ قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “جونز هوبكينز”؛ الدكتور “إدوارد جوزيف”، إن هذه القمة تاريخية وتُدشّن لحقبة جديدة، معتبرًا قبول “اليابان وكوريا الجنوبية”، بالانضمام لهذا التحالف، رغم خلافاتهما السابقة، يعكس ثقة واضحة في “الولايات المتحدة”.

وأضاف أن هذه القمة تعكس كذلك فقدان البلدين الثقة في “الصين”، وهذا الأمر سيُحّدد الخطوات التالية والالتزامات التي ستحكم هذا التحالف ضد أي عدوان من دول خارجية.

وفي هذا السياق؛ يرى “جوزيف” أن الجميع يخشى الخطر الصيني، الذي دفع تلك الدول للبحث عن هذا التحالف للعمل على إيقاف عدم مسؤولية “بكين” إزاء العديد من الملفات وخاصة دعمها لـ”كوريا الجنوبية” وإساءتها للأقليات الدينية في بلدها.

رسالة خاطئة للأطراف الأخرى..

في المقابل؛ يرى رئيس الجمعية الصينية للدراسات الدولية؛ “فيكتور غاو”، أن هذه القمة: “خطوة خطيرة”، أرسلت رسالة خاطئة للأطراف الأخرى، وأنها من شأنها أن تُصّعد التوترات الحاصلة، وجاءت في وقتٍ كان الأولى بـ”واشنطن” أن تهتم فيه بتحدياتها الداخلية.

معتبرًا أن هذا التوجه الأميركي يعني أن “واشنطن” تسّعى لتحقيق أهدافها دون اكتراث لمصالح شعبها أو مصالح الشعوب الأخرى، مؤكدًا أن “بكين” لن تواجه هذه القمة إلا بدعوة كل الأطراف للسّعي إلى السّلم بدل تشجيع الحرب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة