خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما دار خلف الكواليس تناثرت عنه أنباء مسبقًا؛ رغم كونها لم تكن ذائعة الصيت، إلا أن تنفيذ الضربة الإيرانية على مواقع عسكرية أميركية، في “العراق”، جعل الجميع يتساءل الآن عن أنه لماذا بدأت بـ”العراق” رغم تهديدها باستهداف جميع المصالح الأميركية في العالم كله، ليضع البعض تحليلًا دقيقًا لتلك الأحداث يجعلها لا تخرج عن نطاق “المسرحية الكوميدية”.
ففي هذا؛ كشفت مصادر عراقية مفاجأة من العيار الثقيل، بخصوص الرد الإيراني على مقتل قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، في غارة أميركية في “بغداد”.
رد مُنسقٍ عبر وساطة خليجية !
قال “أحمد ملا طلال”، وهو إعلامي عراقي بارز، لموقع (إندبندنت عربية)؛ إن الرد الإيراني على مقتل “سليماني”؛ كان منسقًا مع “الولايات المتحدة” عبر وساطة دولة خليجية، وأن ترتيبات عسكرية إتُّخذت من قِبل الجانبين، خلال اليومين الماضيين، لضمان ألا يؤدي هذا الرد إلى سقوط ضحايا أجانب.
وأوضح الإعلامي العراقي؛ أن: “حركة دبلوماسية دولية مكثفة تجري، منذ يومين، لترتيب رد إيراني مُتفق عليه، ومقبول أميركيًّا، يعقبه رد أميركي أقل حدة، لتهدئة المنطقة”، مؤكدًا أن: “الطرفين غير مستعدين للتصعيد”.
وأضاف “طلال”، تعقيبًا على الهجوم الإيراني، فجر أمس؛ أن ما حدث “هو تنفيذ للاتفاق”، بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، مستدلًا بعدم وقوع ضحايا أميركيين.
نقل القوات وسقوط الصواريخ في أماكن فارغة..
ونقلت (إندبندنت عربية)، عن مصادر عراقية، تأكيدها أن القوات الأميركية نقلت جنودًا ومعدات من مواقع إلى أخرى داخل قاعدة “عين الأسد”، في غرب “الأنبار”، قبيل الهجوم الإيراني بساعات، منعًا لوقوع إصابات في صفوفها، ما يدعم نظرية التوافق المُسبق مع “إيران” على الرد.
وأضافت أن معظم الصواريخ الإيرانية، التي أطلقت على المواقع العسكرية العراقية؛ سقطت في مساحات فارغة، بينما تصدت القوات الأميركية لمقذوفات توجهت صوب مواقع مأهولة.
وفي هذا السياق؛ قالت شبكة (CNN)؛ نقلًا عن مصادر أميركية؛ أن “العراق” حذر “الولايات المتحدة” مسبقًا قبيل الهجوم الإيراني.
رد نهائي على مقتل “سليماني”..
واعتبر مراقبون أن مسارعة وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إلى اعتبار هجوم بلاده الصاروخي على القواعد العراقية هو الرد النهائي على مقتل “سليماني”، يصب في صالح إحتواء الموقف الأميركي، لا سيما أن الهجوم الإيراني إنتهى من دون التسبب في جرح أو قتل أميركيين.
كما قال مندوب “إيران” الدائم لدى الأمم المتحدة، “مجيد تخت روانغي”، في إجابة عن سؤال من وكالة (تاس) الروسية، حول رد بلاده على كلمة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بشأن التصعيد الأخير: “كل عمليتنا كانت متكافئة مع مقتل قاسم سليماني، وتم إنهاؤها”.
وأضاف: “في حال عدم إقدام الولايات المتحدة على أي إجراءات عسكرية ضد إيران، لن نقوم نحن من جانبنا بأي خطوات من هذا النوع”.
وأشار المندوب الإيراني إلى أن بلاده عملت بتوافق تام مع المادة (51) من ميثاق “الأمم المتحدة”، ونفذت حقها في الدفاع عن النفس، وقال: “لكن لن يكون لدى إيران سبيل بديل عن الرد في حال إتخاذ الولايات المتحدة قرار شن عمليات عسكرية” جديدة.
تعمدت عدم إصابة الأهداف..
فى السياق ذاته؛ كشفت مراسلة قناة (إن. بي. سي) الأميركية، نقلًا عن مصدر وصفته، بـ”المهم”، أن “إيران”، “تعمدت”، عدم استهداف وإصابة منشآت مهمة في قاعدة “عين الأسد”، صباح الأربعاء.
ولم تُخلف الضربة الإيرانية خسائر مهمة في القاعدتين، مما أثار تساؤلات بشأن مدى نجاح العملية، وما إذا كان هناك اتفاق مُسبق بين الطرفين.
وفي هذا الصدد؛ أوضحت كبيرة مراسلي الشؤون الخارجية في (إن. بي. سي)، “أندريا ميتشيل”، أن “إيران” تعمدت عدم إصابة منشآت مهمة في الضربة، التي نفذتها في وقت مبكر من صباح الأربعاء.
ونقلت عن مصدر، “مهم”، قوله: “التقييم الأولي الذي أجري خلال الليل، وجد أن إيران تجنبت عمدًا الهدف”.
وأضافت: “إيران تملك صواريخ عالية الدقة، ونحن نعلم ذلك، ونعلم أيضًا أن بإمكانها ضرب هدفها بالطريقة الصحيحة في حال هي أرادت ذلك”.
وأردفت قائلة: “لكن يبدو، ووفقًا للتقرير الأولي، أن إيران ضربت الجزء غير المأهول من قاعدة (الأسد).. أما في أربيل فالصواريخ سقطت في أحد الحقول”.
ويأتي تصريح المراسلة الأميركية، المخضرمة، في وقت كشفت فيه قناة (سي. إن. إن)؛ أن “واشنطن” كانت تعرف مُسبقًا بالضربات الإيرانية.
وأوضحت: “كان للجيش الأميركي ما يكفي من التحذيرات بشأن الضربة، مما جعل الجنود يُطلقون صافرات الإنذار في الوقت المناسب ويختبئون في مكان آمن”.
وكانت “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، قد ذكرت، في بيان رسمي؛ أن “إيران” أطلقت أكثر من 12 صاروخًا على القاعدتين، فيما نقلت شبكة (فوكس نيوز)، عن مسؤول؛ قوله إن عدد الصواريخ بلغ 15.
وفي أعقاب الضربة؛ قال الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في تغريدة على (تويتر): “كل شيء على ما يرام !.. لقد أطلقت صواريخ من إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق. تقييم الخسائر والأضرار جارٍ الآن. حتى الآن كل شيء على ما يرام”.
وفى هذا السياق؛ قالت مصادر حكومية أميركية وأوروبية مطلعة على تقديرات المخابرات، إن “إيران” سعت عمدًا إلى تجنب وقوع أي خسائر في صفوف الجنود الأميركيين خلال قصفها الصاروخي للقواعد العسكرية.
وأضافت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أنه من المُعتقد أن الإيرانيين تعمدوا أن تخطيء الهجمات القوات الأميركية للحيلولة دون خروج الأزمة عن نطاق السيطرة مع توجيه رسالة عن قوة العزم لدى “إيران”.
مسرحية كوميدية..
وسخر الأمير السعودي، “عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود”، من الهجوم الصاروخي الإيراني على أهداف أميركية في “العراق”.
وقال “بن مساعد”، الذي لا يشغل أي منصب رسمي في “السعودية” حاليًا؛ في سلسلة تغريدات نشرها، مساء الأربعاء، على حسابه في موقع (تويتر): “بعيدًا عن مسرحية الأمس الكوميدية.. إنحسار شبح الحرب وخفض التصعيد بين أميركا وإيران أمر جيد، فالحرب ليست في مصلحة أحد.. وهذا أمر تدركه جميع الأطراف المعنية بالصراع في المنطقة.. والعالم بأجمعه تقريبًا دعا لعدم التصعيد ولضبط النفس؛ لأن هذه الحرب لو وقعت لن يقتصر ضررها على المنطقة فقط”.
وأضاف: “تمخض الجبل فولد فأرًا، هذا المثل جدير بالترجمة وخصوصًا للغتين الفارسية أولًا والإنكليزية الأميركية ثانيًا”.
وتابع: “لم يكن ينقص الضربة الإيرانية، مساء الأمس، إلا توزيع هذه الدعوة على القنوات قبل يوم منها: يسُر الحرس الثوري الإيراني والقوات الأميركية في العراق دعوتكم لحضور القصف الصاروخي على قاعدة عين الأسد، غدًا، في تمام الساعة الثانية صباحًا؛ وبحضوركم يتم لنا الفرح والسرور. وآخر جملة في الدعوة: نرجو إظهار الدهشة عند الحضور !”.
يُذكر أن الحكومة الإيرانية زعمت مقتل 80 جنديًّا على خلفية القصف الصاروخي، فيما نفت ذلك “واشنطن”، كما نفت “ألمانيا والدنمارك والنرويغ وبولندا”، وجود إصابات بقواتها بـ”العراق”.
وأعلن “الحرس الثوري” الإيراني، صباح أمس، استهداف قاعدتي “عين الأسد” وفي “أربيل”، في “العراق”، ردًّا على اغتيال الرجل الثاني في إيران، “سليماني”، الذي أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية” مقتله في غارة بـ”مطار بغداد”، قبل أيام.
وبعد الاستهداف، قال “الحرس الثوري” الإيراني إن أي إجراءات تتخذها “الولايات المتحدة” للرد على الهجمات التي شنتها “طهران” على أهداف أميركية في “العراق”؛ سيقابله رد جديد، حسب ما أورد التلفزيون الإيراني الرسمي.
كما كشفت وكالة (تسنيم) عن مشاركة ميليشيات (الحشد الشعبي) بـ”العراق”، في القصف الذي استهدف القاعدة في “أربيل”.
إلا أن “مايك بنس”، نائب الرئيس الأميركي؛ قال إن “الولايات المتحدة” تلقت معلومات بأن “إيران” طلبت من ميليشيات حليفة لها ألا تهاجم أهدافًا أميركية.
وقال “بنس”، في مقابلة مع شبكة (سي. بي. إس نيوز): “نتلقى معلومات استخباراتية مشجعة؛ بأن إيران تبعث برسائل لتلك الميليشيات نفسها بألا تتحرك ضد أهداف أميركية أو مدنيين أميركيين، ونأمل أن تجد تلك الرسالة صدى”.