خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن الوضع في “لبنان” بدأ يأخذ منحى جديدًا مع جمود الموقف السياسي في البلد التي تريد أن ترى بصيصًا من النور في القريب العاجل حتى لا تصل إلى طريق مسدود لا رجعة فيه، فبعد أن أطلق على حراكها السياسي، “الثورة البيضاء”، أي التي بلا دماء؛ بدأ الأمر يتجه إلى العنف، حيث وقعت مواجهات بين عناصر من ميليشيا (حزب الله) وعناصر من (حزب القوات)، التابع لـ”سمير جعجع”، بمنطقة “عين الرمانة-الشياح”، في ضواحي العاصمة، “بيروت”. وعزز الجيش انتشاره على طريق “صيدا” القديمة بين “الشياح” و”عين الرمانة”، من أجل السيطرة على الموقف، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.
وإلى قضاء “المتن” في محافظة “جبل لبنان”، وصلت مواكب (التيار الوطني الحر)، التابع لرئيس الجمهورية، “ميشال عون”، إلى “بكفيا” للتظاهر أمام منزل الرئيس الأسبق، “أمين الجميل”، وقطع أهالي “بكفيا” ومناصرو (حزب الكتائب)، التابع لـ”الجميل”، الطريق قرب تمثال “بيار الجميل” عند مدخل “بكفيا”، لمنع المواكب من الدخول إلى البلدة، طالبين منها سلوك طريق ضهر “الصوان-بعبدات”.
وعلى الأثر، حصل إشكال بين المواكب وشباب المنطقة، الذين تجمعوا لمنع مرور الموكب إلى داخل البلدة، وسط انتشار أمني كثيف، وفق الوكالة.
وقال “الصليب الأحمر”، على (تويتر)، إن الحصيلة النهائية للجرحى جراء الإشكال 5 مصابين تم نقلهم إلى مستشفيات المنطقة و5 مصابين تم إسعافهم في المكان.
وفي الشمال، تجمع عدد من المحتجين أمام مكتب (التيار الوطني الحر)، بشارع “الجميزات” في “طرابلس”، وأطلقوا الهتافات المناهضة للتيار. وعندما حاولوا التقدم إلى المكتب، أطلقت عناصر الجيش المنتشرة في المكان النار في الهواء لتفريقهم. وأفادت وسائل إعلام محلية بسقوط 3 جرحى خلال الاشتباكات بين الطرفين.
كما كسر عدد من المتظاهرين الواجهة الزجاجية لماكينة السحب الآلي التابعة لمصرف “فرنس بنك”، والواجهة الزجاجية لمصرف “البحر المتوسط”، وأحرقوا ماكينة الصراف الآلي التابعة له، في شارع “الجميزات”، وفق الوكالة.
وقالت قيادة الجش، على (تويتر)؛ إنه: “إثر قيام عدد من الأشخاص بالإعتداء على أحد المكاتب الحزبية وأحد فروع المصارف، أوقفت دورية من الجيش في منطقة (الجميزات-طرابلس) 4 أشخاص، وقد عمد أحد الشبان إلى إلقاء قنبلة يدوية على عناصر الجيش دون أن تنفجر، كما أصيب جندي جراء رشقه بالحجارة من قٍبل أحد المتظاهرين وتم ضبط دراجتين ناريتين. يتم التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص”.
ويشهد “لبنان” احتجاجات مناوئة للحكومة، منذ 5 أسابيع، أججها الغضب من انتشار فساد بين الساسة، الذين يحكمون البلاد على أسس طائفية منذ عقود. ويرغب المتظاهرون في إبعاد الطبقة الحاكمة برمتها عن السلطة.
لبنان يتجه لمنعطف خطير..
تعليقًا على الوضع؛ يقول النائب في البرلمان اللبناني المحسوب على (تيار المستقبل)، “بكر الحجيري”، إن: “الذي يحصل في البلد هو خطير ويبدو أن أعصاب الجميع متوترة، وهذا أمر لا يوصلنا إلى مكان، ونحن نصلي أن لا يدخل البلاد في أماكن ضيقة، هذا الأمر لا يجوز ومع الأسف حتى بالفريق الواحد الأخ يتهم أخيه، قطع الطرقات فيها إشكالية صحيح، ولكن الذي حصل أمس غير سليم”.
وأضاف: “الرئيس الحريري يقول رشحوا من تريدون لتشكيل حكومة، وهو عامل مساعد وليس عامل معرقل، والاتهامات التي تلقيها بعض الأطراف إن من النواب الحاليين أو السابقين مردودها على صاحبها وهي إفتراء، الحريري كل الاتهام الذي ممكن أن يتهم به في هذا الحراك هو أنه استقال بناء لصوت الشارع وحتى لا يحصل دم بالشارع، وكان يتمنى على القوى الأمنية أن تمارس هذا الدور لحماية الناس، والاتهامات مردودة إلى صاحبها وفي الواقع إن أكثرية الذين يتهمون الحريري هم أصلاً مشبوهين بإنتمائهم الوطني من الأساس”.
شارع ضد شارع !
وأشار “الحجيري” إلى أن هناك شيء خاطيء في البلد يرتكب، وهناك محاولات لتركيب اتهامات لجهات مثل تحميل الرئيس، “الحريري”، مسؤولية قطع الطرقات بالتآمر مع “السفارة الأميركية” على المقاومة، “وهذا أمر غير صحيح”.
منبهًا إلى أن: “الأمور كأنها ترجعنا إلى العام 1975، كأننا ذاهبون لنفس الإتجاه، المفروض على القوى السياسية أن تبادر فورًا لتشكيل حكومة إنقاذ للبلد”.
وحول إمكانية أن تتجه الأمور إلى شارع ضد شارع، يقول “الحجيري”: “صحيح، ومن الممكن أن يكون مخطط له، ولكن الجيد في هذا الجو الحالي أنه لا يوجد قوى في الشارع الثاني مسلحة، ولا أعلم إذا كان هناك نية للحرب، لأن الحرب الأهلية مكلفة جدًا ولا أعرف من هو المستفيد منها حاليًا”.
وتخوف النائب اللبناني من أن تتحرك “البواخر التي تبيع سلاحًا وغيره … وأجهزة مخابرات المحيطة في منطقة قبرص؛ ونحن لسنا بعيدين عن هذا الموضوع”.
الاتصالات مستمرة ولا اتفاق على تشكيل حكومة..
وفي الوضع السياسي لا تزال الاتصالات مستمرة لتشكيل حكومة، إلا أن القوى السياسية لم تستطع الاتفاق على حكومة بعد أن استقالت الحكومة بضغط من الشارع المنتفض، ويتمسك الثنائي الشيعي و(التيار الوطني الحر) بحكومة تكنوسياسية، بينما يُصر الرئيس، “سعد الحريري”، على حكومة اختصاصيين تلبي مطالب الشارع.
مشددًا النائب، “بكر الحجيري”، على أنه من المفروض فرض على كل القوى السياسية أن تتحرك فورًا لإنقاذ البلد وتشكيل حكومة إنقاذ.
ويتفق معه الكاتب والمحلل السياسي، “قاسم قصير”، بالقول إن الاتصالات مستمرة سواءً بالبحث إذا كان الرئيس، “الحريري”، سيشكل الحكومة أو تكليف شخصية أخرى تكون برضى “الحريري”، وطالما أن رئيس الجمهورية لم يحدد موعد للاستشارات النيابية؛ يعني أنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على هذه الحكومة.
وشدد على أنه لن يتم الذهاب إلى حكومة ما يسمى، اللون الواحد، إما حكومة برئاسة الرئيس، “سعد الحريري”، أو حكومة برئاسة شخصية تلقى دعمًا من “الحريري”.
استعمال الشارع كأداة ضغط..
وأشار “قصير” إلى أن استعمال الشارع للضغط؛ هو أمر وارد من عدة أطراف تُعتبر أنه في حال حصل توتر قد يشكل هذا عنصر ضغط على الطرف الآخر للإندفاع أكثر من أجل تشكيل الحكومة، للأسف يتم استغلال التحركات الشعبية من أجل الضغط لتحقيق مطالب سياسية.
وقال: “نحن في خضم فوضى أمنية وشارعية، حيث تحدث تطورات خارج السيطرة، حتى الآن حسب المعلومات لسنا في إطار شارع بوجه شارع؛ لأنه عندما نقول شارع يعني نزول مئات الآلاف إلى الشارع، حتى الآن ما يجري هو نزول مناصرين لفئات حزبية أو سياسية لإيجاد جو من التوتر، ولكن لا يوجد توجه للحديث عن شارع ضد شارع”.
لافتًا إلى أن الأوضاع تشهد توترات موضعية، ولكنها تحت السيطرة، لكن الخوف من أن تنزلق الأمور.
وأشار إلى أن هناك جهات خارجية تستفيد من التوترات الحاصلة؛ إن من خلال الاستثمار السياسي أو من التدخلات أحيانًا، وطبعًا عندما يكون هناك توتر سياسي داخلي هذا يؤدي إلى فتح المجال أمام قوى خارجية للتدخل.
أحزاب السلطة تتفق على الإطاحة بالحراك الشعبي..
من جهته؛ قال “سركيس أبوزيد”، الكاتب الصحافي اللبناني؛ إن الميادين باقية على حالها في “بيروت” وبعض المدن الأخرى، من حيث الإحتقان والحشد والتوتر، لافتًا إلى أن المتغير الأخير الجدير بالتوقف عنده هو العنف الذي بدأ يتسرب لهذه المظاهرات، وهو بسبب أحزاب السلطة التي وإن اختلفت فيما بينها إلا أن لها هدفًا واحدًا تتفق عليه؛ وهو الإطاحة بالحراك الشعبي.
ضغط على السلطات لإنجاز مطالب الشارع..
في السياق ذاته؛ دعت الهيئات الاقتصادية اللبنانية، التي تمثل أغلب القطاع الخاص في “لبنان”، أمس الأول، إلى إضراب عام لثلاثة أيام للضغط على ساسة البلاد المنقسمين لتشكيل حكومة وإنهاء أزمة دفعت اقتصاد البلاد إلى طريق مسدود.
ودعت الهيئات الاقتصادية اللبنانية، التي تضم أغلب الصناع والمصرفيين في القطاع الخاص، إلى إغلاق المؤسسات الخاصة، من الخميس إلى السبت؛ لدفع الأحزاب الرئيسة إلى تشكيل حكومة جديدة وتجنب المزيد من الأضرار الاقتصادية.
حول هذا؛ يقول “غالب أبومصلح”، الخبير الاقتصادي اللبناني؛ إن الإضراب الذي دعت إليه هيئات اقتصادية ومصرفية في “لبنان”، لمدة ثلاثة أيام، هو نوع من الضغط على السلطات اللبنانية لإنجاز مطالب الشارع.
وأضاف “أبومصلح” أن الهيئات الاقتصادية الداعية للإضراب من القوة بمكان، بحيث يكون إضرابها ذا تأثير قوي لأن بعض هذه الهيئات قطعت رواتب موظفيها والبعض الآخر قطع نصف الرواتب مما يُعد نوعًا آخر من الضغوط.