خاص: كتبت- نشوى الحفني:
يضغط الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، على حلفائه الأوروبيين لضمان مقعد في مفاوضات السلام مع “روسيا”.
وقال “زيلينسكي”، أمس السبت، إنّ على حلفائه العمل على تحديد صيغة لأي محادثات سلام مقُبلة مع “روسيا”، مؤكدًا أنّه يجب إشراك “كييف” لضمان إجراء مفاوضات ناجحة.
وتخشى “كييف” أن يدخل الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، مفاوضات مع نظيره الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، دون مشاركة “أوكرانيا”، للوصول إلى صفقة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2022.
وقال “زيلينسكي”؛ خلال لقائه نظيرته المولدافية؛ “مايا ساندو”، في “كييف”: “يستحيل استبعاد أوكرانيا من أي منصة تفاوض، وإلا فإنّ هذه المنصة لن تؤتي نتائج فعلية”.
وأضاف: “قبل أي اجتماع مهما كان من الملائم تحديد صيغة على الورق، كيف يمكننا التوصل إلى سلامٍ عادل ؟ أعتقد أنّ علينا التركيز على هذه النقطة اليوم”، مبديًا خشيته من أن تختار “روسيا” شكل: “قرار بالسلام” دون موافقة “أوكرانيا”.
مفاوضات محتملة..
وازدادت التكهنات بشأن مفاوضات سلام محتملة بين “أوكرانيا” و”روسيا” منذ انتخاب “ترمب”، علمًا أنّ النزاع يوشك أن يُنهي عامه الثالث.
وأعلن “بوتين”؛ الجمعة الماضي: “استعداده للعمل” مع “الولايات المتحدة” على: “مفاوضات حول القضايا الأوكرانية”، مشيدًا بما يتمتع به نظيره الأميركي من: “براغماتية” و”ذكاء”.
وأكدت الإدارة الروسية أنها تنتظر: “إشارات” من “واشنطن” في هذا الصدّد، خصوصًا بعدما أعلن “ترمب”، الخميس، استعداده للقاء “بوتين”: “فورًا”.
وفي أثناء حفل تنصيبه؛ وصف “ترمب” الحرب في “أوكرانيا” بأنها: “سخيفة”، مهددًا “موسكو” بعقوبات اقتصادية جديدة إذا لم توافق على إجراء مفاوضات.
من جهته؛ شدّد رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية؛ “أندريه يرماك”، الجمعة، على أن “كييف” ترفض أي مفاوضات سلام بين “بوتين” و”ترمب” في غياب “أوكرانيا”.
واعتبر أنّ “بوتين” يُريد: “التفاوض على مصير أوروبا دون أوروبا”.
رفض أميركي للانضمام لـ”الناتو”..
بالتزامن مع ذلك؛ أطل حلفاء الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، في “المنتدى الاقتصادي العالمي”؛ بـ (دافوس)، بانتقادات لاذعة للقادة الأوروبيين، مستهدفين أسلوب تعاملهم مع الحرب في “أوكرانيا”. وأفاد أحد كبار المسؤولين في إدارة “ترمب” أن محاولات “أوروبا” ضم “كييف” إلى “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو)، خلال أي مفاوضات سلام مع “روسيا” ستُقابل: بـ”ضجة” ورفض أميركي واضح.
وكتب “ألكسندر وارد”؛ في صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، أن الأمين العام لـ (الناتو)؛ “مارك روته”، الذي كان يجلس على منصة بيضاء محاطًا بالزعماء الأوروبيين، استهل قمة (دافوس) بإعلانه الدعم لـ”أوكرانيا”.
وتعهد “روته” بضم “أوكرانيا” إلى الـ (ناتو)، قائلًا إن المفاوضات يجب أن تبدأ فقط بعد أن تُصبح “أوكرانيا” في موقع قوة.
وحذر من أنه: “إذا حصلنا على اتفاق سلام سييء، فهذا يعني أننا سنرى الرئيس الروسي؛ فلاديمير بوتين، يحتفل مع قادة كوريا الشمالية وإيران والصين”، في إشارة إلى الدول المتحالفة مع “موسكو”، مضيفًا أن الهدف الرئيس يجب أن يكون التأكد أن “روسيا” لن تغزو “أوكرانيا” أبدًا، وذلك سيتحقق بسهولة بعد انضمام “كييف” إلى الـ (ناتو).
“أميركا” لن تدفع فاتورة التكتل..
ثم ظهر مبعوث “ترمب” للمهام الخاصة؛ “ريتشارد غرينيل”، على شاشات عرض كبيرة على جدران غرفة مليئة بالمسؤولين والجنود الأوكرانيين، وقال إن الأميركيين لن يتحملوا فاتورة التكتل، فيما تتخلف بعض الدول الأعضاء بالتزامات الإنفاق الدفاعي البالغة: (2%) من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف: “الشعب الأميركي هو الذي يدفع تكاليف الدفاع. لا يُمكنك أن تطلب من الشعب الأميركي توسيّع مظلة حلف شمال الأطلسي عندما لا يدفع الأعضاء الحاليون نصيبهم العادل، وهذا يشمل الهولنديين، الذين يحتاجون إلى تكثيف جهودهم”.
علمًا أن “روته”؛ هو رئيس وزراء “هولندا” السابق.
وتوضح المواقف المتناقضة؛ الواقع الجديد الذي يواجهه حلفاء “أميركا” في الـ (ناتو) مع عودة “ترمب” إلى السلطة، حيث تدور معركة دبلوماسية حول أفضل السبُل لبدء مفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، وقال الرئيس الأميركي إنه يُريد إحلال السلام في الصراعات العالمية، لكنه طرح سياسة خارجية أكثر قومية لـ”الولايات المتحدة”.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي؛ “ألكسندر دي كرو”: “أرى الكثير من تبادل الاتهامات بين الشركاء، وهذا ليس مفيدًا”.
ويرفض معظم الأعضاء الأوروبيين، وخصوصًا في شرق القارة، إجراء محادثات مع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، قبل أن يُظهِر ما يعتبرونه رغبة حقيقية في إنهاء الصراع. وتعتقد إدارة “ترمب” أن المناقشات المباشرة هي السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.
وصفق المئات من الحاضرين المؤيدين لـ”كييف” في هذا الحدث، خلال التصريحات حول الدعم المستمر لـ”أوكرانيا”، وظلوا صامتين خلال أي انتقادات – مثل انتقادات “غرينيل” – الموجّهة إلى النهج الحالي عبر ضفتي “الأطلسي” حيال الصراع.
وانضم أيضًا السيناتور الجمهوري عن ولاية أيوا؛ “جوني إرنست”، والنائب الجمهوري عن ولاية نيويورك؛ “مايك لولر”، إلى النقاش، عبر الفيديو.
وقال “إرنست”: “أنا أؤمن بأميركا أولًا، ولكن ليس بأميركا وحدها.. لذلك نحن في حاجة حقًا إلى تكثيف شركائنا.. لدينا حقبة جديدة من القيادة في الولايات المتحدة الأميركية”.
وأكد “لولر” أن الرئيس على حق في السّعي لإشراك “روسيا”، والسّعي لإشراك “الصين” في هذه القضايا.. من الواضح أنه يجب اتخاذ خطوات ملموسة.
وردد القادة الأوروبيون صدى كلام “روته” إلى حدٍ كبير، حيث قال الرئيس البولندي؛ “أندريه دودا”، المقرب من “ترمب”، إنه يُريد جعل “بوتين”: “يتوسل” لإجراء المفاوضات.
الوضع على الأرض..
وأوضحت صحيفة (تايمز) البريطانية في تقريرٍ جديد لها؛ (04) سيناريوهات محتملة لإنهاء الصراع بين البلدين.
فتقول أن الوضع العسكري للأوكرانيين يبدو مظلمًا أكثر من أي وقتٍ مضى؛ فقد استولت القوات الروسية على أراضٍ تزيد بستة أضعاف عما استولت عليه في العام السابق.
كما فقدت “أوكرانيا” أكثر من نصف الأراضي التي استعادت السيّطرة عليها خلال هجومها المفاجيء في خريف عام 2024.
في الخطوط الأمامية؛ تمتد الاشتباكات على طول جبهة تبلغ (1000) كيلومتر، حيث تخسّر “أوكرانيا” المزيد من الأراضي يوميًا، خاصة في منطقة “دونباس” الشرقية.
والمدن المهددة بالسقوط تشمل مركز النقل الرئيس في “بوكروفسك”.
وعلى الجانب الاقتصادي؛ تُعاني “أوكرانيا” ضربات قاسية، مثل إغلاق منجم (ميتإينفست) القريب من “بوكروفسك”، وهو المنجم الوحيد الذي ينَّتج الفحم اللازم لصناعة الصلب، حيث تم إجلاء العمال وتدمير أحد الأنفاق الرئيسة لمنع القوات الروسية من استخدامه.
إضافة إلى ذلك، تجاوز عدد القتلى والمصابين من المدنيّين الأوكرانيين: (40) ألفًا، وتشّرد أكثر من: (3.5) مليون داخل البلاد، فيما فرّ أكثر من (06) ملايين إلى الخارج.
ومع فوز “ترمب” بالرئاسة؛ تقول الصحيفة إن آمال الأوكرانيين، الذين كانوا يخشون سابقًا علاقته الجيدة مع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، قد تبدّلت.
ومع ذلك؛ يرى البعض الآن أن “ترمب” قد يضع حدًا للصراع، خصوصًا بعد أن هدّد في منشور على منصة (Truth Social) بفرض عقوبات ورسوم جمركية مشدَّدة على “روسيا”؛ إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب.
السيناريوهات الأربعة لإنهاء الحرب..
وبحسّب الصحيفة البريطانية، فإن هناك (04) سيناريوهات محتملة لإنهاء الحرب بين “روسيا” و”أوكرانيا”:
- الهزيمة العسكرية لـ”أوكرانيا”..
إذا استمرت “روسيا” في القتال دون مفاوضات؛ وقطعت “الولايات المتحدة” دعمها، فقد تنكسّر “أوكرانيا” وتتعرض لهزيمة عسكرية. يؤدي هذا السيناريو إلى كارثة إنسانية وأمنية، مع موجة جديدة من اللاجئين الأوكرانيين وزيادة النفوذ الروسي في “أوروبا الشرقية”.
- سلام سييء..
قد تضطر “أوكرانيا”، في غياب الدعم الأميركي، إلى التفاوض من موقع ضعف، مما يؤدي إلى تقسّيم البلاد وإنشاء حكومة عميلة لـ”روسيا” في “كييف”.
- وقف إطلاق نار مؤقت..
قد يُتفق على وقف إطلاق النار كمرحلة انتقالية، لكن إذا لم يُتبع باتفاق سلام دائم، فقد يتحول إلى جمود على خطوط القتال، مما يُتيح لـ”روسيا” استئناف القتال لاحقًا. يُشير التاريخ إلى فشل اتفاقيتي “مينسك” السابقتين في تحقيق السلام في “دونباس”.
- تسّوية تفاوضية دائمة..
السيناريو الأفضل، بحسّب الصحيفة، هو تسّوية شاملة تضمن سيّادة “أوكرانيا” ومستقبلها الاقتصادي، إلى جانب ضمانات أمنية ضد تهديدات “روسيا” المستقبلية. قد يتطلب هذا السيناريو تنازلات إقليمية من “أوكرانيا”، حيث أظهر استطلاع رأي زيادة في قبول الأوكرانيين لفكرة التنازل عن الأراضي مقابل السلام.
التحديات الأوكرانية الداخلية..
ومع استمرار الحرب، تواجه “أوكرانيا” تحديات داخلية تُعيّق جهودها العسكرية. من أبرزها إدارة سيئة للموارد البشرية والعسكرية، مثل فضائح التجنيد والانسحابات الجماعية من الوحدات العسكرية الجديدة. كما فشلت القيادة في تخفيض سن التجنيد لتغطية النقص في القوات.
في نهاية المطاف؛ يبقى مصّير “أوكرانيا” مرهونًا بالدعم الأميركي، حيث سيتحدد معنى النصر أو الهزيمة ليس فقط بالخسائر الإقليمية، ولكن أيضًا في تحديد مكانة “أوكرانيا” ضمن التحالفات الدولية بعد انتهاء الحرب، كما اختتمت الصحيفة.