7 فبراير، 2025 9:42 م

في سرية تامة .. بريطانيا تأمر “آبل” السماح لها بالتجسس على حساب المستخدمين عبر أبواب خلفية !

في سرية تامة .. بريطانيا تأمر “آبل” السماح لها بالتجسس على حساب المستخدمين عبر أبواب خلفية !

وكالات- كتابات:

أصدرت الحكومة البريطانية أمرًا سريًا يُطالب شركة (آبل) بمنحها وصولًا كاملًا إلى النسخ الاحتياطية المشَّفرة المخزنة على السحابة عالميًا، وهو ما قد يُقوض تعهد الشركة بحماية خصوصية مستخدميها.

وبحسّب (واشنطن بوست)؛ طلب مسؤولون أمنيون في “المملكة المتحدة” من شركة التكنولوجيا الأميركية إنشاء: “باب خلفي” يتُيح لهم استرجاع جميع البيانات التي حمّلها أي مستَّخدم إلى السحابة، وفقًا لما نقلته صحيفة (واشنطن بوست) عن مصادر مطلعة على الأمر.

ويقضي الأمر غير المَّعلن؛ الذي أصدرته الحكومة البريطانية؛ الشهر الماضي، بالسماح بالوصول الشامل إلى المحتوى المشَّفر، وليس مجرد المساعدة في اختراق حسابات محدَّدة، وهو ما يُعدّ سابقة غير معهودة في الديمقراطيات الكبرى.

وأوضح المطلعون؛ الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الموضوع، أن تنفيذّ هذا الطلب سيُمثل انتكاسة كبرى لشركات التكنولوجيا في معركتها المستمرة منذ عقود لحماية بيانات المستخدمين من التدخل الحكومي.

وأفاد مصدران بأن (آبل) قد تختار وقف خدمات التخزين المشَّفر في “المملكة المتحدة” بدلًا من انتهاك وعودها الأمنية، غير أن ذلك لن يُلبّي مطلب الحكومة البريطانية بالحصول على نفس الامتياز في دول أخرى، مثل “الولايات المتحدة”.

وأمرت “وزارة الداخلية” البريطانية؛ (آبل)، بالامتثال لهذا الطلب بموجب: “إشعار القدرة التقنية”، استنادًا إلى قانون سلطات التحقيق الشامل لعام 2016، الذي يسمح للسلطات بإجبار الشركات على تقديم المساعدة في جمع الأدلة، ويُعرف هذا القانون بين منتقديه باسم: “ميثاق المتطفلين”، إذ يحظر الكشف عن أي أوامر تصدرها الحكومة، مما يجعل مناقشة تفاصيله علنًا جريمة جنائية.

ورفض متحدث باسم  الشركة الأميركية التعليق، لكن الشركة تستطيع استئناف القرار أمام لجنة فنية سرية للنظر في التكاليف المحتملة، كما يُمكنها رفع القضية إلى قاضٍ لتحديد مدى تناسب الطلب مع احتياجات الحكومة. ومع ذلك، لا يتيح القانون لـ (آبل) تأجيل الامتثال أثناء نظر الاستئناف.

في آذار/مارس الماضي؛ عندما علمت (آبل) بإمكانية فرض هذا الإجراء، أخطرت “البرلمان البريطاني” قائلة: “لا يوجد سبب يمنح حكومة المملكة المتحدة الحق في اتخاذ قرارات نيابة عن مواطني العالم بشأن الاستفادة من فوائد التشفير القوي من البداية إلى النهاية”.

مخاوف أمنية ودولية..

من جهتها؛ رفضت “وزارة الداخلية” البريطانية تأكيد أو نفي وجود هذا الإشعار، قائلة إنها لا تُعلق على المسائل التشّغيلية. ومع ذلك، فقد أثار الطلب اهتمام كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة “بايدن”؛ منذ أن أبلغت “المملكة المتحدة” شركة (آبل) بنيّتها التدخل، وأكدت الشركة رفضها لذلك. ولم يُعرف ما إذا كانت “واشنطن” قد أعربت عن أي اعتراض رسمي على هذا الطلب.

ووفقًا لمستشار أمني سابق لـ”البيت الأبيض”؛ ستُمنع (آبل) من تحذير مستخدميها بأن التشّفير القوي لم يُعدّ يوفر الحماية الكاملة، وهو ما اعتبره المستشار سابقة خطيرة، إذ قد يُطلب من الشركة التعاون مع حكومة أجنبية للتجسّس على مستخدمين غير بريطانيين دون علم حكوماتهم.

صراع الخصوصية والأمن..

وتتمحور القضية حول ميزة: “حماية البيانات المتقدمة” التي أطلقتها (آبل) عام 2022، والتي تجعل النسخ الاحتياطية مشفرة بالكامل؛ بحيث لا يمكن حتى للشركة الوصول إليها. وكانت (آبل) قد خططت لطرح هذه الميزة منذ سنوات، لكنها تراجعت سابقًا تحت ضغط من “مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ (FBI)، خلال رئاسة؛ “دونالد ترمب”، حيث انتقدها الأخير لعدم تعاونها مع السلطات في قضايا إجرامية.

ورّغم أن معظم مستخدمي أجهزة (آي فون) و(ماك) لا يفعلون هذه الخدمة، إلا أنها تعزز الحماية ضد الاختراق وتحرم جهات إنفاذ القانون من الوصول إلى الصور والرسائل المخزنة سحابيًا، والتي غالبًا ما تستهدفها أوامر التفتيش الأميركية.

تأثير عالمي..

لطالما اشتكت وكالات الأمن من أن التشفير القوي يُعيق جهود مراقبة المجرمين والإرهابيين، حيث اعتبرت “المملكة المتحدة” و”مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ أن: “الأبواب الخلفية” ضرورية لمكافحة الجرائم الإلكترونية، بينما تُحذر شركات التكنولوجيا من أن مثل هذه الثغرات قد تُستغل من قبل المجرمين أو الأنظمة القمعية.

وتعتمد معظم الخدمات المشَّفرة، مثل (واتس آب) و(سيغنال) و(iMessage)، على تشّفير من البداية إلى النهاية، لكن العديد من المستخدمين يفقدون هذه الحماية عند النسخ الاحتياطي السحابي. وهنا تكمن أهمية ميزة: “حماية البيانات المتقدمة” من (آبل)، التي تسدّ هذه الثغرة تمامًا.

وإذا نجحت “بريطانيا” في فرض هذا الإجراء، فقد تتبعها دول أخرى، مثل “الصين”، مطالبةً بحق مماثل في الوصول إلى البيانات، مما قد يدفع (آبل) إلى إلغاء الميزة عالميًا بدلاً من الامتثال.

شركات تحت المجهر..

إلى جانب (آبل)؛ قد تتعرض شركات أخرى لضغوط مماثلة. فمنذ عام 2018، قامت (غوغل) بتشّفير النُسخ الاحتياطية لهواتف (أندرويد) افتراضيًا، وصرّح متحدث باسم الشركة أنه: “حتى مع وجود أمر قانوني، لا تستطيع (غوغل) الوصول إلى بيانات النسخ الاحتياطي المشفرة من البداية إلى النهاية”.

وبالمثل، تقدم (ميتا) خدمة النسخ الاحتياطي المشَّفر لتطبيق (واتس آب)، لكنها أوضحت في تقرير الشفافية الخاص بها أنها: “لن تنشيء أبوابًا خلفية أو تقوض أمن مستخدميها”.

معركة قانونية مستمرة..

يبدو أن هذه المعركة حول التخزين السحابي المشفر ستزداد احتدامًا، حيث أعرب المسؤولون البريطانيون عن قلقهم بشأن تأثير التشفير على قدرة الشرطة في مكافحة الجرائم. في عام 2022، انتقدت حكومة “المملكة المتحدة” خطط (آبل) لتعزيز التشفير، معتبرةً أن: “التكنولوجيا يجب ألا تكون عائقًا أمام إنفاذ القانون”.

وفيما تستعد “المملكة المتحدة” لتطبيق هذا القانون، حذرت (آبل)؛ “البرلمان البريطاني”، من أن: “إجبار الشركات على تقديم أبواب خلفية يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الأمان الرقمي لجميع المستخدمين حول العالم”.

وفي المقابل؛ تواصل الحكومات الغربية دعم التشّفير القوي كإجراء وقائي ضد الهجمات السيبرانية، حيث أوصت “الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا” باستخدام: “التشفير من البداية إلى النهاية كلما أمكن ذلك.” وعلى نحو لافت، لم تؤيد “المملكة المتحدة” هذه التوصية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة