وكالات – كتابات :
قال “بيتر بياومنت”، في تقريره على موقع (الغارديان)؛ إن الجيش السوداني نفذ محاولة انقلابية، اعتقل على إثرها رئيس الوزراء، “عبدالله حمدوك”، ووزراء كبار آخرين؛ خلال مداهمات ليلية، في الوقت الذي يحتج آلاف الأشخاص في العاصمة، “الخرطوم”.
وأوضح “بياومنت” أنه بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة بين العسكريين والمدنيين في “مجلس السيادة الانتقالي” للبلاد، واحتجاجات الشوارع المتصاعدة، قالت “وزارة الإعلام” السودانية؛ إن قوات عسكرية مشتركة اعتقلت الأعضاء المدنيين في “مجلس السيادة” ومسؤولين حكوميين وأقتادتهم إلى مكان لم يُكشف عنه.
مظاهر انقلاب..
مع انتشار أنباء الانقلاب، تجمعت أعداد كبيرة من المتظاهرين المناهضين للجيش في الشوارع الرئيسة في “الخرطوم”، متجاوزين الحواجز خارج المقر العسكري، حيث وردت أنباء عن اشتباكات وإصابات. تُظهر الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي حشودًا كبيرة تسير في شارع “إفريقيا”، بـ”الخرطوم”، الذي يمتد بالقرب من المطار الدولي باتجاه وسط المدينة.
وفي إطار ردود الفعل الدولية – يُشير “بياومنت” – أدانت “الولايات المتحدة”، التي كانت تتوسط في “السودان”، الاعتقالات وهددت بوقف المساعدات، في حين دعت المعارضة المحلية إلى احتجاجات على مستوى البلاد وإضراب عام. قالت “وزارة الإعلام”؛ إن “حمدوك” رفض إصدار بيان يؤيد انقلابًا، مضيفة أن الإنترنت انقطع وأغلقت القوات العسكرية الجسور. وبثت القناة الإخبارية الحكومية في البلاد موسيقى وطنية تقليدية ومشاهد لـ”نهر النيل”.
وقد ذكر شهود في “الخرطوم” أن قوات الأمن من الجيش و”قوات الدعم السريع”، شبه العسكرية؛ تتمركز في الشوارع.
العالم يتفاعل..
كانت قناة (الحدث) التلفزيونية، ومقرها “دبي”، قد ذكرت في وقت سابق؛ أن قوات الأمن حاصرت منزل “حمدوك”؛ ووضعته تحت الإقامة الجبرية. في أعقاب الاعتقالات مباشرة – يضيف “بياومنت” – قال مدير مكتب “حمدوك”، لقناة (العربية)، المملوكة لـ”السعودية”، إن الجيش تعمد إثارة الاضطرابات في “السودان” لإحداث أزمة وتنفيذ انقلاب.
شهد “السودان” عددًا من الانقلابات؛ منذ استقلاله عن “بريطانيا” و”مصر”، في عام 1956، وكانت البلاد في حالة توتر منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، الشهر الماضي؛ التي أطلقت العنان لاتهامات متبادلة مريرة بين الجماعات العسكرية والمدنية؛ بهدف تقاسم السلطة بعد إطاحة حكم، “عمر البشير”، في عام 2019. كان “البشير” قد وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري، عام 1989، أطاح آخر حكومة منتخبة في البلاد.
التقى “جيفري فيلتمان”، المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي، بقادة عسكريين ومدنيين، خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ في محاولة وساطة. وقال يوم الإثنين؛ إن “الولايات المتحدة” تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن استيلاء الجيش على الحكومة الانتقالية. وقال مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، “جوزيب بوريل”، إن الاتحاد عبر عن قلقه البالغ.
كتب “بوريل”؛ على (تويتر): “يدعو الاتحاد الأوروبي، جميع الأطراف والشركاء الإقليميين؛ إلى إعادة عملية الانتقال إلى مسارها الصحيح”، مشيرًا إلى الانتقال الهش من الاستبداد إلى الديمقراطية، الذي كان من المفترض أن يتبع رحيل “البشير”.
من جانبها؛ قالت الجماعة السياسية الرئيسة المؤيدة للديمقراطية في “السودان”، “تجمع المهنيين السودانيين”، إن خمسة على الأقل من كبار المسؤولين الحكوميين قد اعتقلوا، ودعا الناس إلى النزول إلى الشوارع لمواجهة الانقلاب الواضح.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي؛ أن وزيرًا واحدًا على الأقل، وزير الصناعة، “إبراهيم الشيخ”، يُقتاد من منزله تحت جُنح الظلام، وهو ما أكدته ابنة، “الشيخ”، لـ (الجزيرة). كما تم اعتقال، “أيمن خالد”، محافظ الولاية التي تضم العاصمة، بحسب صفحة مكتبه على (فيس بوك).
تعطيل الإنترنت وسط الاضطرابات..
كان تحالف متباين يضم أمراء حرب وقادة الجيش والميليشيات الموالين لنظام “البشير” السابق؛ قد دعوا إلى استعادة الحكم العسكري – يكشف “بيوماونت”.
ووصف “حزب الأمة”، أكبر حزب في البلاد، الاعتقالات؛ بأنها محاولة انقلاب، ودعا الناس إلى النزول إلى الشوارع. صباح يوم الإثنين، تجمع المتظاهرون في عدة مواقع، حيث قام بعضهم بغلق الشوارع وحرق الإطارات.
وطالب “تجمع المهنيين السودانيين”، التحالف الرئيس للناشطين في الانتفاضة ضد “البشير”، أنصاره بالحشد. وقالت الجماعة في بيان لها على موقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك): “نُحث الجماهير على الخروج إلى الشوارع واحتلالها، وإغلاق جميع الطرق بالحواجز، وتنظيم إضراب عمالي عام، وعدم التعاون مع الانقلابيين واستخدام العصيان المدني لمواجهتهم”.
قالت (NetBlocks)، وهي مجموعة تتعقب الاضطرابات عبر الإنترنت، يوم الاثنين؛ إن “السودان” شهد اضطرابًا كبيرًا في اتصالات الإنترنت عبر الهاتف الثابت والهاتف المحمول مع العديد من المزودين.
قالت المجموعة: “تؤكد البيانات تقارير المستخدمين التي تُظهر إن اضطرابات الشبكة متسق مع تعطيل الإنترنت. من المُرجح أن يحد الاضطراب من التدفق الحر للمعلومات عبر الإنترنت والتغطية الإخبارية للحوادث على الأرض”.
ترجمة: عبدالرحمن النجار