خاص : بقلم – د. مالك خوري :
مخرج، كاتب سيناريو، سينمائي توثيقي، ناقد سينمائي، كاتب، رئيس تحرير، شاعر لكلمات الأغاني، كاتب موسيقي، رسام، مصمم غرافيكي، وخطاط..
من أوائل الذين ساهموا بترسيخ البُعد السينمائي الخاص بواقع الإنسان المهمش طبقيًا في الدول الخارجة من تحت مظلة الاستعمار. في أحد كتاباته الصحافية الأولى دعا إلى أن يحسم الكاتب والفنان أمره منذ البداية تجاه الوقوف إلى جانب البرجوازيين أو البروليتاريين. وفي النهاية، بقي الواقع الاجتماعي للحياة في صلب اهتمامات “راي” الفنية والسياسية. فقال عن السينما: “بالنسبة لي وسيلة تواصل شعبية، فإن أفضل إلهام للاستيحاء لا بد وأن يأتي من الحياة وأن تكون جذوره داخلها. إذ لا يمكن لأي درجة من الصقل التقني أن يغطي التصنع في الثيمة وعدم مصداقية المعالجة”.
تأثر في بدايات شغفه بالسينما؛ بالمخرج، “جان رينوار”، والذي عمل ضمن الفريق البحثي له؛ عندما كان “رينوار” يصور أحد أفلامه في الهند. تعرف فيما بعد على المدرسة الواقعية الجديدة من خلال فيلم (فيتوريو دي سيكا)، “سارق الدراجات”، حيث وجد إطارًا ثيميًا وتوجهًا أسلوبيًا وإنتاجيًا يتناسب مع حدسه الفني وتوجهاته الاجتماعية.
بالرغم من الترحيب العام في العالم الغربي، (خصوصًا ضمن الأوساط اليسارية والتقدمية؛ والتي كانت نافذة في حينه ضمن أوساط المثقفين هناك)، بتجربته السينمائية الأولى: (أغنية على الطريق الصغير)، نذكر أيضًا الترسبات الطبقية والعنصرية والاستعمارية التي جابهته في بداية مسيرته، والتي كانت (وما تزال)، ترفد الفكر السائد في الدول الاستعمارية القديمة والجديدة. ويُحكى أن السينمائي الفرنسي، “فرانسوا تروفو”، قال تعليقًا على الفيلم: “لا تهمني مشاهدة فيلم يتناول مجموعة من الفلاحين يأكلون بأيديهم !”.
“ساتياجيت راي”، أيقونة سينمائية إنسانية من عالمنا الذي ما زال مهمشًا. وهو الفنان الموسوعي الفذ الذي ساهم بشكل ضخم في رسم معالم سينما تماثل شعبه وتحاكي حكاياه، عوضًا عن إعادة صياغة حكايات الاستعمار عن عالمه، كما يفعل الكثيرون هذه الأيام. فمع تأثره وشغفه وتمتعه بالإرث الإنساني لثقافة وفنون العالم الغربي، كان “راي” من أوائل من نجحوا بالنطق بلغة سينمائية: “عالم ثالثية” خاصة، تنبض بحس هذا العالم وتوجساته وثقافته.