خاص : ترجمة – لميس السيد :
حللت صحيفة (ذا ناشونال) الإماراتية أزمة مقاطعة دول الخليج لـ”قطر”، من منظور تاريخي، أوجدت فيه أن الأحقاد بين تلك الدول كانت سائدة منذ قرون مضت وأن قرار عزل إمارة “قطر” لم ينشأ من العدم.
قالت الصحيفة الإماراتية، في تقريرها، أن المقاطعة تعتبر أسوأ خلاف دبلوماسي في تاريخ “مجلس التعاون الخليجي”، الذي يمتد عمره لـ 37 عامًا، ويعود العداء المباشر بين الدول الأربع إلى أوائل التسعينيات ومثلها مثل معظم مشاحنات دول الخليج، بدأت مع نزاع إقليم على الأراضي.
خلافات العصر الحديث..
وفي الفترة بين عامي 1991 و1996، قدمت “قطر” عدة شكاوى إلى “محكمة العدل الدولي”، حيث قدمت مطالبات بالأراضي التي تسيطر عليها “المملكة العربية السعودية” و”البحرين”. في عام 1992، أدى الصدام بين البدو على طول الحدود السعودية القطرية على الخلاف إلى سقوط العديد من القتلى وهدد بإثارة حرب شاملة بين العائلات الملكية للبلدين.
وبعد أقل من عام من غزو “صدام حسين” للكويت، كان المجتمع الدولي حريصًا على الحفاظ على السلام في الخليج العربي وحث على ضبط النفس وتم حل المشكلة بهدوء من خلال التحكيم المغلق.
لكن العلاقات تحولت إلى الأسوأ في عام 1995، بعد أن قام انقلاب غير دموي في “قطر” بإلقاء القبض على الشيخ، “خليفة بن حمد”، من قبل ابنه الشيخ، “حمد بن خليفة”. وقد حكم الأمير المتوج حديثاً، والد الأمير الحالي، “تميم”، البلد إلى جانب رجله الأيمن الشيخ، “حمد بن جاسم”، وهو نفسه كان لاعبًا رئيسًا في الإطاحة بالأمير السابق، وشكك حينها العديد من المواطنين والمسؤولين في دول “مجلس التعاون الخليجي” في شرعية الأمير الجديد، مما أدى إلى توتر العلاقات منذ ذلك الحين.
وقد أدى إنشاء قناة (الجزيرة)، في عام 1996، إلى زيادة تفاقم الأزمة، حيث كثيرًا ما انتقدت الشبكة جيران “قطر” وكان يُنظر إليها أحيانًا على تمجيد الجماعات المنشقة.
وفي عام 2002، سحبت “المملكة العربية السعودية” سفيرها من “قطر”؛ بعد أن أجرت (الجزيرة) مقابلات انتقدت العائلة الحاكمة السعودية. وظلت العلاقات مضطربة طوال العقد، حيث قامت العديد من دول الخليج بتعليق أو إغلاق قناة (الجزيرة).
وأشتد التوتر مرة أخرى في عام 2006، عندما تم حظر صفقة خط أنابيب بين “قطر” و”الكويت” من قبل “المملكة العربية السعودية”. وفي عام 2011؛ وجدت كل من الرياض والدوحة نفسيهما على جانبين متعارضين من “الربيع العربي”، متجذرين في الإنتماءات التي ما زالت حتى اليوم. وقالت الرياض إن دعم “قطر” لـ”الإخوان المسلمين”، التي تعارضها العائلة المالكة السعودية، كان محاولة لتقويض الاستقرار في المنطقة، وأن (الجزيرة) كانت بمثابة منصة التنظيم للمعارضة.
ووصل هذا الخلاف إلى طريق مسدود آخر في عام 2014، عندما وجد الخليج نفسه في وضع مماثل للوضع الذي يواجهه اليوم. وسحبت “المملكة العربية السعودية”، إلى جانب “الإمارات العربية المتحدة” و”البحرين”، سفرائها من “قطر”، بدعوى أن الدوحة لم تلتزم باتفاقية خليجية للحفاظ على الأمن في المنطقة. كما أغلقت “المملكة العربية السعودية” المكتب المحلي للشبكة الإخبارية القطرية.
ومن خلال دعم “الإخوان المسلمين”، قالت الدول الثلاث، إن الدوحة تثير احتمال حدوث انقلاب في الدول المجاورة مدفوعاً بقلـم، “يوسف القرضاوي”، الزعيم الروحي للمنظمة.
ولكن تمت إستعادة العلاقات بين الدول، في 16 تشرين ثان/نوفمبر 2014، فيما يعرف باسم “اتفاقية الرياض”، وهو الاتفاق الذي وقعه قادة “المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر” وألزم البلدان بعدم التدخل في شؤون الآخرين.
خلافات القرن الثامن عشر..
رجحت الصحيفة الإماراتية أن الخلافات مع “قطر” تعود جذورها التاريخية في الخليج إلى أبعد من ذلك بكثير.
في عام 1867، قامت “البحرين” – بمشاركة عائلة “آل نهيان” في أبو ظبي – بغزو “قطر”.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، غادر “آل خليفة” البحرين إلى “الكويت” ليستقروا في “الزبارة”، وهي مدينة تقع على الساحل الغربي لمدينة “قطر” في العصر الحديث. بحلول نهاية القرن الثامن عشر، كان “آل خليفة” – فرع من عائلة “آل عطاب”، الذين هم قادة “البحرين” الحاليون – قد رسخوا التفوق في شبه جزيرة قطر، وفقًا لمراسلات عقدت في سجلات مكتب الهند في الهند وأوراق خاصة..
ثم في عام 1867 اندلعت سلسلة من المناوشات الساحلية بين “آل خليفة” والقبائل القطرية المحلية. وانتقمت القبائل القطرية المحلية، مما دفع “آل خليفة” للعودة إلى “البحرين”.
بعد بضعة أشهر، عاد “آل خليفة” معززين من قبل “آل نهيان” من “أبوظبي” وداهمت المدن القطرية، “الوكرة والدوحة”.
في أعقاب ذلك، أجبر البريطانيون على توقيع هدنة في البحرين، مما أدى إلى الاستقرار والسلام في قطر وظهور قبيلة “آل ثاني” كحاكم لشبه الجزيرة، لأول مرة.