خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بشكل فعلي دخلت “إيران” سباق التحدي مع “واشنطن” كوسيلة من وسائل الضغط، التي دائمًا ما تستخدمها للحصول على أهدافها، حيث أكدت “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية”، أمس الخميس، قدرة “طهران” على تخصيب (اليورانيوم) بنسبة نقاء تصل إلى 90 بالمئة.
وقال المتحدث باسم المنظمة، “بهروز كمالوندي”، لتلفزيون الدولة، إن: “إنجازاتنا عظيمة جدًا، ويمكننا التخصيب بسهولة بنسب نقاء مختلفة تصل إلى 90 بالمئة”.
وتابع: “إذا كان تخصيب (اليورانيوم)، بنسبة تتخطى 20 بالمئة، مطلوبًا في بعض المجالات، فإنه يمكن للمنظمة القيام بذلك”.
وبدأت عملية تخصيب (اليورانيوم) في “إيران” بنسبة تصل إلى 20 بالمئة، يوم الإثنين الماضي، كجزء من خطة التحرك الإستراتيجية الإيرانية للتصدي للعقوبات الخارجية، ووافق عليها البرلمان، في كانون أول/ديسمبر 2020.
في المقابل، وجهت “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”؛ تحذيرًا لـ”إيران”، أمس الأول، من أن قرارها استئناف تخصيب (اليورانيوم) إلى درجة نقاء 20 بالمئة؛ يُهدد بتبديد آمال العودة إلى الدبلوماسية عندما تتولى إدارة أميركية جديدة مهامها هذا الشهر.
رفع العقوبات أولاً..
إلا أن مرشد الجمهورية الإيرانية، “علي خامنئي”، أكد اليوم؛ أن الإيرانيين ليسوا مستعجلين لعودة “الولايات المتحدة” إلى “الاتفاق النووي” الإيراني، ويطالبون قبل ذلك برفع “العقوبات الأميركية” عن “إيران”.
وقال إن الأمر لا يتعلق: “بعودة الولايات المتحدة من عدمها، فنحن ليس لدينا أي استعجال ولا نصرّ على عودتها”.
وأضاف “خامنئي”: “مطلبنا المنطقي هو رفع العقوبات؛ ويجب أن تُرفع”، مؤكدًا خلال كلمة متلفزة: “هذا حق مسلوب من الأمة الإيرانية”.
إجادة فن الاستفزاز..
تعليقًا على الخطوة الإيرانية، ذكرت صحيفة ألمانية أن: “حدود الصبر وصلت لأبعد مدى لها، بعدما أعلنت طهران زيادة نسبة تخصيب (اليورانيوم) إلى عشرين بالمئة”.
وأفادت وكالة (دويتش فيله)، أمس الخميس، بأنه إذا كان هناك شيء واحد تجيده القيادة الإيرانية حقًا، فهو فن الاستفزاز، فكل مرة يختبر الملالي حدود الألم التي قد يستحملها الغرب، ويعول كل مرة على رفع سقف الإمتيازات المحتملة.
رفع البطاقة الحمراء..
ونقلت الوكالة عن صحيفة (تاغسشبيغل)؛ الصادرة في “برلين”، أنه: “ما الذي يمكن أن تتحمله كل من برلين وباريس وواشنطن؛ قبل رفع البطاقة الحمراء في وجه إيران بشأن برنامجها النووي، وتحذيرها من أي خطوة أخرى إلى الأمام ؟”.
وأكدت أن “إيران” بدأت، العام الماضي، خرق القيود التي ينص عليها اتفاق عام 2015، خطوة خطوة، ردًا على قرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الانسحاب من الاتفاق، وبأن خطوة “طهران” أدت إلى تقليل الفترة اللازمة لإنتاج المواد الكافية لصنع سلاح نووي، غير أنها واصلت التعاون مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
قد تقرب إيران من إنتاج القنبلة النووية..
فيما نقلت الوكالة الألمانية عن موقع (شفيبيشه. دي. إي) الألماني، أن: “الخطوة الإيرانية قد تقرب طهران من إنتاج القنبلة النووية”، وذلك على خلفية إعلان “إيران” عن تخصيب (اليورانيوم) بنسبة 20 بالمئة في منشأة “فوردو” النووية. وهو مستوى أقل من الحد المسموح به لـ (اليورانيوم) المستخدم في صنع السلاح النووي، لكنه تجاوز للحد المسموح به في “الاتفاق النووي”، والذي يزيد قليلاً عن ثلاثة بالمئة”.
وتختلف التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها “إيران” لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي. فهناك من يرى أن “طهران” تحتاج لعام؛ وهناك من يرى أنها تحتاج لفترة أطول بكثير.
ففي تشرين ثان/نوفمبر الماضي؛ قدر “ديفيد أولبرايت”؛ مفتش الأسلحة السابق في فرق “الأمم المتحدة”، والذي يميل للتشدد فيما يتعلق بـ”إيران”؛ أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة ربما تصل إلى ثلاثة شهور ونصف الشهر. ويعتبر تخزين كمية كافية من المواد الإنشطارية على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي.
ولفت إلى أن وكالات المخابرات الأميركية والوكالة الدولية يعتقدان أن “إيران” امتلكت، في فترة من الفترات، برنامجًا للسلاح النووي، وأنها أوقفته، وثمة أدلة تشير إلى أن “إيران” حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالاً مختلفة تتصل بتصنيعها.
مخاوف من اشتراطات “بايدن”..
ويؤكد الخبراء أن قرار استئناف تخصيب (اليورانيوم) الأخير، الذي أعلنته “طهران”، يمكن العودة عنه بسهولة، وأن مستوى 20 في المئة بعيد عن أن يكون كافيًا لتطوير سلاح نووي.
كما أن هناك من يرى في الخطوة الإيرانية محاولة لإعادة تركيز الاهتمام على البرنامج النووي لخوفها من إشتراط الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، ضم التفاوض على ملفات أخرى إلى “الاتفاق النووي”، كبرنامج الصواريخ (الباليستية). أو دور “إيران” في الشرق الأوسط.
مخزون “اليورانيوم”..
ويحدد “الاتفاق النووي” مخزون “إيران” من (اليورانيوم) المخصب، بنحو 202.8 كيلوغرام، وهو جزء صغير للغاية من أصل 8 أطنان؛ كانت تمتلكها قبل الاتفاق. تجاوزت “طهران” هذا الحد، عام 2019، إذ قالت “الوكالة الدولية” إن مخزونها ارتفع إلى كيلوغرامًا 2440، أي بأكثر 22 ضعفًا من الحد المسموح به.
وكانت “إيران” قد إنتهكت، في تموز/يوليو 2019، الحد الأقصى لنقاء (اليورانيوم) المنصوص عليه في الاتفاق، وهو 3.67 في المئة، لكنها رفعت التخصيب إلى 4.5 في المئة، لتعلن عن رفع إضافي، الإثنين يصل إلى 20 في المئة.
وبالنسبة إلى أجهزة الطرد المركزي، سمح الاتفاق لـ”إيران” بإنتاج (اليورانيوم) المخصب باستخدام 500 جهاز من الجيل الأول في منشأة “نطنز”، مع احتمال تشغيل عدد محدود من الأجهزة المطورة من الطرد المركزي فوق الأرض من دون مراكمة (اليورانيوم) المخصب، وقبل الاتفاق كان لدى “إيران”، 19 ألف جهاز طرد مركزي.
وفي عام 2019، قالت “الأمم المتحدة” إن “إيران” بدأت في تخصيب (اليورانيوم) في أجهزة طرد مركزي فوق الأرض في “نطنز”. ومنذ ذلك الحين بدأت “إيران” نقل ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى مصنعها تحت الأرض.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قالت الوكالة الدولية إن “إيران” قامت بتغذية أول تلك المجموعات؛ التي أعدتها تحت سطح الأرض، بغاز سادس (فلوريد اليورانيوم).
ويحظر الاتفاق تخصيب (اليورانيوم)، في موقع “فوردو”، الذي بنته “إيران” سرًا في بطن جبل وكشفته أجهزة المخابرات الغربية، في العام 2009. ويسمح بأجهزة الطرد المركزي في هذا الموقع لأغراض أخرى، مثل إنتاج النظائر المشعة المستقرة، ولدى “إيران” الآن، 1044 جهازًا من نوع (آي. آر-1) للتخصيب في “فوردو”.