21 أبريل، 2024 2:15 ص
Search
Close this search box.

في ثاني أكبر بلد نفطي .. مدارس طينية وكرفانات للعام الدراسي الجديد !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

مع بداية عام دراسي جديد يتوجه ملايين الطلبة في أنحاء “العراق” المختلفة نحو المدارس، لتبدأ معه سلسلة من المشاكل التي لا تنتهي، رغم تكرارها كل عام. ومن العجيب أن “العراق”، الذي يحتوي على ثاني أكبر احتياطي لـ”النفط” في العالم؛ ما زالت فيه حتى اليوم مئات “المدارس الطينية”، التي تحوي مقاعد دراسية محدودة ورَثَّة، يتكدس فوقها عشرات الطلاب من كلا الجنسين، فيما لا يعلم أحد أين تذهب مليارات الدولارات التي تُخَصَّص لدعم التعليم في الموازنة العامة للدولة كل عام.

وعلى مدى عقود، منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة حتى مجيء الاحتلال الأميركي؛ لم يسبق أن وصل “التعليم” إلى هذا الحال المزري، بشهادات منظمات دولية وعربية، ولا يدري أحد إلى أين سيصل هذا التردي، الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة وضع حلول جذرية له.

مدارس من طين !

ورغم أن الحكومات العراقية المتعاقبة تتباهى بأن “التعليم” هو في أعلى سُلَّم أولوياتها؛ إلا أن تقارير لمنظمات دولية وإقليمية تُشير إلى وجود ما يزيد على ألف مدرسة طينية في العديد من محافظات “العراق”؛ لا سيما المناطق الريفية منها، وتخلو هذه المدارس من المستلزمات الأساسية التي تتوافر في المدارس العادية حتى داخل “العراق”، فلا مكتبات أو ملاعب أو مرافق صحية تصلح للاستخدام البشري، ويفتقر الطلاب فيها إلى الرعاية الطبية، وتغزوها الأمراض كل شتاء، وتنهار بعض صفوفها وغرفها بسبب غزارة الأمطار.

نفس المشكلات تتفاقم..

من الممكن القول إنّ مشاكل العام الدراسي الحالي؛ هي نفسها لا تختلف عن الأعوام الدراسية السابقة، وهو ما يحول دون تطوير العملية التربوية، وينعكس سلبًا على المستوى الدراسي للتلاميذ، مثلما يعيق إيصال المنهج بالشكل الصحيح، ما يؤدي إلى عملية تعليمية غير سوية.

وتتفاقم سنويًا، مع بدء العام الدراسي الجديد في جميع مدن “العراق”، مشكلة النقص في المباني المدرسية، والنقص في عدد المدرّسين وفي القرطاسية والكتب، بالإضافة إلى إزدياد عدد التلاميذ، ما يفاقم المعاناة والمصاعب القائمة، والتي تنتقل من جيل إلى جيل من دون أن تكون هناك حلول جذرية؛ بحسب القائمون على العملية التربوية.

هناك مشاكل أخرى؛ وهي “مدارس الكرفانات” التي لا تتناسب مع العملية التعليمية لخلوّها من شروط السلامة العامة وغياب مراحيض تُلتزم فيها الشروط الصحية. يجب الإسراع بوضع حلّ لتذليل تلك العقبات أمام الهيئة التعليمية والتلاميذ على حد سواء، لأنّ بقاء تلك العقبات والمصاعب يعني تفاقمها عامًا بعد آخر.

كربلاء 70 تلميذًا في الصف الواحد !

وكشفت مديرية تربية “كربلاء”؛ عن وجود قرابة 800 مدرسة تداوم دوامًا ثنائيًا وثلاثيًا في جميع مناطق “كربلاء”. كما أن هناك 90 مدرسة يكون دوامها في 30 بناية فقط، و700 مدرسة يداوم طلابها في 350 بناية، ويصل عدد التلاميذ في الصفوف بالمناطق الشعبية والعشوائيات إلى 70 تلميذًا في الصف الواحد، إضافة إلى أن 4 مدارس جديدة ستدخل الخدمة مع بدء  العام الدراسي الجديد، فيما ستكون 16 مدرسة جاهزة بعد نصف السنة.

وقال مدير مديرية “كربلاء”؛ إن “كربلاء” بحاجة إلى ثورة في بناء المدراس، لاسيما وأن الأراضي متوفرة وبحاجة فقط إلى التخصيصات المالية.

كُردستان..

وفي مدن “إقليم كُردستان”، يلتحق في العام الدراسي الجديد نحو مليون و700 ألف طالب وطالبة، في المدارس بمدن “إقليم كُردستان”.

وقال رئيس حكومة “إقليم كُردستان”، “مسرور بارزاني”، في كلمة له، خلال حضوره مراسم إنطلاق العام الدراسي في إحدى المدارس بمحافظة “دهوك”: “نعمل جاهدين على النهوض بمستوى التعليم في مدارسنا، لا سيما المدارس الحكومية، وذلك لمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي”.

وبعدما أكد حاجة الإقليم إلى 35 ألف صف دراسي لإستيعاب عدد المنضمين الجدد إلى مقاعد الدراسة، وجه رئيس الوزراء دعوة إلى المستثمرين ورجال الأعمال للقيام بواجبهم الوطني والإنضمام إلى الحملة الوطنية لجعل صروح التربية مكانًا لائقًا للطلبة والتلاميذ.

وقدم رئيس حكومة الإقليم شكره إلى الكوادر التدريسية التي ظلت صامدة وواصلت مسيرة التعليم، وبالأخص في ظل الحرب على (داعش) والأزمة المالية القاهرة في الإقليم، وقال: “ستواصل حكومة إقليم كُردستان سعيها لتحسين الظروف المعيشية للمعلمين”.

أغلب الطرقات غير آمنة أو غير معبدة، لا بل متهالكة، وبعض الطرقات التي تصل إلى المدرسة مليئة بالمياه الآسنة والحفر والأتربة، فضلاً عن درجات الحرارة المرتفعة، ما يستوجب من أولياء الأمور إستئجار (باص) لنقل التلاميذ إلى مدارسهم. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك تبرعات يدفعوها للمدرسة، إذ تجمع أحيانًا إيجار مبناها المستأجر الشهري من التلاميذ، بعدما هُدمت المدرسة الأصلية في المنطقة.

الآلاف من التلاميذ النازحون يفترض أنّهم ينتظمون في المدارس، لكنّ معظمهم ترك المقاعد الدراسية. وأجرت منظمات إنسانية مقابلات مع 240 عائلة، منها 170 عائلة لم تسجل أطفالها في المدارس، لتفضيلها تشغيلهم وجني المال من ورائهم، بدلاً من إدخالهم إلى مدارس مكتظة لا تتوفّر فيها أبسط مقومات التعليم.

كما أن مديرية التربية، في “نينوى”، تدّعي عدم حصولها على التخصيصات المالية للمدارس، لذلك لم تتمكن من تجهيز مدارس النازحين. وما يزيد الأمر تعقيدًا؛ العدد المرتفع لتلاميذ المخيمَين الواقعَين في المدينة، إذ يبلغ 21 ألف تلميذ.

مدارس هدمت بأمر وزير التعليم !

وتحتاج “بغداد” وحدها إلى ألف مدرسة، وأكثر من خمسة آلاف مدرسة في عموم أنحاء “العراق”.

في محافظة “ديالى”، 1096 مدرسة، هُدم كثير منها بأمر من “وزارة التربية”، قبل سنوات عدّة، على أن يُعاد بناؤها، لكنّها لم تُبنَ بعد، بل تحولت إلى مساحات فارغة. بعض الأهالي تبرعوا لبناء مدرسة على نفقتهم الخاصة، لكنّ مدرسة واحدة لا تكفي.

مبررات واهية..

إذا توفّرت رغبة حقيقية لدى “وزارة التربية” في حل أزمة التعليم، فإنّ توفير القرطاسية لأكثر من 11 مليون تلميذ ليس بالأمر المستحيل. أمّا بناء المدارس أو حتى الصفوف الدراسية الجديدة للتخلص من الإكتظاظ الحاصل، فيما يلجأ المسؤولون إلى تبرير عدم القيام به بعد، بالأزمة الاقتصادية والتقشف. لكنّ ذلك لم يُعد سببًا مقنعًا؛ لأنّ التقشف يُطبّق على المواطن فحسب، ولا أظنّ أنّ هناك أزمة اقتصادية حقيقية بل مفتعلة، لذلك يجب الإسراع في حلّ المشاكل المتعلقة بالمدارس ومتطلباتها للتخفيف عن كاهل الهيئات التعليمية في جميع مدارس البلاد.

وتشير إحصائية لـ”وزارة التربية”، في حكومة “إقليم كُردستان العراق”، إلى أنّ هناك 104 مدارس أُنشئت في “إربيل” لاستقبال تلاميذ المدن النازحين، ويبلغ عدد التلاميذ المسجلين فيها 73 ألفًا و334 تلميذًا، وفي “السليمانية” مئة مدرسة تحتضن 36 ألف تلميذ، وفي “دهوك” 172 مدرسة فيها 110 آلاف تلميذ.مدرسة مموّلة من (يونيسف).

وكانت منظمة (يونيسف)، في “العراق”، قد وقعت اتفاقية مع حكومة “هولندا”، بقيمة 6.2 ملايين دولار، لدعم برنامج تعليم الأطفال من النازحين والعائدين إلى مدنهم الأصلية بعد إنتهاء الصراع. وستقوم كلّ من حكومة “هولندا” و(يونيسف)، وعلى مدى ثلاثة أعوام، بتوفير التعليم لـ 150 ألف طفل نازح يعيشون في المخيمات والمجتمعات المضيفة أو من العائدون إلى المناطق المستعادة، إذ إنّ العنف تسبب في وقف مسيرة التعليم لأكثر من ثلاثة ملايين و500 ألف طفل، ممّن يُقدّر أنّهم خارج المدرسة، أو أنّهم لا يواظبون على المدرسة بشكل منتظم، أو فقدوا سنوات من التعليم.

وهذا البرنامج سيعزز فرص الأطفال النازحين في الحصول على التعليم مع التركيز على المناطق الأكثر تضررًا من جرّاء النزاع والعنف، مثل “الأنبار ودهوك وكركوك ونينوى”، من خلال بناء أو تأهيل المدارس في مناطقها.

ووفقًا لتقارير منظمة الـ (يونسكو)؛ فإن “العراق” كان يمتلك، في فترة ما قبل حرب الخليج الثانية عام 1991؛ نظامًا تعليميًا يُعتَبَر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة، وكانت نسبة الأمية في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي؛ تكاد تقترب من الصفر، حيث كانت الحكومة العراقية ترعى حملات محو الأمية، وأصبح التعليم إلزامًا، ويعرض نفسه للعقوبة كل من يحول دون حصول أي عراقي – طفلًا كان أم شيخًا مسنًا – على مباديء القراءة والكتابة الأساسية.

لكن نكسة “حرب الكويت” أدخلت البلاد بشكل عام في نفق مظلم؛ نتيجة الحصار الدولي الذي فُرض على “العراق”، وقد تأثر التعليم بهذا الحصار كغيره من جوانب الحياة الأخرى، وانخفضت نسبة الإنفاق الحكومي عليه، وزاد الوضع سوءًا بعد عام 2003، وعادت الأمية لتطل برأسها من جديد، واضطر ملايين الأطفال لترك مدارسهم؛ بسبب الحروب والنزاعات الطائفية وضيق ذات اليد، وضعفت الجامعات الحكومية والأهلية، وأصبحت ساحات للصراع الطائفي والسياسي، واستعراض الأزياء وأنواع السيارات الحديثة، مما يهدد بكارثة كبيرة ستعيشها الأجيال القادمة، التي لم يتسن لها العيش بشكل طبيعي بعيدًا عن كل هذه المشاكل والأزمات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب