16 أبريل، 2024 8:44 ص
Search
Close this search box.

في اليوم العالمي للمختفين .. “الغارديان” تكشف المسكوت عنه داخل “السجون السورية” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – بوسي محمد :

“كان يا ما كان يا سعد يا إكرام في سالف العصر والآوان.. كان في سيدة جميلة رائعة الحسن تحمل جمال الشام اسمها (ريما ملا)، سافرت إلى دمشق للبحث عن علاج لطفلها المريض، اعتقلوها وسجنت في إحدى سجون سوريا داخل زنزانة أسفل الأرض تعرضت للتعذيب، توسلت حراس الأمن لنقل أبنها (عُمر), الذي يبلغ من العمر ثلاثة أشهر, إلى المستشفى ليتلقى العناية الطبية التي يحتاج إليها بشدة، ولكن تم تجاهل دعواتها وظلت وراء القضبان تصرخ لمدة عامين وأربعة أشهر”.

هذه القصة ليست مجرد “حدوتة درامية”, يمكن أن تقصّها للأطفال قبل النوم، أو مجرد فيلم درامي من وحي خيال مؤلف مجهول الهوية، وإنما هي محاكاة لواقع مؤلم يعيشه ويتاعايش معه شعب سوريا وأطفال الحجار.

وتزامناً مع “اليوم الدولي للمختفين” الموافق لـ30 آب/أغسطس من كل عام، وهو ذكرى سنوية استحدثت للفت الانتباه إلى مصير الأفراد الذين سجنوا في أماكن وظروف سيئة، يجهل ذويهم أو ممثليهم القانونيين كل شيء. دقت صحيفة “الغارديان” البريطانية ناقوس الخطر، داعية منظمة الأمم المتحدة إلى توجيه انظار العالم إلى المحنة الرهيبة لمحتجزين “الأسد”.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن السيدة “ملا” تم اطلاق سراحها بعد مساعدة محام قبل سبعة أشهر، ولكنها تشعر بصدمة نفسية وجسدية لأنها اضطرت إلى وضع أبنها ثلاثة سنوات في دار للأيتام، ومنذ ذلك الحين تم جمع شملهم، لكن آلاف العائلات في سوريا التي مزقتها الحرب لا تزال منفصلة، وينتظرون أخبار عن أحبائهم الذين اختفوا، معتقدين أنهم يحاربون الموت في سجون “الأسد”.

معرض “عشرات الآلاف” ببيروت..

قصة السيدة “ملا” هي واحدة من بين تلك القصص الأخرى, التي سيتم عرضها في معرض فني داخل بيروت تحت عنوان: “عشرات الآلاف”، يعقد من الفترة من 30 آب/أغسطس إلى 8 أيلول/سبتمبر 2017، ويهدف إلى التوعية بقضية المختفين قسرًا والمفقودين في سوريا ومنح عائلاتهم الفرصة لسماع صوتها، كما سيعرض المعرض مقتنيات تعود إلى الأشخاص المختفين مع شهادات حية من أفراد عائلاتهم. ويضم المعرض أيضاً مجموعة من بورتريهات النساء المعتقلات للفنانة السورية “عزة أبو ربعية”.

وكشفت “منظمة العفو الدولية”، أنها سوف تقوم بتدشين موقعًا إلكترونيًا مخصصًا لإلقاء الضوء على حالات فردية من الاختفاء القسري والاختطاف في سوريا، وسيكون منبر دعم للعائلات لمساندة جهودها الرامية إلى العثور على أحبائها المختفين والمفقودين.

وقالت “منظمة العفو الدولية”: “إن الحكومة السورية, والجماعات المسلحة المعارضة المتورطة في النزاع الدائر في البلاد, يجب أن تكشف النقاب عن مصائر وأماكن وجود عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا قسراً أو اختُطفوا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011”.

وقال “فيليب لوثر”، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إنه “في خضم العمليات الوحشية وسفك الدماء التي اتسم بها النزاع السوري، فإن محنة الأشخاص الذين اختفوا عقب القبض عليهم من قبل السلطات أو احتجازهم من قبل الجماعات المسلحة، تُعتبر مأساة قوبلت بتجاهل دولي كبير”. مؤكداً على هناك عشرات الآلاف من العائلات تحاول جاهدة كشف النقاب عن مصير أقربائها المفقودين.

وأشار “لوثر” إلى إن روسيا والولايات المتحدة, بوجه خاص, يجب أن تستخدما نفوذهما للضغط على الحكومة السورية والجماعات المُسلحة المعارضة على التوالي, لحملهما على السماح لمراقبين مستقلين بالوصول إلى مرافق الاحتجاز والإفصاح عن أسماء وأماكن وجود الأشخاص المحرومين من حريتهم، والسماح لجميع المعتقلين بالاتصال بعائلاتهم.

وتدعو “منظمة العفو الدولية” الأمم المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لإدراج هذه القضية على جدول الأعمال الدولي.

قالت “كريستيان بينيديكت”, مدير الحملات في منظمة العفو الدولية: “من المعروف جيداً أن هناك أزمة إنسانية هائلة في سوريا، ولكن بينما نسمع عن الحصار، والمدنيين المشردين بسبب النزاع واللاجئين، والناس يعرفون القليل جداً عن الأهوال المخفية التي يواجهها المحتجزون”.

واضافت أن المراقبين فى حاجة ماسة إلى التحقيق فى الظروف وشكل الحياة داخل السجون التي تديرها الحكومة وقوات المعارضة.

مواصلة “بنديكت”، “على المسؤولين داخل منظمة الأمم المتحدة أن ينظروا إلى القضية على أنها قضية سياسية ملحة، والاهتمام بها أكثر من ذلك”. لافتة إلى أن هناك الآلاف من الأشخاص الذين يعانون كل يوم داخل هذا الجحيم دون مساعدة أو دعم قانوني، كما أن عائلاتهم لا تعرف أين هم أو ما يحدث لهم.

وفي شباط/فبراير من هذا العام، نشرت “منظمة العفو الدولية” تقريراً حول إحدى السجون الأكثر شهرة في سوريا، حيث تم شنق ما لا يقل عن 13.000 من معارضي “الأسد” سراً, خلال السنوات الخمس الأولى من الحرب الأهلية.

ووجدت أن الحكومة السورية أمرت بالقتل في سجن “صيدنايا” كجزء من سياسة إبادة أوسع نطاقاً، وتوفي آلاف آخرون من جراء التعذيب والمجاعة في معسكر الموت.

وتقول “منظمة العفو الدولية”، أن غالبية السجينات محتجزات في سجن “عدرا” بدمشق، في الأيام الأولى للانتفاضة كانت المعتقلات من الناشطات السياسيات أو العاملات في المجال الإنساني، ولكن مع تصاعد الأزمة أصبح أكثر شيوعاً بالنسبة للنساء الأخريات، وغالباً ما يكون أقارب مقاتلي المعارضة.

أحد المعتقلين السابقين, الذين هربوا منذ ذلك الحين من سوريا ويعيشون في مانشستر، أخبروا عن حجم المعاناة والتعذيب الذين كانوا يتلقونه بشكل منتظم.

شهادات حية من ضحايا وأسر الأشخاص المختفيين..

قبل الانتفاضة في عام 2011، كانت “أسماء” 27 عاماً، تدرس تنمية الطفولة وتعيش في “درعا”، أول مدينة بدأت الاحتجاج ضد الحكومة، كانت تتواجد في التظاهرات بانتظام، وفي آذار/مارس 2012 ألقي القبض عليها بتهمة محاولة مساعدة صديق كان قد انشق عن جيش “الأسد” بعد رفضه إطلاق النار على المتظاهرين السلميين.

وقالت “الغارديان”: “عاشت أسماء تجربة مروعة، حيثُ وضعت في زنزانة ضيقة صغيرة وتعرضت للتعذيب باستخدام الكابلات الكهربائية، والمقاعد الخشبية وقاموا بتعذيب صديقها أمامها.. ولا تعرف (أسماء) حتى اليوم ما إذا كان لايزال محتجزاً أو ما إذا كان ميتاً أم حياً”.

وقالت أنها تعرضت كثيراً للضرب والتعذيب، وسبب احيائها حتى اليوم هو رفضها الكشف عن أسماء أصدقائها المشاركين أيضاً في النشاط، حيثُ صمدت أمام إساءة المعاملة التي تتلقاها يومياً.

وقفت “أسماء” داخل المحكمة العسكرية أربع مرات, ولكن في كل مرة يرفض القاضي الاستماع إلى قضيتها، وتم اطلاق سراحها بعد عام وسبعة أشهر من اعتقالها، بعد أن تفاوضت مجموعة من مقاتلي المعارضة في مدينة “الزبداني” على مبادلة السجناء مع مسؤولين في “درعا”.

واستطردت حديثها للصحيفة البريطانية قائلة: “عندما جاءوا إلى زنزانتي وقالوا “خروج”، لم أستطع أن أصدق ذلك وبدأت الركل والصراخ، كنت معتقدة أنهم يكذبون عليّ وسوف يعدموني أو يأخذوني إلى مكان مجهول، فهناك نساء كثيرات يتم نقلهن، ولا نسمع عنهن شيئاً”.

وبعد إطلاق سراحها فرت “أسماء” إلى الأردن، وتقول, وهي أم لطفلتين صغيرتين، إنها مصممة على مواصلة القتال من أجل تحقيق العدالة للمحتجزين المفقودين في سوريا.

وقالت: “أريد أن أفعل أي شيء بإمكاني وبوسعي لمساعدة النساء الأخريات، ومن أجل أن تكن أصواتهن مسموعة وفضح الانتهاكات التي يمررن بها، فشقيقي محتجز أيضاً، ولم يكن لدي أي أخبار عنه منذ عام 2014”.

وقد عملت “أسماء” مع “جمعية ريثينك ريبيلد سوسيتي”، وهي مجموعة مقرها مانشستر تعمل على تحسين حياة السوريين في بريطانيا. وقد لعبت دوراً أساسياً في إعداد المعرض الذي يضم قصص المعتقلات.

وروت “فدوى محمود” عن حجم المعاناة التي يعيشها يومياً عائلات الأشخاص المختفيين، لافتة إلى أنه حتى الآن لا تعلم مصير ومكان وجود زوجها “عبد العزيز الخير” ونجلها “ماهر طحان” منذ 20 أيلول/سبتمبر 2012.

وتستكمل حديثها قائلة: “تمرّ الأيام والدقائق ثقيلة للغاية، أعيش على الأمل الذي يساعدني على الاستمرار ويدفعني إلى بذل  كل ما في وسعي من أجل إطلاق سراحهما، ودائماً ما يجول بخاطري أسئلة عدة حول هل سوف أراهم مرة أخرى ؟.. هل هم أحياء يرزقون ؟.. وفي كل مرة افزع من الأجابات التي تراود مخيلتي بين الحين والآخر، ولكن مع كل هذا لا أفقد الأمل في عودتهما، وأتخيل اللحظة التي أعلم فيها بإطلاق سراحهما”.

وكان زوج “فدوى” وابنها قد اختفيا إثر القبض عليهما من قبل المخابرات الجوية, عند نقطة تفتيش في دمشق عام 2013، على رغم نفي الحكومة السورية ذلك.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب