خاص : كتابات – بغداد :
كما يقول أحد الأدباء: إن الفتاة – والنساء عمومًا – هي مرآة المجتمع التي تعكس قسمات معاناته وتجاعيد مآسيه.. وبسمات آماله وأحلامه..
تحتفل الأمم المتحدة في الحادي عشر من تشرين أول/أكتوبر؛ بـ”اليوم العالمي للفتاة”.. و”عروس” العراق، مازالت حزينة؛ تعاني الظروف العصيبة، تعكس كل معاناة وطنها وكوابيسه.. لذا كانت الفتاة العراقية نبضًا لانتفاضته في تشرين وقلبًا لثورته التي لازالت غضبى..
كوابيس “عروس العراق”..
قبل أسبوع، قامت فتاة عراقية من محافظة “الناصرية” بحرق نفسها؛ بعد استلامها نتيجة الامتحان الدراسي النهائي.
وتقول المتخصصة في علوم المجتمع والصحة النفسية، “وسن العتابي”، إن: “الفتيات في العراق يتعرضن لضغوط رهيبة”.
وتعيش آلاف الفتيات العراقيات في ظروف صعبة في معسكرات النزوح المنتشرة في العراق، بعد إجتياح تنظيم (داعش) لمناطقهن، وقام التنظيم، الذي يقتل الرجال عادة، ببيع واغتصاب أعداد كبيرة من الفتيات الإيزيديات والمسيحيات.
كما تقول “الأمم المتحدة”؛ إن ثمانين بالمئة من الأطفال العراقيين يعانون من العنف المنزلي، كما إن زواج الأطفال لا يزال شائعًا بدرجة كبيرة في مخيمات النزوح.
وتضيف “العتابي”، لموقع (الحرة)؛ إن الضغوط العامة الكبيرة التي يتحملها كل العراقيين، من إنعدام الشعور بالأمان، أو فقدان الهدف والاهتمام بالمستقبل، أو المخاوف من العنف والاضطهاد، تقع بشكل مضاعف على الفتيات اللواتي يتعرضن لضغوط أخرى مثل؛ عنف الأهل أو التحرش أو التمييز.
موضحة؛ إن الفتيات العراقيات “محرومات من الأنشطة الترفيهية”؛ التي تساعد الشبان على التخلص من الضغوط أو تخفيفها.
وقد دعت “الأمم المتحدة”، في بيان صدر، أمس الأحد، إلى: “تحدي الأعراف التمييزية بين الجنسين” في العراق، وإلى تحسين فرص الفتيات بالتعليم والحصول على المهارات.
أحلامهن..
تريد الفتاة العراقية، “هبة محمد”، التي تبلغ من العمر 19 عامًا، أن تعيش في مكان يمكنها أن تأكل فيه “سندوتش فلافل”، بشكل طبيعي وهي تشاهد المارة، بدون أن تضطر إلى “الاختباء في سيارتها”، كلما أرادت أن تأكل من أحد المطاعم الشعبية القريبة من مكان عملها في منطقة “السعدون”، ببغداد.
وتقول هبة: “ربما يكون هذا أمرًا تافهًا بالنسبة للكثيرين، خاصة في بلد يزخر بالمشاكل مثل العراق، لكنه في الحقيقة محزن ويمكنك أن تنطلق منه لتعرف كمية التمييز التي تصاحب الفتاة سواء في المنزل، الشارع، أو العمل”.
وتعرف “هبة” أن الموضوع “اجتماعي” في الأساس، مضيفة: “الأكل هو أبسط الحقوق الإنسانية، لكن النظرات التي أتلقاها كل مرة آكل فيها سندوتشًا من عربة في الشارع؛ تقول إن الفتيات يطالبن بأن يتصرفن بشكل مختلف، كأنهن كائنات مختلفة”.
وبحسب “هبة”، فإن: “الفتيات العراقيات محرومات من كل شيء تقريبًا، بدءًا من الحرية في العمل والدراسة والمشي في الشارع، إلى التمتع بأدوار قيادية في مجتمعاتهن”، مضيفة: “تخيل أن تطالب فتاة لا تستطيع الأكل بحرية بمنصب قيادي أو بحقها في تقرير مستقبلها أو بمساحة شخصية لا يتدخل بها أحد”.
وصمة اجتماعية !
وتقول “فرح عبدالكريم”، وهي طالبة في الصف الرابع الإعدادي، من بغداد، إن: “مستقبلها محدد مسبقًا”، مضيفة: “الفتيات في العراق إما أن يكن مطيعات للأهل أو يُنظر إليهن على أنهن سيئات”.
وتوضح الخبيرة، “العتابي”، إن: “الوصمة الاجتماعية، التي تلتصق بالفتاة بسهولة؛ هي ضغط آخر هائل على الفتيات”، لكنها تقول إن: “الضغوط تختلف بحسب مستوى العوائل وتعليمها، لكن يبقى هناك ضغط اجتماعي متساوٍ على الفتيات جميعًا”.
الطالبة العراقية، “فرح عبدالكريم”، تتمنى أن تصبح “قائدة طائرة”، وهي مهنة لا تعمل فيها النساء عادة في “العراق”، كما أن من غير المعروف إن كانت الحكومة العراقية، التي تمتلك خطوط الطيران في البلاد، توافق على تعيين الفتيات.
وتقول “فرح”، للموقع الأميركي: “أنا ممتازة في الفيزياء والرياضيات، وصحتي ممتازة وبصري جيد جدًا، لكن أهلي خيروني بين كلية التربية لأكون مدرسة أو البقاء في المنزل”.
بيع الطفولة في سوق الزواج !
وتعاني الفتيات العراقيات، بشكل كبير، من مشاكل الزواج المبكر الشائع في البلاد، وتقول المحامية، “ذكرى علي”، إنها تشاهد “العشرات” من الفتيات يتزوجن بأعمار 14 – 16 سنة شهريًا في محاكم العاصمة، بغداد.
توضح “ذكرى”؛ إن الأرقام على مستوى البلاد هي أكبر بكثير، كما أننا نشاهد تزويج فتيات بعمر 12 عامًا خارج المحكمة، وهذا أمر خطر جدًا لأن الفتيات يجبرن على التخلي عن طفولتهن لرعاية منزل وأطفال.
المسعفة العراقية، “لينا الظاهر”، وهي من المشاركات في الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ نحو عام، تقول إن: “بداية الاحتجاجات العراقية حملت معها وعدًا بالتغيير، وشاهدنا الفتيات لأول مرة وهن يتمتعن بمساواة شبه كامل واحترام عال”.
وتضيف “الظاهر”: “كل هذا تغير من جديد الآن؛ بعد القمع الذي شهدته الاحتجاجات، وعدنا مرة أخرى للنضال من أجل حقوق بسيطة”.