19 يونيو، 2025 12:25 ص

في السودان .. تمزق القوى المدنية بين “البرهان” و”حميدتي” !

في السودان .. تمزق القوى المدنية بين “البرهان” و”حميدتي” !

وكالات – كتابات :

موقف غامض تتخذه القوى المدنية السودانية؛ خاصة ائتلاف (الحرية والتغيير)، من الحرب الضروس التي اندلعت بين الجيش السوداني وبين “قوات الدعم السريع”، فما هى حقيقة موقف هذا الائتلاف الذي يُعد نفسه قائدًا للثورة من الصراع الحالي، وما خياراته، والأهم ما مصير العملية السياسية في “السودان” إذا تحول الصراع لحرب أهلية طويلة ؟

وعقب اندلاع المواجهات، دعا ائتلاف (الحرية والتغيير)، السبت، الجيش و”الدعم السريع” إلى وقف المواجهات العسكرية والعودة لطاولة التفاوض لحل القضايا العالقة.

وقال (الحرية والتغيير)؛ في بيان فور اندلاع القتال بين الطرفين، إننا ندعو قيادتي الجيش و”الدعم السريع” لتحكيم صوت الحكمة ووقف المواجهات العسكرية فورًا والعودة لطاولات التفاوض.

وأشار إلى أن القضايا العالقة لا يمكن حلها عبر الحرب، حيث إن الخيار الأفضل للبلاد يتطلب معالجتها سلميًا عبر الحلول السياسية، (وتتضمن القضايا العالقة مسّائل تتعلق بالسّيطرة والقيادة وسنوات دمج الدعم السريع في الجيش).

وتُحاول قوى ائتلاف (الحرية والتغيير) التوسّط لوقف الصراع، حيث أعلنت الثلاثاء، أنها كثفت التواصل مع الآلية الثلاثية والرباعية في دعم مبادرتهم الرامية للوصول لهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، “وتواصلنا مع قيادة القوات المسّلحة السودانية وقوات الدعم السريع؛ حاثين إياهم على قبول هذا المقترح، وهو ما أثمر عن مواقف إيجابية صدرت من قبلهما تم إعلانها ولا يزال النقاش متواصلاً حول أحكام هذه الهدنة وخلق آليات تكفل نجاحها”.

“حميدتي” و”البرهان” تحالفًا ضد القوى الثورية..

منذ بداية الثورة السودانية؛ كان من الواضح أن رئيس “مجلس السّيادة” قائد الجيش السوداني؛ “عبدالفتاح البرهان”، ونائبه “محمد حمدان دقلو”؛ المعروف: بـ”حميدتي”، قائد “قوات الدعم السريع” حليفين في مواجهة قوى ائتلاف (الحرية والتغيير)، بدءًا من دور “حميدتي” في وصول “البرهان” للسلطة عبر إقصاء وزير الدفاع؛ “عوض بن عوف”، وصولاً لدور “قوات الدعم السريع” في مذبحة القيادة العامة للجيش السوداني التي أدت لفض الاعتصام الذي كان يُطالب بتسّليم السلطة للقوى المدنية، وهي المذبحة التي وقعت في الثالث من حزيران/يونيو 2019، وأدت لمقتل ما بين من مئة أو أكثر إلى: 250 شخصًا، حسّب تقديرات متفاوتة، فيما تُفيد الشهادات أن المتورط الرئيس فيها “قوات الدعم السريع” وسط حديث عن ارتكابها عمليات قمع واغتصاب وإخفاء للجثث.

كما تحالف “البرهان” و”حميدتي”؛ في عملية تمديد أمد اتفاق تسّليم السلطة للمدنيين الذي أدى إلى الإطاحة بموعد تسّليم السلطة لعضو مدني من “مجلس السّيادة” ليُصبح رئيسًا للمجلس؛ (كان يفترض أن يتم التسّليم في في آيار/مايو 2021).

ثم تعاون “البرهان” و”حميدتي”؛ في تشرين أول/أكتوبر 2021، للإطاحة برئيس الوزراء الانتقالي؛ “عبدالله حمدوك”، الذي كان يُنظر له كممثل لما يُعرف بالقوى المدنية.

“حميدتي” الآن يتقرب من “قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي”..

ولكن مؤخرًا حدث تقارب بين “حميدتي”؛ وبين فصيل رئيس من القوى المدنية يُعرف باسم ائتلاف (الحرية والتغيير-المجلس المركزي)، الذي يُحاول الانفراد بتمثيل القوى المدنية مقصّيًا عددًا من الأحزاب والقوى الأخرى، كذلك الحركات الإقليمية المسّلحة التي وقعت اتفاقات مع السلطة المركزية؛ (باتت تُعرف باسم: حركات الكفاح المسّلح).

مقابل ذلك هناك تقارب بين فصيل آخر يُدعى: ائتلاف (الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية)، (يعتقد أنه مدعوم من مصر)، وبين “البرهان”.

وبدا ذلك واضحًا عندما وقع ائتلاف (الحرية والتغيير-المجلس المركزي) اتفاقًا إطاريًا جديدًا؛ في كانون أول/ديسمبر 2022، لتسّليم السلطة لهياكل تشكلها القوى المدنية، وبصورة أقل العسكريين؛ (بدون انتخابات).

ولكن “البرهان” رفض تنفيذ الاتفاق بدعوى ضرورة توسّيع نطاق القوى المدنية المشاركة في الاتفاق؛ (وهو نفس مطلب ائتلاف الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية).

وكان لافتًا أنه لأول مرة، انحاز “حميدتي” لمطالب ائتلاف (الحرية والتغيير-المجلس المركزي)، ورفضه توسّيع الاتفاق، ولكن “حميدتي” أضاف مطلبه الخاص بتمديد الجدول الزمني لدمج “قوات الدعم السريع” في الجيش إلى 10 سنوات بدلاً من عامين، كما تُريد القوات المسلحة، في مؤشر على خوف “حميدتي”، من فقدان السّيطرة على “قوات الدعم السريع”؛ التي تُمثل أداة النفوذ الرئيسة التي يمتلكها.

وفي هذا الخصوص؛ أكد “البرهان” أنه وقّع على الاتفاق الإطاري؛ (05 كانون أول/ديسمبر 2022)؛ لأنه يُحقق مبدأ الدمج لـ”الدعم السريع” في الجيش، وإنْ لم يتحقق ذلك فلن يمضي في الاتفاق للأمام.

والواقع أن عملية دمج “الدعم السريع” تحظى بإجماع وسط الجيش السوداني، بل تُعتبر قضية أمن قومي لها الأولوية. كما طالب الجيش أيضًا بجعل شركات “قوات الدعم السريع”؛ تابعة لـ”وزارة المالية” وتخضع للإجراءات الحكومية المعروفة، واشترط أن يكون هو من يُحدد تحركات وانتشار “قوات الدعم” وفق عملية الدمج، وهو ما رفضته قيادة “الدعم السريع”.

كما تُحدد الورقة التي طرحها الجيش ضوابط ومعايير قبول التحاق ضباط “قوات الدعم السريع”، وتسّرح من تم تعيينهم بعد سقوط نظام الرئيس السابق؛ “عمر البشير”، وتقنين صلاحيات “الدعم السريع”، العسكرية والاقتصادية والسياسية.

كما تتعارض وجهات نظر “البرهان” و”حميدتي” بشأن مراجعة وتطوير العقيدة العسكرية ونأي المؤسسة العسكرية عن التدخل في السياسة.

اللافت أن أغلب مطالب الجيش في هذا الملف تبدو منطقية وأكثر اتسّاقًا مع مطلب بناء دولة مدنية طبيعية الذي يُفترض أنه هدف ائتلاف (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي).

انقلاب في المحاور.. قائد الميليشيات السابق يقدم نفسه كزعيم يدافع عن الديمقراطية..

طموحات وتحالفات “حميدتي”؛ أقلقت قيادة الجيش على ما يبدو.

فلقد أظهر “حميدتي”؛ الذي كان رجل “البشير” المفضل، تطلعات سياسية واسّعة بالشروع في تكوين تحالف يعتمد على أعيان القبائل وزعماء الطرق الصوفية وقوى (الحرية والتغيير) ورسم صورة لنفسه كمناصر للثورة وحكم المدنيين.

وقد رأت قيادة الجيش، وعلى رأسهم “البرهان”، في هيمنة “حميدتي” على السلطة في المستقبل تهديدًا أمنيًا، بل رأوا في طموحه السياسي تمهيدًا للتمرد إن لم يتم دمج قواته في الجيش بشكلٍ سريع، حسّبما ورد في تقرير لمركز (ترندز) للدراسات والاستشارات.

وتأكيدًا لذلك؛ أكد الجيش السوداني أن الأطماع الشخصية لقيادة “الدعم السريع”، هي التي قادت لتفجير الصراع.

وكان أحد مؤشرات التقارب بين “حميدتي”، وبين (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي)، هو اعتراف “حميدتي”، بخطأ الإجراءات التي اتخذها الجيش السوداني؛ في 25 تشرين أول/أكتوبر 2021، بإقالة “حمدوك” وإلغاء وثيقة تسّليم السلطة الأساسية التي أبُرمت في عام 2019، بين العسكريين والائتلاف عقب سقوط “البشير”.

“المجلس المركزي” يُحاول الانفراد بتمثيل القوى الثورية..

ومنذ انطلاق العملية السياسية الحالية، غابت عنها قوى بارزة ممثلة في (قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية).

كما رفضت الاتفاق قوى يمكن اعتبارها أكثر ثورية من فصيل (المجلس المركزي) لائتلاف (الحرية والتغيير)، ولعبت دورًا مهمًا في الاحتجاجات ضد “البشير”، مثل: (الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة)، حيث أنها لم توقّع على “الاتفاق الإطاري” وظلت تُقاطع مراحل العملية برمتها.

وتُمثل (الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية)؛ التحالف الأكبر الرافض للتوقيع النهائي، بحجة: “الإقصاء” الذي يُمارس ضدها من قبل المكون المدني الأبرز في الاتفاق، وهي قوى (الحرية والتغيير-المجلس المركزي)، (الائتلاف الحاكم سابقًا).

وتأسس تحالف (الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية)؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2022، من حركات مسّلحة موقعة على “اتفاق سلام جوبا للسلام”؛ في تشرين أول/أكتوبر 2020، أبرزها حركتي: (تحرير السودان)؛ بقيادة “مني أركو مناوي”، و(العدل والمساواة)؛ بقيادة “جبريل إبراهيم”، (كلاهما من دارفور).

كما تضم “الكتلة الديمقراطية” مجموعات أخرى، بينها: (الحزب الاتحادي الأصل)؛ بقيادة “جعفر الميرغني”، و(المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة)؛ وهو كيان أهلي بشرقي “السودان”؛ بقيادة “محمد الأمين تِرِك”.

وجاء تأسيس هذا التكتل بعد انحياز قائد “الدعم السريع” إلى تحالف (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي)؛ مما باعد مواقف “جبريل” و”مناوي” السياسية عن “حميدتي”، فلجأ لتأسيس (الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية)، التي يُنظر لها أنها قريبة لـ”البرهان”.

ورغم معارضتها للعملية السياسية؛ ظلت “الكتلة الديمقراطية” منخرطة في حوارات مع الآلية الثلاثية لـ”الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية”؛ (إيغاد)، بغرض تقريب وجهات النظر وتوقيعها على الاتفاق النهائي.

وتدعو “الكتلة الديمقراطية” لتوسّيع قاعدة المشاركة في “الاتفاق الإطاري”، وهو ما ترفضه القوى المدنية الموقعة عليه، بحجة أنها محاولة لإغراق العملية السياسية بإدخال قوى: “لا علاقة لها بالانتقال الديمقراطي”، ولم تكن جزءًا من الإطاحة بالنظام السابق بل دعمت: “انقلاب” البرهان.

خطاب “المجلس المركزي” أقرب لـ”حميدتي”..

يبدو خطاب ائتلاف (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي) أقرب لـ”حميدتي”، فهو يبدو محايدًا في الصراع ويتعامل مع الجيش و”قوات الدعم” باعتبارهما طرفين متسّاويين وليس جيشًا رسميًا وقوات ذات جذور ميليشياوية خرجت عن سّيطرة الجيش، إضافة لتجاهله لوجود مؤشرات قوية على أن “قوات الدعم” هي التي بدأت بالحرب، كما يبدو واضحًا من تصريحات “حميدتي” نفسه؛ الذي اعترف بأنه بادر بمهاجمة المطارات لتدمير طائرات الجيش الحربية لمنع استخدامها ضد “قوات الدعم”.

وغضب الجيش السوداني من بعض (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي)؛ التي نادت بأن تكون “قوات الدعم السريع”، نواة للجيش الوطني بعد إعادة إصلاحه، ومحاولتها استخدام “حميدتي” رافعة للاستئثار بالسلطة، حسّبما قال الباحث في قضية دارفور؛ “إدريس آدم”، في تصريح لموقع (الجزيرة. نت).

كلاهما سييء.. ولكن أي الخيارين أفضل للقوى المدنية حكم الجيش أم الدعم السريع ؟

ويبدو هذا الانحياز غير السّافر لـ”حميدتي”؛ و”قوات الدعم السريع”، مقابل “البرهان” والجيش، غريبًا، فقد يكون مفهومًا قلق ائتلاف (الحرية والتغيير-المجلس المركزي) من تحول “البرهان” لمسّتبد عسكري جديد مثل “البشير”.

ولكن ألا يجب على الائتلاف القلق أيضًا من سّيطرة قائد ميليشيات سابق على الحكم، عبر الاعتماد على ميليشيات إقليمية قبلية غير نظامية قيادتها عائلية بحتة، حيث إن معظم مقاتلي “الدعم السريع” من القبائل العربية في “دارفور”؛ والذين يُعتقد أنهم من مقاتلي (الجنجويد) السابقين المتهمين بارتكاب جرائم حرب بـ”دارفور”، كما أن قيادة الدعم بالكامل في يد عائلة “حميدتي”.

وهذا يعني أنه لو انفرد “حميدتي” بالسلطة، وتحولت “قوات الدعم” لنواة الجيش الوطني؛ أننا أمام حكم عشائري ضيق القاعدة، عكس خطر الحكم العسكري الاستبدادي المفترض الذي سيسّتند للجيش الذي يظل على كل عيوبه ممثلاً لكل مناطق وطبقات “السودان”، وبالتالي سيكون هناك حدود لإمكانية استخدام ضباطه وجنود لقمع أية احتجاجات عكس “الدعم السريع”؛ التي ولاؤها الأساس لقائدها “حميدتي” وعشائرها، وخاصة أنه يُسّيطر عليها شعور بمظلومية الغرب السوداني، التي يُحاول “حميدتي” أن يُركز عليها.

والسؤال: ألا تخشى القوى المدنية انقلاب “حميدتي” عليها، كما فعل مع الرئيس السابق؛ “عمر البشير”، الذي وصفه ذات مرة: بـ”حمايتي”، أو كما يفعل الآن مع “البرهان”.

أسباب قلق “الحرية والتغيير” من “البرهان” أكثر من “حميدتي”.. بعضها مرتبط بـ”مصر” !

جزء من توجّس إن لم يكن عداء قوى ائتلاف (الحرية والتغيير)، لـ”البرهان” والجيش نابع على الأرجح من تحالفه المفترض مع “مصر”؛ (مقابل إعجاب هذه القوى السابق برئيس الوزراء الإثيوبي؛ آبي أحمد).

وينبع هذا الموقف السّلبي لقوى ائتلاف (الحرية والتغيير) من “القاهرة” من عاملين، الطابع العسكري للحكم الحالي في “مصر”؛ والذي يجعل أعضاء القوى المدنية، يفترضون؛ (وافتراضهم قد يكون حقيقيًا)، أن “القاهرة” تدفع لحكم عسكري في “السودان” وتُعادي قيام ديمقراطية سودانية، وكذلك خوفهم من تكرار السيناريو المصري في “السودان”.

ولكن من جهة أخرى؛ هذا العداء الكامن نابع من أن كثيرًا من أعضاء قوى (ائتلاف الحرية والتغيير) لهم جذور يسارية، واليسار السوداني؛ (عكس اليسار في أغلب الدول العربية الأخرى)، بعض فصائله لديها عداء للعروبة؛ لأنها تتبنى وجهات نظر متطرفة ترى في العرب غزاة لـ”السودان”، كما كان يقول “جون غارنغ”؛ زعيم (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، التي قادت انفصال الجنوب.

كما أن بعض مكونات قوى (ائتلاف الحرية والتغيير)، تُعيد اجترار بعض الذكريات السّلبية للحكم المصري لـ”السودان” في عهد الأسرة العلوية، وكذلك في فترة الحكم الثنائي “البريطاني-المصري”، (الحقيقة أنه كان حكمًا بريطانيًا استعماريًا لمصر والسودان بجنود البلدين).

سيطرة الهواجس من الإسلاميين عليهم بشكلٍ مطلق..

والأهم تبدو قوى ائتلاف (الحرية والتغيير) مسّكونة بهواجسّها الإيديولوجية من الإسلاميين والنظام السابق، بشكلٍ يجعل تقييّماتها بعيدة عن الواقع؛ وهو الأمر الذي يستغله “حميدتي” جيدًا.

ففي ذروة هذه الحرب الضروس، اتهمت (قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي)، فلول نظام حزب (المؤتمر الوطني) المنحل، بقيادة المخطط الحالي للوقيعة بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” لتدمير العملية السياسية الجارية حاليًا.

وهو أمر يبدو مثيرًا للاستغراب في ظل الحقيقة المعروفة بأن القتال نشّب بسبب تعارض طموحات “البرهان” و”حميدتي” في تولي السلطة، وجود قوتين متوازيتين في البلاد، جيش رسمي و”قوات الدعم” لكل منهما قيادة منفصلة.

كما أن الإسلاميين حتى ولو لهم وجود واضح بما في ذلك داخل مؤسسات الدولة ومنها الجيش، إلا أنه ليس لديهم قوة عسكرية منفصلة، كما أنه حتى لو كان ضباط الجيش بعضهم من الإسلاميين، فليس هناك أي مؤشرات على أنهم يلعبون دورًا قياديًا أو يكونون كتلة مؤثرة أو منفصلة.

ويخدم خطاب “المجلس المركزي” هذا، دعاية “حميدتي” الذي يصف “البرهان”؛ بالإسلامي المتطرف، ويُقّدم نفسه؛ (وهو الزعيم ذو الجذور الميليشياوية القبلية مرتكبة جرائم حرب)، كمقاتل ليبرالي يدعو للديمقراطية والحداثة !.

الائتلاف رفض إجراء انتخابات مما عّزز سيّطرة “البرهان” و”حميدتي” على السلطة..

يبدو ائتلاف (الحرية والتغيير)، حبيسًا داخل جذوره الإيدولوجية اليسارية، والتي جعلته منذ البداية يرفض إجراء انتخابات فور سقوط “البشير” كما اقترح الجيش؛ لأنه يخشى من فوز الإسلاميين؛ بحسّب مزاعم لتقارير منصات عربية ممولة من النظامين القطري والتركي.

ويُريد في المقابل أن يمنحه الجيش السلطة دون انتخابات ليسّيطر على الحكم ويستأصل الإسلاميين ويعمل على صياغة دولة يُسّيطر عليها، وهو يسّتند في ذلك لقدرته على حشد الجماهير في شوارع “الخرطوم” ومدن “السودان” الكبرى.

وبالطبع تناسى أعضاء الائتلاف أنهم يعطون بهذا المسّار المطول، والمُعّقد، فرصة للعسكريين لتعّزيز سّيطرتهم على السلطة عبر المماطلة في تسّليم الحكم؛ (وهو ما حدث بالفعل).

كما أن محاولة الائتلاف الحصول على السلطة من الجيش بدون انتخابات، تعني أنه سيبقى دومًا أسّير لما سيقدمه العسكريون ولمناوراتهم والآن خلافاتهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة