خاص : ترجمة – محمد بناية :
يقول “رضا رحماني”، وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني، في اجتماع مع رؤساء الوحدات المتضررة جراء السيول في “غلستان”: “سوف نسعى، في الحكومة، إلى تعويض النقابات المختلفة بتسهيلات مخفضة الأسعار والفائدة حتى 45 مليون طومان”.
والسؤال: هل هذا الإجراء الحكومي كافي ؟..
تبعات السيول الأخيرة على المستويات الاقتصادية المختلفة..
وللإجابة؛ ينقل (راديو الغد) الأميركي، الناطق بالفارسية، عن الدكتور “أحمد علوي”، الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي بـ”السويد”، قوله: “يمكن مشاهدة تبعات السيول الأخيرة على المستويات الاقتصادية المختلفة من مؤسسات إنتاجية، واقتصاد حكومي، وكذلك الأسر. وبغض النظر عن الخسائر البشرية التي يصعب حصرها وتقييمها، لكن أهم تأثير للسيول الأخيرة على الشركات في المناطق المأزومة، هو القضاء تمامًا على المرافق الإنتاجية، ومن ثم خسارة الاستثمارات المهولة السابقة، وكذلك الكثير من فرص العمل”.
وبالتالي يُتوقع تراجع الإنتاج على المدى القصير في هذه المناطق على الأقل، لا سيما وأن الأوضاع الاقتصادية الإيرانية، وغلاء الأسعار ونقص السلع يؤثر بشدة على السوق.
والأهم؛ هو القضاء على فرص العمل في هذه المناطق وإعادة إحياءها يتطلب المزيد من الوقت. وعليه سوف تنخفض عوائد الأسر التي تضررت بشكل مباشر أو غير مباشر جراء السيول، وسوف تتسع دائرة الفقر في هذه المناطق. ومع الأخذ في الاعتبار لعجز ميزانية الحكومة فسوف تتأثر الميزانية كذلك بالخسارة الناجمة عن السيول.
الوقاية والتنبؤات المنهجية أهم من تعويض الخسائر..
الأهم، قبل كل شيء من منظور إدارة الأزمة، هو الاهتمام بالإجراءات الوقائية والمنهجية الشاملة والمتسقة.
وتتسم عملية إدارة المخاطر بالديناميكية والاستقرار وتفتقر إلى البداية والنهاية، وتشمل مراحل ما قبل وأثناء وبعد الأزمة.
والإجابة المفتاحية على “إدارة المخاطر”، لدى أعلى المستويات الإدارية. ومن ثم يتعين على هذه المستويات الإدارية العليا؛ الإجابة بشكل مباشر وواضح، لأنه من منظور إدارة المخاطر لا توجد حوادث عارضة وفجائية، وإنما يمكن رصد أجواء وجذور الحوادث بشكل هيكلي ومؤسسي والتفكير في حلول مناسبة لتلكم الأزمات.

ويرتبط جزء من الأضرار الناجمة عن الحوادث والكوارث بفشل العنصر البشري وإدارة المخاطر. ووظيفة إدارة المخاطر معرفة وإدارة التنبؤات والوقاية باعتبارها العوامل الهيكلية والمؤسسية الموجودة في خلفية الحادث.
أضف إلى ذلك أن معظم المناطق التي تعرضت للسيول لها سوابق مع مثل هذه الكوارث. على سبيل المثال، تُعرف منطقة “سيل آباد”، في “شيراز”، باسم “محل عبور السيول”. كذلك تمثل الشفافية والإجابة ودورة المعلومات جزءً مهمًا في إدارة المخاطر.
وفي هذا الصدد؛ لابد من رفع المستوى والكفاءة والقدرات الإدارية لكل الأفراد والمجموعات المعنية بمخاطر الكوارث. من ثم فالاستثمار البشري أو المعرفة المتراكمة بإدارة المخاطر، (على مستوى المؤسسات العامة مثل الحكومة، والبلدية، ونظام التأمينات، وحتى على مستوى الشركات وكذلك الأسر والأفراد)، من جملة العوامل المهمة في الحد من الكوارث.
الشفافية والإجابة بمثابة عامل إدارة الأزمة الفاعل..
طبقًا للأبحاث في مجال إدارة المخاطر، مجموع كل التكاليف الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية للوقاية من الكوارث أقل من تكاليف ما بعد وقوع الكارثة. ولا يعد عدم كفاية المصادر سببًا رئيسًا في الكارثة، وإنما الاستفادة غير المناسبة من الموارد؛ هو سبب إنتاج المشكلة.
ومن الشروط الضرورية في تحسين إدارة الأزمة؛ هو إجابة المسؤولين على كافة المستويات. ويستحيل توفر هكذا شرط ما لم يتم إصلاح منظومة تنصيب وعزل المسؤولين.. كذلك فالشفافية شرط أساس في فاعلية إدارة المخاطر.
والشفافية والإجابة؛ تحول دون إستشراء الفساد، وكذلك سوء استغلال الموارد والميزانية. ومن ثم يتعين على المسؤولين السياسيين والتنفيذيين العمل بشكل شفاف تحت رقابة المجتمع المدني.
نهاية الكلام..
يُقال في إطار إدارة المخاطر الاقتصادية إن تكلفة الوقاية والتنبؤ بالحوادث والكوارث؛ أقل بكثير من خسارة الإنتاج. ولذلك يجب أن تعمل حتى تحد آلية الوقاية والتنبؤ ثم إدارة الأزمة من التكلفة.
وفي هذا الصدد؛ تحوز خدمات نظام التأمين الإحترافية أهمية بالغة. ولو نحكم بموجب البيانات المنشورة في وسائل الإعلام، يبدو أن إدارة أزمة السيول في “إيران” كانت فاشلة على المستويات الثلاث، الوقاية والتنبؤ ثم إدارة الأزمة.
لذلك فالخسائر الناجمة عن السيل البشرية والمالية والبيئية أكبر، وأستبعد تعويض هذه الخسائر على المدى القصير وبالتكلفة المحدودة.