خاص : ترجمة – محمد بناية :
ربما تكون عملية الإقتراع، للعام 2020، الأكثر حيوية في تاريخ “الجمهورية الإيرانية”، لاسيما بعد احتجاجات كانون أول/ديسمبر 2017، وشعار “الإصلاحيون، الأصوليون.. اللعبة إنتهت”، والإقبال الشعبي على المطالبة بـ”تغيير النظام” تحت إتجاهات واستراتيجيات مختلفة تتضمن الإطاحة والتحول.
ويتخوف التياران الإصلاحي والأصولي من تراجع المشاركة الشعبية، ولذلك لن يتورع عن استخدام أي أسلوب يزيد من حجم المشاركة الشعبية، من ذلك قد يتفق الطرفان على إعلان نسب مشاركة أكبر من الواقع.
كذلك فإن سياسة نشر الخوف، كالذريعة المتكررة (مخاطر الحرب)؛ أو نشر الشائعات حول تبعات عدم المشاركة، (مشكلة فرص العمل، الحرمان من الدعم، القيود التعليمية)، من جملة الأساليب التي قد تلجأ إليها السلطة لإجبار الجماهير على التصويت. بحسب تحليل “عمار ملكي”؛ أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة “تيلبرغ” الهولندية، المنشور على موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
تغيير النظام وأحلام الإصلاحيون..
أعلن الإصلاحيون بقيادة، “محمد خاتمي”، المشاركة في إقتراع 2020؛ مهما كانت الظروف. ورغم تراجع شعبية الإصلاحيين بشدة؛ مع هذا يسعون عبر الاستفادة من طيف الفنانين، (المشاهير)، والمفكرين المناهضين للغرب، والطبقة الوسطى المحافظة على إجتذاب جزء من كتلة الساخطين، ربما أمكنهم رفع نسبة المشاركة في الإقتراع إلى 50% أو يزيد. من ثم لا يجب أن ينخدع دعاة تغيير النظام بقوة بحملة الدعاية الإصلاحية.
الاستفادة من المفاهيم والعناوين الموجهة والمقبولة؛ هو أحد أهم أدوات الدعاية الإصلاحية. فتراهم يختبئون خلف مجموعة من المفاهيم والمعاني الإيجابية والمقبولة حول العالم، في حين يفرغون هذه المفاهيم من مضمونها.
وهذه المفاهيم من مثل “الإصلاح”، و”الوسطية”، و”الانتخابات”؛ والتي تعتبر جزءً من قيم الدول الحرة.
ويسعى الإصلاحيون، بالكذب، إلى تقديم أنفسهم كرعاة وأنصار لتلكم المفاهيم، وللأسف فقد حققوا نجاحًا نسبيًا، وتمكنوا (باستغلال اللوبي الإصلاحي بين طلبة الجامعات الأوروبية والأميركية، ونشر العديد من المقالات في وسائل الإعلام الغربية)، من تقديم عناصر “تيار الإصلاح” باعتبارها قوى تتطلع للإصلاح، والوسطية والانتخابات.
دعاة التغيير وفضح تيار الإصلاح..
في المقابل تتمحور أحد أهم وظائف دعاة التغيير والتحول؛ إلى فضح هذه الوقائع المزيفة وتجريد الإصلاحيين من سلاحهم الخطابي وكشف الحقائق للشعب الإيراني والعالم.
ومن حسن الحظ، فقد نجحوا في هذا الأمر، بحيث أتضح للجزء الأعظم من الجمهور، بالنقاش النظري والإستدلال والتوعية العامة، أن هذا التيار لا يعبأ بمشكلات الإصلاح وإنما هدفه الرئيس استمرار النظام الحالي.
من ثم رفعوا نقاب “الإصلاح” عن هذا التيار وإعادة وصفه باسم واقعي ودقيق هو، “دعاة الاستمرارية”، حتى أعترفت قيادات هذا التيار بهذه المسألة. ويجب أن يتكرر الأمر نفسه مع مفهوم “الانتخابات”، حيث تستخدمها الأنظمة الاستبدادية كأدوات تدعيم السلطة وتفريغ الانتخابات من مفهومها كأحد أهم أدوات الديمقراطية.
لابد في الانتخابات، (الديمقراطية)، من توفر 6 شروط: أمتلاك حق الإقتراع العام، والتناوب، والنزاهة، والحرية، والعدالة، والتأثير.
وتنعدم في “الجمهورية الإيرانية” الشروط الثلاث الأخيرة، مع إنتهاك شرط النزاهة في الكثير من الحالات، وبالتالي فالموجود في “الجمهورية الإيرانية” باعتباره قواعد سياسية هو (إقتراع) وليس (انتخابات)، ولابد من الفصل بين المفهومين وعدم السماح للتيارات الإصلاحية والأصولية بالتخندق خلف الانتخابات واتهام المخالفين للنظام بمعارضة الانتخابات.
علمًا بأن هدف دعاة تغيير النظام والتحول هو تجاوز عملية (الإقتراع) والوصول إلى (الانتخابات) الديمقراطية. من ثم لا يجب السماح لـ”الجمهورية الإيرانية” من تفريغ مفهوم (الانتخابات) من المحتوى على غرار مفهومي (الإصلاح) و(الجمهورية) وإتخاذها كستار للبقاء.
بالتالي يتعين على دعاة تغيير النظام إلى تبني خطاب يؤكد عدم معارضتهم إطلاقًا للانتخابات، وإنما عمليات “الإقتراع الاستعراضية”.
وشعارات (صوت بلا صوت) أو (لن أصوت) هي خيارات ذكية يمكن أن توفر بديلاً للشعار الكلاسيكي (مقاطعة الانتخابات). ولابد في أي مناظرة من التأكيد على حقيقة إنعدام الانتخابات في “الجمهورية الإيرانية” وضرورة الفصل بين (الإقتراع) و(الانتخابات).