16 أبريل، 2024 11:55 ص
Search
Close this search box.

في إجراء اقتصادي باطنه سياسي .. السعودية والعراق يفتتحان معبر “عرعر” بعد إغلاق دام 3 عقود !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

حظيت عودة العلاقات بين “السعودية” و”العراق”؛ في الآونة الأخيرة بالكثير من التحليلات والتكهنات، إلا أن المفاجيء هو التقارب السعودي لـ”سوريا” في تلك الخطوة، حيث أعلنت حكومة “الأسد” أن افتتاح معبر “عرعر”، بين “المملكة العربية السعودية” و”العراق”، سيكون منفذًا جديدًا للبضائع والقوافل التجارية السورية إلى دول الخليج، وخاصة “السعودية”، كبديل عن معبر “نصيب” الحدودي، بين “سوريا” و”الأردن”.

وفي تصريح لـ (سبوتنيك)، أوضح عضو مجلس إدارة الاتحاد السوري، “حسن عجم”، أن الرياض طلبت من الجانب العراقي تأمين طريق ترانزيت يربط سوريا بالمملكة العربية السعودية عبر العراق، مؤكدًا أن افتتاح المعبر “السعودي-العراقي” وتأمين الطرقات الواصلة بين المعبر والحدود السورية، سينشط حركة نقل البضائع والشاحنات بين سوريا ودول الخليج، خاصة في حال تفعيل بغداد “قانون الترانزيت”، الذي يسهل الكثير أمام النقل التجاري.

معاناة من تقييد الحركة التجارية من جانب الأردن..

ومنذ افتتاح معبر “نصيب” الحدودي، بين سوريا والمملكة الأردنية، قبل نحو العامين، عانت الحركة التجارية بين سوريا ودول الخليح من عنق زجاجة جراء تقييد المملكة المتكرر لحركة الترانزيت، وتشددها إزاء مرور الشاحنات السورية بشكل خاص.

وأشار “عجم” إلى أن عبور البضائع والشاحنات من سوريا إلى دول الخليج وبالعكس، عبر معبر “عرعر”، يعتبر أفضل وأسرع من عبورها للأراضي الأردنية عبر معبر “نصيب”، وذلك بسبب اختصار أيام الانتظار الطويلة التي تقضيها الشاحنات السورية وغير السورية على الجانب الأردني من الحدود حتى يُسمح لها بالمرور بسبب المزاجية والروتين لدى السلطات الأردنية، وهو ما يُعيق حركة النقل التجاري بين سوريا والخليج.

مضيفًا أن الشاحنات تنتظر في بعض الأحيان على الحدود مدة تصل إلى أسبوع حتى تستطيع الدخول إلى الأراضي الأردنية، الأمر الذي يسبب التلف في بعض أنواع البضائع؛ وخاصة الفواكه والخضار، إضافة إلى التكاليف المرتفعة المترتبة على سائقي الشاحنات بفعل هذا التعطيل، وتابع بالقول: “ليس من المنطقي أن تدخل إلينا يوميًا 50 شاحنة، بينما الأردن لا يسمح بمرور سوى 5 إلى 10 شاحنات يوميًا، وهو ما يُشكل مشكلة كبيرة على الحدود”.

ولفت عضو مجلس إدارة اتحاد شركات الشحن إلى وجود طريقين داخل الأراضي العراقية يربطان معبر “عرعر” بالحدود السورية، أحدهما يصل إلى معبر “البوكمال”، (حصيبة)، بـ”ريف دير الزور” الجنوبي، والثاني إلى معبر “التنف”، (الوليد)، بـ”ريف حمص” الجنوبي، لافتًا إلى أن معبر “البوكمال” جاهز لاستقبال الشاحنات السورية وغيرها المتجهة إلى دول الخليج أو بالعكس عبر الأراضي العراقية وصولاً إلى معبر “عرعر” السعودي.

يعمل بشكل نظامي منذ أيلول الماضي..

وأضاف أن معبر “البوكمال” يعمل بشكل نظامي ويشهد حركة تجارية مستمرة بين العراق وسوريا، منذ إعادة افتتاحه رسميًا، في أيلول/سبتمبر عام 2019، مؤكدًا أنه يمكن الاعتماد عليه حاليًا في تخديم مرور الشاحنات عبر العراق إلى دول الخليج، إلى حين إيجاد حل لمعبر “التنف”، (الوليد)، الذي يعتبر أفضل الطرق لأنه يختصر جزءًا كبيرًا من المسافة أمام الشاحنات المتجهة إلى دول الخليج.

وبيّن “عجم” أن طريق معبر “التنف”، (الوليد)، غير مهييء، في الوقت الحالي، ويحتاج إلى مزيد من العمل، وإعادة افتتاحه يتطلب تنسيقًا بين الجانبين السوري والعراقي، وتفاهمًا دوليًا بسبب وجود قوات الاحتلال الأميركي في المنطقة التي تمنع مرور الشاحنات.

وتسيطر واشنطن على منطقة “التنف”، على الحدود (السورية-الأردنية)، حيث توجد قاعدة غير شرعية للجيش الأميركي، كما تنشط في المنطقة فلول تنظيم (داعش) الإرهابي بشكل كبير؛ وعلى مقربة من القوات الأميركية.

وكانت قد كشفت “لجنة النقل والمنافذ الحدودية والموانيء”، بمجلس التنسيق “السعودي-العراقي”، في وقت سابق؛ عن إتمام الجوهزية لافتتاح معبر “عرعر”، (السعودي-العراقي)، خلال الأيام القليلة القادمة، الذي من شأنه أن يُسهم في توفير الإمكانات كافة التي ستُسهل حركة العابرين والاستفادة من جميع الخدمات، وبما يُحقق أيضًا تسهيل حركة التجارة البينية ويُعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول المنطقة.

تنشيط لعملية التبادل التجاري وخلق فرص عمل..

تعليقًا على تلك الخطوة؛ قال الخبيرالاقتصادي العراقي، الدكتور “عبدالرحمن المشهداني”، إن: “معبر (عرعر) الحدودي، بين السعودية والعراق، هو أحد المعابر التجارية بين البلدين، وبشكل خاص بالنسبة لعملية استيراد البضائع والمنتجات السعودية، حيث سيعمل هذا المعبر على تقصير المسافة بين المدن الصناعية السعودية والأسواق العراقية ستكون أقرب، لأن سلع المملكة كانت تصل في السابق إما عن طريق الأردن أو الكويت، حيث أن المنتجات الغذائية والحيوانية لها حضور في الأسواق العراقية”.

مضيفًا أنه: “علاوة على ذلك فإن معبر (عرعر) كان ولا يزال الطريق البري للحجاج والمعتمرين العراقيين، وهؤلاء أعدادهم ليست بالقليلة، فيصل عدد الحجاج في السنوات العادية ما يقاربـ 50 ألف حاج ونصف مليون معتمر، لذا فإن إعادة فتح المعبر سوف تنشط عملية التبادل التجاري وتخلق فرص عمل على طول الخطوط البرية، لأن حركة الشاحنات تحتاج إلى خدمات لوجيستية”.

وأشار إلى أن هذا المعبر يمكن أن يكون “ترانزيت” للسلع والبضائع السعودية والسورية في الاتجاهين، بأن يتم إحياء حركة النقل البري بين الرياض ودمشق مرورًا بالعراق، وهذا الأمر سيكسب العراق فوائد أخرى عن طريق رسوم العبور وغيرها.

إنتهاء مرحلة القطيعة بين السعودية والعراق..

واعتبر “المشهداني” أن مسألة القطيعة بين العراق والسعودية قد انتهت؛ خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، وسبق أن تم افتتاح معبر “عرعر” لدخول رجال الأعمال السعوديين إلى العراق وإبداء رغبتهم في الاستثمار في الأراضي الصحراوية الممتدة من “الأنبار” باتجاه “السماواة”، على أن يتم زراعة تلك المناطق لإنتاج المواد الغذائية والأعلاف، وهذا يدخل ضمن تأسيس العلاقات والترسيخ لمرحلة جديدة.

وأوضح “المشهداني” أن: “ما يبشر بنجاح هذا التعاون ويزيل مخاوف الفشل، أنه اقتصادي في الأساس وليس سياسي، والمستثمر يبحث عن فرصة اقتصادية رابحة ولا شأن له بالعلاقات السياسية سواء كانت إيجابية أم سلبية”.

وأضاف: “وأعتقد أن نسب الأرباح التي يمكن أن يحققها أي مستثمر ستكون أكثر من أي مناطق أخرى، نظرًا لتوافر الأرض الصالحة للزراعة، علاوة على توافر المياه والأيدي العاملة الرخيصة، لذا أعتقد أننا بدأنا المرحلة التي يتغلب فيها العامل الاقتصادي على العامل السياسي”.

تغليب المصالح الاقتصادية على السياسية..

وحول ما إذا كان هذا المعبر سيساعد في إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق، قال “المشهداني”: “أعتقد أن موضوع المعبر، وما سوف يترتب عليه، سوف يفتح مرحلة جديدة من الاستقرار في العلاقات، وكل دول العالم بدأت في تغليب العامل الاقتصادي على الجانب السياسي، ولا يخفى علينا أن هذا التوجه قد يمنح الدول تحقيق مكاسب كبيرة، خصوصًا في الدول المتجاورة، وقد لمست في قيادات دول المنطقة أن توجهاتهم اقتصادية أكثر منها سياسية”.

رسائل سياسية من الدرجة الأولى..

من جانبه؛ رأى الخبير الاقتصادي السعودي، الدكتور “أحمد الشهري”؛ إن: “افتتاح معبر (عرعر) الحدودي بين السعودية والعراق؛ له تأثير على جانبين، أولهما أن السعودية لديها استراتيجية اقتصادية للتكامل مع الاقتصاديات المجاورة، وهذه التكاملية تتطلب نوعًا من التوافق السياسي، وقد لاحظنا عمليات التواصل بين ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والمسؤولين العراقيين، وتأكيده على القضايا المشتركة بين الرياض وبغداد من العروبة والجوار، وجميعها رسائل سياسية من الدرجة الأولى”.

مضيفًا أنه: “كما تتجه المملكة إلى فتح المجال الاقتصادي، والذي يعني زيادة التعاون والتبادل التجاري والاستثماري، وهذه الرسائل تؤكد أن السعودية تبني وتحاول مساعدة دول الجوار لبناء اقتصادياتها”.

وأشار إلى أن العراق: “يعتبر منطقة جيدة وسوق للمنتجات السعودية والاستثمار في العديد من المشاريع الكبرى، وهناك ترتيبات تجرى فيما يتعلق بموضوع الربط الكهربائي، والسعودية لديها مشاريع طاقة كبرى تريد أن تصل بها إلى المنطقة، سواء كانت مشاريع نفطية أو الطاقة البديلة، لذا فإن الدول التي ستتوافق مع السعودية اقتصاديًا ستكون هي الرابحة”.

إيديولوجيات الدول تدمر العلاقات..

واعتبر الخبير الاقتصادي، أن: “الإيديولوجيات هي التي تدمر العلاقات الاقتصادية القوية بين الدول، حيث أن وجود علاقة اقتصادية في ظل وجود خلفية إيديولوجية سوف تدمر العلاقة الاقتصادية”.

موضحًا: “لكن من يريد أن يتقارب مع السعودية على أساس اقتصادي وعلاقات مشتركة وجوار جيد سيكون هو الرابح، لاسيما وأن المنطقة تعاني في الوقت الراهن، من اختلال هيكلي في اقتصاديات الدول المحيطة بالسعودية؛ ولا أعني العراق على وجه التحديد”.

ووصف “السعودية”؛ بأن سياستها واضحة دائمًا، “فليس هناك أجندة في السياسة السعودية لا نستطيع قرائتها، غالبًا التوافق السياسي يؤدي إلى توافق اقتصادي”.

ولم يستبعد الخبير الاقتصادي: “دعم السعودية لأي اقتصاد يريد العودة إلى وضعه الطبيعي، لأن الرياض نجحت في ملفات كبيرة جدًا من بناء الاقتصاد في ظل الأزمات التي تمر بالعالم، واستطاعت أن تحقق تواصل كبير مع القادة في دول العشرين، المملكة لديها ملفات تستطيع بها مساعدة دول الجوار يستند على النجاح الاقتصادي والرؤية السياسية الواضحة فيما يتعلق بالمحيط العربي، وهذا يأتي بعد التوافق السياسي أولاً ثم الاقتصادي؛ كما حدث مع العراق”.

إنشاءات المنفذ الحدودي..

وبعد إغلاق دام 3 عقود، يعود منفذ “عرعر”، الذي يقع على مساحة إجمالية تبلغ مليونًا و666 ألفًا و772 مترًا مربعًا، ويضم المشروع “منطقة لوجيستية”، ستكون بمثابة البوابة الاقتصادية للجزء الشمالي من المملكة، ويأتي من أبرز مكونات المشروع، فيما يخص منفذ “جديدة عرعر” من الجانب السعودي؛ إنشاء ساحة لمنطقتي الصادرات والواردات وإعادة تأهيل ساحات المعاينة والمباني التابعة لها والمباني الأمنية، وذلك بما يتوافق مع المعايير الخاصة بتطوير بيئة العمل وإعادة تأهيل سكن الموظفين والطريق الدولي وتحسين المنظور البصري للمنفذ، فيما يضم الجانب العراقي إنشاء منفذ جديد ومتكامل لحركة الشحن والركاب في القدوم والمغادرة، يشمل أنظمة الفحص الإشعاعي للبضائع والشاحنات ونظام وزن الشاحنات ومحطة كهرباء لتغذية المنفذ ومحطة لتنقية المياه ومصرفًا ومسجدًا ومستودعات وساحات انتظار للشاحنات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب