23 أبريل، 2024 11:41 ص
Search
Close this search box.

في أول زيارة منذ 13 عام “إردوغان” في بغداد .. ماذا ستُقدم للبلدين وهل تحل الملفات العالقة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

حل الرئيس التركي؛ “رجب طيب إرودغان”، بـ”العراق”، في أول زيارة لزعيم تركي لـ”بغداد” أمس منذ 2011.

وهي الزيارة التي أدخلت البلدين في “مرحلة جديدة”، بحسّب وصف الرئيس التركي.

وتأتي هذه الزيارة بعد سنوات من العلاقات المتوترة على خلفية تكثيف “أنقرة” عملياتها عبر الحدود ضد مسّلحي حزب (العمال الكُردستاني) الذين يحتمون بمناطق جبلية ذات أغلبية كُردية في شمال “العراق”.

وكانت آخر زيارة لـ”إردوغان” إلى “العراق” عام 2011، عندما كان رئيسًا للوزراء.

“إردوغان”؛ خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، في “بغداد”، قال: “عبَرت عن اعتقادي بأن وجود حزب (العمال الكُردستاني) في العراق سينتهي.. ناقشنا الخطوات المشتركة التي يُمكننا اتخاذها ضد تنظيم حزب (العمال الكُردستاني) الإرهابي وأذرعه التي تستهدف تركيا”.

تعاون لتعزيز أمن الحدود..

من جانبه؛ قال “السوداني”: “إن البلدين سيتعاونان لتعزيز أمن الحدود والعمل ضد الجماعات المسّلحة غير الحكومية التي قد تتعاون مع المنظمات الإرهابية”، دون أن يسُّمي حزب (العمال الكُردستاني).

وأشار إلى أن البلدين اتفقا على اتفاق إطاري استراتيجي يشرف على الأمن والتجارة والطاقة، بالإضافة إلى اتفاق مدته (10) سنوات يتعلق بإدارة الموارد المائية ويأخذ احتياجات “العراق” في الحسّبان.

وقال متحدث باسم الحكومة العراقية إن أعضاء حزب (العمال الكُردستاني) مُرحب بهم في “العراق” طالما أنهم لا يُشاركون في نشاط سياسي ولم يحملوا السلاح، دون أن يخوض في تفاصيل.

توقّيع أكثر من 20 اتفاقية..

والأحد؛ كشف وزير الخارجية التركي؛ “هاكان فيدان”، أنّ الزيارة ستشهد توقّيع أكثر من (20) اتفاقية: “في مجالات الطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم، وعلى وجه الخصوص، الأمن”.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الحكومية عن المتحدث باسم الحكومة العراقية؛ “باسم العوادي”، قوله إنّه من ضمن هذه المبادرات: “اتفاق استراتيجي حول ملف المياه”.

في ما يتعلّق بالموارد المائية؛ لطالما انتقد “العراق” إقدام جارته الشمالية على بناء سّدود تسبّبت بانخفاض كبير في منسّوب مياه “دجلة والفرات” اللذان ينُّبعان من أراضي “تركيا”، قبل أن يعُّبرا “العراق” من أقصّاه إلى أقصّاه.

وفي حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسّم أفضل للمياه، تُبدي “تركيا” دائمًا امتعاضها إزاء إدارة الموارد المائية من السلطات ومن قطاع الزراعة والرّي في “العراق”.

كما يختلف البلدان بشأن صادرات “النفط” من “إقليم كُردستان”؛ التي كانت تمرّ عبر “تركيا” من دون موافقة الحكومة المركزية في “بغداد”. وتوقّفت هذه الصادرات منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.

ويكبّد هذا التوقّف “العراق” إيرادات من موارده النفطية تتخطّى (14) مليار دولار، وفقًا لـ”رابطة شركات النفط الدولية” العاملة في “إقليم كُردستان”؛ (أبيكور).

زيارة بالغة الأهمية..

تعليقًا على تلك الزيارة؛ وصف المحلل السياسي؛ “علي البيدر”، زيارة “إردوغان” بأنّها: “بالغة الأهمية”.

واعتبر أنّ: “هناك جدية هذه المرة بعدما أدرك الطرفان ضرورة الوصول إلى توافقات والوصول إلى نوع من التهدئة في هذه المرحلة من أجل تحقيق رغبات وإرادة الحكومتين في ظل التقلبات التي تعيشها المنطقة”، بالإضافة إلي المسّألة الشائكة المتعلقة بحزب (العمال الكُردستاني).

فعلى مدى السنوات الـ (25) الماضية، أقامت “تركيا” عشرات القواعد العسكرية في “كُردستان العراق” لمحاربة الحزب الذي يُقيم قواعد خلفية في هذه المنطقة.

ورفع حزب (العمال الكُردستاني) السلاح ضد الدولة التركية؛ عام 1984، وتصُّنفه “أنقرة” وحلفاؤها منظمة إرهابية.

وتُشّن “تركيا” سلسلة من العمليات عبر الحدود ضد التنظيم في شمال “العراق” منذ 2019.

وتعتزم “تركيا” شّن عملية جديدة على المسّلحين هذا الربيع، وتسّعى إلى تعاون “العراق” معها عبر تشّكيل غرفة عمليات مشتركة، علاوة على اعتراف “بغداد” بأن حزب (العمال الكُردستاني) يُشكل تهديدًا.

وذكرت الرئاسة التركية في بيان عقب محادثات بين الرئيس التركي ونظيره العراقي؛ “عبداللطيف رشيد”، أنه: “يجب أن يقضّي العراق على جميع أشكال الإرهاب”.

وحاول “العراق”؛ في الأشهر الماضية، تهدئة مخاوف “تركيا” إزاء حزب (العمال الكُردستاني) مع التركيز على تنمية العلاقات الاقتصادية والحصول على حصص أكبر من المياه الشحّيحة من نهري “دجلة” و”الفرات”، اللذين ينُّبعان من “تركيا” وسّط تزايد معدلات الجفاف في داخل البلاد.

نقلة نوعية بين البلدين..

وقال “فاروق كايا”؛ الأستاذ بجامعة “يدي تبه” في “إسطنبول”، إن “تركيا” توليّ أهمية بالغة للتعاون مع “العراق” في إنهاء نشاط حزب (العمال الكُردستاني) وتشّكيل منطقة آمنة تشمل الحدود الجنوبية مع “العراق” و”سورية” بعُّمق من (30) إلى (40) كيلومترًا، متوقعًا اتخاذ خطوات جادة في هذا الشأن.

وأضاف “كايا”؛ لصحيفة (الشرق الأوسط)، أن زيارة “إردوغان” ستُّشكل نقلة نوعية للتعاون بين البلدين الجّارين، وأن مشروع (طريق التنمية)، الذي تبلغ استثماراته (17) مليار دولار سيكون محورًا مهمًا من محاور التعاون بين “تركيا” و”العراق”.

03 عوامل في أهمية الزيارة..

وعدّ خبير الأمن ومكافحة الإرهاب؛ “جوشكون باشبوغ”، أن هناك (03) عوامل رئيسة تعكس أهمية توقيت الزيارة، الأول: مشروع (طريق التنمية)، الذي يجب تنفيذه في أسرع وقتٍ ممكن في ظل ظهور مشروعات بديلة، والثاني الاتفاق على التعاون في تأمين الحدود الجنوبية لـ”تركيا” وإنشاء مركز العمليات “التركي-العراقي” المشترك، لافتًا إلى أن “تركيا” عملت على هذه القضية لفترة طويلة، لكن التطورات الأخيرة في المنطقة الناجمة عن “حرب غزة” جعلت الأمر أكثر إلحاحًا.

مضيفًا أن هناك عاملاً إضافيًا في هذا الشأن؛ وهو ما يتردد عن احتمالات انسّحاب “أميركا” من المنطقة، وهو ما يدفع “تركيا” للتحرك بسرعة لسّد الفجوة التي ستنشأ في المنطقة.

وتابع أن قضيتي المياه والطاقة تعُّدان من أهم القضايا على جدول أعمال البلدين، متوقعًا أن يتم التوصل إلى حلول مرضُّية بين الجانبين على ضوء زيارة “إردوغان”.

وصول البضائع لـ”أوروبا” في 25 يومًا..

وفيما يتعلق بـ (طريق التنمية)؛ قال وزير المواصلات والبُنية التحتية التركي؛ “عبدالقادر أورال أوغلو”، عشّية الزيارة، إنه عند اكتمال مشروع (طريق التنمية)، الذي يمّر من “العراق” والأراضي التركية، فإن مدة نقل البضائع بين المنطقة و”أوروبا”، ستنخفض إلى (25) يومًا.

وأشار إلى أن حركة السفن التي تمّر عبر “قناة السويس” تسّتغرق (35) يومًا، وعبر “طريق الرجاء الصالح” أكثر من (45) يومًا، وعند اكتمال (طريق التنمية)، فإن الوقت سينخفض إلى (25) يومًا.

وأضاف أن المرحلة الأولى من المشروع سيتم تشّغيلها العام المقبل، مشيرًا إلى أنهم يُخططون لبناء (1200) كم من السّكك الحديدية والطرق السّريعة ونقل الطاقة وخط للاتصالات ضمن نطاق المشروع، وسيتم إنشاء خط سّكة حديد من قرية “أوفاكوي” الحدودية مع “العراق”؛ في جنوب شرقي “تركيا” إلى “أوروبا”، مؤكدًا أن مشروعات النقل الوطنية والدولية لها أهمية حيوية لـ”تركيا”.

وذكر “أورال أوغلو”؛ أن مشروع (طريق التنمية) يسّير بشكلٍ أسرع من المتوقع، وأن تقدمًا كبيرًا يتم إحرازه من خلال الزيارات المتبادلة كل شهر بين البلدين.

ملف المياه..

وفيما يخّص ملف المياه؛ قال رئيس جمعية سياسة المياه في تركيا؛ “دورسون يلدز”، إن “العراق” يُلبّي معظم احتياجاته المائية من نهري “دجلة” و”الفرات” اللذين ينبُّعان من “تركيا”، وطلب إطلاق مزيد من المياه من نهر “دجلة” مرات عدة خلال فترات الجفاف، واستجابت “تركيا” باستمرار، بل أجّلت عملية احتجاز المياه في سّد (إليسو) على نهر “دجلة” (03) مرات بناءً على طلب “العراق”.

وأضاف أنه مع ازدياد تأثير تغيّر المناخ؛ يجب جعل استخدام المياه في “العراق” أكثر كفاءة، لأن جميع التقارير المُّعدة حول التغيّر المناخي في حوضي “الفرات ودجلة” توضح أن نقص المياه في المنطقة سيّزداد بشكلٍ كبير في عام 2050، وأن إدارة المياه ستُصّبح صعبة للغاية.

ولفت إلى أنه لهذا السبب فإن قضايا المياه، مثلها مثل الأمن والطاقة تتصّدر أجندة الرئيس؛ “إردوغان”، في “العراق”، وتُحاول “تركيا” المساعدة في تطوير مشروعات مختلفة في “العراق” منذ فترة طويلة لاستخدام المياه بكفاءة وتقليل خسائر المياه، كما أنها مسّتعدة لتوجيه القطاع الخاص في “العراق” فيما يتعلق بأنظمة ومعدات الري الموفرة للمياه، ويجري تنظيم برامج تدريبية وتطبيقية لمهندسي وفنيّي الرّي العراقيين.

رؤية التنمية الإقليمية..

وعّد الكاتب في صحيفة (حرييت) التركية، القريبة من الحكومة؛ “عبدالقادر سيلفي”، أن العلاقات “التركية-العراقية” تتطور في اتجاه إيجابي، وفي طريقها لتُصبح نموذجًا إقليميًا، وعلى حد تعريف وزير الخارجية التركي؛ “هاكان فيدان”، فإن العلاقات بين البلدين الجّارين ستكون: “رؤية التنمية الإقليمية”.

وقال “سليفي” إن البلدين لا يتحدثان عن الحرب ضد الإرهاب وحزب (العمال الكُردستاني”، فحسّب، بل يعملان برؤية إقليمية تقوم على التنمية المشتركة، وتقّرر إنشاء لجان وزارية مشتركة في مجالات التجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.

وأضاف: “في منطقتنا، المعروفة بالإرهاب والحروب الأهلية، الهدف هو جعل الرخاء والتنمية قاسّمًا مشتركًا، وإذا نجح هذا المفهوم بين تركيا والعراق، فإن الهدف هو ضم إيران، وسيكون اندماج إيران مهمًا، لكنني أخاف من أنها قد تقوم بتخريب مثل هذه الخطط”.

عملية كبرى ضد “الكُردستاني”..

لافتًا الكاتب التركي إلى أن إحدى النقاط المهمة في زيارة “إردوغان” للعراق هي: “عملية العراق الكبرى”؛ ضد حزب (العمال الكُردستاني)، قائلاً إن “بغداد” لم تصُّنف (الكُردستاني) منظمة إرهابية، بل صّنفته منظمة “محظورة”، وهي خطوة مهمة تنتظر مصادقة البرلمان عليها.

وأضاف: “سيكون مفهوم هذه العملية مختلفًا، لأن “تركيا” تُخطط لتنّفيذها مع حكومة “بغداد” المركزية وإدارة “أربيل” و(الحشد الشعبي)، وستنُّفذها القوات التركية على الأرض، بدعم جوي، لإنشاء خط آمن (منطقة عازلة) على عُمق من (30) إلى (40) كيلومترًا من حدودنا مع “العراق”؛ التي يبلغ طولها: (378) كيلومترًا”.

وتابع: “الهجمات على القواعد التركية في منطقة عمليات (المخلب-القفل) بشمال العراق؛ في 22 و23 كانون أول/ديسمبر و24 كانون ثان/يناير الماضيين، جعلت إنشاء المنطقة العّازلة أمرًا لا مفر منه”.

وقال “سيلفي”؛ نقلاً عن مصادر مطلعة، إنه عند بدء العملية، ستتم السيّطرة على الحدود “العراقية-السورية” في وقتٍ واحد، وبالتالي، سيتم منع حزب (العمال الكُردستاني) من نقل قيادته من “العراق” إلى “سورية”، ومن المقُّرر أن تتولى الحكومة المركزية في “بغداد” و(الحشد الشعبي) هذه المهمة، وستُقدم “تركيا” الدعم على مستوى تقنّي.

رسالة لـ”طالباني”..

وأضافت المصادر أنه سيتم اتخاذ إجراءات ضد (العمال الكُردستاني) في “السليمانية وسنجار ومخيم مخمور”، وستُقدم “بغداد وأربيل” الدعم الاستخباراتي في هذه المرحلة، إلى جانب العمل ضد التهديدات المقبلة من “السليمانية”؛ التي يُسيّطر عليها حزب (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ بزعامة “بافل طالباني”.

وقال “سيلفي” إن عائلة “بارزاني” كانت تصُّر بشدة على أن يقوم الرئيس؛ “إردوغان”، بزيارة “أربيل”، ووافق “إردوغان”، وبطبيعة الحال هناك دعم لإدارة “أربيل” للتعاون مع “تركيا”، لكن هناك أيضًا رسالة لـ (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ و”بافل طالباني”، بشأن التعاون القائم مع حزب (العمال الكُردستاني) في “السليمانية”، مفادها أن: “تركيا بلد يبّعث الثقة في أصدقائه والخوف في أعدائه”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب