خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة تُعد الانتصار الدبلوماسي الأول للسياسة الخارجية الأميركية على يد الرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، وتهدف للإبقاء على الاتفاقية الرئيسة الأخيرة من نوعها بين، “روسيا” و”أميركا”، وافقت “واشنطن” على تمديد معاهدة “نيو ستارت” بشروط “موسكو”، لمدة خمس سنوات مقبلة.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ممثل رئيس الجمهورية لدى الجمعية الفيدرالية للنظر في مسألة تمديد معاهدة “ستارت”، “سيرغي ريابكوف”، أن بلاده اتفقت مع “الولايات المتحدة” على تمديد معاهدة “ستارت-3″، (معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية)، وفقًا لشروط “موسكو”.
وقال “ريابكوف”، للصحافيين، أمس الأربعاء: “بشروطنا؛ تم الاتفاق على التمديد لمدة 5 سنوات، بدون شروط مسبقة، وبدون أي إضافات أو أي مرفقات”.
وأضاف: “أن قرار تمديد معاهدة (ستارت) يوفر هامشًا كبيرًا من الوقت لإجراء محادثات متعمقة مع الولايات المتحدة حول الاستقرار الإستراتيجي”، مرحبًا بقرار إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بتمديد المعاهدة.
هذا؛ وقدم الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، إلى “مجلس الدوما” مشروع قانون بشأن التصديق على اتفاقية تمديد المعاهدة المبرمة بين “روسيا” و”الولايات المتحدة”؛ بشأن تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الإستراتيجية والحد منها، المؤرخة 8 نيسان/أبريل 2010، “ستارت-3″، والتي تنتهي، في 5 شباط/فبراير المقبل.
وصرح مصدر في اللجنة الدولية لمجلس الفيدرالية الروسي، أمس الأربعاء، لوكالة (سبوتنيك)، بأن اللجنة قدمت توصية للغرفة العليا بالتصديق على قانون تمديد معاهدة “ستارت-3”.
ووفقًا للوثيقة المقدمة، من المقترح تمديد المعاهدة لمدة 5 سنوات، حتى 5 شباط/فبراير 2026.
أهمية معاهدة “ستارت-3“..
يُذكر أن معاهدة “ستارت-3″، بين “روسيا” و”الولايات المتحدة”، دخلت حيز التنفيذ، في 5 شباط/فبراير 2011، وتنص على أن يخفض كل جانب ترساناته النووية، بحيث لا يتجاوز العدد الإجمالي للأسلحة، خلال سبع سنوات وفي المستقبل، 700 صاروخ (باليستي) عابر للقارات؛ وصواريخ (باليستية) على الغواصات وقاذفات القنابل الثقيلة، بالإضافة إلى 1550 رأسًا حربيًا و800 منصة إطلاق منتشرة وغير منتشرة.
واليوم، تبقى معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية، (ستارت-3)، المعاهدة الوحيدة بين “روسيا” و”الولايات المتحدة”، لكنها تنتهي في 5 شباط/ فبراير 2021. إذا لم يتم تمديدها، فلن تكون هناك اتفاقيات في العالم تحد من ترسانات أكبر القوى النووية.
وكانت “روسيا” قد أجرت، في العام الماضي، عدة جولات من المشاورات حول تمديد المعاهدة مع إدارة الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، لكنها لم تُسفر عن نتيجة، حيث حاول الجانب الأميركي فرض شروط غير مقبولة، حسب قول “موسكو”.
تمديد المعاهدة والقلق حول “نافالني“..
والتطورات الجديدة، جاءت غداة اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، ونظيره الأميركي، “جو بايدن”.
وكان الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، قد أكد قبل أيام أنه يمكن لبلاده أن تتعاون مع “روسيا” حول “معاهدة نزع الأسلحة الإستراتيجية” الهجومية، بالتزامن مع تأكيد قلقها من قضية المعارض الروسي، “أليكسي نافالني”.
وقال “بايدن”، في مؤتمر صحافي، عقده مساء الإثنين الماضي، إن “الولايات المتحدة” تشعر بقلق من تعامل “روسيا” مع “نافالني”، المعتقل حاليًا في سجن بـ”موسكو”، لكنها تريد في الوقت ذاته تمديدًا لمعاهدة نزع الأسلحة الإستراتيجية الهجومية.
وأوضح: “يمكننا العمل بالتوافق مع مصالح بلادنا، مثل إبرام معاهدة (ستارت) جديدة، مع التأكيد لروسيا بشكل واضح أننا نشعر بقلق من تصرفاتها، إن كانت متعلقة بنافالني؛ أو قضية Solar Winds أو التقارير حول مكافآت مقابل رؤوس الأميركيين في أفغانستان”.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، “غين بساكي”، إن “بايدن” سيبقي كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بينما يبحث الرد على اعتقال سلطات روسيا لـ”نافالني”.
ودعت إدارة “بايدن”، الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، إلى “الإفراج الفوري” عن “نافالني” وأنصاره المحتجين.
يمهد لاتفاقيات جديدة..
تعليقًا على تمديد المعاهدة، اعتبر نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، “دميتري مدفيديف”، أن تمديد معاهدة “ستارت-3″؛ قد يمهد لاتفاقيات جديدة في مجال الأمن الإستراتيجي.
وكتب “مدفيديف”، على صفحته الشخصية في برنامج التواصل الاجتماعي الروسي، (VK)، إن: “تمديد (ستارت-3) يعطينا تفاؤلاً حذرًا لاعتبار أن الوثيقة ستستخدم كأساس لاتفاقيات جديدة في مجال الأمن الإستراتيجي”، موضحًا أن مسألة الأمن الإستراتيجي: “أحد المجالات القليلة للعلاقات (الروسية-الأميركية) التي تتواجد فيها إمكانية حقيقية للتعاون البناء”.
وأضاف: “اتفقت روسيا والولايات المتحدة على تمديد (ستارت-3)، لمدة خمس سنوات، دون شروط مسبقة. اعتبر هذا إنجازًا مهمًا للغاية للعلاقات (الروسية-الأميركية)، التي تمر بأوقات عصيبة اليوم”.
واعتبر “مدفيديف”؛ أنه: “عندما وقع الرئيس، باراك أوباما، وأنا على هذه الوثيقة، في نيسان/أبريل عام 2010، أدركنا أنها تلبي بشكل كامل المصالح الأمنية لبلدينا والمجتمع الدولي بأسره”.
ودعا “مدفيديف”: “لمواصلة هذا الحوار البناء، الذي تعتمد عليه سلامة البشرية جمعاء”.
التراجع عن الانسحاب من معاهدة “السماء المفتوحة“..
كما لم يستبعد “الكرملين” إمكانية أن تراجع “روسيا”؛ قرار الانسحاب من معاهدة “السماء المفتوحة”، تبعًا لـ”الولايات المتحدة”، بعد اتفاق الدولتين على تمديد معاهدة “ستارت-3”.
وأشار المتحدث باسم الرئاسة الروسية، “دميتري بيسكوف”، للصحافيين، أمس الأربعاء؛ إلى أن فترة زمنية لا تزال متوفرة قبل انسحاب “روسيا” فعليًا من، “السماء المفتوحة”، مؤكدًا أن الفرصة لا تزال قائمة لمواصلة الحوار بشأن مصير هذه المعاهدة، إن كانت “الولايات المتحدة” مستعدة لذلك.
“بايدن” يُعيد ترميم مكانة الولايات المتحدة..
المحلل السياسي، “ماجد كيالي”، أكد إن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، يعمل على إعادة ترميم مكانة “الولايات المتحدة الأميركية” على الصعيد الدولي، موضحًا أنه لن يدخر الوقت من أجل معالجة المشكلات التي تركتها إدارة، “دونالد ترامب”.
كما أكد “كيالي”، أن تمديد الاتفاقية سيساهم في الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكذلك السباق النووي بين البلدين على الصعيد العسكري، مشيرًا إلى أن “أميركا” لا يهمها سوى العمل الجاد.
رهان كبير للبلدين..
وكانت “إلينا تشيرنينكو”، التي تعمل في صحيفة (كومرسانت) الروسية؛ وتابعت عن كثب المفاوضات في الأشهر الأخيرة، قد أكدت أن الرهان كبير للبلدين.
وقالت لوكالة (فرانس برس) إن: “المعاهدة تحد من احتمال أن يكون أحد المعسكرين مخطئًا، فيما يتعلق بنوايا أو خطط الآخر، كما حدث مرات عدة خلال الحرب الباردة، وأدى إلى أوضاع خطرة للغاية”.
كما رأى الصحافي، “فلاديمير فرولوف”، أن أي اتفاق سيحدد أيضًا أولويات الميزانية لسلطتي البلدين، وقال إن تمديدًا محتملاً للمعاهدة؛ سيحدد: “ما إذا كان يجب إنفاق مبالغ أكبر من اللازم لشراء الأسلحة النووية بالمقارنة مع قطاع الصحة”.