في أماكن سيطرة النظام والأكراد .. تفجيرات “سوريا” المتتالية .. أهداف ودلالات !

في أماكن سيطرة النظام والأكراد .. تفجيرات “سوريا” المتتالية .. أهداف ودلالات !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

خلال أسبوع واحد فقط، شهدت العديد من المناطق السورية، تفجيرات انتحارية استهدفت مناطق تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” ومناطق أخرى في قلب العاصمة السورية، “دمشق”، وثالثة تسيطر عليها المعارضة، وهو ما جعل الأمر مثيرًا للدهشة وباعثًا للعديد من التساؤلات حول الأسباب الداعية لكثرة التفجيرات في هذا الوقت بالذات ؟.. خاصة وأن كل ما يحدث على الأراضي السورية الآن يتعلق بشكل مباشر بقرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بسحب قواته من “سوريا”.

وكان أول تفجير، “هجوم منبج”، وهو الأعنف من نوعه، ووقع يوم الأربعاء 16 كانون ثان/يناير الجاري، وتسبب بمقتل 15 شخصًا، بينهم 4 جنود أميركيين، ويُعد تفجير “منبج” الأكثر دموية ضد القوات الأميركية منذ بدأ “التحالف الدولي”، بقيادة “واشنطن”، تدخله العسكري في “سوريا”، في 2014.

ويوم الأحد الماضي، هز انفجار ناجم عن سيارة مفخخة، العاصمة “دمشق”، في منطقة “كفرسوسة”، عند أحد مفارق الأوتستراد السريع الذي يتحلق حول الأحياء الجنوبية للعاصمة، “دمشق”، ولم ينجم عنه أي ضحايا.

وفي نفس اليوم؛ قُتل ثلاثة مدنيين في انفجار حافلة مفخخة في مدينة “عفرين”، بالتزامن مع مرور عام على هجوم “تركيا”، وفصائل سورية موالية لها، على المنطقة ذات الغالبية الكُردية، وفق “المرصد السوري”.

فيما استهدف تفجير آخر، وقع يوم الاثنين، رتلاً مشتركًا للقوات الأميركية وعناصر، من (ي. ب. ك- بي. كا. كا) الإرهابي، قرب حاجز (47) بمنطقة “الشدادي”، جنوب مدينة “الحسكة”، تسبب في مقتل 5 عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية” وإصابة جنديين أميركيين.

كما شهدت مدينة “اللاذقية” غربي “سوريا”، يوم الثلاثاء، انفجار سيارة مفخخة في “ساحة الحمام”، ما أسفر عن مقتل السائق وإصابة العديد من المدنيين.

والأربعا؛ أفادت مصادر سورية بسقوط قتلى وجرحى في انفجار سيارة مفخخة قُرب مقر لفصيل تابع لـ”أنقرة” بمدينة “عفرين”، في محافظة “حلب” شمالي “سوريا”.

وذكرت وسائل إعلام سورية محلية أن سيارة مفخخة انفجرت أمام مقر ميليشيات “أحرار الشرقية”، المدعومة من الجانب التركي، في حي “المركز الثقافي” وسط مدينة “عفرين”، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفها.

وتأتي تلك التفجيرات، بعد نحو شهر، من إعلان “واشنطن” سحب قواتها من الأراضي السورية، ووسط حالة من الهدوء في مناطق سيطرة النظام السوري.

وتطرح عودة هذه التفجيرات في أكثر من منطقة في “سوريا”، سواءً تلك التي تسيطر عليها الحكومة أو القوات الكُردية، أكثر من علامة استفهام بشأن حدوثها في وقت انخفضت حدة الحرب التي اندلعت في البلاد قبل نحو 8 سنوات.

عودة الذئاب المنفردة..

وفي محاولة لتقديم تفسير حول أسباب هذه التفجيرات؛ قال الكاتب والباحث السوري الكُردي، “رستم محمود”، أن هناك تفسيرين للتفجيرات التي شهدتها المناطق الكُردية، مثل “منبج” و”الحسكة”، يتعلق الأول بعودة ما سماه، “الذئاب المنفردة”، من تنظيم (داعش) للضرب مجددًا “بدون أي توجيه مركزي”.

لتسريع سحب واشنطن لقواتها..

ويتعلق التفسير الثاني؛ “باختراق الأجهزة الاستخباراتية لتنظيم (داعش)؛ ودفعه لتنفيذ هذه التفجيرات كي تضطر واشنطن إلى تسريع سحب قواتها من سوريا بدون حسابات مضبوطة”.

مضيفًا أن: “تركيا تدفع بإتجاه هذا السيناريو، لأنها لا تريد الاضطرار مستقبلاً على التفاوض مع الأكراد أو التعامل مع أي كيان سياسي لهم”.

رد فعل انتقامي..

وفيما يتعلق بالتفجيرات التي شهدتها المناطق الخاضعة للحكومة السورية، مثل “دمشق” و”اللاذقية”، قال “محمود”؛ إن مردها الضغط الاجتماعي الذي يتعرض له سكان المناطق التي استعادتها “دمشق” من أيدي الجماعات المسلحة، وتأتي في إطار “رد الفعل الانتقامي”.

محاولة لإثبات الذات..

فيما قال الكاتب والباحث السوري، “شريف شحادة”، أن هناك تفسيرًا مختلفًا للتفجيرات في المناطق الحكومية، وقال إنها “دليل على فشل الجماعات المسلحة في تحقيق نصر، وهي محاولة لإثبات ذاتها على المسرح”.

ملقيًا باللائمة على “بعض الدواعش والجماعات الإرهابية” بالوقوف وراء هذه التفجيرات، كما لم يستبعد “إسرائيل”، وكذلك “تركيا”، التي قال إنها “تدعم (جبهة النصرة) وتنظيم (داعش)”.

وأكد على أن “هذه التفجيرات لا تقدم ولا تأخر”، وقال إنها: “محاولات فاشلة للتدليل على أن الأزمة في سوريا لم تنته بعد، وأن المعركة لا تزال طويلة”، مشيرًا إلى أن “السوريين مصممون على إقتلاع الإرهاب”.

المشهد السوري مفتوح على جميع السيناريوهات..

وأنتهى “شحادة” بالقول إن العمليات التفجيرية “لا تخيف الشعب السوري.. ولن تغير موقف الحكومة السورية”، مؤكدًا على أن “دمشق” ستواصل “مكافحة الجماعات الإرهابية”، موضحًا أن المشهد السوري يبقى مفتوحًا على جميع السيناريوهات في ظل تعدد القوى المتصارعة على مسرحه، بدءًا من “روسيا” مرورًا بـ”إيران” ثم ميليشيات “حزب الله” اللبناني وصولاً إلى “تركيا” وأخيرًا “الولايات المتحدة”.

هدف أساس أثناء الانسحاب..

وفي تقرير نشرته صحيفة (واشنطن بوست)، الجمعة الماضي، حذرت من خطر (داعش) على القوات الأميركية في “سوريا”، خاصة بعد مقتل أربعة أميركيين في هجوم “منبج”.

وأدت الهجمات الأخيرة، بحسب الصحيفة الأميركية، إلى تكثيف قلق قوات “البنتاغون” من تصعيد الهجمات على جنودها لتحقيق نصر دعائي أثناء الانسحاب.

وأعرب المسؤولون الحاليون والسابقون من الجيش والوكالات الأميركية الأخرى، عن قلقهم من احتمالية شن المسلحون هجمات مماثلة.

وقال أحد المسؤولين – رفض الكشف عن هويته – لـ (واشنطن بوست): “إننا ندرك بكل تأكيد أنه في الوقت الذي نقوم بتضييق وتدمير آخر بقايا التنظيم، فإنه يتحرك للهجوم على المركز، وسنكون حينها هدفًا أساسيًا أثناء انسحابنا”.

ويستشعر (داعش) أن الفرصة سانحة لإعادة شن الهجمات بتكتيك مختلف، وذلك وفقًا لما قاله الباحث في “معهد الشرق الأوسط”، الذي أوضح أن بعضًا من قوات التنظيم ألقوا أسلحتهم، وعادوا إلى الحياة المدنية، كنوع من التمويه؛ مثلما يحدث في “أوروبا”.

وأضاف أن لدى (داعش) فرصة لإثبات أنها ما زالت موجودة لإذلال “الولايات المتحدة” أثناء انسحابها، وتنبأ بمزيد من التفجيرات لإرسال رسالة أن “نعم، أميركا تقول أنها هزمتنا، لكننا ما زلنا حولها”.

الباحث في معهد (بروكينغز)، “كينيث بولاك”، قال إن التنظيم لديه “دافع إستراتيجي” لإظهار قدرته على ضرب “الولايات المتحدة” في تلك اللحظات التي تسبق الانسحاب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة