خاص : ترجمة – آية حسين علي :
في فترة تشهد إحتفالات في كل عام بأعياد الميلاد، فتتزين المنازل والشوارع بالأشجار والورود الملونة، ويتمتع المواطنون بعطلة نهاية العام، تكتسي “بلجيكا” باللون الرمادي.. إذ تشهد أزمة لم تحدث منذ ما يزيد عن 80 عاماً، إذ غابت الشمس عن مدنها وأضحت شوارعها ملبدة بالغيوم، بسبب ندرة سطوع الشمس خلال شهر كانون أول/ديسمبر الجاري.
ولم تسطع خلال الأسبوع الأول من الشهر إلا لدقائق معدودة لدرجة أن بعض السكان لم يشعورا بوجودها، حسبما أفادت صحيفة (البايس) الإسبانية.
الشمس ظهرت لمدة 118 دقيقة وأختفت لأسبوع كامل..
قدرت مدة ظهور الشمس في مدن بلجيكية، خلال 12 يوماً من الشهر الجاري، بـ 118 دقيقة فقط، أي ما يعادل 4 ساعات و54 دقيقة، بمعدل 11 دقيقة يومياً، وخلال الفترة من 18 وحتى 25 لم تظهر أشعة الشمس نهائياً، وفقاً لبيانات “المعهد البلجيكي الملكي للأرصاد الجوية”.
يشار إلى أنه غالباً ما تواجه بلجيكا أزمة ندرة سطوع الشمس خلال شهر “كانون أول” من كل عام، لكن يصل معدل مدة ظهور أشعتها عادة إلى 45 ساعة، كما سجلت خلال نفس الفترة من العام الماضي إرتفاعاً كبيراً في هذا المعدل إذ كانت مشمسة لمدة 84 ساعة.
ظاهرة غريبة لم تتكرر منذ 1934..
يقوم “المعهد الملكي” برصد مواقيت ظهور الشمس بدقة، منذ العام 1887، وكشفت الحسابات التي سجلها إلى أن شهر كانون أول/ديسمبر الجاري شهد ظاهرة غريبة لم تحدث منذ عام 1934، وأن الشمس سطعت فيها لأقل مدة منذ ذلك العام، وقدرت فترة سطوع الشمس طوال الشهر بتسع ساعات فقط.
نقص فيتامين (د) وأمراض خطيرة بسبب ندرة الشمس..
رغم أن البلدان التي يوجد بها سطوع كاف للشمس لا تهتم عادة بدراسة الآثار الناجمة عن قلة التعرض للشمس، إلا أن بلجيكا تولي هذا الموضوع أهمية كبيرة، فبات طبيعياً أن يظهر تحليل الدم وجود قصور في نسبة فيتامين (د)، الذي تعد الشمس المصدر الأساسي له لدى المواطنين، كما ساهم تفاقم الأزمة خلال هذا العام في زيادة الأمر سوءاً.
ولاحظ مسؤولون عن عدة صيدليات في مدن بلجيكية أن الإقبال على شراء أقراص فيتامين (د)، التي يتناولها الأطفال وكبار السن خاصة، كبديل للتعرض للشمس، إزداد بشكل كبير للغاية.
وفي بلجيكا يلجأ الأطباء في كثير من الأحيان إلى العلاج الضوئي لعلاج النقص الشديد في الفيتامينات التي توفرها أشعة الشمس نظراً لندرتها.
ويحذر الخبراء من أن عدم التعرض للشمس لمدة كافية يمكن أن يسبب الشعور بالتعب والإرهاق، وإضطرابات النوم والكثير من الأمراض الخطيرة.
وقالت الطبيبة النفسية المتخصصة في علاج إضطرابات النوم في بلجيكا، “ماتيو هاين”، إن “الموضوع يختلف من شخص لآخر، وفي بعض الحالات يصل الأمر إلى الإصابة بالإكتئاب، ويتردد على المستشفى أشخاص يعانون من الإرهاق وآخرون يحتاجون إلى علاج نفسي” بسبب قلة التعرض للشمس.
وتؤثر الأزمة بشكل أكبر على الأشخاص القادمين من بلدان أخرى، لأنهم عادة ما تكون أجسامهم قد تعودت على الحصول على كمية كبيرة من أشعة الشمس.
الأزمة تلقي بظلالها على السياحة..
ألقى غياب الشمس بظلاله أيضاً على السياحة، إذ قامت عدة شركات سياحية بتحويل رحلاتها إلى بلدان تشهد إستقراراً أكبر في أحوال الطقس، كما لجأ الكثير من المواطنين البلجيكيين إلى قضاء عطلة نهاية العام في بلدان مشمسة مثل “إسبانيا ومصر والمغرب وتونس”.
وذكرت شركة “توي. أيه. جي” السياحية متعددة الجنسيات، أن فترة أعياد الميلاد شهدت إرتفاعاً بنسبة 15% في معدل السياحة إلى “إسبانيا” مقارنة بالعام الماضي، كما إزداد الإقبال على السفر إلى جزيرة “تنريفي” بالمحيط الأطلسي.