28 سبتمبر، 2024 9:15 ص
Search
Close this search box.

في أعماق المحيطات .. أسرار صراع “الكبار” على التنقيب بحثًا عن كنوز المياه !

في أعماق المحيطات .. أسرار صراع “الكبار” على التنقيب بحثًا عن كنوز المياه !

وكالات – كتابات :

ظهرت حالة الجدل في السنوات الأخيرة بشأن العائد الذي يمكن الحصول عليه من وراء التعدين في أعماق المحيطات؛ حيث رأى البعض أن هذا الأمر سيكون مدخلاً لمستقبل أكثر خُضرة في ضوء التغيرات المناخية والكوارث البيئية، فيما رأى البعض أن هذا الأمر سيتسبب في إحداث كوارث بيئية جديدة.

وفي هذا الإطار، نشر موقع مجلة (فورين بوليسي) مقالاً للكاتبة؛ “كريستينا لو”، بعنوان: “السباق إلى القاع: التعدين في أعماق البحار هو الحد التالي”. تطرق المقال إلى ثلاثة جوانب رئيسة، هي الجدل بشأن الفائدة الاقتصادية التي يمكن أن تعود من وراء التعدين في أعماق المحيطات، والإطار القانوني المرتبط بهذا الأمر، وكذلك الجدل المُثار بشأن التأثيرات البيئية المحتمل حدوثها من وراء ذلك.

حسابات العائد..

على الرغم من أن المقال تحدث عن جملة من المكاسب الاقتصادية التي يمكن تحقيقها من وراء التعدين في أعماق المحيطات، فإنه قدم رؤية مشككة من قبل البعض في هذه المكاسب، ويتضح ذلك عبر ما يأتي:

01 – استخراج الثروات المعدنية غير المُّستغلة: اهتمت العديد من دول العالم في السنوات الأخيرة بمجال التعدين في قاع المحيطات، خاصةً أن هذه الأعماق تحتوي على مجموعة دفينة غير مُّستغلة من المعادن ترسبت على مدار ملايين السنين، مثل (النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز)؛ تُقدر بمليارات الأطنان، وفقًا للمسح الجيولوجي الأميركي.

ويعتقد الكثيرون أن يكون التنقيب عن هذه الثروات هو المفتاح لمستقبل أكثر خضرة. وتُعتبر هذه المعادن – التي يتزايد الطلب عليها – ضرورية لبطاريات (الليثيوم أيون)؛ التي تُشغل كل شيء ابتداءً من السيارات الكهربائية إلى أجهزة (آي فون).

02 – القدرة على الوصول إلى اكتشافات جديدة: يرى “أندرو سويتمان”؛ الأستاذ بجامعة “هيريوت وات”؛ في “إدنبرة”، بـ”إسكتلندا”، في معرض شرحه للكيفية التي يتم من خلالها الحصول على عينات من أعماق المحيط كجزء من الجهود البحثية لمعرفة تأثيرات التعدين على بيئة “المحيط الهاديء”؛ أن العلماء لم يتمكنوا من استكشاف سوى أقل من واحد على خمسة من المحيطات، كما صرح “آرلو هيمفيل”؛ أحد كبار الناشطين في مجال المحيطات في “منظمة السلام الأخضر”؛ (غرينبيس)، قائلاً: “نعرف عن سطح المريخ والقمر أكثر مما نعرفه عن أعماق البحار، وفي كل مرة نذهب فيها إلى أعماق البحار للبحث، نحصل على اكتشافات جديدة”.

03 – حديث البعض عن ضبابية بشأن العوائد: يقول مؤيدو التعدين إن الرواسب التي يتم استخراجها تحتوي على كميات كبيرة من المعادن؛ ما يجعل أعماق البحار بديلاً جذابًا عن المناجم الأرضية.

كما تؤكد شركة The Metals Company (TMC)، وهي من أبرز الشركات المهتمة بالتنقيب في أعماق البحار، أن مناطق تعاقدها يمكن أن تحتوي على ما يكفي من المعادن: لـ 280 مليون سيارة كهربائية.

وعلى الرغم من ذلك، يؤكد البعض أن هناك حالة من الضبابية بشأن العائد من وراء التعدين في قاع المحيطات، وأن الجدوى الاقتصادية للعمليات المحتملة لا تزال غير واضحة، خاصة أن التكنولوجيا المطلوبة لا تزال قيد الاختبار.

أُطر حاكمة..

تطرق المقال إلى مدى مشروعية التعدين في أعماق المحيطات؛ حيت قدم نبذة عن الوضع القانوني الذي يمكن أن يستند إليه التعدين في هذا المناطق، وتتمثل أبرز ملامح ذلك فيما يأتي:

01 – أحكام اتفاقية “الأمم المتحدة” لقانون البحار: تم تضمين أحكام التعدين في أعماق البحار في “”اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”؛ لعام 1982، (UNCLOS)، وتم تقنينها بشكل أساس؛ في عام 1994، مع إنشاء “السلطة الدولية لقاع البحار”؛ (ISA)، التي تهدف إلى وضع لوائح التعدين لأعالي البحار، وهي كل شيء خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة؛ التي تبلغ مساحتها: 200 ميل بحري؛ (أو 230 ميلاً)، التي يحق للدول الساحلية الحصول عليها. وقد صدقت: 167 دولة على “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”.

02 – ضوابط وقيود السلطة الدولية لقاع البحار: قال “غيروين إنغلز”؛ عالم البيئة البحرية في جامعة ولاية “فلوريدا”، إن إنشاء “السلطة الدولية لقاع البحار”، قبل فترة طويلة من وجود صناعة تعدين في أعماق البحار لتنظيمها، يُعد حدثًا بارزًا من نواحٍ كثيرة؛ حيث تستهدف هذه السلطة تحقيق المنفعة البشرية، وقد تم تصميم “السلطة الدولية لقاع البحار” لتوافر خطة لتقاسم المنافع، بالإضافة إلى توفير نظام تعويض للبلدان التي تعتمد اقتصاديًا على التعدين الأرضي، والتي شجب العديد منها مسألة بدء التعدين البحري بعد عامين.

وقد ذكرت “كريستينا غيردي”؛ كبيرة مستشاري أعالي البحار؛ في “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة”، أن “السلطة الدولية لقاع البحار” تهدف إلى تحقيق صناعة جديدة ونظيفة، ومشاركة الفوائد المالية والقدرات والمعرفة مع جميع الدول في العالم النامي، لكنها قالت إن الواقع كان مختلفًا؛ إذ إن عددًا قليلاً من الشركات من البلدان المتقدمة تعمل تحت ستار البلدان النامية؛ لأنه يجب أن يكون هناك راعٍ حكومي للوصول إلى أعماق البحار.

وعلى سبيل المثال، لم تُصدق “الولايات المتحدة” على “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”؛ أو تنضم إلى “السلطة الدولية لقاع البحار”، ومن ثم لا يمكنها المشاركة في هذا الأمر.

إشكاليات بيئية..

تباينت الآراء حول تأثير استخراج المعادن من قاع المحيطات على البيئة. وظهر في هذا الإطار اتجاهان، يرى الأول أهمية الثروات البحرية في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية وانتقال الطاقة، فيما يرى الثاني أن الأمر سيؤدي إلى كارثة بيئة جديدة، ويمكن توضيح الاتجاهين عبر ما يأتي:

01 – أهمية ثروات قاع المحيطات لمواجهة المشكلات البيئية: يؤكد الاتجاه الأول أن الاستفادة من ثروات البحار والمحيطات بات ضرورة حتمية من أجل التغلب على المشكلات البيئية؛ وتسارع التغيرات المناخية الناجمة عن النمو غير المنضبط والنزعة الاستهلاكية.

وفي هذا السياق؛ قال “أندرو سويتمان”، الأستاذ بجامعة “هيريوت وات”، في “إسكتلندا”: “لا يمكن للعالم أن يستمر في دعم هذا المستوى من الاستهلاك دون عواقب، والنتيجة التي نراها الآن هي التدهور البيئي؛ ما قد يعني أننا بحاجة إلى إنشاء موطن آخر لتوفير المعادن لوقف هذا التدهور”.

ويدعم هذا الاتجاه؛ الدول والشركات التي ترى أن المعادن الموجودة في قاع البحار والمحيطات بالغة الأهمية بالنسبة إلى انتقال الطاقة، وقد أجرت هذه الدول والشركات عمليات تقييم للأثر البيئي المتعلق باستخراج المعادن من البحار والمحيطات.

02 – إمكانية تسبب عمليات التعدين في كارثة بيئية جديدة: يُجادل بعض العلماء أن ما هو معروف عن أعماق البحار والمحيطات؛ يُشير إلى أن التعدين يمكن أن يكون له تأثيرات كارثية واسعة النطاق على البيئة.

ويرى هؤلاء أنه بالنظر إلى وجود مساحات وآفاق كبيرة غير مستكشفة في أعماق البحار والمحيطات، فإن العالم قد يفقد الأنواع التي لم يتم تسميتها بعد.

وفي هذا السياق؛ قالت “ليزا ليفين”؛ الأستاذة في معهد “سكريبس” لعلوم المحيطات و”مؤسسة مبادرة الإشراف على أعماق المحيطات”: “نحن نتحدث عن بدء صناعة جديدة مدمرة بطبيعتها على الأرجح في أكثر الأماكن بدائية على هذا الكوكب”.

كما قالت “ديفا آمون”؛ عالمة الأحياء في أعماق البحار: “نحن نتحدث عن تدمير أجزاء كبيرة من محيطنا، وهي الأجزاء التي تلعب أدوارًا رئيسة في تنظيم المناخ”، مضيفةً: “نود أن تُتاح لنا الفرصة لاستكشاف ذلك؛ حتى لا نرتكب الأخطاء التي ارتكبناها سابقًا فيما يتعلق باستخدام الموارد على هذا الكوكب”.

وختامًا، أوضح المقال أن “السلطة الدولية لقاع البحار” ذكرت أنها ستُمارس رقابة صارمة على عمليات التعدين، مشيرًا إلى تصريح أمينها العام الذي قال خلاله: “لدينا سلطات قانونية قوية للغاية بالفعل، ونتوقع أننا سنكون قادرين على استخدام هذه الصلاحيات لمراقبة الأنشطة، وسنُركز كثيرًا على المراقبة عن بُعد”. وأكد المقال أنه مع بقاء عام واحد فقط للتفاوض بشأن تفاصيل الشكل الذي سيبدو عليه تنظيم التعدين في القاع، فإنه لا تزال هناك مجموعة من الأسئلة الشائكة التي تحتاج إلى إجابة، بدايةً من اقتصاديات الصناعة الجديدة وتأثيرها البيئي، إلى كيفية تصور نظام تقاسم المنافع.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة